لا يستطيع الإنسان أن يقطع مسيرة الحياة هذه بسهولة وراحة ولكنه وإذا أراد أن يحقق شيئاً مهماً وقيماً ولابد له أن يبذل لأجله جهداً وسعياً كثيراً.

وأريد أن أشير إلى أن من بين الميزات التي يتصف بها الشاب, هناك ثلاث ميزات مهمة وواضحة جداً إذا سلكت هذه الميزات طريق الصواب وسيقت إليه تكون الإجابة على سؤالكم واضحة، وهذه الميزات الثلاثة عبارة عن الطاقة والأمل والإبداع. إذا ما استطاعت وسائل الإعلام وبما تقدمه من الدعم الثقافي للمجتمع والمتمثلة بالإذاعة والتلفزيون والمدارس.

حيث تُغذي هذه الوسائل المجتمع ثقافياً ودينياً وفكرياً، أن توجه هذه الميزات البارزة وتصحح مسارها يستطيع الشباب أن يهتدوا إلى طريق الإسلام الصائب، لأن الإسلام يطلب منّا تمهيد الطريق أمام طاقاتنا ومواهبنا لتجد هذه المواهب طريقها إلى الساحة العملية.

وهناك نقطة مهمة جداً أشار القرآن الكريم إليها وأحب أن أذكرها لكم أيها الشباب الأعزاء هي الإهتمام بالتقوى والبعض يتصور أن التقوى عبارة عن الصوم والصلاة والذكر والدعاء، فمن الممكن أن تتضمن التقوى هذه الأمور ولكنها لا تمثل نفس التقوى.

التقوى هي مراقبة ومحاسبة النفس؛ التقوى هي أن يعلم الإنسان ماذا يفعل وأن تكون حركاته وسكناته بإرادته وتصميمه وانتخابه؛ والتقوى هي أن يملك الإنسان إختيار نفسه كما يملك الفارس إختيار مسيره عندما يمسك لجام الفرس بيده ويقوده أينما يُريد. والإنسان الفاقد للتقوى هو الإنسان الذي لا يملك إختيار نفسه وحتى لا يستطيع أن يصمم لنفسه ولا لمستقبله، كما جاء في خطبة نهج البلاغة: إنّ الفاقد للتقوى يكون كالذي أجلس على فرس جموح فهو لا يُسمى براكب وحتى لو كان راكباً لكنه راكب لا يُحسن القيادة يأخذه الفرس أينما يُريد ولا يعرف أين يذهب بل حتى لا يستطيع أن ينجي نفسه لأن الفرس جموح وهائج.

إذا أخذنا التقوى بهذا المعنى الذي ذكرناه يكون من السهل علينا أن نسلك الطريق بسهولة ويُسر، لكن ليست السهولة المتصورة وفي الحقيقة أن الشباب يستطيع أن يجد الطريق الإسلامي الصائب؛ فمثلاً إذا كان الشاب متديناً ومؤمناً يفكر في كل حركاته وسكناته ويرى ماذا يفعل؟ يفكر في كلامه وحتى في علاقاته مع أصدقاءه وفي تعلّمه وكسبه للعلم, هل هو صحيح أم لا؟ أي هل أنه انتخب الطريق الصائب في هذه الأمور أم لا؟

ونفس هذه التفكير والتركيز في الأمور يُسمى بالتقوى.

أما إذا لم يكن الشاب متديناً نفس تفكيره بهذه الأمور يهديه إلى الإيمان والتدين, لأن القرآن الكريم يقول: هدى للمتقين ولم يقل هدى للمؤمنين يعني حتى إذا كان الشخص فاقداً لعنصر الإيمان الحقيقي، نفس التفكير بهذه الأمور يهديه إلى طريق الإيمان.

وأما المؤمن والمتدين الفاقد لعنصر التقوى يكون معرَّض للإنحراف والضياع, وطبعاً هذا يعتمد على الظروف التي يتعرض إليها خلال حياته.

فإذا تربّى في بيئة إيمانية وصالحة يستطيع أن يحافظ على إيمانه وأما إذا كانت البيئة المحيطة به بيئة بعيدة عن الإيمان والدين يكون هذا الشخص معرضاً للإنحراف والضياع وذلك لفقده لعنصر التقوى الذي ذكرناه.

ولذا إذا استطعنا أن نجعل هذه الميزات الثلاثة والتي هي عبارة عن الطاقة والأمل والإبداع توأماً مع التقوى يستطيع الشاب أن يعيش كما يجب وكما يأمرنا الإسلام به وبعبارة أخرى يستطيع أن يحظى بالحياة الإسلامية المطلوبة؛ ومن حسن الحظ إن حكومتنا اليوم هي حكومة إسلامية والسلطة الشعبية والتي تُمثل الحكومة هي في خدمة الإسلام والمسلمين؛ وأيضاً متصدي الحكم والسلطة أناس معتقدون بالإسلام وأحكامه ولهذا نستطيع أن نقول مع وجود العقيدة الراسخة في نفوس الناس يستطيع الإنسان أن يجد ويحظى بحياة إسلامية بسهولة وبساطة.

وأحب أن أذكر شيئاً لأنهي الإجابة على السؤال المطروح: ففي فترة الحرب المفروضة ومع الأسف وبحكم سنكم أنكم لم تستطيعوا أن تُعاهدوا وتعيشوا إيجابيات تلك الفترة ولا أسف على من لا يدرك الحرب فالأسف هو على من لم يستطع أن يدرك سمو تلك الفترة وإيجابياتها: حيث كان الشباب في فترة الحرب وهم لا يتجاوزون سن الثامنة عشر أو العشرين عاماً يملكون روح عرفانية عالية بحيث تُضاهي درجات العرفان التي توصّل إليها سالكي هذا الطريق خلال سنوات عمرهم المديد.

وكل إنسان يستطيع أن يستشعر تلك الروح العالية التي كان يملكها أغلب شباب تلك الفترة لأننا كنا نجد العديد منهم وهم يرتقون الدرجات السامية من النقاء والصفاء، بحيث كنت أقف متعجباً وخاضعاً أمامهم وأنا لا أريد أن أُبين تواضعي من خلال كلامي هذا؛ ولكن من الطبيعي أن يدرك الإنسان ضعفه ونقصه أمام كمالات الآخرين، فكان هذا الشعور ينتابني وأنا أقف أمام شباب التعبئة والمجاهدين؛ فجو إيماني كهذا كان له الأثر الكبير على زرع داعي الإيمان في نفوس الشباب العاديين أيضاً.

أنتم تعرفون أوضاع الشباب في العالم فهذه المجموعات المنحرفة وما تُسمى بالـ(RAP) وغيرها من البلايا الأخرى والتي جرّت الشباب نحو الإنحراف والفساد الأخلاقي، أمّا تلك الفترة كانت فرقة البيتل(Beatel) فرقة معروفة بانحطاطها حيث جرت بفسادها الآف الشباب وأوقعتهم في مستنقع الرذيلة؛ وأنا قبل فترة قرأت مقالة نشرتها إحدى المجلات الأجنبية في شرح أوضاع هذه الفرقة المنحطة حيث وصل أعضاءها إلى مراحل متقدمة من العمر وقضوا شبابهم بهذا الفساد القاتل ولا يعرف الواحد منهم ماذا فعل وإلى أي نتيجة توصل فعقدهم النفسية جرّتهم إلى هذه المسائل والأفكار المنحرفة، فنجد أكثر شعوب الدول الرجعية تقلّد هذه الضّالة غافلة عما يعانيه هؤلاء من العقد النفسية والأمراض الروحية معتقدين بأن الإقتداء بأمثال هؤلاء هو مظهر الحضارة والتطور.

هذا كان وضع الشباب، أما في إيران فنجد الشباب مفعم بالحيوية والنشاط؛ يقطع مسيرة حياته مستقلاً، مرفوع الرأس يملأ قلبه الأمل والفرح لأنه يقوم بواجبه الملقى على عاتقه يعرف هدفه ومسيرة حياته، يعرف ماذا يفعل؟ ولأجل ماذا يعمل؟ حاملاً روحاً إيمانية عالية أنعمها الله سبحانه وتعالى عليه ليكمل مسيرته الإيمانية بتوفيق ونجاح.

 

من كتاب اللقاء المفتوح