رسالة الإمام الخميني قدس حول ابنه السيد أحمد رحمه الله

2007-08-23

عليكم محاكمة ابني السيد احمد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على آلائه، والصلاة والسلام على أنبيائه و أوليائه لا سيّما النبي الخاتم حبيب الله صلى الله عليه وآله وسلم سيما غائبهم وقائمهم أرواحنا له الفداء.

إني لم أكن أرغب أبداً في التحدث عن أقربائي أو الدفاع عنهم، لكني رغم أني مقصر و مذنب تجاه الحضرة المقدسة للبارئ جل وعلا، وآمل منه تبارك وتعالى العفو وأسأله المغفرة، وكل رأس مالي هو الاعتراف بالتقصير والاعتذار إليه.

واعترف للمسلمين وللشعب العزيز بالقصور والتقصير، وآمل منهم العفو، وأسألهم المغفرة، فان بعض الجهات والأشخاص يعدّون أن لي ذنوباً لا تغفر، واحتمل بقوة انهم من بعدي سيسعون للانتقام مني باتهام بعض المقربين بتهم أعلم بطلانها، ويحرقونهم بالنار التي كانوا أعدّوها لإحراقي، وقد يتظاهرون أحيانا بالدفاع عني، ولأخذ ثأري من أولئك.

والآن وحيث أني ما زلت حيا، فإن كلاماً وهمساً يطرق مسامعي مما يزيد من الاحتمال الذي ذكرته آنفا.

لهذا فإني أحسست بالواجب الشرعي أن أتصدى لرفع الظلم والاتهام، وأن أبيّن للشعب العزيز رأيي لئلا أكون مقصراً في هذا المجال. وأحد أولئك الذين احتمل بشدة أن يسلطوا انتقامهم مني عليه هو ابني أحمد الخميني، إني أشهد أمام البارئ تعالى أني لم أر منه عملاً أو قولاً مخالفاً لمسيرة الثورة الإسلامية في إيران منذ بدء الثورة وحتى الآن، بل وحتى قبل الثورة ومنذ أن بدأ مزاولة العمل السياسي، وفي جميع مراحل الثورة قدّم الدعم، وفي مرحلة الانتصار المبارك للثورة كان عوناً لي ومساعداً في أعمالي، ولم يكن يؤدي أي عمل يخالف رأيي، ولم يكن يتصرف أو يتدخل في الأمور المتعلقة بي من بيانات وتوجيهات دون أن يراجعني، وحتى في ألفاظ البيانات لم يكن يتدخل فيها دون المراجعة، وإذا كان له رأي في أمر ما فإنه كان يلفت نظري، وكانت آراؤه تلك صادقة ولا تخالف مسيرة الثورة والمصلحة، وعندما كنت لا آخذ برأيه، فإنه لم يكن يخالف كلامي، وعندما كنت أرى كلامه صحيحا كنت آخذ به، وآمل أن أتقبل الكلام الصحيح من أي كان.

وأما بالنسبة لما ينسبه بعض المخالفين في المجال المالي عليّ أن أقول أنه لم يكن له تدخل في شؤوني المالية، وحفظ بيت المال وضبطه يتولاه بعض السادة الموثوقين. وإذا اقترح أحيانا إعطاء أحد ما حقوقاً (شرعية) فإني كنت أدفعها دون واسطة أو بواسطة السادة المذكورين. وإني أعلن أنه ليس لأحمد في أي بنك داخلي أو خارجي أو أي مؤسسة أي سهم أو مبلغ، وأنه لا يملك في أي مكان ما في الخارج أو الداخل أي أرض زراعية كانت أو غير ذلك، ولا يملك أي مبنى أو ما شابه ذلك.

وإذا تبين من بعدي أنه يملك أيا من ذلك في الداخل أو الخارج، فأنه على الحكومة آنذاك أن تصادرها منه بإجازة فقيه ذلك الزمان، وأن تحاكمه. والمؤمل هو أن يراعي مسؤولو الجمهورية الإسلامية دوما الضوابط، وأن يحترزوا من العلاقات.

ومن الأمور التي يحسن، بل يجب ذكرها أن أحد التهم التي اتهموه بها أنه سرق المتحف العباسي* ونقله إلى باريس، وقد صرف المخالفون وقتهم لترويج هذه التهمة، ثم تبين فيما بعد بطلان ذلك. أو أنه اشترى أراض في نواحي الشمال. تلك التهم التي قصدوا منها معارضتي بالانتقام منه.

وفي الشؤون السياسية روّجت لمدة من الزمن تهم من أن أحمد يؤيدالمنافقين لكني طوال زمان الثورة كنت أرى معارضته لأولئك بنحو لم يكن الآخرون يعارضون أولئك بتلك الشدة والحزم.

وأخيراً عندما حصلت مسألة سجن إيفين، وأتت الشكاوى ضد السيد لاجوردي **، وعارضه البعض، لم أر أحداً يدافع عن السيد لاجوردي، ويقف إلى جانبه كدفاع أحمد عنه ووقوفه إلى جانبه. حيث كان يعتبر وجوده في (رئاسة) السجن ضرورة، ويعتبر تنحيته فاجعة.

أو قضية وقوفه إلى جانب بني صدر فإنه ما دام كان يراني ـبدافع من المصلحةـ داعماً لبني صدر، فإنه كان يدعمه في بعض الأحيان أيضاً، وعندما أزحت الستار وعزلته (بني صدر) فإنه (السيد أحمد) لم يقف إلى جانبه حتى لمرة واحدة، بل كان يعارضه بشدة.

أو قضية الخط الثالث ***ل التي تناقلتها المجالس لمدة ما، واتهموه تهماً باطلة، وأمرته حينها بالسكوت، فإنه لم يخرج عن خط الثورة والإسلام في أي وقت من الأوقات.

وأخيراً إذا أرادت جماعات ما أن تنتقم منّي بعد وفاتي بأن يقفوا بوجهه، فإني (بكلامي هذا) أكون قد أديت ديني نحوه كفرد مسلم، وكأحد أرحامي. والله تبارك وتعالى حاضر وناظر. وآمل أن يتكل أحمد على الله تبارك وتعالى , وأن لا يخشى غيره أحداً، وأن لا يتزلزل أو يتردد في خدمة الخالق والخلق بسبب التهم التي توجّه إليه، أو ما يلقاه من معارضة، وأن يرجو في ذلك رضا الله تعالى في ما يقدمه من خدمات، وأن لا يخطو أية خطوة في طلب أي منصب.

وحيث أني اعتقد أنه مفيد للثورة، فإني آمل أن يجدّ إلى جانب الأوفياء للثورة والملتزمين في طريق الإسلام والهادفين لتقديم الخدمات. وأن يبذل قصارى جهده إلى جانب اخوة الثورة والإيمان، وأن لا يتضايق من تقديم أي خدمة، وأن لا يرجو جزاءً من أي مخلوق، وأن يستمر في تقديم الخدمات ـ من أجل الدولة الإسلامية والأهداف الإلهية ـ بإخلاص وطلباً لرضى الخالق جل وعلا. وأن يخدم المحتاجين والمستضعفين أكثر من غيرهم، فإن الله تعالى أوصى بهم، وأن يدعو الآخرين لتقديم الخدمات، وأن لا تثنيه أية مشكلة تواجهه في طريق خدمة الهدف ـ الذي هو الإسلام ـ ولا أية مشاكسة عن السعي في سبيل الله. وإذا دعي لأي خدمة يراها مفيدة أن يجيب تلك الدعوة، وليطلب رضا الله بخدمة خلقه.

أما بالنسبة لعلماء الدين حيث يتّهم أحمد أحياناً (أنه يعارضهم) فإني أعلم أنه مؤيد جدّي لعلماء الدين، فإنه ليس هناك من مسلم يعارض العلماء بشكل أساسي ولكن أن يؤيد تأييداً مطلقاً دون قيد أو شرط، ويؤيد أي كان ومهما كان عمله وأخلاقه، ممن تلبس بلبوس العلماء أياً كان وإن كان عمله مخالفاً لسيرة الإسلام، فإن تأييد مثل أولئك أو غض الطرف عنهم أمر غير منتظر منه ومن أي طالب علم ملتزم و مسلم معتقد بالقيم الإسلامية، بل يجب ألا يكون ذلك. وإني قد قلت من قبل أن المتلبس بلباس العلماء، الذي لا يكون مهذباً، ويسير في غير خط الإسلام، فإنه أخطر على الإسلام والجمهورية الإسلامية من السافاكي.

على أي حال فإن أحمد في هذا المجال يتبع خط الإسلام وخط العلماء الملتزمين، وآمل إن شاء الله تعالى أن يثبت في هذا الخط المستقيم الذي هو صراط الله.

أسأل الله تعالى الديمومة للجمهورية الإسلامية، والعزة للمسلمين في العالم ـ وخاصة الشعب الإيراني الشريف ـ والالتزام والثبات للمسئولين، والقدرة والشوكة للمقاتلين الشجعان، والحضور في الساحة للشعب الإيراني العظيم.

والسلام على عباد الله الصالحين

الأحد 14/11/1982 م ـ 27 محرم1403 هـ

روح الله الموسوي الخميني غفر الله له

 

ــــــــــــــــــ

 

*(إشارة إلى سرقة وقعت عام 1980 م في لمتحف العباسي، حيث سرقت منه مجموعة من ذهب العصر الحاخامنشي، ولكن بهمة المسئولين والشرطة تم ضبط جميع هذه المجوهرات وإعادتها إلى المتحف)

**(المسئول السابق لمنظمة السجون الإيرانية)

***(في الأعوام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية انضوى معظم الأشخاص المجاهدون والمعتقدون بالقيم الإسلامية الثورية في تنظيم اسمه " الحزب الجمهوري الإسلامي " ووقفوا من خلال هذا التنظيم بوجه جميع الأحزاب والتنظيمات المعارضة، لكن شخصيات ملتزمة وبارزة رغم اعتقادهم بمواجهة أعداء الثورة والجماعات المعارضة كانوا يحملون آراء تختلف مع آراء ذلك الحزب، فأوجدوا تنظيماً جديداً، سمي فيما بعد بالخط الثالث).