إنّ مسألة الشهادة والتضحية لا يعتريها القِدم، بل هي أداة الحركة في المجتمع، إلاّ أنّ البعض يغفل عن هذه الحقيقة، وإنّ ما ترونه من النظرة السلبية تجاه الشهادة والإيثار لدى بعض ناشئ عن غفلتهم، فإنهم لا يدركون ما لصيانة حرمة الشهداء والمضحين من التأثير على واقع المجتمع والأمة والبلاد.

فكلنا يعلم أنّ دم الإمام الحسين (ع) سفك في كربلاء، فنال شرف الشهادة العظيم حتى غدا سيد الشهداء، وكان بالإمكان الاكتفاء بهذا الوسام، إلاّ أنه لم يكتف بذلك حيث ألقيت المسؤولية الكبرى منذ اللحظة الأولى على عاتق الإمام السجاد (ع) وزينب الكبرى (س) فحملوا ظلامة الإمام وندائه إلى كافة أنحاء العالم الإسلامي بمختلف الأشكال؛ وذلك بغية إحياء الدين الحقيقي والهدف الذي استشهد الإمام الحسين (ع) من أجله، فأخذ الإمام السجاد طيلة ثلاثين عاماً من عمره الذي عاشه بعد استشهاد أبيه، لا يفتأ يذكر الإمام الحسين ودمه واستشهاده في كل مناسبة، ولم يكن ذلك بهدف الانتقام من بني أمية، فحتى بعد أن طويت صفحة بني أمية وزال أمرهم، واستتبّ الأمر لبني العباس، كان الإمام الرضا (ع) يحثّ الريّان بن شبيب بعقد مأتم لذكر مصائب سيد الشهداء، فلم يكن ذلك إلاّ بهدف بقاء نهج الإمام الحسين عَلماً لحركة الأمة الإسلامية نحو أهداف الإسلام، فلابدّ أن يبقى هذا العَلَم قائماً، كما أنه لا يزال قائماً ولا يزال هادياً إلى يومنا هذا.

 

كامل الخطاب