تحل اليوم الذكرى السنوية، لمجزرة الجمعة السوداء في 17 "شهريور"1356 الثامن من سبتمبر/أيلول عام 1978 التي ارتكبها النظام الشاهنشاهي البائد بحق أبناء الشعب الإيراني في ساحة الشهداء بالعاصمة طهران، الذين روت دماؤهم الزاكية شجرة الثورة الباسقة ومنحتها زخمها وسارعت في انتصارها بقيادة الإمام الخميني (رض).

ورغم أن ذكريات وأحداث السابع عشر من شهريور عام 1356 هجري شمسي (8 أيلول/سبتمبر 1978) هي ذكريات وأحداث أليمة، لن تمحى من ذاكرة الشعب الإيراني، إلا أن الدماء الزاكية لآلاف الشهداء الذين سقطوا في تلك الجمعة السوداء، روت الشجرة الباسقة للثورة الإسلامية، وأعطت ثمارها الطيبة، وسارعت في تهاوي قصور الاستكبار والاستبداد والجور الشاهنشاهي، حيث ارتفعت راية جمهورية العدل الإسلامية مرفرفة عاليا.

وقد استلهم الشعب الإيراني الدروس من نهضة الإمام الحسين عليه السلام، الذي واجه الأعداء مضحيا بأعز ما لديه من أنصار خلص وأبناء حتى ابنه الرضيع. فقد هب هذا الشعب واسترخص التضحية بالأبناء من أجل إقامة صرح الإسلام، وعندما رأت الجماهير سيد الشهداء عليه السلام يقدم شبانه قرابين في ساحة الحرب فيقطعون إربا إربا، هان عليها تقديم أبنائها في سبيل إقامة حكم الإسلام، حتى باتت الأمهات إذا استشهد احد أبنائهن تفخر وتنادي أن لديها آخرين مستعدون للشهادة في سبيل الله والإسلام.

وفي هذا يقول الإمام الخميني (رض) في وصفه لهذه الواقعة: "إن ما حدث في مجزرة 17 شهريور [8 أيلول 1978] كان تكراراً لعاشوراء، و(ساحة الشهداء) هي كربلاء أخرى، وشهداؤنا كشهداء كربلاء، وأعداؤنا هم أشباه يزيد وجلاوزته.

لقد قوضت كربلاء ـ بالدماء ـ قصر الظلم وأركان الاستكبار الشيطاني، لذا علينا نحن وارثي هذه الدماء وذوي الشبان والشهداء المضرجين بدمائهم، أن لا نركن إلى القعود حتى نوصل تضحياتهم إلى نتيجتها ونصفِّي ونزيل ـ بضربة قاضية وإرادة حاسمة ـ بقايا النظام الظالم وحثالات المتآمرين عملاء الشرق والغرب وندفنهم عند أقدام شهداء الفضيلة".

كما يقول الإمام الراحل (رض) مفجر الثورة الإسلامية بشأن أهمية إحياء ذكرى هذا الحدث: "إن السابع عشر من شهريور 1357 هو يوم من أيام الله الذي يحييه الشعب الإيراني الشريف كبقية أيام الله وقد واجه الشعب الإيراني خلال ثورته المباركة أياماً مشابهة ليوم 17 شهريور. وخرج شعبنا من هذه المشاكل منتصراً شامخ الرأس وأصبح محط اهتمام العالم كله من خلال تقديمه الشهداء في سبيل الإسلام والوطن وتقديم التضحيات الجسيمة في ساحة الجهاد والنضال.

لقد ظن الأعداء أنه بإمكانهم التأثير على عزيمة الشعب وإرادته وثنيه عن المشاركة في الثورة الإسلامية العظيمة عن طريق المؤامرات والفتن، غافلين عن أن الثورة التي تقوم في سبيل الله والمبنية على العقيدة والإيمان لا يمكن أن تتوقف وتتراجع.

إن شعبنا اليوم يعتبر الشهادة جزءاً من حياته وهو لا يخشى أية قوة، فكل من يملك سلاحاً كالشهادة في قاموسه الديني والعقائدي، لا يخشى العدو ولا يهاب المخاطر".

فتحية خالدة إلى أرواح الشهداء الذين سقطوا في ساحة الشهداء يوم الجمعة الدامي في الثامن من أيلول/سبتمبر 1978 لترتفع راية الإسلام خفاقة عالية، وتحية خالدة إلى إمام الشهداء الإمام الراحل مفجر الثورة الإسلامية وتحية لجميع الشهداء الذين سقت دماؤهم شجرة الثورة والإسلام لتعطي ثمارها الطيبة كل حين بإذن ربها.

ــــــــــــــــــــــــــ

يوم السابع عشر من شهريور عام 1357هـ ش. (أيلول 1978) والمشهور بالجمعة السوداء يعد واحداً من أيام التضحية والجهاد في تاريخ الثورة الإسلامية. وتفصيل الحادثة: فبعد المظاهرات الحاشدة المنقطعة النظير في يوم 13 شهريور (4/9/1978) بعد صلاة عيد الفطر في طهران, خرجت مظاهرات مشابهة في يوم 16 شهريور ( 7 سبتمبر) في طهران وتقرر أن تقام مظاهرات أخرى في صباح اليوم التالي (صباح الجمعة) في ميدان جاله (ميدان الشهداء) في طهران. وتحركت الجماهير صباح يوم الجمعة نحو هذا الميدان ووصل عدد المجتمعين إلى مائة ألف شخص وذلك في حدود السادسة صباحاً. حاصرت قوات الشاه الميدان المذكور من جميع الجهات ووجهوا فوهات البنادق نحو الجماهير ـ وفي هذه الساعة بالذات أعلن في الراديو بشكل مفاجئ عن قيام الأحكام العرفية في طهران وعشرات المدن الأخرى ـ وفتحت قوات النظام النار ضد الناس واستشهد في هذا اليوم المئات من المواطنين إضافة إلى مئات الجرحى.