رأى الكاتب والمحلل السياسي "حسين الديراني" ان دماء الشهيدان سليماني والمهندس هي دماء زكية طاهرة مباركة أثرها يزيل عروش الطواغيت ويضعها في مزابل التاريخ، وان هذه الدماء ستحرر ارض فلسطين المقدسة الطاهرة.
حسين الديراني: قال تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ صدق الله العظيم.
تقترب عقارب الساعة من الذكرى السنوية الأولى لفاجعة العصر الأليمة، وتخفق القلوب حزناً، وتضطرب العقول ذهولاً، وتجري المدامع دموعاً، إنها ذكرى الارتقاء الى السماء لسيد شهداء محور المقاومة الشهيد الحاج قاسم سليماني ورفيق دربه وحبيب عمره مهندس الانتصارات الشهيد الحاج أبو مهدي المهندس رضوان الله تعالى عليهما.
من ضلوع الصدر الحزين اقلع قلماً، ومن مقلة العيون أملأ حبراً، واصبّ الحزن على الحزن دمعا، لأصل إلى محراب الشهيد قاسم سليماني حانياً متعثّرا متعطّشا وشوقا إليه، وكيف أصل إليه وهو امّة بأكملها ؟، فلا العقول تدرك سرّ كينونته، ولا القلوب تدرك سر كماله، ولا الصحف تحصي عطاءاته، ولا الكتب والكُتُاب والادباءُ والشعراءُ يستطيعون ان يفككوا رمزا من رموز جهاده في سبيل الله في ميادين القتال منذ اوائل شبابه وعمره الشريف، ولا عن جهاده النفسي والروحي، فهو شخص لا يعرفه الا الراسخون في المقاومة والجهاد والعرفان، وخير من عرفه وليُ أمر المسلمين الإمام السيد علي الخامنئي " دام ظله ".
لذلك بكاه بكاء النبي المصطفى صلى الله عليه واله على ولده ابراهيم، عندما كبر وصلى على جثمانه الطاهر، كأنه إسترجع كلمات جده المصطفى (ص) " إن القلب ليحزن، وان العين لتدمع، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون "، ونحن نقولها " إنا على فراقك يا قاسم لمحزونون".
** اغتيال امّة
لم يكن الشهيد القائد سليماني " قدس سره " شهيد الجمهورية الإسلامية الإيرانية فقط، بل كان شهيد الأمة الإسلامية والعربية، وشهيد كل الأحرار النجباء في العالم، وشهيد كل المستضعفين والمحرومين، وشهيد القدس وفلسطين، لذلك بكته كل العيون، أمواج بشرية عاتية عُدت بعشرات الملايين طافت شوارع الجمهورية الاسلامية الايرانية خلف جثمان الشهيد المقدس، ومثلهم الملايين من احرار العالم اقاموا له مراسم العزاء في كل بقعة من بقاع الأرض.
حوّل الشهيد قاسم سليماني ببركة وجوده وجهاده وحضوره حجارة الانتفاضة الى صواريخ بدر وحنين وخيبر والقسام، وألجم الكيان الصهيوني لجماً بعد ان كان يستبيح الضفة وغزة والقطاع
لقد كان عبدا من عباد الله وجنده، واخيرا اختار الله له بعد رحلة طويلة من الطاعة والولاء والجهاد في سبيله ان يقلّده وسام الشهادة والحياة، ﴿وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ أَمواتًا بَل أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقونَ﴾، وقد احياه الله في قلوبنا، فهو حيٌ فينا، في صدورنا وعقولنا وفي كل انفاسنا. وهو حيٌ في كل ميادين الجهاد والمواجهات، وهو حيٌ في قلب كل مرابط وقابض على الزناد في جبهات القتال والجهاد والدفاع، لقد كان يسير ويطوي المسافات حاملا نصر الله بكفّيه، فالضاحية الجنوبية الابية تشهد له والجنوب، وكل قدرات ووسائل الردع التي تملكها المقاومة الاسلامية التي أوقفت العدو على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة " على اجر ونص "عليها لمسات وبصمات أصابعه الشريفة.
بيداء سوريا ودمشق وحمص وحلب وكل بقعة من سوريا وصلت إليها أيادي الإرهاب الصهيونية تشهد له ملاحم البطولات، اما العراق من النجف، إلى كربلاء، إلى سامراء تشهد له كل المقدسات له وتقول هنا كان سليماني وكان هناك، هنا كبر، هنا صلى، وهنا جاع، وهنا عطش، وهنا استبسل بالدفاع، وهنا طهّر الأرض من الارجاس جنبا الى جنب مع أخيه مهندس الانتصارات الشهيد البطل أبو مهدي المهندس.
أما فلسطين فهي كل الحكايات، لقد حوّل ببركة وجوده وجهاده وحضوره حجارة الانتفاضة الى صواريخ بدر وحنين وخيبر والقسام، وألجم الكيان الصهيوني لجماً بعد ان كان يستبيح الضفة وغزة والقطاع، وفي اليمن كانت له كل الاسرار التي لم تُكشف بعد، فكان حيث يجب ان يكون جنديا من جنود الولاية، عاملاً، مجاهداً، قائداً، لولاءً، وولياً من اولياء الله.
** هدف الاغتيال وفشل المخطّط
لا الاغتيالات ولا العقوبات الاقتصادية الخانقة، ولا التهديدات الفارغة، ولا الإغراءات الكبيرة تستطيع ان تركّع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولا شعبها العظيم المؤمن بحريته ودينه وكرامته، ولا ان يستسلم لكل طواغيت العالم وارهابه.
جاء قرار اغتياله بأمر من زعيم الإرهابيين في العالم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي ضاق ذرعاً من الانجازات المتواصلة والمتوالية التي حققها الشهيدان على اياديهم وايادي اخوانه المخلصين المجاهدين المقاومين في دحر المشروع الامريكي الصهيوني الخليجي، والقضاء على الارهاب والارهابيين القتلة، وانقاذ المنطقة من السقوط بيد الارهابيين المرتزقة لذلك جاء قرار اغتياله، فكان الاغتيال الارهابي الآثم الشنيع بتاريخ 3-1-2020 على ايدي يزيد العصر " ترامب "، وكانت الفاجعة الكبرى، فقضى نحبه شهيدا مع رفيق دربه وعمره وجهاده الحاج ابو مهدي المنهدس، قال تعالى ﴿ مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ ۖ فَمِنهُم مَن قَضىٰ نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ ۖ وَما بَدَّلوا تَبديلًا﴾.
وظنّ عدو الله والانسانية " ترامب " ان القضاء على قادة النصر سليماني والمهندس سيقضي على محور المقاومة ويضعفها، ويعاد إنتخابه لولاية ثانية، فجاءه الرد الاولي صاعقاً في قاعدة " عين الاسد " التي اصبحت اثر بعد عين من جراء صواريخ معدودة ومحدودة مباركة، واصبح باطن الارض مسكناً لجنوده الجبناء، وختم ولايته بهزيمة نكراء جعلته يتراقص كالمجنون الثمل، فلا الاغتيالات، والتي كان اخرها اغتيال العالم النووي الكبير الشهيد البروفسور الحاج محسن فخري زادة " قدس سره "، ولا العقوبات الاقتصادية الخانقة، ولا التهديدات الفارغة، ولا الاغراءات الكبيرة تستطيع ان تركّع الجمهورية الاسلامية الايرانية ولا شعبها العظيم المؤمن بحريته ودينه وكرامته، ولا ان يستسلم لكل طواغيت العالم وارهابه.
** عجز العدو
ان ممارسة الاغتيالات الارهابية، والحصار الاقتصادي، ما هي الا دليل على العجز عن المواجهة العسكرية المباشرة، وهم يعلمون ان دولة الولاية ومحور المقاومة اعدّوا لهم ما استطاعوا من قوة تدميرية تهدّد الوجود الصهيوني لازالته من الوجود، وعليهم بالرحيل من المنطقة عاموديا قبل أن يتم ترحيلهم افقيا كما قال ونصحهم سيد المقاومة الإسلامية السيد حسن نصر الله "دام نصره "، اما هرولتهم إلى بعض دول الخليج الفارسي للتطبيع مع تلك الأنظمة الديكتاتورية المتخلّفة ظنّاً ان ذلك سيزيدهم قوة ويمنحهم أمنا، فهم واهمون، وهم كالغريق في بحر هائج يستنجد بقشّة عائمةٍ على سطح الماء، ﴿ وَاتْرُك الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴾.
ممارسة الاغتيالات الإرهابية، والحصار الاقتصادي، ما هي إلا دليل على العجز عن المواجهة العسكرية المباشرة
فدماء شهدائنا العظام وديعة السماء لأهل الوفاء، دماء زكية مباركة أثرها يزيل عروش الطواغيت، فكما أزال دم الامام الحسين عليه السلام عرش بني أمية والحقه في مزابل التاريخ، فدماء الشهيد سليماني والمهندس ستحرر فلسطين والقدس ولو بعد حين ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾؟.
قالها إمام الثورة ومفجّرها الإمام روح الله الموسوي الخميني " قدس سره "، " اقتلونا فان شعبنا سيعي أكثر فأكثر "،فالقتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.
فسلام على الشهيدين سليماني والمهندس يوم ولدا ويوم استشهدا سويا، ويوم يبعثا احياءً سويا مع الشهداء والصديقين.
المصدر: وكالة مهر للأنباء
تعليقات الزوار