مع الإمام القائد الخامنئي مدظله: أعظم فرصة يمتلكها المسلمون‏

يواجه المسلمون في جميع أنحاء العالم اليوم أحداثاً وتهديدات وتحديات جديدة، وعندما يتعرض أي مخلوق حي لنوع ما من التهديد فإن العقل والمنطق يقتضيان منه تعبئة قواه وإعمال فكره وأن يتخذ ما يجده مناسباً وجديراً بمواجهة هذا التهديد.

إن القعود وتسليم الأمور بيد الأقدار لا يليق بأمة حية كالأمة الإسلامية التي حثها الإسلام على الحركة والنهوض والإقدام والفكر على كافة مستويات الحياة وأبعادها.

لا ريب أن العالم الإسلامي يواجه اليوم تهديدات جديدة، ولكن الأمة الإسلامية تمتلك هي الأخرى الكثير من الفرص التي لم تكن تتمتع بها في السابق. وعندما نتحدث عن الفرص، فإن الذهن غالباً ما ينصرف إلى الفرص المادية كالموقع الجغرافي، والماضي الحضاري، وامتلاك المصادر الطبيعية، والعدد الكبير من السكان في العالم الإسلامي وهو أمر لا يشك فيه أحد، إلا أنه ينبغي علينا أن نعلم بأن العالم الإسلامي كان يتمتع بكل هذه الفرص والإمكانيات، ومع ذلك تمكّن الاستعمار من بسط نفوذه عليه والسيطرة على مقدراته والتسبب في تخلف الأمة الإسلامية لنحو مائة وخمسين أو مائتي عام وتحويل الشعوب الإسلامية إلى شعوب تتسم بالتبعية والتخلف، وهو ما يدل على أن المقدرات المادية لا تكفي وحدها للمواجهة. وطبعاً فإن التخلف أو الضعف الذي يصيب أمة في برهة من الزمان لا يعني بالضرورة أن مصير تلك الأمة أو الجماعة قد بات هو الضعف أو التخلف، كلا... فإننا إذا ما عدنا إلى الذات وامتثلنا لتعاليم الإسلام وأوامره فإن الأقدار ستتبدل، وسيتغير مصير العالم الإسلامي لينطلق نحو التقدم بالمعنى الحقيقي للكلمة.

الفرص الكبرى‏

إنني أعتقد بأن أعظم فرصة يمتلكها العالم الإسلامي هي الإسلام نفسه. فنحن ندين بالإسلام وهذه هي أعظم نعمة منّ بها علينا اللَّه تعالى. قال تعالى (ولأتمّ نعمتي عليكم). فهو تعالى قد اعتبر بأن الإسلام نعمته، وهي أكبر نعمة إلهية. إن علينا الاعتماد على الإسلام في كل عمل نقوم به، فالإسلام بوسعه أن يمد باطن الإنسان بالإيمان والمعرفة، وأن يمد المسلمين بالعلم ويؤلف بينهم برباط الوحدة، وهذه هي قوة الإسلام التي لا يجدر بنا أن نتجاهلها.

إن واقع العالم الإسلامي اليوم يختلف كثيراً عما كان عليه قبل مائة وخمسين عاماً، حيث ازداد حيوية ونشاطاً وأملاً، كما ازداد شباباً وإيماناً بالشباب.

إن أمامنا الكثير من الآمال والطموحات التي ينبغي التعرف عليها وأخذها بعين الجد والاعتبار.

إن مسلمي العالم أصبحوا اليوم يفتخرون بالإسلام ففي حقبة مضت من الزمان لم يكن ثمة من المسلمين من يفتخر بالإسلام، وكان الكثيرون من المسلمين والمثقفين المسلمين يعيشون بعيداً عن الإسلام ويفتخرون بالإنسلاخ عنه، ولكن شبابنا ومثقفينا في أرجاء العالم كافة قد باتوا اليوم يفتخرون بمعرفة الإسلام والتمسك به، وهذه فرصة كبرى.

لقد دخل الإسلام السياسي إلى الساحة بقوة واقتدار، وهو ما كان غائباً عن العالم الإسلامي في الماضي. إن كل ما كان يقال عن الإسلام السياسي كان يُحال إلى قرون الإسلام الأولى. ولكن الإسلام السياسي قد غدا اليوم بارزاً في الساحة، وقد أثبت كفاءته واقتداره وقوته على الصمود والمواجهة والبناء والتحدي، وهذه فرصة عظيمة للغاية.

الفرص في مواجهة التهديدات

وعلى هذا، فإنه لمن الصحيح أن العالم الإسلامي يواجه اليوم تهديدات جديدة، ولكنّ هناك أيضاً الكثير من الفرص الكبرى والجديدة التي يتمتع بها العالم الإسلامي، إن فئة كبيرة من الشباب المسلمين اليوم في جميع أرجاء العالم يغضون من أبصارهم عن الشهوات والمنتجات الغربية المبهرة، ويشعرون بقلوبهم مضيئة بنور الإيمان باللَّه، ويجعلون من التعبد إزاء الدين شعاراً لهم في سلوكهم، وهناك الكثير من هؤلاء الشباب عندنا في إيران وفي مناطق العالم الإسلامي كافة من شرقه إلى غربه. إن العديد من المثقفين في العالم الإسلامي يتحدثون اليوم باسم الإسلام، ويكتبون باسم الإسلام، ويبدعون فنَّهم باسم الإسلام، وهذه من الفرص والنعم التي يتميز بها العالم الإسلامي، لقد اكتشف العالم الإسلامي اليوم الكثير من طاقاته، وبات يعلم أن بإمكانه أن يكون قوة عظمى. إن التهديدات مهما كانت كبيرة، فإن الفرص لكبيرة أيضاً، وإننا نحن الذين ينبغي علينا بذل المساعي والجهود.

ورد عن النبي الأكرم (ص) أنه قال: «مثل المؤمن مثل السنبلة تخر مرة وتستقيم مرة أخرى». فالمؤمن لا تُجتثّ جذوره، إن من الممكن أن يجرفه طوفان الأحداث، ولكنه ينهض في أقرب فرصة ويستعيد توازنه وقوته ثم يمضي إلى الأمام. وكما قال القرآن الكريم «كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربه»، فنحن الذين يجب علينا أن نتعهد هذه الثمار بالعناية حتى تنضج، هو أمر ممكن.