صرخة البرائة 
نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام
ذي الحجة 1407 هـ ق


بسم الله الرحمن الرحيم
{ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله} 

الحمد لله على آلائه، والصلاة والسلام على أنبيائه، سيما خاتمهم وأفضلهم، وعلى أوليائه وخاصة عباده سيما خاتمهم وقائمهم أرواح العالمين لمقدمه الفداء… 
إن الأقلام والألسن وكل ما يقال ويكتب، لتعجز عن أداء الشكر للنعم اللامتناهية التي يتفضل بها على العالمين الخالق الذي زيّن وبارك بنوره المتلألئ في عوالم الغيب والشهادة والسر والعلن، بنعمة الوجود، وبيّن لنا ببركة رسله بأنه {الله نور السموات والأرض}. وبظهور جميله كشف الغطاء عن جماله بأنه الأول والآخر والظاهر والباطن، وبيّن من خلال كتبه السماوية المقدسة التي أنـزلها على صفيّه وحتى خليله، ومن خليله حتى حبيبه (صلوات الله وسلامه عليهم)، بين طريق الوصول إلى الكمالات والفناء في الكمال المطلق، وعرفنا كيفية السلوك للوصول إليه. كما بيّن لنا طريقه التعامل مع المؤمنين والمحبين، والملحدين والمستكبرين والأعداء، فقال عز شأنه: 
{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}. 
ونحمده كثيراً عندما جعلنا من أمة أفضل وأشرف الموجودات خاتم الأنبياء محمد (ص)، وجعلنا من أتباع القرآن المجيد أشرف وأعظم الكتب السماوية المقدسة، الحاوي على جميع الكاملات، والمحفوظ من دسائس شياطين الإنس والجن، فقد قال تعالى: {إنا نحن نـزلنا الذكر وأنا له لحافظون}. فالقرآن الذي لم يزد أو ينقص حرفاً واحداً، قد شرح تعامل الأنبياء مع المستكبرين والطغاة على مر الزمن. وقد بيّن هذا الكتاب السماوي طريقة تعامل خاتم الرسل (ص) مع المشركين، والطغاة، والمنافقين الذين كانوا على رأسهم، وهي طريقة تعامل تصلح لكل زمان ومكان وعصر ومصر. 
وقد وجه هذا الكتاب الخالد الخطاب إلى المصلحين والقاعدين والمنافقين، حول استشهاد الشباب وفقدان الأموال والأرواح وما يلحق من خسائر أخرى أثناء أداء الجهاد، فقال تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}. والملفت للنظر في هذه الآية الكريمة أن حكم الجهاد مذكور ـ دون بقية الأحكام الإلهية ـ بعد حب الله تعالى ورسوله (ص)، وهذا يعني أن الآية بيّنت أن الجهاد في سبيل الله يقع في مقدمة جميع الأحكام الإلهية الحافظة للأصول، وأن التقاعس عنه يجر إلى الذل والأسر وسقوط القيم الإسلامية والإنسانية، كما ويؤدي إلى الوقوع في نفس الأمور التي كان المتقاعسون يخشون منها، كقتل الكبار والصغار، وأسر الأزواج وأبناء العشيرة وما جميع هذه الأمور إلاّ نتيجة لترك الجهاد، وخاصة الجهاد الدفاعي، الذي نواجهه اليوم، قال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}. ترى أية فتنة وبلية أعظم من التي تجري على الإسلام من قبل أعدائه ـ وخاصة في هذا الزمان ـ وذلك من أجل إزالته من الأساس وإقامة حكومات ظالمة وجلب المستشارين الناهبين، وإهلاك الحرث والنسل، كالذي يجري ضد إيران وشعبها، والعراق وشعبه المظلوم خلال عدة سنوات. 
وحمداً لله وشكراً، لا عد لهما ولا حصر، على ألطافه جل وعلا حيث رفرفت راية الإسلام المعنوية ونداؤه في جميع أنحاء العالم أثناء توجه الحجاج الإيرانيين المحترمين نحو معبد العشق ومرقد المعشوق، وهجرتهم نحو الله تعالى ورسوله، بعد أن جعلت أنظار العالم تتجه نحو دولة ولي الله الأعظم (أرواحنا لمقدمه الفداء) وزاد من غم المتربصين والمنحرفين من أصحاب النوايا السيئة الذين عمت أصداء فضيحتهم كل مكان، وخلافاً لكل أضغاث الأحلام التي كان يتخيلها هؤلاء ويبشرون بها أرباب السوء من أسيادهم والتي كانت تعد بسقوط نظام الجمهورية الإسلامية خلال ثلاثة أشهر أو سنة، فإن الجمهورية الإسلامية العزيزة اليوم، وبعد مضي عدة سنوات باتت أكثر رسوخاً وأضحى شعبها أكثر عزا وقواتها المسلحة أشد بأساً وقوة، وأصبح شعبها شيباً وشباباً أكثر عزماً وتصميماً، وباتت الحوزات العلمية ـ وبفضل المراجع العظام والعلماء الأعلام ـ أكثر تلهفاً لخدمة الإسلام، وتوثقت الأواصر والصلات بين الحوزات والجامعات، وازدادت فعالية القوات المسلحة عسكرياً، وتطورت ثقافياً وسياسياً، وأضحى الأعداء ـ الذين يعتبرون في الحقيقة أعداء الإسلام، ومعارضين لاستقلال البلاد ـ أشد ضعفاً وهزالاً، وتزلزلت عروش المستكبرين أكثر فأكثر، وانكشفت فضيحة البيت الأسود، وازداد خبط المترفين وخوفهم، فيما اتضح ما تعانيه وسائل الإعلام العالمية من فوضى تعكس حالة المترفين، ويتحتم على جميع المسلمين والمستضعفين في العالم أن يستغلوا الفرصة المتاحة، ويتكاتفوا لينقذوا أنفسهم من أسر الدول العظمى. وهناك نقاط أجد من اللازم أن أطرحها: 
أولاً: إعلان البراءة من المشركين التي تعتبر من الأركان التوحيدية والواجبات السياسية للحج، يجب أن تقام في أيام الحج بكل صلابة وعظمة مسيرات ومظاهرات كبرى، وعلى الحجاج المحترمين، إيرانيين وغير إيرانيين، أن يشاركوا فيها بتنسيق تام مع مسؤولي الحج، ويطلقوا بجوار بيت التوحيد صرخة البراءة من مشركي وملحدي الاستكبار العالمي وعلى رأسهم أمريكا المجرمة، وألا يغفلوا عن إظهار عدائهم واستيائهم من أعداء الله وخلقه، فهل أن تحقيق الديانة هو غير إعلان المحبة والإخلاص للحق، وإعلان الغضب والبراءة من الباطل؟ فيستحيل أن يتحقق خلوص حب الموحدين بغير إظهار الاستياء تجاه المشركين والمنافقين، وأي بيت هو أفضل من الكعبة، البيت الآمن والطاهر، بيت الناس، لنبذ كل أشكال الظلم والعدوان والاستغلال والرق والدناءة واللاإنسانية قولاً وفعلاً، وتحطيم أصنام الآلهة تجديداً لميثاق {ألست بربكم} وذلك إحياءً لذكرى أهم وأكبر حركة سياسية للرسول التي عبر عنها القرآن بقوله: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر} ذلك أن سنة الرسول وإعلان البراءة لن يبليا، لأن إعلان البراءة لا يقتصر فقط على أيام ومراسم الحج، أذان على المسلمين أن يملأوا أجواء جميع أنحاء العالم بالمحبة والعشق للباري، وبالبغض والاستياء والرفض لكل أعداء الله، ويجب إلاّ يصغوا إلى وسوسة الخناسين وشهادة المشككين والجهال والمنحرفين وألا يغفلوا لحظة واحدة عن هذا النشيد التوحيدي المقدس الشامل. ولا شك أن الظالمين وأعداء الشعوب لن يقر لهم قرار بعد ذلك، وسيتشبثون بمختلف الأحابيل والألاعيب، والليبراليون والمنافقون إلى عرض فلسفات وتحاليل واستنتاجات خاطئة ومنحرفة، ويمارسون أي عمل من أجل نـزع سلاح المسلمين وتوجيه الضربة إلى قدرة وعظمة وصلابة أمة محمد (ص). 
وقد يقول الجاهلون المتنسكون إنه يجب عدم المساس بقداسة بيت الله والكعبة المشرفة بالشعارات والمظاهرات والمسيرات وإعلان البراءة من المشركين، وإن الحج هو مكان للعبادة وذكر الله وليس ساحة للتناحر والاقتتال، وقد يعمد العلماء المزيفون المتمسكون إلى إلقاء مثل هذه الفكرة وهي أن الجهاد والبراءة من أعداء الإسلام والحرب هي من عمل أصحاب الدنيا ومحبيها، وأن التدخل في المسائل السياسية خلال أيام الحج هو ليس من شأن علماء الدين والروحانيين. وهو أمر يعتبر بحد ذاته من السياسات الاستفزازية الخفية التي يخطط لها الطامعون، وعلى المسلمين وبجميع إمكانياتهم المتوفرة أن ينهضوا من أجل التصدي لهذه المؤامرة والدفاع عن القيم الإلهية ومصالح المسلمين، ويرصوا صفوفهم الجهادية ويمارسوا دفاعهم المقدس ولا يسمحوا لهؤلاء الجهلة، الميتة قلوبهم من أتباع الشياطين، بمهاجمة عقائد وعزة المسلمين أكثر من هذا، وأن يلتحقوا من أي مكان كانوا فيه، خاصة من كعبة الله، بجنود الرحمن، وليعرج الحجاج الأعزاء من أفضل أراضي العشق والجهاد وأكثرها قدسية، إلى كعبة أكثر رفعة، حيث يتوجهوا كسيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) من إحرام الحج إلى إحرام الحرب، ومن طواف الكعبة والحرب إلى طواف صاحب البيت، ومن التوضؤ بزمزم إلى غسل الشهادة والدم، ليتحولوا إلى أمة لا تقهر وبنيان مرصوص، لا تستطيع معه القوى العظمى الشرقية والغربية، الوقوف بوجهها، ولا شك أن روح ورسالة الحج لن تتحقق إلا بعد أن يلتزم المسلمون بالجهاد مع النفس، والجهاد ضد الكفر والشرك. 
وعلى أي حال، فإن إعلان البراءة في الحج هو تجديد العهد بالجهاد، وتربية المجاهدين لمواصلة الحرب مع الكفر والشرك وعبادة الأصنام، وهو لا يقتصر على الشعارات بل يتعداها لتعبئة وتنظيم جنود الله أمام جنود إبليس وبقية الأبالسة، والبراءة هذه تعتبر من المبادئ الأولية للتوحيد. 
فإذا لم يعلن المسلمون البراءة من أعداء الله في بيت الناس وبيت الله، فأين يستطيعون إعلان ذلك؟ وإذا لم يكن الحرم والكعبة والمسجد والمحراب، خندقاً ومتراساً لجنود الرحمن المدافعين عن الحرم، وحرمة الأنبياء، فأين هو مأمنهم وملجأهم؟ 
إن إعلان البراءة هو المرحلة الأولى من الجهاد، ومواصلته هي من المراحل الأخرى لواجبنا، وإنه يتطلب في كل عصر وزمان مفاهيم وأساليب وبرامج خاصة. فماذا يجب فعله في عصر كهذا الذي يعرض فيه قادة الكفر والشرك كيان التوحيد للخطر، ويجعلون من كل المظاهر الوطنية والثقافية والدينية والسياسية للشعوب ألعوبة بيد أهوائهم ومطامعهم وشهواتهم؟ كما يجب الجلوس في البيوت وتحمل الشيطان وأتباعه من خلال حملات التضليل وإهانة منـزلة البشر وإلقاء روح اليأس والعجز في نفوس المسلمين، ومنع المجتمع الإسلامي من بلوغ الخلوص التي يعتبر غاية الكمال ومحط الآمال، والإيحاء بأن محاربة الأنبياء للأصنام وعبادتها تتلخص في الحجارة والأخشاب الهامدة، وأن أنبياء كإبراهيم ـ والعياذ بالله ـ كانوا السباقين لتحطيم الأصنام ولكنهم تركوا ساحة الجهاد ضد الظالمين! 
إن تحطيم الأصنام وجهاد وحروب إبراهيم (ع) مع النمروديين وعبدة الشمس والقمر والنجوم، كلها كانت مقدمة لهجرة كبرى وإن كل تلك الهجرات، والصعاب والشدائد، والمبيت في واد غير ذي زرع، وبناء البيت، والتضحية بإسماعيل كانت مقدمة لبعثة ورسالة يكرر فيها خاتم النبيين كلام أول وآخر بناة ومؤسسي الكعبة، ويبلغ الرسالة الخالدة {إنني بريء مما تشركون}. 
وإذا قدمنا تحليلاً غير ذلك فإنه يعني عدم وجود الأصنام وعبادتها في هذا العصر، ولكن، أي إنسان عاقل لا يدرك عبادة الأصنام الجديدة بأشكالها وأحابيلها وحيلها الخاصة، ولا يعرف هيمنة معابد الأصنام ـ كالبيت الأسود الأمريكي ـ على البلدان الإسلامية وعلى أرواح وأعراض المسلمين والعالم الثالث؟ 
إن صرخة براءتنا من المشركين والكفار، اليوم، هي صرخة البراءة من الظلم والظالمين، وصرخة أمة ضاقت ذرعاً باعتداءات الشرق والغرب وعلى رأسهم أمريكا وأذنابها، وغضبت من نهب بيتها وثرواتها. 
إن صرخة براءتنا هي صرخة الشعب الأفغاني المظلوم، وإني لأسف لعدم استجابة الاتحاد السوفيتي لنصحي وتحذيري بشأن أفغانستان فهاجم هذا البلد الإسلامي. 
لقد قلت مرات عديدة، وها أنا أقول اليوم أن اتركوا الشعب الأفغاني لحاله، فهو يقرر مصيره ويضمن استقلاله الحقيقي ولا يحتاج إلى ولاية الكرملين أو وصاية أميركا، ولا شك أنه لن يخض لسلطة أخرى بعد خروج العسكريين الأجانب من بلاده، وإنه سيقطع دابر أمريكا إذا ما حاولت التدخل في شؤونه أو الاعتداء على أراضيه. 
كذلك فإن صرخة براءتنا هي صرخة الشعوب المسلمة في أفريقيا.. صرخة إخواننا وأخواتنا في الدين الذين يكتوون بسياط ظلم الظالمين العنصريين بسبب لونهم الأسود. 
إن صرخة براءتنا هي صرخة الشعبين اللبناني والفلسطيني، وجميع الشعوب والبلدان الأخرى التي تنظر إليها القوتان العظميان الشرقية والغربية، خاصة أمريكا وإسرائيل، بعين الطمع، وتقوم بنهب ثرواتها وفرض عملائها ومرتزقتها على شعوبها وتهيمن على أراضيها من على بعد آلاف الكيلو مترات وتحتل حدودها المائية والبرية. 
إن صرخة براءتنا هي صرخة جميع الذين لم يعد يتحملون تفرعن أمريكا وتواجدها السلطوي، ولا يريدون إن تخمد صرخة غضبتهم وتذمرهم، وتخنق في حناجرهم إلى الأبد، وعقدوا العزم على العيش حياة حرة كريمة والموت أحراراً، وأن يكونوا هم الصرخة المدوية للأجيال. 
إن صرخة براءتنا هي صرخة الدفاع عن الشعوب والكرامات والنواميس، صرخة الدفاع عن الثروات والرساميل، إنها الصرخة المؤلمة للشعب التي مزقت قلوبها خناجر الكفر والنفاق.. 
صرخة براءتنا هي صرخة الفقر والعاقة والجياع والمحرومين الذين نهب الجشعون والقراصنة الدوليون حصيلة كد يمينهم وعرق جبينهم، أولئك الذين امتصوا دماء الشعوب الفقيرة، الفلاحين والعمال والكادحين، باسم الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية، وربطوا العصب الحيوي لاقتصاد العالم بأنفسهم، وحرموا شعوبه من استيفاء أبسط حقوقها المشروعة.
إن صرخة براءتنا هي صرخة أمة، يتربص الكفر والاستكبار لها ويتحين فرصة قتلها، ويصوّب نباله وحرابه نحو القرآن والعترة العظيمة، ولكن هيهات من أن تخضع أمة محمد (ص) المروي ظمأها من كوثر عاشوراء ومنتظري وراثة الصالحين، هيهات أن تخضع أمة كهذه للموت المذل أو الأسر للشرق والغرب، وهيهات من أن يسكت الخميني ويبقى ساكناً أمام اعتداءات الأشقياء والمشركين والكفار، على حرمة القرآن الكريم وعترة رسول الله (ص) وأمة محمد وأنصار إبراهيم الخليل، أو أن يبقى متفرجاً على مشاهد إذلال المسلمين وإهانتهم. 
لقد وضعت دمى وروحي الرخيصة على الأكف في انتظار الفوز بالشهادة العظيمة في سبيل الواجب والحق وأداء فريضة الذود عن حياض المسلمين. ولتكن القدرات والقوى الكبرى وعملاؤها على ثقة بأن الخميني سيواصل طريق الجهاد ضد الكفر والظلم والشرك وعبادة الأصنام حتى لو ظل وحيداً، وسيسلب بعون الله تعالى وبمؤازرة متطوعي العالم الإسلامي والحفاة الرازحين تحت نير الغصب الدكتاتوري، النوم من أجفان السلطويين والعملاء الذين يتمادون في ممارسة الظلم والاضطهاد. 
أجل… إن شعارنا (اللاشرقية واللاغربية) هو شعار الثورة الإسلامية المبدئي في عالم الجياع والمستضعفين والذي يجسد السياسة الحقيقية والمنهج الحقيقي لعدم انحياز الدول الإسلامية والدول التي ستقبل في المستقبل القريب، وبعون الله، الإسلام كرسالة منقذة للبشرية، ولن يتم العدول عن هذه السياسة وهذا النهج قيد أنملة. وعلى البلدان الإسلامية والشعوب المسلمة في العالم ألاّ تلهث وراء الغرب المتمثل بأوربا وأميركا، ولا تتبع الشرق المتمثل بالاتحاد السوفيتي، بل أن تكون ـ إن شاء الله ـ تابعة لله ولرسوله وإمام العصر. 
ومن المؤكد أن تجاهل سياسة الإسلام هذه، هو بمثابة التغاضي عن هدف رسالة الإسلام، وخيانة لرسول الله وأئمة الهدى، وبالتالي ستؤدي فناء بلادنا وشعبنا، والدول الإسلامية قاطبة. ويجب ألاّ يتصور أحد أن هذا الشعار هو شعار مرحلي، بل إنها سياسة عملية مستمرة ـ أزلية ـ لشعبنا وجمهوريتنا الإسلامية وكافة المسلمين في شتى أرجاء العالم، ذلك أن الشرط للدخول في صراط الحق هو البراءة والابتعاد عن صراط الضالين، وهو شرط يجب تطبيقه على كاف المجتمعات الإسلامية وعلى جميع الأصعدة والمستويات. 
يجب على المسلمين بعد المشاركة في مسيرة البراءة والإعلان عن التضامن مع الشعب الإيراني البطل، أن يفكروا في طرد الاستعمار من بلدانهم وأراضيهم الإسلامية، وأن يسعوا لإبعاد جند إبليس عنها، ويسعوا لتعطيل القواعد العسكرية للشرق والغرب الموجودة في بلدانهم، ويحولوا دون استغلال السلطويين لإمكاناتهم من أجل خدمة مصالحهم، ويمنعوا الإساءة إلى الدول الإسلامية. إنه لخزي ما بعده خزي، وعار ما بعده عار أن يتوغل الأجانب في المراكز السرية والعسكرية للمسلمين، يجب على المسلمين ألاّ يهابوا الضجيج والطبول الفارغة والدعايات المغرضة، إذ أن قصور الاستكبار العالمي وقدراته العسكرية والسياسية لهي أشبه ببيت العنكبوت، هشّ سهل التمزق، ولابد لمسلمي العالم أن يفكروا بتربية ومراقبة وإصلاح الحكام العملاء، وأن يوقظوهم بالنصح أو التهديد من سباتهم الذي سيفني أنفسهم ومصالح الشعوب الإسلامية على حد سواء، وأن يحذروا هؤلاء العملاء، وألاّ يغفلوا ـ هم أنفسهم ـ وبالرؤية الصائبة، عن خطر المنافقين وسماسرة الاستكبار العالمي، وألاّ يظلوا ساكنين دون رد فعل، وهم يشاهدون هزيمة الإسلام ونهب ثروات ومصالح المسلمين. 
يجب أن تفكر الشعوب الإسلامية بإنقاذ فلسطين، وتعلن للعالم سخطها واستنكارها لمساومة واستسلام زعماء العار والعملاء الذي قضوا باسم فلسطين على قضية شعب فلسطين ومسلميها ويجب ألاّ تدع هؤلاء الخونة يسيئون بالجلوس حول مائدة المفاوضات، وتبادل الزيارات واللقاءات، إلى كرامة وسمعة الشعب الفلسطيني البطل، فلقد لجأ هؤلاء ـ أدعياء الثورة ـ العملاء الفاقدون للكرامة إلى أمريكا وإسرائيل وارتموا في أحضانهما تحت غطاء تحرير القدس. ومن الغريب أنه كلما يمر يوم على كارثة اغتصاب فلسطين الدامية، كلما أطبق صمت رؤساء الدول الإسلامية وازدادت مساومتهم لإسرائيل الغاصبة، حتى أن صرخات بيت المقدس باتت لا تصل أسماعهم، كما أنهم راحوا يشجبون حكومة وشعب أي بلد ـ كإيران المنهمكة في دحر العدوان والحصار ـ ينهض لدعم الشعب الفلسطيني ومساندته، بل إنهم يخشون من إقامة يوم باسم يوم القدس. وربما يظن هؤلاء بأن مرور الزمن قد غيّر طبيعة إسرائيل والصهيونية الخبيثة وتغاضت الذئاب الصهيونية الكاسرة وعدلت عن نواياه العدوانية والتوسعية في الأراضي من النيل إلى الفرات. 
إن المسؤولين المحترمين لبلدنا إيران، وشعبنا برمّته والشعوب الإسلامية جمعاء، لن يدخروا وسعاً في مكافحة هذه الشجرة الخبيثة واقتلاع جذورها، ويجب بالاتكال على الله وجمع شمل المسلمين جميعاً وباعتماد قوة أمة محمد (ص) المعنوية وإمكانيات البلدان الإسلامية وتشكيل قوى المقاومة لحزب الله في شتى أرجاء المعمورة، يجب ـ وبالاعتماد على كل هذه الأمور ـ جعل إسرائيل تندم على ماضيها الإجرامي، وتحرير الأراضي المغتصبة من براثنها. 
إنني وكما حذرت مراراً وفي سنوات ما قبل الثورة وما بعدها، أعود فأنهبّه مجدداً بخطر انتشار الغدة السرطانية الخبيثة للصهيونية في جسد الدول الإسلامية، وأعلن عن دعمي التام ودعم إيران شعباً وحكومة ومسؤولين لكل أشكال الجهاد الإسلامي للشعوب والشبان المسلمين الغيارى في سبيل تحرير القدس، وأتقدم بشكري للشبان اللبنانيين الأعزاء الذين أصبحوا مدعاة لفخر الأمة الإسلامية وجلبوا الذل والخذلان للسلطويين، وأدعو بالتوفيق والنجاح لجميع الأحبة الذين يسددون الضربات إلى إسرائيل ومصالحها داخل الأراضي المحتلة وخارجها بالاعتماد على سلاح الإيمان والجهاد. وأؤكد على أن الشعب الإيراني لن يترككم وحيدين، فاتكلوا على الله واستغلوا القوة المعنوية للمسلمين وهاجموا الأعداء بأسلحة التقوى والجهاد والصمود والمقاومة، فإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم. 
ثانياً: بما أن الحرب هي على رأس الأمور والبرامج في بلادنا فإن السلطويين ـ وعلى أعتاب الانتصار الحاسم للشعب الإيراني على نظام العفالقة المتهرئ والمشرف على الزوال ـ يحاولون حرف أفكار الرأي العام العالمي لوصفنا ـ بعد كل اعتداءات وجرائم نظام صدام، وصمت الأوساط الدولية ـ بدعاة الحرب، ولكي لا يتأثر الأفراد غير الواعين بهذه الحربة الجديدة، ومن أجل تنوير الرأي العام، والشعوب الرازحة تحت نير الأسر، سيما حجاج بيت الله الحرام المحترمين، أرى لزاماً أن أنبّه إلى بعض النقاط. 
إن العالم، ومنذ بداية الحرب ولحد الآن، وفي كل المراحل الدفاعية، لم يتكلم معنا بلغة العدل والحياد. ففي اليوم الذي هاجم فيه صدام ـ وحزب البعث ـ الذي كان مندفعاً بغروره وغبائه، بلدنا العزيز إيران، للقضاء على نظام الجمهورية الإسلامية الفتى، ومزق وضرب المواثيق الدولية عرض الحائط، أشرف بنفسه على الغارات الجوية والاعتداءات البرية والبحرية لجيشه والذي لم يكتف بتدمير قرية أو مدينة بل دمر عشرات المدن ومئات القرى عن بكرة أبيها، وقتل الأطفال الأبرياء في أحضان أمهاتهم، واستمر في انتهاكاته وجرائمه إلى حد بات فيه التعبير عن ذلك أمراً يبعث على الخجل… نقول عندما فعل صدام كل هذا لم يقف أحد من (دعاة السلام) بوجه صدام في ذلك الوقت، ولم يقوموا هؤلاء بردع صدام والضغط عليه لإيقافه عند حده عندما أشعل أول شرارة لتوسيع رقعة الحرب إلى جميع الدول الإسلامية والدول الواقعة على الخليج الفارسي، ولم يدافع احد منهم عن الشعبين المظلومين في إيران والعراق ويسأل صدام ـ وهو البادئ بالحرب ـ بأي ذنب يقتل أبناء الشعب الإيراني ويهجر الملايين منهم ويدمر ديارهم؟ ولم يسأل أي منهم صداماً أيضاً عن سبب تدميره لثروات الشعب الإيراني ومصانعه ومزارعه مضيعاً جهوداً بذلت خلال عشرات السنين، هل أن ذنبنا أننا إيرانيون؟ أم أننا من الفرس؟ أم أن ذنبنا هو النـزعات الحدودية الماضية؟؟ 
كلا… فليست هذه هي الأسباب. فالجميع يعرف ـ اليوم ـ أن ذنبنا الحقيقي، من وجهة نظر المستكبرين والمعتدين، هو دفاعنا عن الإسلام وإقامتنا لحكومة الجمهورية الإسلامية بدلا من النظام الشاهنشاهي الطاغوتي.. إن ذنبنا هو إحياؤنا لسنة الرسول (ص) وتطبيقنا لأحكام القرآن الكريم، ودعوتنا للوحدة بين المسلمين ـ شيعة وسنة ـ من أجل الوقوف بوجه مؤامرات الكفر العالمي.. وذنبنا أيضاً هو دفاعنا عن الشعب الفلسطيني المحروم والشعب الأفغاني والشعب اللبناني، وإغلاقنا سفارة إسرائيل في إيران وإعلاننا الحرب على هذه الغدة السرطانية والصهيونية العالمية، ووقوفنا بوجه التمييز العنصري ودفاعنا عن الأفارقة المظلومين، وإلغاؤنا للمعاهدات المذلة التي أبرمها النظام البهلوي المنحوس مع أمريكا الطامعة، وطردنا للطامعين وحثالاتهم، فهل ذنب ـ عندهم ـ أفظع من الدعوة إلى الإسلام وحاكميته، ودعوة المسلمين إلى سلوك طريق العز والاستقلال والوقوف بوجه ظلم المعتدين؟ إننا لم ندرك هذه الحقيقة خلال الحرب المفروضة فحسب، بل أدركناها منذ بداية جهادنا في الخامس عشر من خرداد [الخامس من حزيران عام 1963] وحتى [الحادي عشر من شباط عام 1979]، لقد أدركنا تماماً بأن علينا دفع الثمن باهضاً من أجل تحقيق الهدف الإسلامي الكبير، وأن نقدم ضحايا أعزاء من أجل ذلك الهدف الإلهي. وعرفنا أن الطامعين لن يتركونا وشأننا وسيباغتوننا بواسطة عملائهم من الداخل والخارج، ويريقون دماء أعزتنا في الأزقة والشوارع وعلى الحدود، وذلك أثناء دفاعنا عن الإسلام، وهذا ما وقع فعلاً حينما صرخ شعبنا في الخامس عشر من خرداد مطالباً بتحقيق حكم الإسلام، وحينما أصيب غرور واقتدار أمريكا في إيران بالهزيمة، وعندما أدركت هذه القوة العظمى مدى عظمة زعامة علماء الدين وعزم الشعب الإيراني وإرادته الفولاذية من أجل نيل حريته واستقلاله وإقامة نظام إسلامي عادل، بادرت إلى عميلها المسلوب الإرادة والخائن لوطنه محمد رضا خان وأمرته بان يخنق أصوات شعبنا المطالبة بالإسلام، وأخذت منه عهداً بالقضاء على كل من يقف بوجهها. وقد شاهدنا جميعاً كيف أن الخونة والعملاء الذين قاموا بهذه المهمة المشؤومة لم يتقاعسوا ولو للحظة واحدة، وبحجة تنفيذها، وبرفع شعار الحرية المزيف، والدعوة للوصول إلى بوابة التمدن الكبير، شاهدنا كيف أنهم صنعوا من جثث هذا الشعب جسوراً لهم، وكيف صبغوا جدران بلدنا بدماء شبابنا، من المدرسة الفيضية إلى الجامعة، ومن الجامعة إلى الأزقة والطرقات والأسواق والشوارع، ومن الشوارع إلى المساجد والمحاريب.. وفي الوقت الذي كان فيه جلادو الحكم الشاهنشاهي الجائر يقومون بتدمير وقطع شجرة الحرية الطيبة، كان المستعمرون ـ وعن طريق وسائل إعلامهم ـ يصفون نظام الشاه بالتمدن، والمسلمين الأحرار بالرجعية والعمالة، ويعتبرون شروطهم الإسلامية بأنها رجعية سوداء، فراحوا يرتكبون أبشع الجرائم ليكرروا بذلك جرائم يزيد في التاسع والعاشر من أيام محرم، وقد وصفوا بلدنا آنذاك ـ رغم كل ذلك ـ بأنه بلد الأمن والاستقرار بينما حوّلوه إلى مقابر وخرائب. وقد أعلنت يوم عودتي إلى إيران العزيزة في مقبرة "جنة الزهراء" بان الشاه قد حول البلد إلى خرائب، وعمّر مقابره، واليوم أكرر هذا الكلام ثانية؛ فالشاه قد دمر بلدنا وعمّر المقابر. فمن هو الشاه وتحت إمرة من كان يعمل؟ فلو كان يعمل ويحكم بأفكاره الفاسدة لكانت المسألة قد انتهت منذ سقوطه. ولكن من ذا الذي لا يعرف بان الشاه كان عميلاً لأمريكا، وان جميع شهدائنا وأعزائنا قد ضحوا بأنفسهم من أجل الحرية، لقد كان الشاه ينفذ مهمته التي أوكلها له أسياده واستطاع أن يثأر لأمريكا من الإسلام والمسلمين، أما العقل المدبر الأساس لهذه الحوادث ـ ونعني به أمريكا ـ فقد بقيت وراء الستار تهاب الإسلام الحقيقي وتخاف من انتفاضة الشعب الذي يتطلع إلى الحكومة الإلهية، لقد اتبعت أمريكا ـ لعدة أيام ـ سياسة الوعد والوعيد لتصورها بان الشعوبيين والمنافقين وعملائها من اليمين واليسار سيقومون بتدوير عجلة الثورة والحكومة والنظام لصالحها، فاتجهت للعمل على إحاكة المؤامرات، والدسائس، والضغط، والترويج لعملائها، وسعت لضرب هوية الثورة والثوريين الحقيقيين، ولكن الله سبحانه وتعالى منّ علينا بعنايته من جديد، وأعلن الشعب الإيراني براءته من أمريكا وأذنابها خلال ملحمة احتلال وكر الجاسوسية، عندئذ وضعت بيد أمريكا صدام الطائش الأهوج الحربة التي سلّمتها من قبل لمحمد رضا خان، فماذا فعل صدام؟ أولم يقم بنفس ما قام به الشاه قبل الثورة حينما ملأ مقابرنا بأبطال التحرر الشامخين. أولم يقم صدام ـ الذي كان يتمتع بالتفوق والقدرة على المناورة ـ بمثل هذا العمل.. أولم يقم صدام ببيع إيران لأمريكا ـ كما فعل الشاه ـ ولكن بشكل آخر. 
لقد ذكرت سابقاً، بأنه لو أتيحت لنا الفرصة لبناء ما دمرته يد الشاه فإننا لن نستطيع القيام بذلك في أقل من عشرين سنة مهما بذلنا من جهود، فهل يا ترى يمكن بناء ما دمره صدام بأقل من عشرين سنة؟ ليعلم الشعب الإيراني الشريف وجميع مسلمين وأحرار العالم بأننا لو أردنا الوقوف على أقدامنا من دون الاعتماد على قوى اليسار واليمين، فإن علينا دفع ثمن باهض من أجل الحرية والاستقلال. 
إن الثورة الإسلامية في إيران هي ثمرة دماء آلاف الشهداء والجرحى، ودمار المنازل، وإحراق محاصيل المزارعين، واستشهاد العديد من أبناء الشعب في عمليات التفجير، ووقوع أبناء الثورة والإسلام في الأسر بأيدي جلاوزة البعث في العراق. 
الشعب الإيراني حقّق تجربة انتصاره على الكفر العالمي بانهدام بيوته على رؤوس الأطفال الأبرياء، وأوجد الضمانات اللازمة لثورته وبلده بتضحياته وجهاده.. ونحن نصدّر تجاربنا إلى كل العالم، ونقدم نتائج كفاحنا ودفاعنا بوجه الظالمين إلى مناضلي طريق الحق دون أدنى مقابل. ومن المؤكد أن نتيجة هذه التجارب سوف لا يكون سوى تفتّح أزاهير النصر والاستقلال وتطبيق أحكام الإسلام للشعوب المضطهدة. 
إن على جميع مفكري الإسلام، ومن خلال العلم والدراية، السير في طريق إبادة وتحطيم العالم الرأسمالي والشيوعي، وإن على جميع الأحرار أن يجسدوا لأبناء البلدان الإسلامية المظلومين والعالم الثالث، كيفية توجيه الصفعة إلى القوى المستكبرة ـ وبالأخص أمريكا وأذنابها ـ وذلك من خلال الرؤية السليمة والواضحة. 
إنني أقول ـ وبكل ثقة ـ بان الإسلام سيمرغ أنف القوى الكبرى، وسيزيل الحواجز والعقبات الكبيرة من داخل حدوده وخارجها، الواحد تلو الآخر، وسيفتح الخنادق المهمة في العالم. 
فيا أبناء الشعب الإيراني النبيل، لتعرفوا أن ما قمتم به أنتم الرجال والنساء، هو من القيمة بمكان بحيث إذا دمرت إيران مئات المرات عن آخرها، وأعيد بناؤها بجهد أبنائكم الأعزاء، فلن تصابوا بأي ضرر، ذلك أنكم قد فزتم بالعيش إلى جانب أولياء الله في العالم، وأصبحتم خالدين، وإن الدنيا ستحسدكم، فطوبى لكم. 
إنني أعلن للعالم ـ وبكل حزم ـ بأنه إذا ما أراد السلطويون والناهبون الدوليون الوقوف أمام ديننا، فإننا سوف نقف بوجه دنياهم، ولن نستكين حتى القضاء عليهم جميعاً، فإما أن نتحرر جميعنا، وإما أن نبلغ الحرية الأكبر ألا وهي الشهادة. وكما حققنا النصر للثورة وحدنا وفي الغربة ودون مساعدة وموافقة أي من الدول والمنظمات والهيئات الدولية، وكما قاتلنا في الحرب بمظلومية أكثر من الثورة وهزمنا المعتدين دون مساعدة من أية دولة أجنبية، فإننا سنسلك بعون الله والتوكل عليه ـ ما تبقى من الطريق بمفردنا، رغم وعورته وكثرة أشواكه وسنعمل بواجبنا، فإما أن نشد على أيدي بعضنا البعض فرحين بانتصار الإسلام في المعمورة كلها، أو أن نتوجه جميعاً نحو الحياة الأزلية والشهادة ونستقبل الموت بعز وشرف، وفي كلام الحالين سيكون النصر حليفنا. ولا ننسى الدعاء أيضاً: اللهم امنن علينا واجعل ثورتنا الإسلامية مقدمة لانهيار قصور الجبارين وأفول نجم المعتدين في جميع أنحاء العالم، لكي تتمتع جميع الشعوب بثمرات وبركات وراثة وإمامة المستضعفين والمحرومين. 
وبعد كل هذه المقدمات، فإن الحكم بشأن الحرب متروك للمسلمين، ليفكروا ويتأملوا ما هي أهدافنا، وأين كانت تتجه مسيرتنا حتى استوجبت الهجوم علينا، واستوجبت تقديم قوافل الشهداء إلى محضر القدس الإلهي؟ وما هي النوايا التي يضمرها صدام الفاسد من وراء هجومه علينا؟ وما هي الدوافع التي جعلت أنظمة العالم تقوم بدعمه سراً وعلانية؟ فالمعتدون لم يكونوا ـ إلى هذا اليوم ـ في ضيق على صعيد التسلح والحصول على الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي، لان العالم يقوم بتزويدهم بأفضل وأحدث الأسلحة، وتحت شتى الذرائع، بينما يمتنع عن إعطاء الصفقات العسكرية التي تعتبر حقا طبيعياً لشعبنا بعد أن قبض أثمانها. إلاّ انه وبرغم كل ذلك فإننا نفخر بأننا انتصرنا في هذه الحرب الطويلة، وغير المتكافئة، بالاعتماد ـ فقط ـ على سلاح الإيمان والاتكال على الله سبحانه، ودعاء بقية الله الأعظم "عج"، وهمهم الأبطال من الرجال والنساء، ونحمد الله ونشكره أن ليس لأية دولة أو قوة كبرى منّة علينا، وإن شعبنا المجرّب والمتوكل على الله سبحانه استطاع وحده أن يتغلب على الكثير من المشاكل، من التخطيط للعمليات والتعبئة وتدريب المقاتلين إلى تأمين حاجة البلد من الأسلحة، وذلك بالاستعانة بالذات الكبريائية المقدسة. 
وإضافة إلى النجاحات التي تشبه المعاجز، والتي تجسدت في سوح الدفاع عن البلد الإسلامي، وطرد المعتدين من آلاف الكيلو مترات، فقد حققنا تطورات صناعية هائلة كتشغيل المعامل وإحداث التغييرات في خطوط الإنتاج، واختراع عشرات الأجهزة العسكرية المتطورة دون حضور أي خبير أجنبي وبدون أية مساعدة أجنبية. 
واليوم.. ونحن على أعتاب النصر النهائي، حيث نخطو خطواتنا الأخيرة، أخذت تسترق الأسماع أصوات مشبوهة من حناجر الحكام الظالمين ومثيري الحروب تطالب بالسلام وتثير الضجيج في العالم، وتقيم العزاء على السلام، وأصبحت المدافع عن حرية وأمن وحقوق البشر، وراحت تنوح وتبكي على دماء الشباب والثروات المادية والمعنوية، لإيران والعراق! ترى، ما الذي حدث حتى أصبح الاستكبار العالمي، وعلى رأسه أمريكا من أنصار الشعوب؟ وما هو الشيء الذي جعل مثيري الحروب ومؤججي نار الفتن وجلاوزة القرن، يؤمنون بشرف الإنسانية والتعايش السلمي، ويغضون الطرف عن عطشهم ونـزعتهم الدموية التي تعتبر الخصلة الأساسية للنظريتين الرأسمالية والشيوعية، وأغمدوا سيوفهم وخناجرهم المغروسة في قلوب وأكباد الشعوب؟ 
هل هذه حقيقة أم خدعة؟ وهل هذا هو الوجه الآخر للمظالم والغدر اللذين كان الاستكبار يرى في الصمت عنها تحقيقاً لمصلحته بينما يطالب اليوم بالإسلام؟ ألا يريد الطامعون عن هذا الطريق أن يحولوا دون توجيه ضربتنا الأخيرة، وذلك بربطهم سياسة الحرب والسلم في العالم بقراراتهم وأفكارهم الشيطانية الخبيثة، تكريساً لمصالحهم، وللسيطرة على أرواح وأموال ودول وأمن شعوب العالم؟ ولاشك أن فلسفة إصرار الطامعين في فرض السلام على الشعب الإيراني ناتجة عن هذه الفكرة. 
وبغض النظر عن كل هذا وذاك، فإن تحديد الذي يريد السلام الحقيقي، والذي يريد الحرب، هو بداية بحثنا. 
هل إن صداماً قد ندم على ماضيه وأفعاله واعتداءاته وظلمه؟ وهل يعتذر عن الخيانة التي ارتكبها بحق الشعوب والبلدان الإسلامية عندما أضعف البنية الدفاعية للشعوب الإسلامية؟ هل إن مطالبة صدام بالسلام نابعة من صحوة ووعي وإحساس؟ وبمراجعة سجل جرائمه الأسود، هل يمكن أن نتصور وجود ضمير أو إحساس لدى صدام؟ أم أن هذه الأفعى الجريحة تتمسك بحبل السلام بسبب عجزها وضعفها؟ 
وعجباً من بعض أدعياء العقل والسياسة والتدبير، كيف يقدمون الطروحات، ويحرفون مسار عزة وكرامة المسلمين، فيحذرون شعبنا من شرف الجهاد عن طريق تحريف آيات كتاب الله. والاستناد إلى سنة النبي (ص) إننا نحمد الله إذ منح الشعب الإيراني وعياً، فهو لم يقع تحت تأثير هذه المحأولات، بل إنه يعتبر هذه المواقف الغبية والصبيانية دليلاً على ضعف البنى والأسس الفكرية والعقائدية لأصحاب هذه التحليلات، ويستهزئ بهم. 
فأي إنسان عاقل يغض النظر على الرغم من كل الظروف المناسبة والمقدمات اللازمة، وتقديم الآلاف من الضحايا، يغض النظر عن الحرب مع العدو المحتضر، دفاعاً عن رسالته وشعبه وبلده، ويتركه يستعيد قوته ثانية ليهاجم بلدنا في الوقت المناسب؟ فهل إن رئاسة العالم لبضعة أيام تستحق كل هذا الذل والهوان؟ 
في بداية العدوان، كان العالم يقترح علينا أن نقبل سيادة ومطالب صدام للحيلولة دون المزيد من الهجمات، وطالبونا بالخضوع لنظام صدام، وهاهم اليوم ـ وفي إطار تلك السياسات وفي ظل قصف الأحياء السكنية والهجمات الكيماوية وضرب الناقلات والطائرات المدنية وقطارات نقل الركاب ـ يدعوننا، ولكن بلغة أخرى، إلى قبول حكمة القوة وعدوان صدام. إن جميع المطلعين في العالم يدركون ان صداماً لم يعدل ذرة واحدة عن نـزعته العدوانية والوحشية، بل وتحول بدعم أسياده وصمت المنظمات والأوساط الدولية إلى ذئب جريح يسعى لإشعال نار الحرب في دول المنطقة خاصة في الخليج الفارسي. 
وفي هذه الظروف، فإنني أحذر جميع رؤساء دول الخليج الفارسي وجميع القوى العظمى الشرقية والغربية خاصة أمريكا والاتحاد السوفيتي، من التدخل والمغامرة واتخاذ القرارات المرتجلة اللامسوؤلة، كما وأنصح الشعب الأمريكي بألا يسلم مقدراته وإرادته وعقله، في القضايا السياسية والدولية والعسكرية بأيدي أفراد مثل ريغان الذي أصبح عاجزاً في جميع المسائل وخاصة في المسائل السياسية واتخاذ القرارات، وهو بحاجة لمساعدة العقلاء والمفكرين، حتى لا يجر الشعب الأمريكي إلى السقوط. 
إنني أوصي زعماء حول الخليج الفارسي بألا يعملوا على تحقير أنفسهم وشعوبهم من أجل عنصر منهزم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وأقول لهم: لا تظهروا ضعفكم وعجزكم عن طريق اللجوء إلى أحضان أمريكا، ولا تطلبوا العون من الذئاب والوحوش لرعيكم وحفظ مصالحكم. 
إن القوى العظمى، وعندما تتطلب مصالحها، لا تتردد في التضحية بكم وبأوفى أصدقائها وأعوانها، لأنه ليس للصداقة والعمالة والإخلاص أي اعتبار وقيمة بالنسبة لها، لأنهم جعلوا مصالحهم مقياساً لذلك، وبصراحة فإن الحديث حول هذا الموضوع أصبح واضحاً للجميع، وليت أن يذكّر بعض زعماء الدول الإسلامية ـ العملاء ـ أسيادهم وآلهتهم هذه النقطة بشكل جدي بان عليهم ـ أي أسيادهم ـ ألاّ يتحدثوا عن مصالحهم في الخليج الفارسي بهذا الشكل، لأن هذا الأمر بذاته سيثير مشاعر وحساسية أبناء المنطقة، وأي مصالح هذه التي يطالبون بها في الخليج الفارسي والتي تدفع أمريكا وفرنسا وبريطانيا إلى حفظها، حتى لو اقتضى الأمر للتدخل العسكري وإثارة الحروب من أجل ذلك. 
إن سياستنا تجاه الخليج الفارسي كانت واضحة وصريحة منذ البداية، فالجمهورية الإسلامية في إيران تعير أهمية كبيرة لقضية الأمن في الخليج الفارسي. ولذلك وبرغم امتلاكها لجميع الإمكانيات والقدرات البحرية والجوية والبرية، التي يمكن من خلالها إغلاق مضيق هرمز ومنع مرور السفن والناقلات، والأضرار بمراكز تصدير النفط وتصفيته، ألا إنها لازالت ملتزمة بسياسة الصبر وضبط النفس، والحد من اتساع رقعة الحرب. 
إن الجمهورية الإسلامية تقوم بردود فعل محدودة لتعكس جانباً ضئيلاً من قوتها، ولقد توصل العالم إلى حقيقة أن تعكير الأمن في الخليج الفارسي لا يضر بإيران فحسب، بل لو وضعت أعتى الدول العظمى جميع إمكاناتها الجوية والبحرية والتجسسية في خدمة أذنابها في المنطقة، فلن تكون آمنة من الخطر، وستغرق في مستنقع اللاأمن. وعلى الرغم من كل التهديدات والتخرصات التي تقوم بها أمريكا في العالم، وإرسالها عشرات الصحفيين والمصورين إلى المنطقة لتغطية نبأ (نجاح) الخطط الأمريكية، فإن الله سبحانه مهداً لأرضية لفضح أمريكا عن طريق الغيب، ورفع راية "لا اله إلا الله" المعنوية فوق راية الكفر، ليشفى صدور عباده المخلصين. والأفضل ألاّ تبحر أمريكا ـ وريغان ـ مرة ثانية في بحر سياسة الخليج الفارسي الملغومة، فتصيبها الفضيحة جراء ذلك، وعلها تدع الغرور والجهل اللذين ألقيا بصاحبهما عشرات المرات أرضاً، وبدعوها لان تحافظ على ما تبقى من شبح قوتها الزائفة أمام عملائها كالكويت، ولا يذلوهم بهزيمتهم أكثر من هذا، وليطمئنوا بان مواصلة جولاتهم في الخليج الفارسي سيجر المنطقة إلى بؤرة خطيرة وأزمة خانقة لهم، لم يرتضوها لأنفسهم. وإذا ما كان العالم مستعداً للوقوع في أزمة نفطية وإرباك جميع المعادلات الاقتصادية والتجارية والصناعية، فإننا بدورنا مستعدون أيضاً، وقد ربطنا أحزمتنا بقوة وأصبح كل شيء جاهزاً، ولابد لأمريكا من التوصل إلى هذه النقطة، وهي أن التدخل العسكري في الخليج الفارسي لا يعتبر تجربة سهلة عادية، لان اللعب بهذه الورقة أمر خطير للغاية. 
إننا وجميع مسلمي منطقة الخليج الفارسي نعتبر الوجود العسكري للقوى الكبرى هنا، مقدمة لهجوم على الدول الإسلامية، والجمهورية الإسلامية، ومواصلة دعم صدام. لذا فعلى مسلمي العالم ومعهم الجمهورية الإسلامية أن يعدوا العدة لتوجيه الضربة القاضية لأمريكا، وليشهدوا بعد ذلك تفتح براعم الحرية والتوحيد والإمامة في عالم النبي الأكرم (ص). 
وهنا أرى من الضروري تكرار هذه النقطة لرؤساء الدول الإسلامية المطلة على الخليج الفارسي، وهي أن إلقاء الشبهات وإظهار الإسلام والثورة والجمهورية الإسلامية الإيرانية على أنها خطر كبير يهدد دولهم، إنما هي دسيسة قديمة جديدة كان الناهبون الدوليون ولازالوا يستخدمونها للحيلولة دون إشاعة أجواء التفاهم والتعاون السلمي بين هذه الدول، وليعمقوا من إحساسها بالحاجة إلى الشرق والغرب، والجمهورية الإسلامية تسعى ـ انطلاقاً من مبدأ الحفاظ على وحدة المسلمين والدفاع عن مصالح الدول والشعوب الإسلامية ـ إلى الوقوف إلى جانبها بكل قوتها وإمكاناتها في مواجهة الأحداث السياسية والعسكرية المفروضة عليها من قبل الاستكبار العالمي، كما ترغب بطرح مشاريع وخطط دقيقة من شأنها إلغاء الهيمنة السياسية للشرق والغرب. 
لكننا على يقين من أن هذا الأمر لا يتم بسهولة مادام صدام والحزب العفلقي العراقيان موجودين، لان تعاون إيران مع الدول الإسلامية يخيف صداماً بنفس المقدار الذي يخيف القوى الكبرى من هذا التلاحم والتعاون بين الشعوب الإسلامية. 
وعلى أي حال، فإن إصرارنا على مواصلة الحرب حتى إزالة صدام وحزبه المنبوذ، وتحقيق شروطنا العادلة الأخرى، إنما هو واجب شرعي وتكليفي إلهي لن نتراجع عنه أبداً، وعندما يتحقق ذلك سنقف ـ إن شاء الله ـ إلى جانب الدول الإسلامية لنضع أسس سياسة راسخة ثابتة لجميع الدول والشعوب الإسلامية، سياسة تكفل صيانة مصالح الأمة من آفات وأخطار المعتدين والناهبين، وسيكون مصير النظام العراقي عبرة لكل من تسول له نفسه التفكير بالاعتداء على حرمة الدولة الإسلامية، لكي لا يورط نفسه ويجعلها عرضة لغضب الشعوب. 
وبلاشك فإن مصير جميع الشعوب والدول الإسلامية أصبح مرتبطاً بمصير هذه الحرب. فالجمهورية الإسلامية تمر اليوم بمرحلة سيكون انتصارها فيها، انتصاراً لجميع المسلمين. أما لو هزمت ـ لا قدر الله ـ فسيؤدي ذلك إلى هزيمة وتقويض وإذلال جميع المؤمنين. وإن التخلي عن شعب ودولة وعقيدة عظيمة وهي تقترب من النصر، لهو خيانة كبرى للرسول الأعظم وللبشرية جمعاء، ولهذا فإن نار الحرب لن تطفئ إلا بسقوط صدام، ولم يبق أمامنا لتحقيق ذلك إلا القليل بإذن الله. 
إن الشعب والحكومة والمسؤولين والجيش والحرس والتعبئة والقوى الشعبية وجميع فئات شعبنا البطل يقفون ـ والحمد لله ـ على استعداد كامل، فهم جميعاً رجال حرب، وطلائع عقيدة الشهادة والعشق، وقد تمكنوا من إحباط مؤامرات الاستكبار وأذنابه الجواسيس والمنافقين، وهم يواصلون زحفهم ليجتازوا المراحل النهائية المؤدية إلى النصر. وفضلاً عن تفوقهم في الخليج الفارسي وجزره وسواحله الغربية والجنوبية، فإنهم يقومون اليوم بدعم وتعبئة وتنظيم الشعب العراقي المظلوم، حيث كان ذلك من أهم أهدافنا، لأننا أعلنا منذ اليوم الأول للحرب المفروضة، بأننا لا نطمع حتى بشبر واحد من الأراضي العراقية، والشعب العراقي حر في قراراته واختياره لحكومته، والأفضل له أن ينتخب الحكومة التي يريدها، قبل سقوط النظام البعثي في العراق على يد أبطال الإسلام في جبهات القتال. 
ولله الحمد فإن علائم وطلائع هذا التحرك الكبير قد اتضحت، وجميع القوى الكبرى وحماة النظام البعثي المشرف على الزوال على يقين تام من أن مؤامرة تدويل الحرب واختلاق الأحداث والأحابيل السياسية والإعلامية والدبلوماسية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في أنحاء العالم، والتدخل العسكري وغير العسكري في الخليج الفارسي، وتضخيم المشاكل وبث الفرقة والشقاق، وتقديم التحليلات الفارغة، كل ذلك لن يثنينا عن هدف إسقاط صدام وحزب البعث العراقي ومعاقبة المعتدي. 
لقد تحملنا ـ بلطف الله وعنايته ـ كل أشكال الضغوط والحصار العالمي، من أجل الوصول إلى هذا الهدف الكبير ولن نكل من الحرب في سبيل الله، وهاهو الشعب الإيراني العظيم يعتلي صرح الشهادة والتضحية بعزم راسخ، وهاهي صرخاته المدوية المطالبة بمواصلة الحرب، تتصاعد وتتزايد كل يوم. 
وقد يعمد اللاهثون وراء الغرب، والجبناء الذين لم يكن لهم أي دور في ميادين الدفاع، ولا يدعمون ـ اليوم ـ مسطّري الملاحم وحماة الوطن، ولن يكونوا في المستقبل مؤهلين للانخراط في الجيش الإلهي، قد يعمد هؤلاء إلى رفع عقيرتهم بوصول الحرب إلى طريق مسدود، خدمة لأسيادهم وتصوراً منهم ان بإمكانهم صرف الأنظار عن الحرب أو إقناع أولئك الموجودين خارج الحدود بان الشعب والمسؤولين والجيش والحرس والتعبئة قد تعبوا من استمرار الحرب، أو أن هناك خلافات بينهم حول قضية الحرب، بينما الواقع هو عكس ذلك تماماً، فبلطف الله، لا توجد هناك أية خلافات داخل حكومة الجمهورية الإسلامية حول المواقف المبدئية السياسية والعقائدية، والجميع مصممون على نشر مبدأ التوحيد الخالص بين الشعوب الإسلامية، وتمريغ أنف العدو بالوحل وصولاً إلى الانتصار الساحق للإسلام في أنحاء العالم في القريب العاجل. 
وبحمد الله، فإن في بلد رسول الله هذا، الملايين من الشباب المتطوعين للقتال والشهادة، ولن يقنع شعبنا بأقل من كسب رضى الحق تعالى، ولهذا فهو يبذل بفخر واعتزاز الأموال والأرواح والأبناء في هذا الطريق، ومعيار التفاضل لديه هو التقوى والتسابق إلى الجهاد. إنه شعب ينبذ التفرعن، وقيم الجاهلية القديمة والجديدة، وأنا أعتبر نفسي خادماً لهذا الشعب، وأفتخر بذلك، وكل هذه البركات المعنوية هي من عنايات وبركات الرسول الأكرم (ص) الذي جاء رحمة للعالمين، وأنا أدعو شعوب وشباب الدول الإسلامية إلى التعرف على جوهر هذا الشعب، وإقامة العلاقات الحميمة والأخوية مع أبناء هذا الشعب الذين هم عصارة التقوى والفضيلة. 
وأنتهز هذه الفرصة لأذكّر مسؤولينا بأنه لا معيار أعلى من معيار التقوى والجهاد في سبيل الله، وهو معيار يجب أن يتحكم بموضوع وتصديهم لمسؤوليات وإدارة البلاد، ليحل محل السنن والمقاييس المادية والنفسانية الخاطئة، سواء كان ذلك في زمن الحرب أم في زمن السلم، في الحاضر أو في المستقبل. 
لقد منّ الله على شعبنا بهذه الميزة ولا يكفى أين يكون ذلك لفظياً، بل يجب أن يدخل هذا المعيار الذي اختص الله به شعبنا في سن القوانين وتنفيذها، وفي النهج العقائدي لشعبنا، ليتم بذلك ضمان حقوق ومصالح المحرومين والملازمين للجبهات والذين قدموا لشهداء والأسرى والجرحى والمفقودين، وباختصار، ضمان مصالح الحفاة والمحرومين والمستضعفين وتفضيلها على مصالح القاعدين والمترفين والبعيدين عن الجبهات والجهاد والتقوى والنظام الإسلامي، لتبقى بذلك عزة وشرف ومنـزلة طلائع هذه النهضة المقدسة وحرب الفقر والغنى، خالدة عبر الأجيال. كما يجب عدم السماح لباعة الدين بالدنيا لكي يخدشوا الوجه الناصع لثورتنا ويلصقوا عار الدفاع عن المترفين البعيدين عن الله بمسؤولينا، فهؤلاء يعيشون في القصور الضخمة المترفة بعيداً عن كل أشكال المعاناة والآلام التي يقاسيها أبناء الثورة من المحرومين والمستضعفين، بل اكتفوا بالتفرج على كل هذه المعاناة من بعيد، هؤلاء يجب أن لا تعطى إليهم المناصب الرئيسية، لأنهم لو وصلوها، فسيبيعون الثورة في ليلة واحدة، وسيقضون على كل جهود ومساعي هذا الشعب. لان هؤلاء لم يروا عمق وطول الطريق الذي طواه هذا الشعب أبداً، ولم يشاهدوا قتل أبناء هذا الشعب وهذه الحكومة على يد أعداء الله. إنهم بعيدون وغافلون عن معاناة وغربة المجاهدين وسعيهم الدؤوب وجهادهم المرير وتضحياتهم الجسام من أجل القضاء على الظلم. 
ثالثاً: إن على السادة العلماء ومدراء ومسؤولي قوافل الحج المحترمين الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية إدارة وإرشاد وتوجيه الحجاج الكرام؛ أن يأخذوا بنظر الاعتبار الظروف الاستثنائية للجمهورية الإسلامية، وان يبذلوا جهودهم ومساعيهم لأداء الحج بالشكل الصحيح والمنظم الذي يناسب جميع فئات الحجاج بما فيهم الأميون والمتعلمون، وان لا يغفلوا عن دورهم الحيوي في التذكير بالتأثير الذي يتركه الحج في حياة الإنسان. ففي تلك الأجواء، تكون القلوب متهيئة للتغيير وقبول الحق. ولذا أرجو الامتناع عن إبداء وجهات النظر الشخصية في أمور ومناسك الحج، وتوضيح هذه المسائل عن علم ودراية أو بالرجوع إلى المطلعين أو المصادر الفقهية، لأن هناك مسائل جديدة تطرأ في هذا المجال وتصبح محل ابتلاء الحجاج. والتوضيح الناقص أو الخاطئ للأحكام سيؤدي ـ لا سمح الله ـ إلى بطلان الأعمال ومواجهة الحجاج المحترمين لمصاعب ومشاكل عديدة. ولهذا أطلب من العلماء الأعزاء توضيح الأحكام والمسائل الشرعية بشكل دقيق دون ترك مجال للشك والتردد الذي يؤدي إلى الوسواس والاحتياطات التي لا مبرر لها، لان الوسواس في العبادات والأدعية مدعاة للكسل والتباطؤ في أداء الواجبات. 
كما أن موسم الحج فرصة مناسبة جداً يمكن للعلماء والروحانيين اغتنامها للاتصال بالعلماء والمفكرين وأصحاب الرأي من باقي الدول الإسلامية. ورغم ان الاستكبار العالمي وبعض رؤساء الدول الإسلامية ينـزعجون من هذه اللقاءات ويحولون دون حصولها، إلا أن التخطيط الدقيق والصحيح واستغلال هذه الفرصة الذهبية لتبادل الأفكار ووجهات النظر والوصول إلى حل لمشاكل المجتمعات الإسلامية هو ما تريده الجمهورية الإسلامية. 
لذا فإن على الروحانيين ومسؤولي التبليغ أن يغتنموا هذه الفرصة لنقل تجارب الثورة الإسلامية وطرح الحلول السياسية المستمدة من القرآن الكريم، والتحدث عن الدور الكبير للعلماء في قيادة الأمة. 
وللأسف، فإنه ليست شعوب العالم الإسلامي وحدها البعيدة عن الأحداث السياسية والساحة العالمية، بل إن أغلب علماء الدول الإسلامية لا يلعبون الدور البناء والمصيري المطلوب منهم في مجال السياسات الدولية وشؤون الأمة. وهم متأثرون بالدعايات والاستنتاجات المادية الخاطئة، فهم يتصورون ان دور الروحانيين والعلماء قد تقلص في عصر التمدن والتكنولوجيا والتطورات العلمية والتقدم المادي، وإن الإسلام أصبح ـ والعياذ بالله ـ عاجزاً عن إدارة الدول. 
إن انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة العلماء ـ والحمد لله ـ رغم كل العقبات ومؤامرات الشرق والغرب والحقد الذي يكنه أذنابهما قد أثبت عكس هذا التصور، وأكد اقتدار الروحانيين وعلماء الإسلام. وأنا أدعو جميع علماء ومفكري الإسلام في أنحاء العالم لأن يزوروا بلدنا الإسلامي العزيز إيران للاطلاع على الوضع الحالي، حيث أن الإسلام هو أساس وجوهر كل القوانين فيه، بينما تم القضاء على مظاهر الكفر والشرك قدر المستطاع، وليقارنوا ذلك بالوضع في ظل العهد الشاهنشاهي الذي ساق البلاد إلى ركاب الغرب وجعله خالياً من كل القيم الإسلامية، حتى كادت إيران تصبح قاعدة للقضاء على الإسلام ورسالته. 
ورغم كل الصيحات التي تعالت من قبل السائرين في ركاب اليمين واليسار، والقوميين في الأيام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية، والهادفة إلى الهيمنة على أذهان الشعب الإيراني، إلا أن الله سبحانه وتعالى منّ علينا بكشف هذه المؤامرات، ونحن نواصل اليوم تدوين القوانين والسياسات الإسلامية على كل الأصعدة. فقد دخل الإسلام كل المجالات: من الجبهة، إلى مراكز البحوث العملية، والجامعات، والحوزات، ومؤسسات التقنين، والسلطة التنفيذية التي لها اليد الطولى في تسيير كل الشؤون الإدارية والتنفيذية في هذا البلد الكبير الذي يخوض الحرب ويتعرض للمحاصرة بنفسه التي تتجاوز الخمسين مليون، إلى السلطة القضائية التي تتحمل مسؤولية تنفيذ الحدود والأحكام الإلهية وهي في الحقيقة تتحمل مسؤولية توفير الأمن لأرواح وأعراض وأموال الناس والحفاظ على شخصية مجتمع ثوري، إلى قيادة القوى العسكرية والأمن الداخلي التي تتولى مسؤولية الحفاظ على الأمن على الحدود وداخل البلد وإحباط مئات المؤامرات المختلفة والتي يتوجب عليها الوقوف بوجه جرائم المنافقين ومعارضي الثورة، فضلاً عن محاربتها الفساد والمنكرات والسرقات وجرائم القتل ونشر المخدرات. كل ذلك يدار بقيادة العلماء الملتزمين وببركة أحكام الإسلام المقدسة والكتاب السماوي الذي جاء به النبي محمد (ص) وسيراً على نهج أئمة الهدى (عليهم السلام). 
ونحمد الله أننا استطعنا بالاعتماد على آيات الكتاب المجيد أن ننقذ بلدنا من كل التبعيات، وطبيعي أن أمامنا طريقاً طويلاً للوصول إلى تطبيق الأحكام الإسلامية في كافة مستويات وأصعدة المجتمع، لكننا سنواصل طريقنا ومساعينا بعون الله. 
وفي العمل سنثبت لجميع اللاهثين وراء الشرق والغرب وأولئك الضائعين الذين يخشون طرح شعار الإسلام والاعتماد على القرآن الكريم، كيف يمكن ملئ المجتمع من ينابيع المعرفة لكتاب الله وهدى الإسلام العزيز، فكل تلك الأمور قد حصلت ـ ولله الحمد ـ من بركات العلماء ودخولهم في معترك القضايا السياسية واستنباط الأحكام والمسائل، إذ أن علماء الدين في إيران لم يكتفوا بالخطب والوعظ وذكر شؤون الساعة، بل أفلحوا بالتدخل في أهم الأمور السياسية للبلاد والعالم في تجسيد قدرة وإدارة علماء الإسلام بغية إتمام الحجة على جميع الداعين إلى الصمت والمتساومين غير الملتزمين وبائعي العلم والمفرطين به. 
ومما يدعو إلى الاستغراب هو أن الكثير من علماء الدول والبلاد الإسلامية، غافلون عن دورهم الكبير ورسالتهم الإلهية والتاريخية في هذا العصر الذي تتوقّ فيه البشرية للمعنوية والأحكام الإسلامية النيرة، ولم يدركوا ظمأ الشعوب ولم يعلموا بلهفة وشغف المجتمعات البشرية لقيم الوحي، ولم يعطوا لقدرتهم ونفوذهم المعنوي أي شأن. 
فبوسع علماء البلاد بالخطباء وأئمة الجمعة والمفكرين الإسلاميين في هذه الظروف التي يخيم فيها زهو العلوم والحضارة المادية على الجيل المعاصر، أن يجعلوا ـ بالاتحاد والتلاحم والشعور بالمسؤولية والعمل بواجبهم المهم في توجيه وقيادة الجماهير ـ العالم في متناول سيادة القرآن ونفوذه، وان يضعوا حدّاً لكل هذا الفساد واستبعاد المسلمين واحتقارهم، وان يحولوا دون تغلغل الشياطين الصغار والكبار وخاصة أمريكا في البلدان الإسلامية، وأن يبتّوا في قضايا الإسلام بدلاً من الانهماك فيما لا طائل تحته من كتابة أو قول، وفي التعابير المفرّقة، وفي مدح سلاطين الجور والظلم، والتسبب في تشاؤم المستضعفين من قضايا الإسلام، وفي إيجاد النفاق بين صفوف المسلمين، وأن يرسخوا عزّتهم وكرامة الأمة المحمدية باستغلال بحر الشعوب الإسلامية الهائل. أولم يكن عاراً على علماء الدول الإسلامية ان تطبق أحكام وقوانين الكفر في البلاد الإسلامية التي تخضع لنفوذهم بوجود القرآن الكريم والأحكام الإسلامية السمحاء، والارتباط النسبي بالرسول الأكرم (ص)، والأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وان تملئ قرارات منظرو سياسة الكرملين أو واشنطن التعميم إلى البلاد الإسلامية. 
إن على علماء الدول الإسلامية أن يبحثوا ويتشاوروا ويتبادلوا وجهات النظر فيما بينهم لحل مشاكل المسلمين ومعضلاتهم والانعتاق من هيمنة حكومات الجور وسيطرتها حفظاً لمصالح الإسلام، وان يجعلوا من صدورهم درعاً أمام الهجمة الثقافية الشرقية والغربية المبتذلة التي تؤدي إلى إبادة الحرث والنسل، وان ينبهوا شعوب بلدانهم بالآثار السيئة، والنتائج المترتبة على الضياع أمام مغريات الشرق والغرب، ويحذروا الشعوب والحكومات من خطر الاستعمار الجديد وخباثة القوى الكبرى التي أثارت الحروب والاقتتال بين المسلمين في العالم. 
وأنني أؤكد مرة أخرى بان عالمنا اليوم توّاق للحقائق والأحكام الإسلامية النيرة، وقد تمت الحجة الإلهية على كافة العلماء، ذلك انه حينما بلغ اندفاع شباب الدول الإسلامية نحو الشهادة ذروته دفاعاً عن مقدساتهم الدينية واستقبالهم برحابة صدر المآسي والاعتقالات وأعمال التعذيب، وألقوا بأنفسهم في بحر الأخطار لطرد المعتدين، كمسلمي حزب الله لبنان والدول الأخرى الشجعان والمجاهدين الأعزاء الذين نهضوا للمقاومة والجهاد ضد المعتدين. 
فما أكبر من هذه الحجة، وما هي المعاذير للسكوت والمماشاة والقعود في البيت وتغاضي النظر اللامبرر له. وقد يفوت الأوان ـ إن تأخر علماء الإسلام الملتزمون ـ عما يجب عمله. وبالطبع نحن ندرك ونشعر بوحدة بعض العلماء والملتزمين المحاصرين في مدنهم وبلدانهم تحت وطأة الحراب وضغوط التحاليل والأحكام اللامشروعة لعلماء السوء ووعاظ السلاطين. ولكن أعيد إلى إذعان أولئك الأعزاء الذين يرزحون تحت نير الجبابرة وضغوطهم، موعظة الله وهي {أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا}. 
انهضوا من أجل الله، ولا تخشوا الانفراد والغربة. فالمساجد أفضل الخنادق، والجمعة والجماعات هي أنسب ساحة لتبيان مصالح المسلمين. 
ورغم أن الحكومات وأزلام القوى الكبرى دخلوا حرباً جدية مع المسلمين وراحوا يرتكبون، كالحكومة الهندية، المجازر ضد المسلمين الأبرياء والعزل الأحرار، إلا أنهم لن يجرؤوا على إغلاق مساجد ومحاريب عبادة المسلمين إلى الأبد وإطفاء نور المعرفة للملايين من المسلمين المتلهفين. 
وإذا ما عطلوا المساجد والمراكز الدينية والسياسية لعلماء الإسلام بل وحتى لو علّقوا العلماء على أعواد المشانق في الملأ، فإن ذلك سيكون دليلاً على مظلومية الإسلام، وسيؤدي إلى لفت انتباه المسلمين إلى علماء الدين وتتبع خطأهم أكثر فأكثر. 
أولم يقطع الله العهد على العلماء بألاّ يسكتوا أمام الظلم والظالمين والمجرمين؟ أولم يكن العلماء حجة الأنبياء والمعصومين في الأرض؟ إذن، لابد على العلماء والمفكرين والباحثين أن يعينوا الإسلام ويخرجوه من الغربة التي ابتلي بها، وألا يحتملوا الذل والخذلان أكثر من هذا، وان يحطموا سيادة الطغاة المفروضة، ويجسدوا برؤيتهم الصائبة وسياستهم المحنكة والمقتدرة، وان يبعدوا في هذا الخضم المتلونين وأدعياء الإسلام والمفرطين بالدين والفوضويين عن أنفسهم وعن دائرتهم، وألا يسمحوا لعلماء السوء والمتملقين الظلمة فرض أنفسهم على الشعوب محل الزعماء الروحيين للأمم الإسلامية، وان ينهلوا من المنـزلة والمكانة المعنوية لعلماء الإسلام. ويجب على علماء الإسلام الملتزمين أن يبينوا للمجتمعات الإسلامية الخطر الكبير الداهم من جانب علماء لزيف والسوء ووعاظ السلاطين، ذلك أن هؤلاء الضالين هم الذين يوجهون الحكومات الجائرة ومظالم الحكام العملاء، ويحرمون المظلومين من استيفاء حقوقهم المشروعة، ويصرون ـ عند الضرورة ـ على الحكم بتفسيق وتكفير المجاهدين والداعين إلى الحرية في سبيل الله، ونسأل الله سبحانه أن كل الشعوب الإسلامية من شرور وظلم هؤلاء الأدعياء المتاجرين بالدين. 
وإحدى القضايا المهمة جداً التي تقع على عاتق العلماء والفقهاء هي المواجهة الجدية مع ثقافتين اقتصاديتين ظالمتين ومنحطتين للشرق والغرب، ومكافحة السياسات الاقتصادية الرأسمالية والاشتراكية في المجتمع، رغم ابتلاء كافة شعوب العالم بها والتي فرضت عملياً العبودية الجديدة على جميع الشعوب وان غالبية المجتمعات البشرية قد ارتبطت في حياتها اليومية بأسياد القوة والمال، وحتى أن اتخاذ القرار حول شؤون الاقتصاد العالمي قد سلب منها، وأنها تعاني الفقر والفاقة رغم المصادر الطبيعية الهائلة والأراضي الخصبة الشاسعة والأنهر والبحار والغابات الواسعة والثروات الطائلة في العالم. إن الشيوعيين والرأسماليين قد انتزعوا زمام المبادرة والحق في العيش من الشعوب عموماً بإقامة العلاقات الوثيقة مع الطامعين، وأمسكوا فعلاً بعصب الاقتصاد العالمي بإيجاد المراكز الاحتكارية المتعددة الجنسيات، وربطوا جميع طرق التصدير والتنقيب والتوزيع والعرض والمطلب وحتى أعمال التسيير والصيرفة بأنفسهم، واقنعوا الشرائح المحرومة بتزريق أفكارهم وأبحاثهم المصطنعة، على وجوب العيش تحت نفوذهم، وإلا فإنه لا حياة للحفاة سوى العيش بفقر وفاقة وإنه من مقتضيات الحياة والمجتمع البشري أن تحترق وتموت الأغلبية الساحقة من الجياع في حسرة رغيف خبز في حين ضاقت الدنيا بقلة معدودة بسبب التخمة والإسراف والتبذير. وعلى أي حال فهذه مأساة فرضها الطغاة على البشرية. 
إن الدول الإسلامية وبسبب ضعف الإدارة، والتبعية، تعاني وضعاً مؤسفاً، مما يتطلب عرض مشاريع وبرامج بناءة تصون مصالح المحرومين والمسحوقين يقدّمها علماء الإسلام والباحثون والخبراء المسلمون لإحلالها محل النظام الاقتصادي غير السليم المخيم على العالم، لكي تنجو دنيا المستضعفين والمسلمين من مأساة الفقر ومعاناته. وبالطبع فإن تنفيذ أغراض الإسلام وأهدافه في العالم، سيما برامجه الاقتصادية ومواجهة الاقتصاد المريض للرأسمالية الغربية والاشتراكية الشرقية، لا يتيسر دون سيادة الإسلام الشاملة. وقد تتطلب عملية اجتثاث الجذور والآثار السيئة للبرامج غير الإسلامية فترة من الوقت بعد إقامة نظام العدل والحكومة الإسلامية، وقد يحتاج كما تحتاج الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى مدة. غير أن طرح المشاريع وتحديد اتجاه الاقتصاد الإسلامي نحو حفظ مصالح المحرومين، وتوسيع نطاق مساهمتهم العامة في هذا الأمر، وجهاد الإسلام ضد الجشعين تعتبر أكبر هدية وبشرى لانعتاق الإنسان من أسر الفقر والفاقة. وبيان هذه الحقيقة، أن أصحاب الأموال لا يتميزون بشيء ولا يتفوقون على الفقراء ولا يحظون بالأولوية مطلقاً، سيساعد على تفتّق المواهب المكبوتة للحفاة وتتفتح طرق الرقي والازدهار أمامهم. 
ولابد من ذكر هذا الأمر وهو انه لا يجب أن يكون للأغنياء نفوذ في الحكومة والقائمين بإدارة البلد الإسلامي، أو أن يتفاخروا بأموالهم وثرواتهم ويفرضوا أفكارهم ومطالبهم على الفقراء والمعوزين والكادحين. فهذا هو أكبر عامل للتعاون وإشراك الناس في الأمور وانسياقهم نحو مكارم الأخلاق والقيم السامية والابتعاد عن التملق، ولكي ينبّه ذلك البعض من الأثرياء حتى لا يتصوروا بان أموالهم وثرواتهم هي دلالة على اعتبارهم عند الله، وتقربهم إليه سبحانه وتعالى. 
إن خلاصة الكلام هو أن قيمة المرء في الحكومة الإسلامية هي لمن تكون تقواه أكثر من غيره، لا لمن تكون ثروته ومالية وقوته أكثر، وان كل المدراء والمعنيين والزعماء وعلماء الدين في نظام حكومة العدل مكلفون بإقامة العلاقة والصداقة والأخوة مع الحفاة أكثر منها مع المتمكنين والمرفهين، إذ أن الوقوف إلى جانب المعوزين والحفاة والبقاء في مصافهم هو فخر كبير حظي به الأولياء، فكل تلك العلاقات تنهي الشكوك والشبهات. ولله الحمد، فإن أساس هذا التفكير وهذه الرؤية في طور التطبيق في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. كما أن مسؤولينا المحترمين ورغم الحصار الاقتصادي الشديد والعجز في العائدات فإنهم يصبون جل مساعيهم من أجل تذليل الفقر وإزالته من المجتمع، وإن ما يتمناه شعبنا وحكومتنا ومسؤولونا هو القضاء على الفقر والفاقة في مجتمعنا في يوم ما، وان يتمتع شعبنا العزيز والصابر والأبي بالرخاء في الحياة المادية والمعنوية. فإذا قامت سياسة مسؤولينا في البلاد ـ ولا قدر الله ـ على تناسي الدفاع عن المحرومين والاهتمام بأصحاب رؤوس الأموال ودعمهم، وتمتع الأغنياء بالمزيد من الرعاية والاعتبار، فإن هذا الأمر ـ لا قدر الله حصوله ـ يتنافى وسيرة نهج الأنبياء وأمير المؤمنين والأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وإن علماء الدين منـزهون وأطهار من ذلك ويجب أن يكونوا هكذا وإلى الأبد فتلكم هي من مفاخر وبركات بلادنا وثورتنا وعلمائنا والذين نهضوا لحماية الفقر وأحيوا شعار الذود عن حقوق المستضعفين. 
وبما أن إزالة الحرمان هي عقيدتنا، وسبيل حياتنا فإن الطامعين لا يدعوننا وحالنا في هذا الشأن أيضاً وقد ضيقوا الحصار أكثر حولنا بقصد أضعاف حكومتنا ومسؤولينا، وأبرزوا حقدهم وضغينتهم وخوفهم ورعبهم حيال هذه الحركة الجماهيرية والتاريخية وأخرجوها إلى حيز الآلاف من المؤامرات السياسية والاقتصادية. ومما لا ريب فيه أنه بقدر ما يهاب الطغاة من لهفة شعبنا للشهادة وسائر قيمه الرفيعة فإن الفزع ينتابهم أيضاً من نظرية الاقتصاد الإسلامي والتوجه إليه لحماية المحرومين، فعليه يجب أن تتحرك البلاد باندفاع أكثر نحو إزالة الفقر والدفاع عن المحرومين، مما يبدد آمال الطامعين بنا ويضاعف توجهات شعوب العالم نحو الإسلام. 
وعلى العلماء الأعزاء أن ينتبهوا بعمق إلى هذا المبدأ، وان يحفظوا لأنفسهم صفة ملاذ المحرومين هذه المفخرة التاريخية التي مضى عليها ألف سنة ونيف. إنني أوصي سائر المسؤولين وأبناء الشعب بألاّ يتجاهلوا ويتناسوا الاهتمام بالمحرومين وتوجههم للثورة ودعمهم الكبير للإسلام ويتركونهم دون خدمة وتقدير. فمن الواضح بالطبع أن أبناء شعبنا بكافة الفئات والقطاعات مساهمون وشركاء في الثورة ودخلوا جميعاً الساحات في سبيل الله ومن أجل أداء الواجب الإلهي فالغاية هو الله، وإنهم لن يلوثوا أهدافهم وأمانيهم الإلهية السامية من أجل المسائل المادية، ولن تردعهم النقائص، ولن تبعدهم عن الساحة، لأنهم يقدمون أرواحهم وأموالهم في سبيل الله، ولن تثنيهم البطون والملذات الدنيوية عما يبتغون. إلا أن من واجب جميع المسؤولين خدمة هذا الشعب لنكون شركاء في سرائه وضرائه، فلا أظن انه يوجد عبادة أكبر من خدمة المحرومين. 
وحقا عندما أدى الحفاة والمحرومون والفئات ذات الدخل القليل من مجتمعنا اختبارهم من خلال الالتزام والتمسك بالمبادئ الإسلامية إلى حد التضحية بعدد من أعزائهم وشبابهم وبذل كل ما لديهم، وكانوا متواجدين في جميع الساحات وسيكونون كذلك إن شاء الله، ويقدمون أرواحهم وأموالهم في سبيل الله، لماذا لا نفخر بخدمة هؤلاء من عباد الله والرجال الشجعان في تاريخ البشرية؟ 
نحن نقول مرة أخرى بان شعرة واحدة من هؤلاء الساكنين في الأكواخ، المنجبين للشهداء تشرف جميع قصور العالم وساكنيها. 
إن آخر نقطة أقولها هنا وأؤكد عليها بعد شكري للعلماء والحكومة الخدومة المدافعة عن المحرومين، هي مسألة العيش ببساطة والالتزام بالزهد بالنسبة للعلماء المسلمين الملتزمين، وإني بصفتي والد عجوز أطلب بتواضع من جميع أبنائي وأعزتي من علماء الدين أن لا يخرجوا من واقعهم الروحاني في وقت منّ الله فيه على العلماء وأناط بهم مسؤولية إدارة بلد كبير ومسؤولية تبليغ رسالات الأنبياء، فذلك لا يليق بهم وبمكانة نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية فليكونوا على حذر فإنه لا توجد آفة اخطر من الاهتمام بالرفاه واليسر على طريق الدنيا بالنسبة لعلماء الدين. ولله الحمد فإن علماء الإسلام الملتزمين قد أدوا اختبار زهدهم، ولكن قد يعمد أعداء الإسلام وأعداء علماء الدين بعد ذلك إلى تشويه سمعة هؤلاء، رافعي مشعل الهداية والنور، وتوجيه الضربة إليهم من خلال مسائل بسيطة ولكنهم لن ينجحوا إن شاء الله. 
وأما الحجاج الإيرانيون المحترمون الذين أظهروا شخصيتهم ووعيهم السياسي والاجتماعي خلال مراسم الحج في السنوات الماضية، وعملوا على حفظ سمعة وكرامة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإن عليهم أن يشاركوا في مسيرة البراءة بكل تنسيق وانسجام في صفوف متراصة، وفي جميع البرامج، إضافة إلى انتباههم لأعمال وواجبات الحج والاستفادة من هذه النعمة الكبرى، أي التشرف بزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة وحج بيت الله والمرقد الطاهر للرسول الأكرم والبقيع والتشرف بجوار التربة الطاهرة للسيدة فاطمة الزهراء (ع) والأئمة المعصومين، وان يتمتعوا ببركات هذا التجمع العبادي ـ السياسي المقدس الذي يعتبر مظهراً لقدرة المسلمين وإيران الإسلامية العزيزة، وان يدعوا حجاج سائر الدول والمسؤولين في العربية السعودية إلى ضرورة الحضور في مثل هذه التجمعات من خلال المواجهة الأخلاقية السليمة والبناءة خلال جميع مراسم الحج، خاصة في المسيرات، وان يتجنبوا طرح وجهات النظر الخاصة واتخاذ المواقف الارتجالية التي قد تؤدي ـ لا سمح الله ـ إلى هتك حرمة هذا التجمع العظيم، وعليهم أيضاً أن يتجنبوا الاشتباك والإهانة. 
وبالرغم من أن الزائرين المحترمين ومن خلال وعيهم التام ـ يقومون بإحباط المخططات والمؤامرات، إلا انه قد يعمد أفراد إلى القيام بأعمال ارتجالية من أجل الإخلال بعظمة اجتماعات الحج، وتشويه وجه الثورة. 
ومن المستبعد أن تعمد الحكومة أو مسؤولو العربية السعودية الذين هم مضيفو حجاج بيت الله وحرم الرسول الأكرم، إلى الحيلولة دون استعراض قوة الإسلام والمسلمين أمام الكفر، والمبادرة العملية ـ السياسية لشعبنا التي هي من أجل رفعة العالم الإسلامي والمسلمين. 
على أي حال، فإن على الحجاج الإيرانيين أن ينتبهوا إلى دورهم ورسالتهم في جميع مراحل الحج، إذ أن جميع أعمالهم هي موضع اهتمام ومراقبة أصدقاء وأعداء ثورتنا. 
إن أعداء الثورة يسعون من أجل الحصول على موضع ـ ولو بسيط ـ بغية تشويه القداسة والوجهة الإلهية لشعبنا، وان أصدقاء وأنصار الثورة هم في شوق للتعرف على مسيرة ومميزات هذا الشعب الذي عمت شهرته الآفاق بعون الله.
إن الحج هو أفضل ملتقى للتعارف بين الشعوب الإسلامية، إذ يتعرف المسلمون على إخوانهم وأخواتهم في الدين من جميع أنحاء العالم، ويجتمعون في ذلك البيت الذي يخص جميع المجتمعات الإسلامية وأتباع إبراهيم الحنيف ويرجعون إلى بيتهم الأول من خلال وضع كل القوميات والألوان والعناصر جانبا، ويعرضوا على العالم كله صفاء الأخوة الإسلامية وآفاق انسجام الأمة المحمدية من خلال رعاية الأخلاق الإسلامية الكريمة وتجنب المجادلات والتجملات. 
إن الحجاج الإيرانيين المحترمين يدركون جيداً قيمة المنجزات المعنوية والسياسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية بالمقارنة مع سائر المسلمين، كما أنهم يتفهمون أبعاد عظمة الثورة والعنايات الإلهية الخاصة، واهتمام صاحب الزمان (أرواحنا فداه) بهذا الشعب، من خلال معرفتهم بالمشاكل وللمصائب التي فرضت بمختلف الصور على الشعوب الإسلامية. 
كذلك فإنهم يدركون قيمة بركات هذه الثورة أكثر من أي وقت آخر، ويتفهمون أعمال وجهود المسؤولين المحترمين والحكومة الخدومة التي نذرت نفسها للخدمة ليل نهار، ويتقدمون بالشكر إلى الباري عز وجل للتغيير الذي طرأ على الشباب وسائر طبقات الشعب وأصبح هدفهم نحو جنة الصلاة والعفة والشرف والحرية والجهاد. 
اللهم لا تحرمنا وشعبنا من هذه النعم الكبيرة.. 
اللهم دعنا ندرك قيمة هذه البركات أكثر فأكثر.. 
اللهم زدنا عبودية وخلوصا وذلاً لك.. 
اللهم امنحنا التوكل والصبر والصمود والنجاح في الفوز برضاك ورعايتك، وساعدنا للوصول إلى حد التضحية بأنفسنا وبأبنائنا وأموالنا من أجل خدمة عبادك. 
حذار أن يسيطر العجب والغرور على الزائرين المحترمين أمام مسلمي سائر الدول بسبب تنامي وعظمة ثورتهم، وينظروا نظرة موهنة إلى أعمال المسلمين، ويمتنعوا عن التضامن والتآلف مع محبي الله في مكة المكرمة، ويغفلوا عن شكر هذه النعم الإلهية الكبرى التي هي التواضع أمام المسلمين والمستضعفين والأخوة في الدين. قوّوا بيعتكم ووشائج الصداقة والارتباط المستقبلي مع المسلمين في جوار بيت الله ومرقد الرسول الأعظم، وأعيدوا عليهم حديث الثورة وعناية الله، وطمأنوا جميع المسلمين نيابة عني وعن جميع أفراد الشعب الإيراني، بان الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤيدكم وتدعم نضالاتكم وبرامجكم الإسلامية، وتقف إلى جانبكم في كل خندق ضد المعتدين، وستدافع ـ إن شاء الله ـ عن حقوقكم السابقة واللاحقة والمستقبلية. 
قولوا لهم أن قيمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية واعتبارها هما ملك لجميع الشعوب الإسلامية، وان الدفاع عن الشعب الإيراني الشجاع، هو في الحقيقة دفاع عن جميع الشعوب المظلومة، ونحن سنقطع دابر جميع الظالمين في الدول الإسلامية بعون الله تعالى، وسننهي هيمنة وظلم الطامعين من خلال تصدير ثورتنا الذي هو في الحقيقة تصدير للإسلام الحقيقي، وبيان للمبادئ المحمدية، وسنمهّد الطريق بإذن الله أمام ظهور منقذ ومصلح الجميع، والإمامة المطلقة لصاحب الزمان (أرواحنا فداه). 
ومن المسائل التي يجب على الحجاج المحترمين الانتباه إليها هي أن مكة المعظمة والمشاهد المشرفة، هي مرآة الأحداث الكبرى لنهضة الأنبياء وبعثة ورسالة النبي الأكرم (ص). 
إن هذه الأرض هي مكان نـزول جبرائيل الأمين وإجلال الأنبياء العظام، وتذكرنا بالأتعاب والمصائب التي تحملها الرسول الأكرم (ص) خلال عدة سنوات، من أجل الإسلام والإنسانية. 
إن التواجد في هذه المشاهد المشرفة والأماكن المقدسة (آخذين بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي كانت سائدة عصر البعثة) يجعلنا نتعرف على مسؤوليتنا في المحافظة على مكتسبات هذه النهضة والرسالة الإلهية، ويظهر لنا ما عانه الرسول الأكرم وأئمة الهدى من أجل دين الحق وإزهاق الباطل، وعدم خشيتهم ومبالاتهم من التهم والاهانات التي كان يوجهها أبو لهب وأبو جهل وأبو سفيان ومن لف لفهم. إنهم لم يستسلموا في أصعب الظروف حينما كانوا من الناحية الاقتصادية في شعب أبي طالب وبعد أن تحملوا المرارة ومشقات الهجرة في سبيل الدعوة إلى الحق وإبلاغ رسالة الله. وتواجدوا في ميادين الحرب المتتالية وغير المتكافئة، وصمدوا بوجه آلاف المؤامرات والعقبات، واستقروا في هداية الناس وإرشادهم حتى أن جبال وصحاري وصخور وأزقة وأسواق مكة والمدينة امتلأت ضجيجاً من عظمة رسالتهم. ولو كانت هذه الأشياء قادرة على الكلام لكشفت سر تحقق الآية {فاستقم كما أمرت} إلى زائري بيت الله الحرام، وأظهرت المشقات التي تحملها رسول الله (ص) من أجل هداية المسلمين لجعلهم من أهل الجنة، وبينت مدى المسؤولية الملقاة على عاتق أتباعه. وبالرغم من أن الشعب الإيراني المضحي بالشهداء ـ تحمل المظالم والصعوبات الشديدة خلال الحرب وبقية الأحداث التي مرت بها الثورة وقدّم شباباً أعزة في طريق الله، بالرغم من ذلك كله، فمن المؤكد أن ما جرى على أئمتنا كان أكثر وأشد مما جرى علينا. 
وليبلغ الحجاج المحترمون سلام شعبنا العزيز والمسؤولين وأهالي الشهداء المعظمين والمعوقين والأسرى والمفقودين إلى نبي الإسلام (ص) وأهل بيت الهدى (عليهم السلام)، ويسألوهم الرحمة والعناية لأتباعهم الصادقين ويطالبوا من الله النصر لشعبنا في حربه ضد الكفر العالمي، وعليهم استغلال هذه الفرصة المناسبة للدعاء لجميع المسلمين وتذليل مصائبهم. 
رباه! إن لم يكن أحد يعلم فإنك تعلم أننا نهضنا من أجل إعلاء دينك، ونقف ـ متبعين رسولك ـ بوجه الشرق والغرب من أجل إقامة العدل والقسط، ولن نتوانى عن ذلك ولو للحظة واحدة. رباه.. إنك تعلم إن أبناء هذا البلد وآباءهم وأمهاتهم يقتلون من أجل عزة دينك ويرفون ـ ببسمة وقلب مليء بالشوق والأمل ـ إلى جوار رحمتك اللامتناهية. رباه.. إنك تعلم إن أبناء أمة رسول في هذا البلد، يتعرضون لكل أشكال المؤامرات، وان يد الشيطان في الداخل والخارج لا تجعلهم يتذوقون طعم الراحة، وتزداد الجهود يوماً بعد يوم ضدهم، لمحاصرتهم اقتصادياً. رباه.. إنك تعلم إن أبناء شعبنا تقبلوا جميع المشاكل في سبيلك ولا يخشون سواك، ويتحملون الآلام والمصاعب في سبيلك، ويعرفون أن النصر من عندك وبفضلك فتفضل علينا مرة أخرى، واجعل شعبنا أكثر أملاً في تحقيق النصر، وانصر مقاتلينا في الجبهات بإمدادك الغيبي وجنودك المخفيين، وزد صبرنا واستقامتنا لتحمل المصاعب والمشاكل، ومنّ بنعمة الرضا عند الفشل والنصرة، وافرح قلوب. شعبنا ـ الذين قدموا الشهداء والمفقودين والجرحى والأسرى وتحملوا صعوبة فراق أعزتهم من أجل دينك ورضاك وحب لقاك، واجعلنا من عشاق سبيل عبوديتك وأرو شهداءنا من كوثر ولايتك وولاية الرسول الأكرم وأئمة الهدى، وصل ثورتنا الإسلامية بثورة منقذ البشرية. إنك وليّ النعم.

روح الله الموسوي الخميني