أكد قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي بأن الرد على تبجحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب مضيعة للوقت، مؤكدا بأن إيران لا تقبل من أوروبا أن تتناغم مع العنجهية الأميركية.

وخلال استقباله حشدا من الطاقات المبدعة والنخب الشبابية، اعتبر قائد الثورة الإسلامية، الشباب النخبة بأنهم مصدر الأمل لمستقبل مشرق للبلاد وأشار إلى ضرورة اليقظة أمام مكر وخدع الشيطان الأكبر، مؤكدا على 7 نقاط مهمة حول القضايا الأخيرة المتعلقة بالاتفاق النووي.

واعتبر الإمام الخامنئي، التبعية السياسية أمرا خطيرا للغاية ومبعثا على إذلال الشعوب وأشار إلى القطع الكامل لتبعية إيران لأميركا وأضاف، إن العدو برصده لتطورات وأنشطة الجمهورية الإسلامية الإيرانية غاضب تماما وقلق للغاية من تحول إيران إلى دولة "مؤثرة وذات نفوذ وتحظى بالاقتدار السياسي والدفاعي والعلمي المتزايد".

وأشار قائد الثورة إلى عداء النظام الأميركي للشعب الإيراني منذ الأيام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية وأضاف، في تلك الأيام لم تكن هنالك قضية نووية مطروحة ولا صواريخ ولا نفوذ إقليمي إلا أن الأميركيين أدركوا بأنهم مع انتصار الثورة الإسلامية قد فقدوا دولة "تابعة ومطيعة ونافعة جدا".

وأكد بأن تحول إيران إلى أنموذج في أذهان الشعوب أدى للمزيد من إثارة غضب ويأس قوى الهيمنة وأضاف، إن الشعب الإيراني قد اثبت للعالم خلال الأعوام الأربعين الأخيرة إمكانية عدم الخوف من القوى الكبرى والصمود أمامها وتحقيق النمو والتقدم المتزايد رغم إعمال الحظر والضغوط.

واعتبر تحقيق المنجزات العسكرية والصاروخية الإيرانية في ظل الحظر التام بأنه أثار دهشة وحتى استحسان بعض  الأعداء الحاقدين وأضاف، إن المقالة التي كتبها جنرال صهيوني قبل عدة أعوام بهذا الصدد مثال على هذه الحقيقة.

وأشار الإمام الخامنئي إلى "أننا لا نريد أن نهدر وقت الاجتماع المفيد والجيد مع النخب في الرد على الرئيس الأميركي" وأضاف، رغم ذلك ينبغي على الجميع أن نلتفت إلى هذه النقطة المهمة وهي ضرورة معرفة العدو لان أي شعب لا يعرف أعداءه ويعتبرهم أصدقاء له أو محايدين فمن المؤكد انه سيتعرض للتهديد والخطر.

وأكد بأنه على الشعب والمسؤولين ألا يأخذهم نوم الغفلة لان الأعداء سيغيرون علينا وينهبوننا.

وأشار قائد الثورة الإسلامية، إلى الردود الجيدة والصائبة من جانب مسؤولي البلاد على أباطيل ترامب، واعتبر الرئيس الأميركي والإدارة الأميركية الحاكمة وبسبب عدم إدراكهم لتطورات إيران والمنطقة بأنهم مصابون بـ "تخلف عقلي" وأضاف، إنهم يريدون إرجاع إيران الشبابية والمؤمنة والثورية والمتقدمة إلى ما قبل 50 عاما مضى، ومن المعلوم بطبيعة الحال عدم إمكانية تحقق هذا الأمر، إلا أنهم وبسبب التخلف عاجزون عن إدراك هذه الحقيقة ولهذا السبب يرتكبون الخطأ في الحسابات ويمنون بالهزائم المتكررة على يد الشعب الإيراني.

ووصف سماحته، النظام الأميركي بأنه شرير للغاية و"الشيطان الأكبر" حقيقة مثلما أطلق عليه الإمام الخميني الراحل (ره) وأضاف، إن النظام الأميركي هو المتبني لشبكة الصهيونية الدولية الخطيرة والخبيثة وعدو الشعوب المستقلة والسبب في اندلاع غالبية الحروب في المنطقة والعالم ويسعى كمصاص للدماء لامتصاص ثروات الشعوب.

وأشار إلى تصريحات ترامب خلال فترة الدعاية الانتخابية بان داعش تأسس على يد أميركا وأضاف، من الطبيعي أن يقوم قادة أميركا الآن بالعربدة وإطلاق التصريحات ضد الحرس الثوري الذي تصدى لأهداف أميركا وداعش الخطيرة في المنطقة.

واعتبر الإمام الخامنئي فشل مخططات أميركا في المنطقة ومنها سوريا ولبنان والعراق سببا آخر في غضب وحنق المسؤولين الأميركيين وأضاف، إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد أطاحت بمخططات أميركا.

وبعد تبيينه السبب في غضب ويأس الأميركيين، تطرق سماحته إلى 7 توصيات مهمة للشعب والمسؤولين والناشطين السياسيين والصحافيين حول القضايا الأخيرة.

وأكد الإمام الخامنئي في النقطة الأولى انه على الجميع أن يتيقنوا بان أميركا ستتلقى الصفعة وتهزم من الشعب الإيراني هذه المرة أيضا.

والتوصية الثانية التي وجهها قائد الثورة الإسلامية هي "تجنب الغفلة أمام مكر وخدع أميركا" قائلا، لا ينبغي أن يؤدي إظهار بلاهة الرئيس الأميركي إلى الغفلة عن مكر ومؤامرات العدو وان نستصغرها بل علينا جميعا الحضور في الساحة بحكمة ويقظة واستعداد كامل.

وأضاف الإمام الخامنئي، بالطبع سوف لن تقع الحرب العسكرية إلا أن هنالك قضايا لا تقل أهمية عن الحرب، لذا علينا أن نتكهن بها ونكون حذرين.

وفي التوصية الثالثة أشار قائد الثورة إلى عداء أميركا لعناصر القوة لدى إيران وأكد قائلا، انه وعلى العكس من العدو، علينا جميعا تقوية هذه العناصر.

واعتبر العلوم والقوة الدفاعية من جملة عناصر اقتدار الشعب الإيراني وأضاف، إن القدرات الصاروخية يجب أن تزداد يوميا رغم انف الأعداء.

كما اعتبر سماحته الاقتصاد من العناصر الأخرى لقدرة إيران وأكد قائلا، انه ينبغي بذل الاهتمام الجاد لخفض التبعية وزيادة القدرة الذاتية الاقتصادية.

وأوضح قائد الثورة في هذا الصدد قائلا، لقد قلنا مرارا بأننا لا مشكلة لنا مع الاستثمارات الأجنبية ومنها الغربية إلا انه لا ينبغي أن يتكئ اقتصاد البلاد على عمود يهتز بعربدة شخص مثل ترامب.

وأضاف، إن الاقتصاد الإيراني يجب أن يتكئ على "عمود القدرات والطاقات الداخلية" وان يتابع وينفذ السياسات المعلنة للاقتصاد المقاوم.

وقال قائد الثورة في توصيته المهمة الرابعة بشان "تجاهل إيحاءات العدو" في القضايا الأخيرة: إن العدو في الاتفاق النووي كان يوحي بأنه لو تم التوصل إلى الاتفاق فان العداوة ستنتهي ، وتوصلنا إلى الاتفاق ولكن العداء زاد .

وأكد سماحته انه اليوم أيضا لا ينبغي أن نثير قضايا في انه لو لم نكن اتفقنا على القضية الكذائية على سبيل المثال لكان الوضع كذا وكذا فهذه الإيحاءات هي ما يتطلع إليها العدو وعلينا تجاهل هذه الإيحاءات وان نعي مصالحنا وان لا نتلقاها من العدو.

وفيما يتعلق بالتوصية الخامسة لقائد الثورة الإسلامية، أي أن رفع القدرات الدفاعية كان مستدمة من تجربة الدفاع المقدس قال سماحته أن طهران في تلك الفترة كانت عرضة لصواريخ صدام وحماته الغربيين دون أي دفاع وقد بادر الشباب في البلاد إلى العمل على تسوية هذه المشكلة من الصفر وتمكنوا تدريجيا من بلوغ قدرة جعلت العدو يتوقف عندما شاهد قدرتنا على الرد بالمثل.

وأكد قائد الثورة ضرورة رفع القدرات الدفاعية للبلد الآن أيضا لكي لا نسمح للعدو بالتجرؤ وان لا تسول له نفسه التطاول أو ارتكاب أي حماقة.

وحول التوصية الأخرى المتعلقة بقضية سلوك الأوروبيين في القضية الأخيرة قال سماحته أن الأوروبيين ومن خلال إدراكهم أن الاتفاق النووي يخدمهم ويخدم الاميركان رفضوا تصريحات الرئيس الأميركي حول تمزيق الاتفاق النووي وهذا الموقف جيد ولكنه غير كاف.

وتابع قائد الثورة انه مادام الطرف الأخر لم يمزق الاتفاق النووي فإننا لا نمزقه ولكن إن مزقوا الاتفاق النووي فإننا سنحوله إلى فتات .

وأكد أن على الأوروبيين الوقوف بوجه إجراءات الإدارة الأمريكية بما فيها نقض الاتفاق النووي مثل فرض ألوان من الحظر التي ينتظرون مصادقة الكونغرس عليها وان يتجنبوا التناغم مع الأميركيين في قضايا نظير القدرة الدفاعية لإيران وتواجد إيران في المنطقة لأننا لا نقبل مطلقا تناغم الأوروبيين مع الغطرسة الأميركية .

وتساءل قائد الثورة في هذا المجال قائلا: إن من يملكون الصواريخ والسلاح النووي يريدون ثني الشعب الإيراني عن امتلاك صواريخ يتراوح مداها بين اثنين وثلاثة آلاف كيلومتر، فهذه القضية وغيرها من القضايا هو شؤون إيرانية ولا علاقة لكم بها .

وفيما يتعلق بالتوصية الأخيرة لقائد الثورة والمتمثلة بـ " الجدية في التعاطي مع الاقتصاد المقاوم ومبادئه" ومنها التوجه للإنتاج الوطني وحظر الواردات غير المهمة والحؤول دون تهريب السلع البضائع والعمل على توفير فرص العمل قال سماحته: لقد انقضى أكثر من نصف العام وينبغي بذل جهود مضاعفة لتحقيق الأهداف المرسومة وصولا إلى تحويل الاقتصاد الإيراني من اقتصاد يعتمد على عائدات النفط إلى اقتصاد يعتمد على القيمة المضافة .

ووصف قائد الثورة في جانب آخر من تصريحاته لقاءه مع النخب الشابة بأنه لقاء شيق ومطلوب ومدعاة للتفاؤل بالآفاق المستقبلية وضمن تأكيده على أن النخب هم نعم إلهية ويجب شكر البارئ على هذه النعم قال سماحته: أنا أثق بقوة بالنخب وعلى المسؤولين أيضا أن يثقوا بالنخب الوطنية وان هذه النخب قادة على تغيير مصير البلاد .

واعتبر التقدم العلمي بأنه يمهد الأرضية لاقتدار البلاد وقال إن بلادنا وبرغم سجله الوضاء في المجال العلمي ولكنه للأسف تخلف عن ركب العلم ابان هيمنة الأجانب وينبغي العمل على التعويض عن هذا التخلف .

واعتبر قائد الثورة الإسلامية أن الطريق الرئيس للوقوف بوجه الانبهار بالغرب في البلاد يكمن في القضاء على التبعية مؤكدا بان التقدم العلمي من العناصر الأساسية للتخلص من التبعية ودعا الأجهزة المختلفة إلى إزالة جميع العقبات أمام التقدم العلمي .

وذهب سماحته إلى انه ونظرا للطاقات المتميزة للبلاد فان الأرضية ممهدة للتقدم العلمي والتقني وضمن إعرابه عن ارتياحه من إجراءات مؤسسة النخب وقسم الشؤون العلمية في ديوان رئاسة الجمهورية قال

لا ينبغي أن نكتفي بهذا الحد من التقدم لان الطريق مازال طويلا لبلوغ النقطة المطلوبة .

وأشار سماحته إلى أن يقوم التقدم العلمي بالبلاد على أسس منهجية ومؤسساتية لكي لا يتأثر بالأذواق الإدارية في الحكومات المختلفة ويتواصل هذا التقدم دون توقف .

ودعا سماحته إلى التفكير بشكل أساسي للقطاع الصناعي للبلاد لان الصناعة في البلاد باتت متأثرة بآفة التجميع ومادامت هذه الآفة موجودة فإننا سنبقى بعيدين عن الإبداع ويتعطل التحرك والعمل العلمي وسينقطع في ظل هذه الظروف التواصل بين الجامعة والصناعة .

وأشار إلى ضرورة الاهتمام بالنشاطات الثقافية في قسم الشؤون العلمية لرئاسة الجمهورية ومؤسسة النخب وقال إن الشيء الأخطر من اغتيال العلماء في البلاد خلال السنوات الأخيرة والتي أدت إلى استشهاد عدد من العلماء هو التبعية الفكرية والثقافية ومن هنا ينبغي على هذه النخب التحلي بالتقوى وان يراقبوا أنفسهم .