بسم الله الرحمن الرحيم
مظالم النظام البهلوي بحق النساء الإيرانيات
أشكر الأخوات والنساء المحترمات اللاتي حضرن إلى هنا ليتسنى لي الحديث عما جرى على أخواتنا في العهود السابقة وعن دور النساء في تاريخ إيران خلال المائة عام ونيف الأخيرة. إن الظلم الذي مورس بحق النساء الإيرانيات لم يمارس بحق الرجال. فالنساء الملتزمات بالعمل على أساس أحكام الإسلام وارتداء الحجاب الإسلامي، عاملهن رضا شاه بشكل وعاملهن محمد رضا بشكل آخر. إنني أتذكر ما جرى في عهد رضا شاه ويسرني أنكن لا تتذكرنّ ذلك العهد لأن ما جرى على النساء آنذاك لا يوصف. إن الظلم الذي جرى بحق هذه الطبقة من الشعب لا يوصف. فالضغوط التي مورست بحقهن والمصائب التي تحملنها في عهد الشاه الفاسد لا يمكن الحديث عن حجمها. أما بالنسبة لمحمد رضا فإن عصره وأوضاعه قد شهدت تطوراً فكانت الجريمة أعمق من العهد السابق. فالأب عامل النساء بالعنجهية وممارسة الضغط والضرب وإلقاء القبض وتمزيق العباءات والإمساك بضفائر النساء وجرهن، ولكن الابن عمل خلافاً لعفة النساء، وكان ذلك في مختلف المجالات بما فيها المرأة الإيرانية التي حاولوا إفسادها بشكل خاص وبمؤامرات خاصة وكانوا يريدون القضاء على العفاف في مجتمعنا. غير إن النساء الإيرانيات قاومن ذلك إلا فئة قليلة ممن كنّ من أتباعهم ومن المنبهرات بالغرب المتصلات بالنظام. وبعودة الإسلام إلى إيران فإن الخدمة التي يسديها للمرأة كبيرة القيمة لا يمكن وصفها. فلولا هذه الثورة وهذا التغيير الذي حدث في إيران لما كان ذكر للأخلاق الإسلامية.
دور النساء البارز في النهضات الإيرانية الأخيرة
وبحمد الله انتهى ذلك الوضع وأصبح الأمر بحيث أن النساء يعملن جنباً إلى جنب مع سائر الإخوة في تحصيل العلم والمعرفة والفلسفة وجميع الفروع العلمية وفي المجالات الصناعية أيضا. لقد كانوا يقولون في السابق إن نصف سكان إيران الذين هم في البيوت لا يمارسون أي عمل، ولكنهم لم يكونوا يهدفون إلى إدخال هؤلاء في العمل بل كانوا يريدون إدخالهن في المجتمع حسب أهوائهم وأهواء رفاقهم ومرافقيهم وأن يفسدوا المجتمع. وقد فضح الله نواياهم. إنكن أيتها النساء اليوم تعتبرن مفخرة لنا حيث تمارسن نشاطكن في الدراسة والتدريس في الحوزات الدينية وفي المجالات الإسلامية وأرجو لكن مزيداً من النشاط. عليكن أن تعملن خلافاً لما كان يجري في النظام السابق لقد كانوا يريدون أن يقضوا على الأخلاق الإسلامية ليستبدلونها بالأخلاق الغربية. فربما يوجد بعض هؤلاء المخدوعين في إيران من الممكن أن يتأثروا بكنّ ويعملن مثلكن.
أما فيما يتعلق بدور النساء في المجتمع فحسب ما أتذكر وحسب ما يذكر التاريخ فإن دور النساء في النهضات التي حدثت في إيران لم يكن أقل من الرجال إذا لم نقل بأنه كان اكبر في ثورات نظير انتفاضة التبغ، و ثورة الدستور، وانتفاضة الخامس عشر من خرداد. إذ نزلن إلى الساحات فزاد الرجال قوة بحضورهن في تلك الساحات أضعافاً مضاعفة، وقد عايشتن أجواء الثورة الاسلامية، وكان دوركن فيها أكبر من دور الرجال، فقد كنتن تقمن بالنشاط وتدفعن الرجال إلى العمل لذلك فإن الملحمة التي سطّرتنّها جديرة بالشكر والتقدير.
ضرورة تواجد النساء في مختلف الميادين
ينبغي لكنّ التواجد في جميع الميادين والمجلات التي أباحها الإسلام لكنّ. مثل المشاركة في الانتخابات التي هي عمل لا بد من انجازه وهو حديث الساعة وعلى النساء أن يشاركن في الانتخابات مثلما يشارك الرجال فيها ولا يوجد فرق بين مصيركنّ ومصيرهم. إن مصير إيران مصير الجميع وإن الخدمة التي أسداها لكنّ الإسلام لم يسدها للرجال، لقد حفظكن فاحفظنه بالمقابل. وإن حفظ الإسلام يكون بالمشاركة في هذه الانتخابات التي ستؤسس للمجلس في دورته الثانية وهي من الأمور التي تلعب دوراً كبيراً في مصيركن وفي مصيرنا ومن أهم الأدوار. فالانتخابات هي التي تحدد القضايا الداخلية والخارجية ولذلك عليكن أيتها النساء أن تقمن بدور فعال حتى لا يصبح المجلس مجلساً يضم بعض العناصر غير الصالحة مما يؤدّي إلى انحرافه نحو الشرق أو الغرب وتعود الأمور إلى ما كانت عليه في السابق ونذوق نحن وأنتم مرة أخرى ما ذقناه في النظام البائد. إن هذا المجلس الذي سيتم تشكيله سيكون بحمد الله خيراً من المجلس السابق لأن جميع طبقات الشعب مندفعة من أجله، وأن المتابعين للأوضاع يقولون بأن الشعب متواجد في الساحة ولديهم آراء حول الانتخابات. يجب عليكن جميعاً أن يكون لديكن رأي في الأمور السياسية إذ أنها ليست حكراً على طبقة دون أخرى كما، مثلما أن العلم ليس حكراً على طبقة دون أخرى، فكما أن على الرجال التدخل في الشؤون السياسية وصيانة مجتمعهم، فإن على النساء أيضاً صيانة المجتمع. على النساء أن يقفن جنباً إلى جنب مع الرجال في القضايا السياسية والاجتماعية مع مراعاة ما أمر الإسلام به وهو ما حاصل في إيران اليوم بحمد الله.
بثّ اليأس في نفوس الأعداء بالمشاركة الفعالة في الانتخابات
وإنني آمل أن يكون المجلس مجلساً جيداً يشترك في انتخابه جميع أبناء الشعب بحرية وألا يعيروا أدنى اهتمام لما سيقال لاحقاً. لأن أعداءنا يحاولون جرّ هذا المجلس إلى الابتذال. فهناك نشاطات في الداخل والخارج وعليكن إيقافها من خلال مشاركتكن في الانتخابات، حتى إذا شكل المجلس سيكون مجلساً جيداً إن شاء الله. فبوجود القانونيين ورجال الدين في مجلس صيانة الدستور فإننا لا يراودنا قلق بشأن وجود مسائل مخالفة للإسلام ومصالح المسلمين. فإذا ما حدث خطأ في المجلس فإن مجلس صيانة الدستور الذي أدّى واجبه في هذه الدورة بكل حسم واستقلالية، سيستمر في عمله على نفس المنوال حتى يسير بهذا الشعب والحكومة والبلد قدماً. وأرجو أن تنتهي الحرب لصالح إيران وأن تفشل المساعي المغرضة الناشطون للإبقاء على صدام حيث يحاولون بكل السبل إبقاء هذا المجرم، وأن تنتهي الحرب بخير حتى نتفرغ لواجباتنا بالنهوض بهذا البلد مادياً ومعنوياً. وسنجعل هذا البلد أنموذجاً للدول الإسلامية وإنكن مطلعات على أن هذا الوفد الذي جاء لدراسة جرائم صدام المهددة للبشرية وقد قدم تقريره ولكن من كان يجب عليهم أن يدينوا صدام لم يقوموا بذلك وكان من الأفضل ألا يوفدوا أحداً حتى لا يفضحوا أنفسهم. إن من يزعمون بأننا مستقلون وحماة للبشرية قد تم فضحهم ولم يتمكنوا من التنديد بالعراق علناً لتحفظاتهم تجاه الشرق والغرب، فقد ذكروا أن كل من يستخدم الأسلحة الكيمياوية مدان، ولكن من الذي استخدم المواد الكيمياوية حتى يتم التنديد به فهذا ما لم يستطيعوا الإفصاح عنه. لقد كان من الأفضل ألا يقدموا على هذا العمل وإننا سنطيح بصدام وبحزب البعث إن شاء الله دون أن نرتكب مثل هذه الجرائم. وسنحرر الشعب العراقي من هذا القيد الذي كبّلهم به هذا الفاسق. إنني أسأل الله تبارك وتعالى توفيقكن أيتها النساء وأيتها الأخوات في المجال العلمي وفي العمل وفي تهذيب الأخلاق. فكما أن العلم لوحده لا ينفع فإن التهذيب الأعمى لوحده لا ينفع هو الآخر، إن العلم مع تهذيب النفس هو الذي يوصل الإنسان إلى مقام الإنسانية. وإنني أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقكن وسائر الأخوات في أرجاء إيران وأن يوفق الإخوة كذلك للسير بجناحي العلم والعمل مع الأخلاق الإسلامية إلى الأمام وأن يطبّق الإسلام في إيران كما يريده الله تبارك وتعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة الإمام، ج18، ص: 322
التاريخ 19 فروردين 1363 هـ ش/ 6 رجب 1404 هـ ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: السيدات أعضاء المكاتب الإسلامية بقم ومسجد جامع نارمك
تعليقات الزوار