البعثة في كلام الإمام القائد الخامنئي (مد ظله العالي)

بسم الله الرحمن الرحيم

نبارك للإمام صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وولي أمر المسلمين المرجع الأعلى الإمام القائد الخامنئي (مد ظله العالي) و مراجعنا العظام و علمائنا العاملين وسائر المؤمنين والإخوة المجاهدين ذكرى البعثة النبوية الشريفة في يوم السابع والعشرين من شهر رجب الأصب، الذي عبّر عنه الإمام القائد المرجع الخامنئي (مد ظله العالي) "بأنه أعظم يوم في تاريخ البشرية حيث ولادة أبرز وأشرف المفاهيم والقيم".

وقد تحدث خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) عن هدف بعثته المباركة بقوله المشهور "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

ويعلق الإمام القائد الخامنئي (مد ظله العالي) على هذا الحديث بقوله: " كلمة [إنما] ذات مغزى كبير، أي إن جوهر بعثتي لهذا الغرض، هذا هو الهدف، وما سواه مقدمة، [لأتمم مكارم الأخلاق] بين الناس ولدى أبناء المجتمع، لتبلغ الأمة مرحلة الكمال والنضج..

فإذا بقينا بعيدين عن الأخلاق في مجتمع إسلامي .. وبقينا نلهث وراء النزوات والأنانية، والشهوة، وكل منا يسعى للحصول على مزيد منها ليأكل أكثر، ويعيش أكثر رفاهية، ويتكالب على هذا وذاك .. فإن لم يكن إيثار ولا تضحية .. فأي إسلام هذا !؟ وأي مجتمع إسلامي هو ؟!.

ثم يلفت سماحة الإمام القائد الخامنئي (مد ظله العالي)  إلى الدور الأساس الذي رسمه القرآن الكريم للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في بعثته وهو دور   "يزكيهم" معتبراً  أن من أهداف البعثة الأساسية هو إيجاد حالة باطنية وروحانية ونفسانية في توجيه باطن الإنسان نحو الله تعالى .. أي الإيمان والتوجه نحو رب العالمين، أو بتعبير الكثير من الآيات القرآنية  "الذكر"، فما يهبه الباري للناس عن طريق البعثة هو الذكر والتذكر، ولا يتحقق أيٌّ من أهداف بعثة الأنبياء (عليهم السلام) ما دام هذا الأمر غير محقق "إنما تنذر من اتبع الذكر"، فمن يوجد في نفسه حالة التذكر هذه، ويتبعها فهو مهيأ للإنذار والإصلاح والإرشاد والتكامل والجهاد في سبيل الأهداف الاجتماعية، ولو غفلت البشرية عن المعنويات، أصبحت جميع أبواب الصلاح مغلقة بوجهها كما هو العالم المادي اليوم.

إن مفتاح جميع الإصلاحات و السعادات في العالم المادي اليوم هو توجه الناس إلى أنفسهم والتذكر والبحث عن هدف الخلق، وعما وراء هذه المظاهر المادية للحياة ، أي الأكل والنوم والشهوات، والسلطة، وحب المال وأمثال ذلك، فجذور الفساد هي عدم التوجه إلى الباطن الحقيقي للعالم، وهذا هو سر ومعنى وجوهر الحياة، أي التوجه إلى المبدأ، وإلى التكليف والإصغاء إلى أوامر مبدئٍ حاكم قادرٍ له سلطة غيبية، وبتعبير القرآن: الإيمان بالغيب "الذين يؤمنون بالغيب" غير غارق في المظاهر المادية للحياة، فالحياة ليست الأكل والنوم، و الميولات الإنسانية والسلطة، والرئاسة وأمثالها.

وتعد هذه أول هدية لبعثة الأنبياء إلى الناس وأول هدف للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) أي التذكر والإيمان بالغيب.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين