صرح الكاتب والإعلامي العراقي «علي فاهم» علی أن الشهيد قاسم سليماني لعب دورا بارزا في دحر داعش في المنطقة من جهة واحباط المؤامرات السعودية والأمريكية فيها من جهة أخری.

رأی الكاتب والإعلامي العراقي علي فاهم في حواره الخاص مع مراسلة وكالة مهر للأنباء حول ذكری اغتيال اللواء الشهيد قاسم سليماني بأنه "بينما نعيش هذه الأيام ذكرى يوم النصر العظيم الذي حققه العراقيون على أكبر مؤامرة وجودية كادت تطيح بالعراق و تنهيه وهي داعش أو ما يعرف بالدولة الأسلامية فأننا لابد أن نستذكر بتلازم قائد هذا النصر وفاعله الأساس وهو القائد قاسم سليماني مع رفيقه الذي رافقه في المعارك الطاحنة كما رافقه في عروجه الى السماء و شاءت الأقدار أن يتشابك لحمهما و دمهما كما تشابكت روحيهما وهوالشهيد أبو مهدي المهندس رحمهما الله , يذكر السيد حسن نصر الله في سؤاله عن مشاركة حزب الله في مواجهة داعش في العراق أنه عشية دخول داعش الى الموصل جائه القائد سليماني الى بيروت و طلب منه مائة من القادة الميدانيين يرتحلوا معه صباحاً الى العراق لقيادة عمليات المعارك ضد داعش الذي أحتل مناطق شاسعة من العراق وسقطت محافظات ومدن خلال يومين و أنهارت قطاعات الجيش و أنسحبت قوات البيشمركة و حرس الاقليم من مواقعها وأصابت الألوية والفرق خيانات و أنكسارات".

 

*دور الجمهورية الاسلامية الايرانية في دعم العراق أمام داعش

وتابع بأنه هدد داعش أسوار بغداد فأنتفض الأحرار ملبين نداء المرجعيات برجال أشداء في العزيمة و العقيدة والشجاعة ووقفوا بوجه هذه الموجة الصفراء ولكن كان ينقصهم التدريب و التسليح فقد كان العدو يفوقهم تسليحاً و مهارة في أساليب حرب الشوارع وهنا كان دور الجمهورية الأسلامية في نصرة الشعب العراقي على يد القائد سليماني عندما فتحت مخازن السلاح وأتصلت مواكب الشاحنات عبر الحدود تنقل الأسلحة و الذخيرة و أتى الخبراء و المدربون و القادة الميدانيون ليوقفوا زحف الجراد الداعشي الأصفر , لتبدأ مرحلة الصمود ثم الأنتصارات المتعاقبة في جميع الجبهات والمدن والقرى حتى تحقق النصر على داعش و القضاء على أكذوبتها بأنها باقية وتتمدد ليسجل التاريخ أكبر ملحمة عراقية في أنقاذ بلد من الأنهيار بعد أن تخلى عنه أشقائه و أصدقائه و لم يقف معه الا جار واحد فقط هو الجمهورية الأسلامية و فارس هذا الدعم هو القائد سليماني.

 

*إستراتيجية الشهيد سليماني النوعية ضد داعش

وأضاف بأنه ما يميز تنظيم داعش وظهوره القوي في سوريا والعراق ومن ثم انتشاره والبيعة له في كثير من البلدان الأفريقية والأسيوية وجذبه للمقاتلين من كل دول العالم هو الجانب العقائدي بالدرجة الساس وأسلوب القتال بواسطة الانتحاريين والانغماسيين وقتال الشوارع وتخويف عدوه بقسوته وشراسته بالإضافة إلى الدعم الذي تلقاه من بعض البلدان وتسهيل أمر التحاق المقاتلين به لهذا أستطاع داعش أن يتغلب على قوات الجيوش النظامية في سوريا والعراق حيث أنهارت القوات النظامية بشكل دراماتيكي سريع ولم تستطيع الصمود بوجه هذا التكتيك الذي لا تعرفه هذه الجيوش ولم تتدرب عليه سابقاً فكانت استراتيجية القائد سليماني أيجاد الضد النوعي لهذا التنظيم وهو تكوين قوات غير نظامية وعقائدية تتمتع بالتدريب العالي على قتال الشوارع و تفكيك المفخخات و الملغمات والقنص البعيد وغيرها من اساليب القتال , وفي الحقيقة فأن هذا المشروع وجد قبل ولادة داعش عندما ولدت المقاومة الإسلامية لمقاومة الاحتلال الأمريكي في العراق فوجدت عدة فصائل مسلحة تستعمل أساليب غير نظامية لمواجهة الأمريكان وقواتهم المحتلة و فعلاً أذاقت الأمريكان الويل والعذاب حتى أجبرتهم على الانسحاب من العراق ولكنها عملت على أيجاد تنظيم داعش من خلال تنظيم خلايا سلفية وبعثية في السجون التي تديرها في العراق وأدخلتهم دورات خاصة بعضها كان في تل ابيب ومنهم كان البغدادي فكانت مسؤولية القائد سليماني عظيمة و مستعجلة لإيجاد التدريب والتسليح السريع للمقاتلين بعد أن حصل على الجيش العقائدي جاهزاً بعد فتوى المراجع بالجهاد الكفائي فهبت الجموع للقتال بدافع عقائدي كبير ولكن النقص كان في أيجاد القادة الميدانيين الذين يقودون ويوجهون هذه المجاميع المتقدة عنفواناً وشجاعة, فكان أن يمم سليماني وجهه صوب لبنان ليستعين بخبرة أبطال حزب الله في مواجهة داعش كما ذكرنا سابقاً وكان له أن عاد بيوم واحد بأكثر من ستين قائداً ليقودوا المعارك ضد التنظيم و يبدأ مسلسل الانتصارات المتعاقبة كما لم يغفل عن الخطط العسكرية في هذه المواجهة والتي يجيدها مع رفاقه بجدارة فكانت إستراتيجية مدروسة و محنكة وفاعلة أوصلت العراق إلى دحر تنظيم داعش وإعلان النصر عليه.

 

*المواصفات الأخلاقية للقائد الشهيد سليماني

وأكد علی أنه تميز القائد سليماني بمسحة أخلاقية وربما عرفانية سامية جداً شهد بها كلمن عرفه وتواصل معه وشهد بها أعدائه قبل أصدقائه برزت هذه الصفة في الحب الجم الذي ألفه من المقاتلين الذين رافقوه و قاتلوا معه و من القادة الذين تعاملوا معه فكان لا يرى إلا مبتسماً تلك الابتسامة التي رافقته حتى في أصعب الظروف مع طمأنينة عجيبة وسط المعارك المحتدمة ذكرتنا بتلك الطمأنينة التي أتسم بها الإمام الخميني(قدس) و أستغرب منها الصحفي الفرنسي في رحلتهم من باريس إلى طهران فليس مستغرباً عليه هذا الخلق فهذا التلميذ من ذاك الأستاذ فكيف يكون خلق من رباهم الولي الفقيه ولهذا كان سليماني أخلاق تمشي في ساحة المعركة.

 

*دور اللواء الشهيد في إعادة الترتيب السياسي والبيت الشيعي في العراق

وصرح بأنه من المعروف أن بصمات القائد قاسم سليماني في العراق لم تكن وليدة لحظة احتلال داعش لبعض المدن العراقية فقبلها كانت واضحة في أرشاد اللاعبين السياسيين و تقريب وجهات النظر بينهم وكان (رجل الإطفاء ) بحق لما يتمتع به من مقبولية وحكمة لدى جميع الأطراف والمكونات شيعية أو سنية أو كردية فكلمته مسموعة لدى الجميع و هو محل ثقة عندهم وهذه الثقة لم تكن نابعة من فراغ بل أستحصلها بمرور الوقت عندما وجدوه وسطياً ومعتدلاً غير منحاز لأي جهة أو مكون على حساب جهة أو مكون أخر لهذا كان اغتياله علامة فارقة ولدت فراغاً كبيراً في المشهد السياسي العراقي بمجمله وبان التخبط والصراع وارتفاع و هبوط في مقومات مختلف الكتل مما أثر سلبياً على المواطن العراقي ومعيشته كون الواقع هو انعكاس للمشهد السياسي المرتبك, ولكنه كان بارزاً بشكل واضح على البيت الشيعي الذي أرتكز في كثير من مفاصله بالاستناد على رؤى القائد سليماني في تقريب وجهات النظر بين أطراف هذا البيت وإطفاء المشاكل مهما كانت مستعصية بمجرد حضوره فكان بمثابة الأب الذي يجمع أولاده تحت خيمة واحدة فكان فقده خسارة عظيمة للمكون الشيعي وفرصة للتناحر والصراع بين كتله فضعف التمثيل الشيعي وهانت قوته رغم أغلبيته, وطبعاً هذا الفراغ لا يقتصر على العراق فقط وإنما على المنطقة كلها فتأثيره وما أمتلكه من مواصفات قيادية ووسطية وقوة الشخصية جعلت تأثيره عابر للحدود و ممتد في أغلب أرجاء المنطقة ولهذا استهدفته الولايات المتحدة الأمريكية لأنه شكل خطر على مصالحهم الاستبدادية.

لأن ليس من مصلحة أمريكا أن يحدث أي استقرار في منطقة الشرق الأوسط بل يجب أن تكون المنطقة مشتعلة النيران لمصلحة إسرائيل وإبقاء التوتر مستعر لتبقى سوق بيع الأسلحة رائجة وأشعار العرب التخوف الدائم وأن عدوهم الأول هو إيران ليقتربوا أكثر من إسرائيل وهذا ما يحصل اليوم من تطبيع بعض دويلات الخليج الفارسي وأفريقيا وهرولتها ذليلة باتجاه عدوهم الحقيقي إسرائيل المحتلة للأراضي العربية و المقدسات الإسلامية وليحشدهم باتجاه العدو الوهمي الجمهورية الإسلامية والمستفيد الأول هو الكيان الصهيوني وبدفع أمريكي.

 

*الشهيد سليماني أحبط المؤامرات السعودية الامريكية ضد المنطقة

وتابع بأنه لا يخفى أن للسعودية مطامح توسعية كبيرة وهذا الطموح رافق المملكة منذ نشأتها فتاريخياً هي ولدت ضئيلة و توسعت على حساب جيرانها وخاصة اليمن الذي أبتلعت منه جيزان وعسير وكانت تعتبره لقمة سائغة وحديقة خلفية للسعودية مرتكزة في قوتها على الدعم الخارجي البريطاني والأمريكي الذي يعتبر أستراتيجي ويخدم الطرفين معاً ولكن وجود اللواء قاسم سليماني و مناصرته للأحرار في كل العالم لأنه خريج المدرسة الأمامية الحسينية التي أخذت على عاتقها مواجهة الظلم في كل مكان ومواجهة المشاريع الإمبريالية الغربية في المنطقة التي تريد منها دول متجزأة متناحرة ينخرها الظلم والفساد بواسطة عملاء يقمعون شعوبهم إذا أرادوا أن يتنفسوا هواء الحرية والتحرر عن نير الاستكبار العالمي فكان أن ولد منذ أول لحظات بزوغ فجر الثورة الإسلامية تيار مقاوم لهذه المشاريع الشيطانية في المنطقة وكان مهندس ومنظم هذا التيار هو القائد الجنرال قاسم سليماني الذي مثل الأمل لدى الشعوب المستضعفة فكان مقاتل دوار بسلاحه يتنقل بين البلدان ليبعث في الشعوب جذوة المقاومة ويعطيهم القوة وعدم اليأس وأن كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بأذن الله قد كان رجل مؤمن وأيمانه بالله وبقضيته تمثل الدافع والمحرك له ولمن يؤمن به ولهذا كانت الخاتمة هي الشهادة على يد أكبر طاغوت في عصرنا الحالي.

 

المصدر: وكالة مهر للأنباء