الحاج قاسم سليماني: ليس الذكي هو من يجمع أموالا أكثر بل أنتم الأذكياء الذين استطعتم اقتناص فرصة الدفاع عن حرم آل الله

أشهر قائد عسكري بالشرق الاوسط مخاطبا المجاهدين بسوريا

الجنرال الذي اتخذ من زوجته واسطة للذّهاب إلى سورية.... السّيد ابراهيم وصل بذكاءه إلى ساحة الجهاد.... لقد تمّ اختياركم من أجل الدّفاع عن حرمة الإسلام!

كان حسين باديا رفيق القتال في ساحات المعارك زمن الحرب، وقد كنت أحبّه كثيراً، أمّا الآن فهو في عِداد المفقودين ... كنت وإيّاه من مدينة واحدة، هو الذي قدّم زوجته كواسطة من أجل أن يأتي إلى هنا. إنّه لأمر هامّ حقاً أن تأتي زوج المرء لترجو قبول زوجها في ساحة الجهاد، قائلة: "أرجوك اسمح أن يأتي زوجي إلى الجبهة وأن يستشهد"، فهذا كلام عظيم ومهم . ويشفّ عن هدف كبير.

المجموعة الدّوليّة - رجانيوز: عقب انتشار أنباء حول شهادة ثلّة من مدافعي الحرم بالتّزامن مع الأيام الحسينيّة في محرّم، قام الجنرال قاسم سليماني (قائد قوات القدس في جيش حرس الثّورة الإسلاميّة) خلال الأسبوع الماضي، وفي خطاب له بين جمع من القوّات المتمركزة في سورية، بالإعراب عمّا يلي: "إنّه لمدعاة للفخر لكّل فرد هنا تواجده في هذا المكان، ويتمثّل سبب ذلك في أنّكم جميعاً تتمتّعون بصفات بارزة وهي أنّكم أوّلاً قد هاجرتم في سبيل الله. ونفس عمل الهجرة في سبيل الله يعدّ عملاً ذا قيمة كبيرة، فالإنسان في هذا المسير حتّى ولو مات على الطّريق لاعتبر شهيداً. كل من يهاجر من أجل الله، حتى وإن لم يستشهد في ساحة المعركة، فهو شهيد، لأنّه هاجر قاصداً الله".

   وفقاً لما نقلته رجانيوز، فإنّ وكالة مهر للأنباء نشرت مقتطفات لأهمّ ما جاء في هذا الخطاب، كما سيأتي فيما يلي:

أن تكونوا قد جئتم إلى هنا مجاهدين، فهذا أمر له نصيب عظيم من الأجر، وليس لأحد تقدير درجته قط فهو من النوع الخاص. والله سبحانه قد قال بأنّ الجهاد هو سبيل الأولياء نحوه. وهذا من المضامين الّتي وردت في كثير من الأحاديث والرّوايات. حتى أن فضل الجهاد ونتيجته قد بلغ مرتبة جعلت أمير المؤمنين "ع" بعد عودته من غزوة أحد مثخناً بالجراح، يبكي لسماعه ببشارة النبي"ص" من أنّه سوف ينال الشّهادة ببضربة يتلقّاها في الرّأس، فهو ورغم تمتّعه بمرتبة المعصوم إلا أنّه فرح لمعرفته أنّه سينال الشّهادة، وهكذا كانت جملته بعد الضّربة "فزت وربّ الكعبة"، إذن فهذه هي السّاحة والمرتبة الّتي رسّختم فيها قدمكم. والهدف جليّ أمامكم. فمن المهمّ جداً للإنسان في هذه الدّنيا أن يُرخص حصالة أجمل ما في حياته في سبيل أمر ذو قيمة.

   فإن لم يكن هذا الأمر ذو قيمة حقيقيّة لما كان بالإمكان أن ننفق في سبيله أغلى ما نملك. الإنسان ينفق الشّيء الأثمن لما هو ثمين، وبناء على ذلك قبلتم بالحضور إلى هنا للتّفدية بأرواحكم، بسبب ما لهذا الأمر من أهميّة كبيرة، أنتم تضحّون برؤوسكم، أيديكم، أرجلكم وكلّ ما في وجودكم. وحتّى حين يُجرح رفاقكم يصرّون على العودة من جديد بحبو شغف.

كان حسين باديا رفيق القتال في ساحات المعارك زمن الحرب، وقد كنت أحبّه كثيراً، أمّا الآن فهو في عِداد المفقودين ... كنت وإيّاه من مدينة واحدة، هو الذي قدّم زوجته كواسطة من أجل أن يأتي إلى هنا، وهذالأمر هام حقاً أن تأتي زوج المرء لترجو قبول زوجها في ساحة الجهاد، قائلة: "أرجوك اسمح أن يأتي زوجي إلى الجبهة وأن يستشهد". فهذا كلام عظيم ومهم . ويشفّ عن هدف كبير.لقد قام حسين باديا بإرسال زوجته في المرّة الأولى للتوسط له، وفي المرة الثانية جاء. لكنّي كنت أحبّه كثيراً. ولم أسمح له حتى في المرّة الرّابعة بالحضور. ثمّ أرسل زوجته مرة أخرى قائلاً لها: "أنت لك مكانة عند فلان فاذهبي إليه واطلبي منه أن يسمح لي بالذّهاب". كان ذلك في الأيام الفاطميّة من السّنة الماضية حيث جاء إلى هنا بعد ذلك واستشهد.

     عندما كنت في ديرعدس. وحين سمعت صوتاً بارزاً وجهوريّاّ، كان صوت السّيد إبراهيم صدرزاده يتمتع بلحن رجوليّ يشبه صوت شاب همام في أحياء طهران القديمة، لم أكن أعرفه من قبل، وعندما جاء صوته عبر جهاز اللاسلكي قلت: من هذا الذي جاء من طهران ليلتحق "بلواء الفاطميين"؟. فأجابني حسين: هذا السّيد إبراهيم!

حين كنت عائداً من دير عدس، سألت حسين : أين هو السّيد إبراهيم هذا الذي كان يتحدّث بصوت رجولي مرتفع؟! فأشار حسين إليه وقال: هذا هو.

   رأيت شابّاّ يسرّ النّاظر إليه بطوله الممشوق وبدنه النّحيل، كان قريباً من القلب محبوباً، ولقد تعلّقت به حقاً.سألته : كيف وصلت إلى هنا؟ فنحن لم نكن نأذن لشباب مثله بالوصول إلى هذا المكان، لكنّه كان قد ذهب إلى مشهد مسجّلاً اسمه بين "الفاطميين" على أنّه أفغاني إلى أن جاء إلى هنا؛ حقاً لهذا يجب أن يُقال ذكي! . فأنا وأمثالي لسنا الأذكياء. الذّكي ليس الشّخص الّذي يلج السّوق باحثاً عن الرّبح وجمع الأموال وخداع النّاس.بل الذّكي الفطن الّذي يستطيع بحنكته صيد الفرص بهذه الطّريقة. والذّكي هو من يستفيد من الفرص التي يحصل عليها بأفضل طريقة ممكنة. فلماذا قام بما قام به. رغم ما يتمتّع من قيمة ثمينة؟ الله سبحانه يحبّ من يًجاهد في سبيله (فضّلَ الله المُجَاهِدِين عَلى القَاعِدِين أَجراً عَظَيماً).

926637_608

إن أحبّ الله أحداً جعل محبّته في قلوب سائر النّاس، فأمثال السّيد إبراهيم كُثر في شوارع طهران، لكنّ ما ميّزه عنهم هو هذا الأمر. الإنسان سيموت سواء شاء أم أبى .لو كان إمبراطوراً فسيموت. أو عالماً فسيموت. الموت شيء إجباري. و99 بالمئة من الناس يموتون هكذا لكن فقط واحد بالمئة منهم يكون لهم هذا التّوفيق في انتخاب الموت الاختياري.

ما هي نتيجة الموت الإجباري؟ إذا بلغ الإنسان تلك المرحلة من الموت فإنّه يكون في حالة من الاحتضار الّتي لا يقدر معها حتّى على إبعاد ذبابة عنه. وهذا ما يشير به الإمام السّجّاد عليه السّلام في دعاءه طالباً الرّحمة في تلك السّاعة التي يكون فيها قاصراً عن أيّ تحرّك، فبعد الموت تسقط قدرتنا وتقصر عن القيام بأيّ عمل.

   لقد جئتم للسّير في طريق اختياري هو لله وللدّفاع عن الحرمات. فالدفاع هذا ليس عن السّيدة زينب"ع" والسّيدة رقيّة "ع" فحسب؛ بل هو دفاع عن حرمات أوسع، دفاع عن حرمة الإسلام ودفاع عن حرمة أهل البيت "ع" وعن الإنسانية جمعاء. تأكّدوا يقيناً أنّكم قد تمّ اختياركم لهذا. سواء عرفتم ذلك أم لم تفعلوا.

   أما أيها الإخوة (جاهدوا في الله حقّ جهاده) فأنتم تجاهدون في سبيل الله وتأخذون حقّه . وحقّه هو التّمتّع بصفات المجاهدين. صفات المجاهد هي ما عرّفه أمير المؤمنين في زمان غربته في الكوفة والعراق. وهي صفات هامّة جداً وهناك وجه شبه كبير بينكم وبين أغلب هذه الصّفات. فأمير المؤمنين عليه السلام يقول: "أين القوم الذين دُعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرأوا القرآن فأحكموه، وهيجُوا إلى القتال فَوَلهوا وَلَهَ اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها، وأخذوا بأطراف الأرض زحفاً زحفاً، وصفاً صفاً، ». والإمام "ع" كثيراً ما كان يستخدم لفظ النّاقة في كلامه لما هو معروف عن هذا الحيوان من عاطفته الشّديدة نحو صغاره.

كما أن الإمام علي "ع" يقول أيضاً في موضع آخر: «لا يُبَشَّرون بالأحياء، ولا يُعَزَّوْنَ بالموتى ».

58214_orig

نحن لم يحالفنا الحظّ في "عمليّات بدر" زمان الحرب. حيث قدّمنا عدداً كبيراً من الشّهداء . وقد أثّر علينا كثيراً. في اليوم التّالي اجتمعنا في "جزيرة مجنون". والحزن مخيّم على الجميع. في ذلك الوقت أصدر الإمام الخميني (ره) رسالة غريبة جدّاً. هي رسالة لم يتمّ نشرها. لكنّ جزءاً منها بقي عالقاً في ذهني. وهو جزء مهمّ جدّاً لكم أنتم . نحن لا يجب أن نلتفت إلى الفوز أو الخسارة. فالإمام (ره) قال: " لقد أنبؤوني بأمر ما حدث نحن لا يجب أن نلتفت إلى الفوز أو الخسارة ،بل يجب أن نهتم بما علينا من تكليف".

لسماحة مرشد الثّورة الإسلامية عبارة هامّة في هذا الشّأن: " إنّ كلمة "إن تنصروا الله ينصركم" هي بمعنى أنّكم إن بلغتم في فهمكم لمعنى تقديم المدد لدين الله إلى واحد بالمئة، فيجب أن تنفّذوا ذلك بشكل عملي بنسبة مئة بالمئة، وإن قمتم بتنفيذ ذلك الواحد بالمئة بنسبة مئة بالمئة، فسوف يمنحكم الله فوزاً بنسبة 99 بالمئة، لكن إن لم تقوموا بتقديم ذلك الواحد بالمئة من طرفكم، فما الذي تتوقّعونه من الله كي يحميكم".

     الحركة منك والبركة من الله سبحانه، أنت يجب أن تعمل بتلك الوظيفة الملقاة على عاتقك فيما يخصّ مسألة الجهاد، قاصداً كافّة السّبُل وتكلّف نفسك بما في قدرتها لإيجاد المجالات اللّازمة ثم توكل ما تبقى إلى الله.

   أحد معاني "جاهدوا في الله حق جهاده" هو أن تؤدّي بالتّأكيد وظيفتك في مسألة الجهاد، وتوكل ما بقي من أمر إلى الله بعد أن تكون قد سعيت حقّاً .

ولذلك يقول أمير المؤمنين في وصف المجاهد الحقيقي :انه لا يفرح ببقائه حيا ولا يحزن لفقد أعزته لأنّه خالص لله. صفات المجاهد الخُلقيّة مهمّة جدّاً.فالمجاهد يتمتّع بمزايا مختلفة. وأساس هذه المزايا هو الصّلاة. أنت أخي العزيز عليك أن لا تترك صلاة اللّيل بكلّ ما فيها من أنسٍ خاص. لا تظلموا في أثناء جهادكم، ولا أعني بذلك أن تكونوا مظلومين فتطأكم الأرجل. لكن عليكم أن تكونوا شديدي الملاحظة في الجّهاد.

   المجاهد إنسان متشرّع أكثر من الجميع، يراعي الشّرع في أخلاقه وسلوكه وظاهره وباطنه. هذا أمر هامّ جدّاً، أن نجعل أنفسنا وإيّاكم وقفاً للإسلام، وأن نقول: "إلهنا قد وقفنا هذا العمر الذي منحته لنا في سبيلك" . السيّدة مريم "ع" وقفت عمرها لله فوهبها الله تلك المنزلة العظيمة. وأمير المؤمنين "ع" يقول: «اعيروا الله جماجمكم»، قل هذا لله، أقرضه لله . ليس بالمعنى الذي قد يوحي لك بترك التّدبير، والتّفكير الخاطئ بذلك.

   فإن شاء الله سوف يهب الله تعالى بعملكم وأيديكم وإرادتكم، نصره للمسلمين والمستضعفين المحرومين المحاصرين في شتّى المناطق، ينتظرون أن نهبّ نحن وإيّاكم لنجدتهم، وتكون تلك هديّتنا وأن يكون لنا جميعاً الفخر بأن أسماءنا قد سُجّلت عند الله. فليسلّمكم الله. الحمد لله أن لديكم قادة من ذوي الخبرة والتّدبير. أراهم يعملون في ساحة الحرب كآباء لكم. إخوتي من العلماء وغيرهم اعملوا معاً بمحبّة. قوموا أنتم بتأدية واجب الأبوّة في حقّهم، وهم بدورهم يقومون بواجبهم كأبناء أيضاً. وتفكّروا كيف تواجهون العدوّ بالحكمة والدّقة والتّدبير.

   أتمنى أن أراكم في سرور هكذا دائماً، لأنّ الحرب ليس هكذا على الدّوام فالبعض أكثر شجاعة والبعض الآخر أكثر خوفاً لكن يجب أن يتساعدوا . ووفّقكم الله بإذنه.