جديد وهام

 

الإمام القائد حفظه الله تعالى يجيب بشكل واف على أسئلة حول فلسطين

 

4. ما هي بنظركم اكبر خيانة ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني وبماذا تجيبون من يعتبر القضية الفلسطينية شأنا فلسطينيا خاصا يجب حله بيد الفلسطينيين وحدهم ؟

إنّ الخيانة التي يرتكبها الذين يمارسون هذا العمل باسم الفلسطينيين أسوء وأبشع وأنكى من جميع الخيانات التي اقترفت ضد فلسطين حتّى يومنا هذا! ولم يقدّموا للشعب الفلسطيـني شيئاً ولن يستطـيعوا أن يقدّموا له أي شيء. وقد كتب كاتب فلسطيني عربي مقيم في أمريكا أن جماعة عرفات لـم تتمكن إلى الآن من جمع القمامة من شوارع مدينة غزة، لكنهم استطاعـوا خلال هـذه المـدّة إيجـاد خمـسة أجهـزة أمنية ومخـابراتية أخذت تمارس نشاطها في التجسس على أبناء الشعب! فهل هذه هي الدولة الفلسطينية؟ وهل هذه هي عودة الشعب الفلسطينـي؟ وهـل هذا هـو احقـاق حقوق الفلسطيـنيين؟ إنهم عديمـو الحـياء إلـى هذا الحد!

لقد قلتُ عندما دخل هذا الشخص في أول مباحثات له مع الإسرائيليين، إنه شخص خائن وأحمق؛ فهو لو كان خائناً ولكنه عاقل، لقام بعمل أفضل من ذلك! وأنا لا أدري على وجه الدقّة ولكنني أحدس أن الأمريكيين وأجهزة التجسس الإسرائيلية تستغل نقاط ضعفهم؛ فهم يعانون من نقاط ضعف كثيرة، ومنغمسون في حب الدنيا. فحينما ينعدم الدين، تجري الأمور على هذه الشاكلة، والله وحده يعلم بمدى المشاكل التي تورطوا فيها مالياً وسلوكياً وأخلاقياً طوال هذه السنوات التي مضت، ويبدو أن أولئك [الأمريكيين والإسرائيليين] قد ركزوا على نقاط الضعف هذه. ومن جهة أخرى فإن الإعياء والتوقف عند منتصف الطريق والتراجع عن الأهداف هو الذي أدى بهم إلى الوقوع في هذه الورطة الرهيبة، وهذا المستنقع المهلـك، وهذا الشقـاء، وهـذه اللعنة الأبدية. فهل تتصورون بوجود شخص فلسطيني لا يلعنهم مـن أعماق قلبه، إلاّ أن يكون في عداد جلاوزتهم، وشريك لهـم في المصالـح؟ يوجد بين أربعة إلى خمسة ملايين فلسطيني مشرّد خارج أرضه، وحوالي ثلاثة ملايين يعيشون داخل الأرض المحتلّة، وهـؤلاء يجـب أن يؤخذ رأيهم حول فلسطين بنظر الاعتبار؛ فهؤلاء قبضاتهم مشدودة وقلوبهم مليئة غيضاً.

  هذه التحـديات كنـت قد عرضتها عـلى بعض الدول العـربية منذ عهد رئاسـتي للجمـهورية، وأَثَرتُ هـذه الأمـور أمامها، إلاّ أن حكومـات تلك الدول كانت تقول إننا لسنا فلسطيـنيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، ويجب القبول بما يريدونه هم. وطبعاً لم تكن مفاوضات السلام مطروحة حينها على هذه الصورة، إلاّ أن معالمها كانت تلوح في الأفق.

أجل، إن القضية الفلسطينية تمثل أولاً قضية العالم الإسلامي. وفضلاً عمّا فيها من جوانب أمنية وسياسية واقتصادية، فهي قضية تكليف إسلامي، والأهم من كل ذلك هو أنّها قضية إلهية. أمّا إذا كان الشخص لا يؤمن بالله ويريد العمل من أجل الشعب الفلسطيني فقط يجب عليه الامتثال لإرادة الشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني اليوم هم أولئك المعتقلون في سجون الكيان الغاصب، والعشرات من أمثالهم الذين يردّدون الهتافات وينفّذون العمليات ضد إسرائيل في المسجد الأقصى وفي الأسواق والشوارع وفي كل أرجاء الأرض السليبة. وإذا كانت هناك أقلية صغيرة دفعتها الأطماع إلى الدخول في مفاوضات التساوم فهي لا تمثل الشعب الفلسطيني كي نقول إننا لسنا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم. لازلت أتذكر أن هذا الكلام قالته قبل أربع عشر سنة دولة عربية ـپپلا أودّ ذكر اسمها ـ لم يكن يبدو إنها آيلة إلى الفســاد بسبب ما لهم من ماضٍ ثوري، وشعرتُ منذ ذلك الوقت إنها أخـذت في الانحراف، ثم أخذ انحرافها يتجلى أكثر فأكثر. ولا أريد الإشارة هنا إلى خصائصها الأخرى.