ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي المقابلة التي أجراها مع مسؤول المجموعة البحثية لإنتاج اللقاح في هيئة تنفيذ أمر الإمام الخميني (قده)، الدكتور حسن جليلي والتي جرى فيها الحديث حول تطورات اللقاح، ومكانة إيران العالمية في تصنيعه، والتقنيات التي استخدمتها الجمهورية الإسلامية في تصنيع اللقاح والعقبات التي واجهتها والعديد من المواضيع الأخرى ذات الصلة بهذا الشأن. 

بالتزامن مع تفشي فيروس كورونا، بدأ عدد من الدول حول العالم البحثَ لإنتاج اللقاحات. في جمهورية إيران الإسلامية أيضاً، بدأ عدد من المؤسسات البحثية في مجال الصحة والعلاج في ظل الحصار الشديد ضد إيران، أبحاثاً لإنتاج اللقاح الإيراني لكورونا. 

أجرى موقعKHAMENEI.IR  حواراً مع الدكتور حسن جليلي رئيس المجموعة البحثية لإنتاج اللقاح في هيئة تنفيذ أمر الإمام الخميني (قده) بشأن إنتاج اللقاح الإيراني «كوف إيران بركة»[1]، وللاطلاع على أنشطة وفعاليات هذه الهيئة.

 

متى بدأ إنتاج اللقاح في إيران وما هو موقع بلدنا في إنتاج اللقاحات؟

نحن لدينا تاريخ من مائة عام في إنتاج اللقاحات، وبعض البلدان التي لديها حالياً التقنية لإنتاج اللقاحات، أخذت هذه التقنية من إيران. بعبارة أخرى، ساعدت إيران هذه الدول على تطوير اللقاحات. لطالما كانت العلوم الطبية؛ الرائدة والأفضل من بين العلوم في إيران. وكان لدينا أطباء أكفاء عبر التاريخ، وقد أصبحت كتبهم وأفكارهم مقبولة الآن من قبل المجتمع الطبي العالمي.

 

ما هي التطورات التي حدثت في هذا المجال بعد انتصار الثورة الإسلامية؟

بعد انتصار الثورة الإسلامية، تم تطوير لقاحات جديدة في جميع أنحاء العالم وتقديمها إلى المجتمع العالمي. لقد بذل بلدنا قصارى جهده وسعيه لتطوير تقنيات جديدة ولقاحات جديدة. بعد انتصار الثورة الإسلامية، تطوّرت التخصّصات الجامعية المتعلّقة بإنتاج اللقاحات. إذا نظرنا إلى إحصائيات ما بعد الثورة الإسلامية، نرى الكثير من التخصّصات الجديدة التي تم إنشاؤها في جامعاتنا في مراحل الدراسات العليا... نحن الآن من بين الدول العشرة الأولى التي يمكن أن تدعي أنها أنتجت لقاح كورونا، ولدينا القدرة على إنتاجه بكميات كبيرة.

 

ما هي التقنيات الموجودة في العالم لإنتاج اللقاحات؟ أيّ من هذه التقنيات تستخدمها إيران لإنتاج اللقاحات؟

واحدة من أقدم التقنيات هي اللقاح الميت أو الضعيف. مع تقدّم العلوم البشري، تمكّن المجتمع الدولي من الوصول إلى منصات (Platforms) أخرى من اللقاحات. كان أحد هذه اللقاحات هو اللقاح المؤتلف (Recombinant).

النوع الآخر من اللقاحات هو الوحدة الفرعية (Sub Unit)، حيث يقومون بحقن المضاد الجيني (Anti Gen) في كائن حي دقيق (Microorganism)، وبعد التكاثر، يتم استخلاص المضاد الجيني ومن خلال صياغة (Formulation) معيّنة يتم حقنه في جسم الإنسان. الحمد لله، قطعت البلاد شوطاً جيداً في كل هذه المجالات، والشركات الخاصة لديها القدرة على إنتاج هذا النوع من اللقاحات... لقد تطوّر العلم التقني في بلدنا، ولدى معهد «باستور» وشركة «رازي» القدرة على إنتاج هذا النوع من اللقاح.

لكن التقنية الجديدة التي ظهرت في الفترة الأخيرة لصنع اللقاحات هي إنتاج لقاحات تعتمد على «mRNA». في بلدنا، بدأت مجموعات من العلماء والمؤسسات الكبيرة مثل هيئة تنفيذ أمر الإمام الخميني (قده) ومؤسسة «بركت» لصناعة الأدوية بدؤوا أبحاثهم حول تطوير لقاحات تعتمد على «mRNA».

 

بالنظر إلى أن تطور صناعة اللقاحات يرجع إلى تنمية الشركات القائمة على المعرفة، ومعظم هذه الشركات يديرها الشباب، ما هو متوسط ​​عمر الأشخاص الذين يعملون في مجال إنتاج اللقاحات؟

خلال السنوات الأخيرة في بلدنا، ركز قائد الثورة الإسلامية بشكل كبير على تطوير الشركات القائمة على المعرفة. لقد تحدّث سماحته مراراً وتكراراً عن اقتصاد قائم على المعرفة، وهو اقتصاد يعتمد على الشركات القائمة على المعرفة. عادة ما تكون الشركات القائمة على المعرفة متشكلة من الخريجين الشباب الذين يقفون على قدميهمأقدامهم ويعملون، وقد يرافقهم واحد أو اثنان من الأساتذة المتمرسين، لكن بنيتها الرئيسية وهيكلها غالباً ما يكونان من الشباب. وهذا نهج قيّم.

في العام الأخير من أزمة «كورونا»، عملت مؤسسة «بركت» لصناعة الأدوية على الـ «Kit» وعملت هيئة تنفيذ أمر الإمام الخميني (قده) على تطوير جهاز التنفس الاصطناعي (Ventilator)، ثم ذهبوا لإنتاج اللقاح. لقد شاهدت وأشرفت على كل هذه الأنشطة بنحو ما، ولم أسمع كلمة «لا نستطيع» من هؤلاء الشباب. لذلك، فإن الشركات القائمة على المعرفة والشباب هم نقطة الأمل للبلاد في السنوات القادمة.

شارك شباب تتراوح أعمارهم بين 30 و32 عاماً في تشكيل نواة بحثية للعمل على اللقاح وشكلوا فريقاً بحثياً. في السابق كنا نستورد أجهزة التنفس الاصطناعي، لكننا الآن أصبحنا من المصدّرين لها بسبب وجود هذه الشركات القائمة على المعرفة وهؤلاء الشباب.

مع التقدم في مجالات إنتاج اللقاحات، والـ«Kit» وأجهزة التفس الاصطناعي، وما إلى ذلك، لماذا لا يزال بعض الناس يشككون في أن إيران يمكن أن تنتج لقاح Covid 19؟

للأسف، هذا الاعتقاد ليس فقط في مجال إنتاج اللقاحات، ولكن أيضاً في العديد من المنتجات هناك تشكيك بأن الإيرانيين لا يستطيعون القيام بذلك. السبب الأول هو أن هؤلاء الأشخاص لم يدخلوا بعد في صلب الشركات القائمة على المعرفة أو مراكز الأبحاث ولم يروا إمكانات هؤلاء الأفراد.

السبب الثاني هو أننا شهدنا واردات عالية جداً على مرّ السنين ولم تتمكن شركاتنا القائمة على المعرفة من النمو اقتصادياً على الإطلاق. كانت المنتجات الأجنبية تدخل البلاد حين كان سعر الدولار منخفضاً، ثم توقف هذا الاستيراد بسبب الحظر.

السبب الثالث هو أن هيكلية سوق العمل وشكل الظروف الاقتصادية للبلد لا يسمح في بعض الأحيان للشركات القائمة على المعرفة بإثبات نفسها.

 

هل المنظمات الدولية لديها إشراف على إنتاج اللقاحات في الدول المنتجة وخاصة في إيران؟

في اجتماع عقدناه عبر الإنترنت مع ممثلي منظمة الصحة العالمية في مرحلة الدراسة ما قبل السريرية، أَطلعنا منظمة الصحة العالمية على نتائج أبحاثنا في هذه المرحلة. والآن صار لقاحنا قيد التجارب السريرية على موقع منظمة الصحة العالمي.

حالياً، لقد شكلنا فريقاً تتمثل مهمته في إعداد الوثائق اللازمة لتقديمها إلى منظمة الصحة العالمية للحصول على تصريح الاستخدام الطارئ. لكن هل يتعيّن على منظمة الصحة العالمية الموافقة على اللقاحات للاستخدام المحلي؟ لا، لقد تم ترخيص لقاحات «Pfizer» و«Moderna» و «Astrazeneca»في بداية الأمر للاستخدام المحلي، ومن ثم قدموا الوثائق اللازمة إلى منظمة الصحة العالمية.

نحن نعمل الآن تحت إشراف وزارة «الصحة والعلاج والتعليم الطبي» الإيرانية، ولكن في نفس الوقت نقوم بإعداد المستندات اللازمة لتقديمها إلى منظمة الصحة العالمية.

 

ما هي العقبات التي واجهتكم منذ البداية عندما بدأتم بإنتاج لقاح كورونا؟

كان هناك الكثير من الأمور التي يجهلها العلم البشري بشأن كورونا. والآن أيضاً ما زالت كثيرة جداً. لا يمكن التنبؤ بسلوك هذا الفيروس بشكل جيد. يعتقد الجميع أن سلوك هذا الفيروس يتعلّق بالمصابين، لكن ليس الأمر هكذا فقط. لقد كان سلوك الفيروس في الأوساط المختبرية غير معروف أيضاً... كان هذا أول قيودنا الرئيسية.

من ناحية أخرى، لم يوقف الحظر عملية بحثنا، بل أدّى إلى إبطائها. أي أنه حدّ من وصولنا إلى بعض المعلومات والمعدات المختبرية. وعلى الرغم من أن المعدات المختبرية اللازمة لأبحاث اللقاح لا علاقة لها بالمسائل الأخرى، لكن تم رصدها ومنعها.

ومع ذلك، فإن إقبال الشعب الإيراني - من خلال استطلاعات الرأي – على اللقاح الإيراني أكثر من الإقبال على اللقاحات الأجنبية، وهذا ما لم أكن أتصوّره.

النقطة الأخرى هي أنه ينبغي علينا أيضاً أن نكافح مع الوقت في مسألة الإنتاج الضخم. وهذا يعني أنه كان علينا إعداد البنية التحتية في أقصر وقت ممكن. الطلب على المواد الأولية لإنتاج اللقاحات مرتفع للغاية في جميع أنحاء العالم. ومنذ اليوم الأول، كان علينا التفكير في حلّ لتوفيرها باستخدام السياسات المثلى. لقد خضنا كل ذلك من أجل هذه الأمور كافة خلال العام الماضي.

 

لقد ذكرتم أنه في جميع البلدان يتم دعم إنتاج اللقاحات من قبل الحكومات، ما هو الدعم الذي قدّمته الحكومة والمسؤولون لدينا؟

استطاع المعاون العلمي لرئيس الجمهورية أن يدعم بعض المراكز البحثية والشركات القائمة على المعرفة وغيرها في مجال إنتاج اللقاحات... ولقد ساعد المعاون العلمي في ذلك، لكن هيئة تنفيذ أمر الإمام الخميني (قده)، بالاعتماد على نفسها، أجرت الأبحاث واستثمرت في إنتاج اللقاح.

 

مع الأخذ بالاعتبار الشراء المسبق للّقاح من قِبل البلدان الأخرى، ما هو السهم من لقاح هيئة تنفيذ أمر الإمام الخميني (قده) الذي سيتم تخصيصه للناس؟

منذ اليوم الأول لوضع سياسة الإنتاج الضخم للّقاح، كان هدفنا أن نكون قادرين على تطعيم معظم أو كل السكان في أقصر وقت ممكن. لذلك، تم الاستثمار في هذا الاتجاه. هيئة تنفيذ أمر الإمام الخميني (قده) لا تبتغي الربح، بل تروم إلى تطعيم البلد بأسرع ما يمكن. لذلك، حين نقول ما هي حصة السوق التي نتوقعها فهذا الكلام ليس كلاماً جيّداً. هدفنا هو أن نكون قادرين على تطعيم جميع السكان في أسرع وقت ممكن، وفرضيّتنا هي أنهم قد لا يعطوننا لقاحات مستوردة.

 

هل هناك خطة لتصدير اللقاحات؟

على حد علمي، طلبت منا سبع دول حول العالم شراء اللقاحات. بعض الدول راسلتنا، وبعضها اتصل وطلب اللقاحات. طلبت البلدان المراسِلة 20 مليون جرعة من اللقاحات في المرحلة الأولى.

 

أشرتم من خلال حديثكم أن إنتاج اللقاح عملية طويلة، فلماذا توّصلت بعض الدول إلى صنع لقاح كورونا في وقت أبكر منا؟

غالباً ما تكون البلدان التي تمكنت الآن من تطوير اللقاح سريعاً وإتاحته للجمهور هي البلدان التي سبق لها إجراء أبحاث حول فيروس السارس (SARS) وفيروس المرس (MERS)، اللذان ينتميان إلى عائلة كورونا. على سبيل المثال، Jenner Institute أو Moderna Institute قاما بالفعل بإجراء الأبحاث. لذلك، قطعوا شوطًا طويلاً في هذا المجال، لكننا لم نكن مبتلين من قبل ولم نجرِ أيّ بحث.

بالطبع، لقد اختصروا القواعد الخاصة بإنتاج لقاح كورونا بشكل كبير، ولكن على أي حال، يجب تأييد جودة اللقاح وسلامته وفعاليته. يختلف اللقاح عن الدواء الذي يمكن أن يستخدمه عدة آلاف من الأشخاص. لذلك يجب إنهاء هذا المسار بعناية وبالأساليب العلمية.