Skip to main content

الشهيد شيخ الاستشهاديين أسعد برو

التاريخ: 04-08-2007

الشهيد شيخ الاستشهاديين أسعد برو

ولد فجر يوم الجمعة 26 شباط 1965 في منطقة الأوزاعي من عائلة مؤمنة، متواضعة هجرت بلدتها حدث بعلبك إلى ضواحي بيروت هرباً من الحرمان وبحثاً عن لقمة عيشها

ولد فجر يوم الجمعة 26 شباط 1965 في منطقة الأوزاعي من عائلة مؤمنة، متواضعة هجرت بلدتها حدث بعلبك إلى ضواحي بيروت هرباً من الحرمان وبحثاً عن لقمة عيشها.

 

درس المرحلة الابتدائية إلى الثانوية في المدرسة الأهلية، ومع انتصار الثورة الإسلامية في إيران كان أسعد من أوائل الذين شاركوا في مسيرات التأييد لها، ومعها بدأ يتردد إلى مسجد الأوزاعي ليزداد ارتباطه بالله تعالى.

 

ومع الاجتياح الصهيوني الذي لاقى مواجهة عنيفة من قبل المجاهدين المؤمنين في منطقة خلدة تكونت مجموعة المجاهدين العشرة الذين عاهدوا الله على الجهاد حتى الشهادة وكان الشهيد أسعد آخر الشهداء منهم.

 

وعمل الشهيد في تربية الأطفال وتعليمهم وارشادهم من خلال حلقات في مسجد الأوزاعي.

 

درس العلوم الدينية في قم.

 

كلف بتنفيذ ثلاث عمليات استشهادية، ولكن ظروفاً أمنية وعسكرية كانت تحول دون التنفيذ.  

 

تفاصيل العملية

 

قبل ساعات قليلة من تنفيذه عملية القليعة ــ مرجعيون الاستشهادية.. جلس الشهيد الشيخ أسعد برو مستقلاً القبلة رافعاً يديه إلى السماء يتمتم بكلمات يناجي بها الله داعياً أن يتقبل منه عمله ويوفقه إلى نيل الشهادة وإلحاق الهزيمة بالاحتلال.

 

وعندما دخل عليه رفيق الساعات الأخيرة أوقف مناجاته واستدار إليه وابتسم، وقال هل ننطلق إلى التنفيذ.

 

يروي الأسير المحرر المجاهد علي حجازي مراحل تنفيذ عملية القليعة مرجعيون الاستشهادية، حيث كان مكلفاً أن يرافق الشهيد الشيخ أسعد برو إلى لحظة التنفيذ (وهي معلومات تكشفها المقاومة الإسلامية للمرة الأولى عبر "العهد"): يقول حجازي: كنت أعمل في إحدى المؤسسات التجارية في بيروت وكنت كلما سمعت عن عملية للمقاومة يهتز جسدي وتتولد عندي شجاعة واندفاع كبيران، لماذا لا أشارك وأكون واحد من الذين يصنعون عزة هذا الوطن.. وهكذا بدأت أبحث عمن يوصلني إلى أحد مسؤولي المقاومة، حتى كان لي ذلك وبدأت مسيرتي مع المقاومة.

 

يضيف حجازي: في إحدى المرات اتصل بن أحد القياديين في المقاومة ودعانا للقائه، وفي هذه الجلسة قدم لي شاباً في مطلع العقد الثالث من عمره، وأبلغني أنه سينفذ عملية استشهادية ضد الاحتلال وعليّ أن أكون إلى جانبه.

 

كان دوري محصوراً فقط في التنفيذ لأنني كنت مطلعاً على طبيعة المنطقة المحتلة وطرقاتها بحكم ترددي إليها، ولم أتدخل كما لم يكن لي علاقة بالتحضير للعملية أن لجهة تجهيز السيارة أو الاستطلاع وجمع المعلومات عن الهدف.

 

لم يمر وقت طويل إلى أن تم اللقاء بين الشيخ أسعد وعلي حجازي في إحدى البلدات المحتلة القريبة من خطوط المواجهة، وهناك تعرف علي جيداً الشهيد أسعد ولمس لديه حباً وعشقاً كبيرين للشهادة.

 

جاء الأمر التنفيذ، يقول علي، "انطلق الشهيد بالسيارة المخصصة للعملية وجلست إلى جانبه، ولاحظت أن معنوياته كانت عالية وأنه مصمم على تنفيذ العملية مهما كلف الأمر، وصلنا إلى منطقة هي عبارة عن منحدر كانت تعبر فيه دببات للعدو، فطلبت من الشهيد أن يسير بأقصى سرعة حتى نتجاوز الآليات وقد تمكنا من ذلك بفارق ثوان قليلة، بالرغم من أن الجنود الموجودين في الآليات وجهوا أسلحتهم إلينا لكن لم يطلقوا النار.

 

وصلنا إلى أحد حواجز العملاء، فحييتهم والضحكة تغمر وجهي، سألني أحد العملاء:

 

ــ أين كان هذا البيك آب؟ ــ قلت له: في البلدة. ــ العميل: ماذا كان يفعل.

 

ــ قلت له: جاء أمس إلى البلدة ليشتري "تبن" وحل الظلام ولم يجد أحداً يعود معه، وأنا الآن أعود معه لإصلاح الدولاب.

 

ــ العميل: أتعرف الشاب (الشهيد أسعد).

 

قلت له: طبعاً أعرفه وهو من بلدة (ذكرت له أسم إحدى البلدات). وأمرنا بالانصراف.

 

هدأت نفسانا وتابعنا الطريق حتى وصلنا إلى حاجز كفر كلا، وهذا الحاجز لا يدقق كثيراً، فمررنا عليه، وكذلك الأمر عند حاجز العملاء في تل النحاس.

 

أصبح الشهيد أسعد قريباً من مكان تنفيذ العملية وهناك بدأ العد العكسي للتنفيذ.  

 

طريق القليعة مرجعيون 8/8/1989

 

يقول حجازي: انتظرنا هناك حتى تأتينا الإشارة بقدوم القافلة الصهيونية المحددة كهدف للعملية، علماً بأن هذا الطريق يشهد دائماً تحركات لقوافل إسرائيلية.

 

بدأنا نتحرك في المنطقة بشكل دائري حتى لا يشتبه بنا أحد، إلى أن رأينا ملالة فيها ثلاث عناصر لحديين، فقال الشهيد ممازحاً: قم وانزل من السيارة..

 

فقلت له: أنت على ما يبدو مستعجل وهؤلاء جماعة لحد لا نريدهم، فضحك، وأكملنا دورتنا حتى أصبح الوقت ظهراً،

 

وحسب الخطة عدت أنا إلى البلدة بسيارة أجهزة لآتي بسيارتي، واتفقت مع الشهيد على أن نلتقي في نقطة محددة، لأنه ممنوع أن يتحرك بالسيارة بمفرده كما تقضي إجراءات العدو لمنع العمليات الاستشهادية.

 

اتفقت مع الشهيد على أن نلتقي في أحد الأماكن ونظهر للنا أننا نعرف بعضها والتقينا هناك صدفة. أتين بالسيارة من البلدة ومعي زوجتي وأولادي والتقيت بالشهيد أسعد كما اتفقنا، وقررنا العودة إلى البلدة بناءً على التعليمات التي جاءتنا وتفيد أن الهدف تغير موعد حركته إلى اليوم التالي.

 

عندما رأت زوجتي الشهيد سألتني عنه، فقلت لها إنه صديق لي، لديه عمل في المنطقة وطلب مني أن أساعده على إنجازه.

 

عدنا إلى البلدة، أدخلته إلى المنزل وأقفلت عليه الباب وخرجت مع عائلتي إلى الحسينية للاستماع إلى مجلس عاشوراء، وكأنه لا يوجد أحد في البيت، حتى لا يأتي أحد لزيارتنا.

 

يضيف: في تلك الليلة حضرت لنا زوجتي العشاء فلم يأكل أي شيء، وكان طوال الوقت يفكر بالسيارة (البيك آب) التي تركناها قريباً من منطقة التنفيذ، وقلت له سنسلم الأمر لله، فهو الموفق.

 

في ليلة الاستشهاد انشغل الشهيد بالدعاء إلى الله والابتهال، وكنت من وقت لآخر ألقي نظرة عليه فأجده يصلي أو يقرأ القرآن.  

 

الثلاثاء 9/8/1989م

 

فجر هذا اليوم الذي طالما انتضره الشهيد أسعد جاءت التعليمات بأن الهدف سيتحرك في الوقت المحدد.

 

يقول حجازي: انطلقنا بسيارتي إلى منطقة مرجعيون، فأنزلت الشهيد قريباً من " البيك آب" وأنا أتين من الجهة المقابلة حتى أرى إن كان تغير أي شيء في وقفته والحمد لله إننا وجدناه على حالته وكأنه لم ينظر أحد إليه.

 

قام الشهيد بقيادة "البيك آب" وأنا في سيارتي واتفقنا على أن نتحرك بشكل متقابل على هذا الطريق (مرجعيون ــ القليعة)، مرّ وقت طويل قبل أن تصل القافلة والإشارة التي ننتظرها لم تصلنا بعد.

 

همست للشيخ سأذهب إلى منطقة قريبة في محاولة لتضليل أي جهة تراقبنا، لم يمر وقت على غيبابي عنه حين طرق أذني نداء (يا علي اذهب إلى الشيخ) ذهبت إلى النقطة التي تركته بها ومن بعيد وجدته متوقفاً إلى جانب الطريق، فقلت سامحك الله يا شيخ أسعد لماذا توقفت هكذا، وما أن أكملت تمتماتي حتى رأيت القافلة الصهيونية متجهة إليه، فعدّل الشهيد وقفته إلى أقصى اليمين وأنا وقفت بعيداً عنه بنحو 75 متراً.

 

بدأت السيارات المدنية بالتوقف خلفه وهو إجراء متبع من الاحتلال حتى تمر قافلته. في هذه اللحظة أرخى الشهيد فرامل السيارة وجعلها تتقدم نحو 25 متراً، ولحسن الحظ أن السيارات التي توقفت خلفه لم تلحق به.

 

يقول علي حجازي: شاهدت كل شيء بعيني، القافلة كانت عبارة عن سيارت عسكرية وأمنية وفيها شاحنة مليئة بالجنود يجلسون الظهر على الظهر. قبل أن تصل القافلة إلى محاذاة البيك آب (G. M. C.) الذي كان يقوده الشهيد أسعد وهو مفخخ بكمية كبية من المتفجرات، بحدود 25 متراً أقلع الشهيد بسيارته باتجاهها واصطدم بالسيارة الأمينة التي تتقدم القافلة ومن ثم بالشاحنة.. وكان انفجار هائل.

 

يضيف: لم أعد أرى شيئاً أمامي، نيران هائلة تتصاعد، حطام الآليات وأشلاء جنود العدو تتطاير في الهواء.. انتظرت لحظات ثم اقتربت من مكان الانفجار لأرى ما حل بالآليات ومن فيها، الجنود الذين كانوا في مؤخرة القافلة صدموا فكانوا أشبه بتماثيل.

 

بعد قليل جاء رجال الأمن وسيارت الإسعاف إلى المنطقة وأبعدو من اقترب من الناس، تركت المكان فوراً وذهبت إلى مستشفى مرجعيون لإحصاء الإصابات ولأرى بعيني نتيجة العملية.

 

أشلاء تنتشر في كل مكان على الأرض، صراخ الجرحى وعويلهم، ثم صعدت إلى الطابق العلوي للمستشفى ووقفت خلف زجاج لأشاهد عن كثب.

 

يقول علي: سيارات الإسعاف والمروحيات كانت تنقل بشكل متواصل القتلى والجرحى بالعشرات، غادرت المستشفى بسرعة وذهبت على طريق ــ المرج ــ الإذاعة القديمة، هناك ويمنعون المرور، اقتربت من أحد العناصر وقلت له إن معي طفلاً مريضاً وأريد الذهاب إلى كفركلا، فقال لي هناك امر بمنع المرور وانظر إلى النار تشتعل فقد وقعت عملية (انتحارية) قبل قليل.

 

عدت أدراجي وذهبت إلى دبين، وأنا على الطريق كنت أسمع صوت مروحية صهيونية وكأنه تلاحقني حتى وصلت إلى البيت.

 

جلست على شرفة المنزل مستعيداً كل تلك اللحظات التي قضيتها منذ التقيت بالشهيد، معنوياته العالية، ابتسامته التي لا تفارق وجهه، صلاته ودعاءه.. عشقه لله عزّ وجلّ.. كانت الصور تعود إلى ذاكرتي ولم أنس لآخر لحظة رأيته فيها قبل أن يفجر جسده ويحول جنود العدو إلى ذاكرتي ولم أنس آخر لحظة رأيته فيها قبل أن يفجر جسده ويحول جنود العدو وقادتهم إلى أشلاء.. أغرورقت عيناي بالدموع، لكن ما كان يؤنسني هو ذلك الشاب الذي ترك عائلته وطلق الدنيا ليلاقي ربه صادقاً بعهده.

 

جنّ جنون الاحتلال من هذا الاختراق النوعي الذي نفذته المقاومة الإسلامية وضربت فيه كل إجراءاته العسكرية والأمنية. وأخذت الأجهزت الأمنية التابعة لأجهزة استخبارات العدو بمداهمة القرى بحثاً عن رجل كان برفقة منفذ العملية وهو الاحتمال القوي الذي تضعه قوات الاحتلال لأن أجراءاتها تمنع تنقل أي شخص بمفرده..

 

بعد أيام داهمت قوات الاحتلال بلدة دبين المحتلة: يقول عل حجازي فتشوا جميع منازل البلدة وقالوا لوالدي إننا نريد علي لنصف ساعة.

 

ونصف الساعة هذا استمر عشر سنوات قضيتها في غياهب معتقل الخيام، حيث الجلادون الصهاينة والعملاء.  

 

وصية الشهيد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

{من مؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا}.

 

أيها الأخوة والأخوات الأعزاء:

 

… يمضي تاسع عشرة صدقوا ما عاهدوا الله عليه، إلى سبيل ربه، فبعد محمد حسونة، مضى عاصي ومحمود وبعدها مضى المفتي وبعده مضى احمد ثم جواد وجعفر وحسن والآن دور التاسع ليرحل عنكم، فلقد قبلني الله إليه فله الحمد على هذه النعمة..

 

اكتب إليكم كلماتي هذه وأنتم تقاتلون أناساً امتلأوا حقداً في قلوبهم بعدما اتّبعوا الشيطان فأضلهم عن سبيل الله وأعماهم..

 

لقد كنت معكم في اليومين الماضيين من هذا القتال الذي أرادوا من خلاله خنق الحالة الإسلامية في هذا البلد، وتطويقها، ولكن الله ثبّتنا وأمدّنا بجنوده فنصرنا على كل المنافقون.

 

وأنني لأتحسّر لأنني لست معكم لأنني أحضر لعملي القادم وأنتم تعلمون أنني من طينة هؤلاء الثمانية لا أتقاعس ولا أجبن ولكن الظروف دائماً تكون أقسى مني، فليقبل عذري الجميع، وإنني أحبكم فرداً فرداً، ولقد كنت اكره أصحاب النفوس المريضة وإنني لا اعرفهم والله سيفضحهم!

 

… أوصيكم أن تبتعدوا عن اتباع الشهوات والتطلع إلى زينة الحياة الدنيا، فإن كنتم ترغبون في لقاء الله فحرّروا أنفسكم من الشهوات وحب الذات والأنا، وانطلقوا في رحاب الله والجهاد في سبيله على خط الولي الفقيه الجديد الذي سار على درب القائد الأعلى الإمام الخميني العظيم (قدس سره) الذي رسم لنا طريق الجهاد وعلمنا التحرك مطمئنين، لأنه قال: تحركوا بثقة وكونوا مطمئنين بأن مركز القدرة الذي هو الله تعالى قد أحاطكم بعنايته، فانطلقوا للعمل في سبيل الله على هذا الأساس، ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مطمئنين.

 

… وطهروا أنفسكم من كل الأوهام الشيطانية التي يحيكها إبليس وجنوده من الجن والانس من شياطين هذا العصر وجنوده.

 

أرجو المسامحة من الجميع.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

 

 

احدث الاخبار

الاكثر قراءة