ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي مقتطفات من كلام الإمام الخامنئي في اتصال متلفز مع أعضاء الحكومة يوم الأحد ٢٣/٨/٢٠٢٠ والتي تحدث فيها سماحته حول فشل النموذج الليبرالي الأمريكي في بناء المجتمع وانتهائه بسحق القيم الإنسانية، ثمّ يشير قائد الثورة الإسلامية إلى النموذج الإسلامي لبناء المجتمع ويشرح الأسس التي يرتكز عليها.
انهزام نماذج الحضارة الغربيّة لبناء المجتمع
إن الحضارة الغربية قدمت ما لديها من نماذج للإدارة، وبناء المجتمعات، وأنظمة الحكم. فالشيوعية، والاشتراكية بأنواعها وأقسامها المختلفة التي وجدت على أساسها عدد من الدول، والرأسمالية والليبرالية وأمثالها، كلها من منتجات الحضارة الغربية، وقد أثبتت اليوم إخفاقها في إدارة المجتمعات وحياة البشر.
نموذج الرأسماليّة المهزوم في أمريكا
أما الرأسمالية، فهي تعيش اليوم في عقر دارها حالة من التمرد والاضطرابات التي تشاهدونها، وهي تدلّ بما للكلمة من معنى على الفشل والإخفاق. إن القيم الإنسانية تنتهك في أمريكا أكثر من أي مكان آخر. أي موضوع الأمن والسلامة والعدالة، فإنها تداس وتنتهك بصورة كاملة في هذا النموذج الغربي المتسلط أكثر من أي مكان آخر.
نماذج لسحق القيم في أمريكا
إن الجرائم منتشرة في أمريكا أكثر من أي مكان في العالم. هم أنفسهم من يقولون ذلك، وإحصاءاتهم تتحدث عن ذلك. إن التفاوت الطبقي في أمريكا مروع، فهي بلاد غنية، لكن القسم الأعظم من ثروتها بيد عدد قليل من الأفراد. إن عدد الجائعين والفقراء والمشردين في أمريكا يفوق أي مكان آخر في العالم. وفقاً لما صَرح به المتنافسون في الانتخابات الرئاسية – ما قالوه أخيراً ومن قبل – يوجد بين كل خمس أطفال أمريكيين طفل جائع، وهذا لا نظير له في العالم.
نماذج لجرائم أمريكا والغرب حول العالم
ما تفعله أمريكا على مستوى العالم من قتل ونهب وإشعال للحروب وضرب للأمن هو من أعمالها المعتادة. دققوا النظر في ما يجري في سوريا وفلسطين واليمن، ستجدوا بصمات أمريكا في كل هذه المواطن. اليوم في هذه البلدان، وأمس في العراق وأفغانستان، ولا تزال، وقبل ذلك في فيتنام، وقبلها في هيروشيما. إن الانسان يشاهد آثار جرائم أمريكا والغرب – بصورة أساسية أمريكا – في أنحاء العالم كله. كما يمكننا أن نفهم مدى انحطاطهم الفكري من انتخاباتهم. انظروا إلى الأشخاص الذين انتخبوهم وجاؤوا بهم إلى السلطة في أمريكا، ويقدمونهم إلى العالم، وكيف أن العالم يرفضهم ويُحقرهم! هذه هي المدينة الفاضلة التي يحلم بها المتغرّبون.
الإيمان، العلم والعدل؛ ثلاث عناصر أساسيّة لنموذج بناء النظام الإسلامي
إن النموذج الإسلامي لبناء النظام والمجتمع يتشكل من عناصر أساسية ثلاثة هي: الإيمان والعلم والعدل. الإيمان بمعنى الاعتقاد بالتوحيد الخالص الذي يترك أثره في شخصية الإنسان، وفي بناء المجتمع وشكله العام، وله امتداده في التأثير في العمل الشخصي وشكل العمل الاجتماعي. المقصود بالعلم هنا معناه الواسع الذي يشمل العلوم الإلهية والعلوم الطبيعية التي يُظهر فيها الغرب فنونه، أي اكتشاف قوانين الطبيعة والسيطرة عليها، فهذه العلوم ممدوحة في الإسلام. ثم يعرج الإنسان من هذه المرحلة إلى مرحلة أرقى هي العلم بحقيقة ذاته، وبعالم الملكوت والعلوم الربانية. فالعلم شامل لكل هذه المسائل. كما يقصد بالعدل معناه الواسع الذي يشمل العدل الاقتصادي، والعدل الاجتماعي، والعدل في القضاء، أي العدل بمعناه الحقيقي.
سير الجمهوريّة الإسلامية باتجاه نموذج بناء المجتمع الإسلامي رغم التأخّر في ذلك
طبعاً نحن لا نزال متأخرين في الأبعاد الثلاثة. لم يكن تحركنا تحركاً بالمستوى المطلوب. أما النموذج الذي نطمح إليه، فتمكن مشاهدته في الشعارات والتصريحات والتوجيهات والتحركات التي جرت في الجمهورية الإسلامية على مدى 41 عاماً من عمرها. كما تمكن مشاهدته في الشخصيات التي صنعتها الثورة، وخير مثال على ذلك شهداؤنا العظام، من أمثال: الشهيد (محمد) بهشتي، الشهيد رجائي، الشهيد باهنر، الشهيد (مرتضى) مطهري، وصولاً إلى الشهيد قاسم سليماني.
معاداة المستكبرين لنموذج بناء المجتمع الإسلامي
هذا النموذج له وجوده، شاء المستكبرون أم لم يشاؤوا. هذا النموذج أطل حديثاً على العالم، وهذا ما يخيفهم. سبب عدائهم لهذا النموذج هو أنه يرفض المباني الأساسية التي تقوم عليها أنظمتهم، فقادتهم ومنظروهم مبتلون بالانحراف على مستوى الفكر والسلوك في غالبية مسائل الحياة. ونموذج الجمهورية الإسلامية لا يقبل هذه الانحرافات، ويتبع خط الحق المستقيم في مقابل خط الباطل المنحرف؛ هذا سبب عداوتهم.
تعليقات الزوار