حوار مع طلال ناجي حول المحطات النضالية في حياة المرحوم أحمد جبريل وعلاقته بالجمهورية الإسلامية

الجمهورية الإسلامية تقدم الدعم لكل فصائل المقاومة في وجه العدو الصهيوني

ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي حواراً مع السيد طلال ناجي الأمين العام للجبهة الشعبية القيادة العامة، يتحدث فيه حول عمر حافل بالمحطات النضالية ضد إسرائيل للراحل الفقيد القائد "أحمد جبريل" والعلاقة الوطيدة التي كانت تربطه بالجمهورية ايران الإسلامية والإمام الخامنئي.

 

ـ بداية هل من الممكن أن تتحدثوا قليلاً عن المرحوم أحمد جبريل الذي أمضى سنوات عديدة من حياته في القتال ضد الاحتلال البريطاني ثم ضد النظام الصهيوني. اشرحوا لجمهورنا المزيد عن كفاحه في مراحل حياته المختلفة؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بداية فقدنا في الأيام القليلة الماضية القائد الكبير الأخ العزيز "احمد جبريل أبو جهاد" الامين العام للجبهة الشعبية (رحمة الله عليه). "أبو جهاد أحمد" حمل لواء الكفاح والجهاد والنضال منذ ستة عقود أي منذ ستين عاما وطوال الأعوام الستين المنصرمة وهو يقاتل ويجاهد ويناضل من أجل تحرير فلسطين. هو آمن منذ البداية بحقنا كشعب في أن نحرّر وطننا ونستعيد حقوقنا ونسترد أرضنا التي أُحتلت من قبل العصابات الصهيونية في العام 1948 بتشجيع ودعم الاستكبار العالمي في ذلك الوقت وعلى رأسهم كان بريطانيا وفرانسا والولايات المتحدة الأمريكية. وقد بدأ منذ نعومة أظفاره يفكّر في كيفية تأسيس منظمة فلسطينية تعمل وفق أسلوب الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية من أجل تحرير فلسطين. وكان في مصر يدرس في الكلية الحربية منذ العام 1957 إلى العام 1960 حيث عاد ضابطا متخصصا بسلاح الهندسة وأصبح مهندسا عسكريا. بدأت دعوته في مصر عندما كان في الكلية الحربية حينها دعا زملائه من الإخوة الفلسطينيين الذين كانوا تلاميذ ضباط في الكلية العسكرية من أجل تأسيس تنظيم سري ولكنهم لم يستجيبوا خوفا على مصالحهم في ذلك الوقت. عندما عاد إلى سوريا بدأ العمل على تأسيس التنظيم وبدأت اللقاءات الأولى بيننا أي بينه وبين الخلايا الأولى في جبهتنا من أجل تأسيس هذا التنظيم وبدأ يشرف بنفسه، باعتباره ضابطا مهندسا عسكريا، على التدريب والتحضير من أجل البدء بالعمليات العسكرية الجهادية ضد العدو الصهيوني.

 

ولم يكن هناك في الساحة الفلسطينية أحد غير جبهتنا التي كانت تُسمّى في ذلك الوقت جبهة التحرير الفلسطينية عندما تأسست هذه الجبهة. وقد قاد "أبو جهاد" هذه الجبهة وبدأ العمل على التدريب والإعداد للعناصر والمجموعات الأولى في جبهتنا إلى العام 1964 عندما أُعلن عن تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية من قبل الدول العربية وخاصة الرئيس المصري الراحل "جمال عبد الناصر". وقد دُعي لحضور المجلس الوطني الفلسطيني الأول في مدينة القدس وكانت القدس الشرقية غير محتلة وكانت مازالت تحت الوصايا الأردنية وتتبع للنظام الأردني. وقد شارك الأخ "أبو جهاد" (رحمه الله) في المجلس الوطني الأول  إلى جانب أخ من إخوتنا في القيادة والمرحوم "علي بشناق" (رحمه الله) وكان معهم في هذا المؤتمر ـ طبعاً، عُقد هذا المؤتمر برئاسة المرحوم "احمد الشقيري" رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ـ وكان معهم المرحوم "ياسر عرفات" والمرحوم الشهيد "خليل الوزير".

 

بعد ذلك عندما بدأت "فتح" بعملياته الأولى في 1/1/1965 کانت قد بدأت العلاقة والتواصل بيننا قبل أشهر من هذا التاريخ. قررنا أن نتوحد مع حركة "فتح" باعتبار أننا كلانا نريد تحرير فلسطين وكلانا نؤمن بالحرب الشعبية و الحرب والقتال والكفاح المسلح أي نفس الأسلوب لتحرير فلسطين ودحر العصابات الصهيونية من أرضنا المحتلة. توحدنا مع "فتح" وكان "أبو جهاد" عضواً في القيادة المشتركة هو والمرحوم "علي بشناق" إلى جانب "ياسر عرفات" و "خليل الوزير" في ذلك الوقت. أنا أتحدث عن العام 1965 إلا أن هذه الوحدة لم تستمر بعد العام 1966حيث وقعت بعض الخلافات داخل حركة "فتح" مما أدى إلى مقتل أحد القادة العسكريين في "فتح" وهو الشهيد "يوسف عرابي" وتوقيف "ياسر عرفات" و "خليل الوزير" وأيضا أُوقف الشهيد أو الفقيد الكبير "أحمد جبريل" وعدد من الإخوة عندنا و بالتالي هذا الأمر أدى إلى إنفراط عقد الوحدة بيننا وبين حركة "فتح".

 

ـ كان المرحوم أحمد جبريل من أوائل القادة الفلسطينيين الذين ناضلوا ضد الاحتلال الصهيوني وبقى على هذا الطريق حتى نهاية حياته ، ما سر هذه المقاومة والثبات؟

 

في العام 1967 تابعنا النضال لوحدنا وإنخرطنا في مواجهة العدو الصهيوني في الجولان عندما كان العدو يتقدم على جبهة الجولان في سوريا وذهبنا إلى الحدود السورية لمنطقة الجولان للدفاع عن الأرض السورية في وجه العدو الصهيوني باعتبار أن القضية هي قضية واحدة أي قضية فلسطين وقضية سوريا وقضايا الأمة العربية والاسلامية. بعد ذلك قام "أبو جهاد" بتأسيس الجبهة الشعبية طبعا كنا معه بتأسيس الجبهة الشعبية إلى جانب الإخوة في منظمة "الشباب الثأر" التابعة لحركة قومية العرب بقيادة الدكتور الراحل "جورج حبش" ومنظمة أخرى إسمها "أبطال العودة". من هذه الفصائل الثلاث تشكّلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ثم حدث أن اعتُقل الدكتور "جورج حبش" وأدى هذا إلى نشوب خلافات بيننا وبين رفاق الدكتور "حبش" الذين أصدروا مواقف تورطنا في العلاقات مع بعض الدول العربية خاصة مصر وسوريا. أدى هذا أيضا إلى إنفراط عقد الجبهة الشعبية فأصبحنا نحن نتمسك باسم الجبهة الشعبية تحت اسم الجبهة الشعبية للقيادة العامة والإخوة في حركة القومية العربية أعلنوا أيضا التمسك بإسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

أنا أتحدث عن التاريخ الذي تربطنا فيه علاقات وثيقة وجيدة وطبيعية بالإخوة في حركة "فتح" والجبهة الشعبية وكل الفصائل الفلسطينية ولكن هذا هو التاريخ. "أبو جهاد" هو أول من قاد العمل العسكري والكفاح المسلح عبر نهر الأردن منذ العام 1968 ضد الاحتلال الصهيوني وقام بإنشاء القواعد العسكرية في الجبهة الأردنية وبالفعل كان هو القائد العسكري الميداني المشرف على القواعد العسكرية من شمال نهر الأردن إلى جنوب بحر الميت في وادي العربة. وعندما وقعت أحداث أيلول عام 1970 كنت أنا في عمان وكان الأخ "أبو جهاد" قد غادر لمدة أيام إلى دمشق لزيارة والدته التي كانت مريضة وبالتالي وصلتنا معلومات في عمان - أي لي وللشهيد "ياسر عرفات" والقيادة الفلسطينية - بأن النظام الأردني يريد اغتيال الشهيد والقائد "أحمد جبريل" إذا عاد إلى عمان عن الطريق البري الواقعة بين منطقة "الجرش" و "عمان" في منطقة "صويلح" فتم الطلب منه أن يبقى بعيداً عن عمان لأن الوضع خطير، والخطر على حياته. فذهب إلى "إربت" شمال الأردن وقاد العمليات المواجهة ضد النظام الأردني والجيش الأردني الذي كان قد بدأ الهجوم على وحداتنا وقواعدنا في كل مكان في شمال ووسط وشرق الأردن وجنوبه. ثم انتقلنا إلى لبنان فقام "أبو جهاد" بتأسيس القواعد العسكرية في منطقة "العرقوب" شرقي "البقاع" وهو أول من أسس لهذا العمل. "أبو جهاد" نستطيع أن نطلق عليه بأنه المؤسس الأول للثورة الفلسطينية المعاصرة حيث بدأ العمل منذ العام 1960، ولم يسبق إليه أي أخ من الإخوة من القيادات الفلسطينية سواء الذين رحلوا أو استشهدوا أو الذين مازال بعضهم على قيد الحياة. 

 

ـ فيما يتعلق بدعم الجمهورية الإسلامية للمقاومة ضد العدو الصهيوني، كان لقوة القدس التابعة للحرس الثوري وخاصة الشهيد سليماني دور خاص. كيف كانت علاقته بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؟

 

في الحقيقة بدأت العلاقة بيننا وبين فيلق القدس منذ أن تشكل هذا الفيلق في نهاية التسعينات وكانت تربطنا علاقات قوية ووثيقة بالإخوة الأعزاء في الحرس الثوري في الجمهورية الإسلامية في إيران وكانت لنا لقاءات مع قادة الحرس الثوري في ذلك الوقت، أذكر منهم الأخ المحترم "محسن رفيق دوست" و"محسن رضائي". وكنت أشارك في اللقاءات التي كانت تجري برئاسة الأخ الفقيد الكبير "أبو جهاد أحمد" في طهران. ثم عندما تشكل فيلق القدس بدأت العلاقة تأخذ طابعها الخاص من خلال العلاقة بيننا وبين فيلق القدس وهذا الأمر لم يقتصر علينا لوحدنا فقط كجبهة وإنما كانت العلاقة بين فيلق القدس وكل فصائل الثورة الفلسطينية وكل فصائل المقاومة، باعتبار فيلق القدس هو الذي كُلّف من قبل سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي (دام ظله) بأن يرعى دعم ومساعدة فصائل وقوى المقاومة الفلسطينية.

وقد تعرفنا على الفقيد الكبير الشهيد الأخ الحبيب الفريق "قاسم سليماني" منذ نهاية التسعينات واستمرت العلاقة بيننا إلى حين إستشهاده رحمه الله. وقد كانت تربطنا به علاقات حميمة وعلاقات نضالية كفاحية؛ لطالما استقبلنا في مكتبه وزارنا حتى في الفندق عندما كنا نزور طهران وكان أحياناً يأتينا في ساعات الصباح المبكر أي بعد صلاة الفجر، وكنا نجلس جلسات طويلة نتحدث فيها حول كل التفاصيل المتعلقة بدعم الشعب الفسطيني ودعم المقاومة الفلسطينية، وكان خير من يجسد أهداف ومبادئ الثورة الإسلامية في إيران والجمهورية الإسلامية وسماحة الإمام القائد السيد الخامنئي (دام ظله). ثم إستمرت هذه العلاقة إلى الأيام والأشهر الأخيرة من حياة الفريق الشهيد "قاسم سليماني" الذي يحظى باحترام كبير ومكانة كبيرة عند كل المجاهدين وكل المناضلين وكان على وجه الخصوص يحظى بمكانة كبيرة واحترام كبير عندنا في الجبهة، وعند الأخ العزيز "أحمد جبريل أبو جهاد".

 

ـ كيف كانت علاقته بالإمام الخامنئي؟ هل حضرتم اجتماعاته مع سماحة قائد الثورة وهل تتذكرون نقطة خاصة منهم؟

 

لقد حضرت العديد من اللقائات بين الأخ "أبو جهاد أحمد" و سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي وكانت تربط "أبو جهاد" بسماحة الإمام القائد علاقة وثيقة ومحبة كبيرة وليس أدل على ذلك من النعي الذي أصدره سماحة الإمام القائد للفقيد الكبير "أحمد جبريل" وهو غير مسبوق. الحقيقة نعي كبير يعبر عن مشاعر صادقة من المحبة والتقدير الذي يكنه سماحة القائد للمجاهد "أحمد جبريل" الذي كان يبادله نفس المشاعر ونفس المحبة الحقيقية. وكان لسماحة الإمام القائد مكانة كبيرة في نفس وروح وعقل "أبو جهاد" (رحمه الله) كما هو الحال بالنسبة لنا جميعا، فنحن كلنا نحب سماحة الإمام القائد ونحترمه ونبجله حقيقةً ونعتبره قائداً ليس فقط للشعب الإيراني الشقيق وإنما قائداً لكل المستضعفين ولكل أحرار العالم ولكل المقاومين ولكل الأمة الإسلامية؛ ونحن نسعد بتوجيهاته ودعمه ومساندته وإرشاداته فيما يتعلق بتطوير كفاحنا وجهادنا من أجل الوصول إلى هدفنا بتحرير وطننا الغالي، أي فلسطين.

 

ـ سوريا كانت دائماً من الداعمين الأساسيين للمقاومة الفلسطينية والدور الذي لا غنى عنه لهذا البلد في إرسال الأسلحة والمعدات للمقاومة في فلسطين ولبنان ، وكذلك الدور الذي لعبه الفريق الشهيد الحاج قاسم سليماني في هذا الصدد ، هل هناك نقطة خاصة ، وأنتم تتذكرونها بشكل خاص في موضوع التنسيق بين مختلف أقسام محور المقاومة مع التركيز عن دور الحاج قاسم في هذا المجال خاصة في الدعم العسكري؟

بالنسبة لسوريا الحقيقة أنه ربطتنا بسورية علاقات تاريخية منذ أن تأسست جبهتنا ولعل الجغرافيا السياسية كانت العامل الأكبر في هذه العلاقات إضافة إلى الموقف الثابت الوطني القومي الذي تتخذه القيادة في سوريا منذ أن تأسست جبهتنا، أي بشكل خاص بعد أن سقط نظام الإنفصال العميل في العام 1963 وقام نظام يتبنى قضية فلسطين في سوريا ويحتضن الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية. بدأت العلاقات بيننا تتطور وفي العقود الماضية عندما كان الرئيس الراحل القائد الكبير "حافظ الأسد" رئيساً لسوريا وقائداً لها على مدى ثلاثة عقود، ثم عندما تولّى سيادة الرئيس الدكتور "بشار الأسد" الرئيس العزيز الذي نحترمه حقيقةً ونحبه ونقدره، استمرت علاقتنا بالتطوّر وكانت علاقات أخوية ورفاقية ونضالية وكفاحية، أساسها الموقف الموحد من القضية الفلسطينية ومن مسألة مواجهة قوى الاستعمار والاستكبار العالمي التي تريد النيل من حقوقنا ومن استقلالنا في عموم الوطن العربي وفي عموم الأمة الإسلامية والأمة العربية.

 العلاقات ما زالت قائمة وكانت تربط الراحل الكبير "أبو جهاد" بالقيادة في سوريا وبالشعب السوري الشقيق أوثق العلاقات الكفاحية والجهادية. نحن كنا معاً نؤمن بأن المؤامرة التي شُنّت على سوريا في العام 2011 كانت لا تستهدف سوريا فقط وإنما من خلال مساعيها لتدمير سوريا، كانت تستهدف سوريا والشعب السوري والدولة السورية والجيش العربي السوري، ولكنها أيضاً من خلال ذلك تستهدف القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني والحقوق الفلسطينية. وتمت هذه المؤامرة وخُطّط لها من أجل خدمة أهداف الكيان الصهيوني المحتل لأرضنا والمغتصب لحقوقنا، وأيضاً لضرب محور المقاومة والنيل من صموده وتكاتفه وموقفه الموحد وانتصاراته في وجه قوى الاستكبار العالمي. لذلك، العلاقة بيننا وبين الراحل الكبير "أحمد جبريل" وبين سوريا قيادة وشعباً، كانت وثيقة للغاية ورابطها وأساسها هو الهدف المشترك والتمسك بنفس الثوابت والمبادئ والأهداف من أجل تطوير الكفاح والمقاومة ودعم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.

 

ـ منذ بداية انتصار الثورة الإسلامية وحتى أثناء النضال الثوري ، كانت قضية تحرير فلسطين إحدى القضايا الرئيسية للثورة ، وكانت الجمهورية الإسلامية على الدوام مرتبطة بمجموعات فلسطينية مختلفة ذات أيديولوجيات مختلفة. ما هي و كيف كانت العلاقة الشخصية بين السيد أحمد جبريل والجبهة الشعبية مع ايران و الثورة وكيف تشكلت وتأسست هذه العلاقة؟

"أبو جهاد أحمد" من القادة الفلسطينيين الأوائل الذين آمنوا بالثورة الإسلامية في إيران وحقها في الاستمرار والديمومة والأمان. كان في إيران نظاماً عميلاً، وكان من أخطر الأنظمة في العالم باعتباره العميل للولايات المتحدة الأمريكية وفيه أكبر قاعدة للتجسس للمخابرات المركزية الأمريكية خارج الأراضي الأمريكية. وبالتالي كان شاه إيران عميلاً أمريكيّاً وعميلاً صهيونيّاً، وكان يرعى ويدعم كل الأنشطة المعادية للشعوب، سواء الشعب الإيراني الشقيق أو شعوب الأمة العربية والإسلامية خدمة لمصالح قوى الاستكبار العالمي. فعندما قامت الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني (رضوان الله عليه وقدس سره) كان "أبو جهاد" من الأوائل الذين بادروا إلى الوقوف إلى جانب الثورة الإسلامية وتأييدها والوقوف معها. حقيقة، بالرغم من أنه لم تكن بيننا علاقات في ذلك الوقت مع الثورة الإسلامية إلا أننا وبالتشجيع من "أبو جهاد" أحببنا الثورة الإسلامية وأحببنا نظام الجمهورية الإسلامية.

منذ انطلاقة الثورة الإسلامية أحببنا الإمام الخميني (قدس سره) واعتبرنا أن هذه الثورة الإسلامية في إيران هدية من الله سبحانه وتعالى عوضنا فيها عن خروج مصر من المواجهة والصدام مع العدو الإسرائيلي، لأن "أنور السادات" أخرج مصر من عملية المواجهة مع الاحتلال ومع العدو، وأقام علاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني؛ وبالتالي اعتبر أن مصر لن تعود إلى خط المواجهة والحرب مع النظام العنصري الصهيوني في فلسطين المحتلة. فجاءت الثورة الإسلامية لتشكل تعويضاً للمقاومين وتعويضاً للمستضعفين وتعويضاً للشعب الفلسطيني بل لكل الشعوب المستضعفة في المنطقة والعالم، عن خروج مصر من هذه المواجهة. وبالتالي كانت أهداف هذه الثورة الإسلامية منذ البداية، يعني كلنا نذكر الموقف المشرف والعظيم والكبير للإمام الخميني (قدس سره) عندما أعلن منذ بداية الثورة الإسلامية لكل المسلمين في العالم أن يحتفوا بآخر جمعة من شهر رمضان في كل عام باعتباره يوم النصر للقدس ويوم نصرة أهلنا في البيت المقدس في القدس، ويوم نصرة المستضعفين والصامدين والمرابطين هناك.

وبالتالي رأينا كيف حول الإمام الخميني (قدس سره) سفارة الكيان الصهيوني في طهران وهي من أخطر وأهم وأكبر السفارات في طهران، إلى سفارة لفلسطين. وشاهدنا كيف وقف في وجه قوى الاستكبار العالمي وأعلن دعمه ووقوفه إلى جانب المستضعفين في العالم؛ وبالتالي كيف بدأ يدعم كل الشعوب المكافحة لنيل استقلالها وحريتها واستعادة حقوقها المسلوبة والمغتصبة.

 تمت العلاقات بيننا وبين الجمهورية الإسلامية في إيران في الأشهر الأخيرة من حياة للإمام الخميني (قدس سره) كان في حالة المرض حيث ذهب أخونا العزيز "أبو جهاد أحمد جبريل" إلى طهران على رأس وفد من جبهتنا ولكن كان سماحة الإمام القائد الخميني (قدس سره) في الأشهر الأخيرة من حياته فلم يتمكن "أبو جهاد" من اللقاء به بسبب المرض. وبعد أن عاد أخونا المجاهد "أحمد جبريل" إلى دمشق بفترة قصيرة، توفي سماحة الإمام الخميني (رضوان الله عليه) وبالتالي تولى القيادة سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي (دام ظله). وبدأت العلاقة بين جبهتنا وبين الجمهورية الإسلامية في ظل قيادة سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي. ومنذ ذلك الوقت أولاً، أحبّ "أبو جهاد " سماحة الإمام القائد، ونحن كلنا أحببنا سماحة الإمام القائد. وبدأت العلاقات بيننا وبين الجمهورية الإسلامية مع سماحة الإمام القائد، ومع كل الإخوة الأعزاء، منهم الرئيس الشيخ "هاشمي رفسنجاني" (رحمه الله). وبدأت العلاقة بيننا وبين عدد من القادة الكبار في الجمهورية الإسلامية، وبدأنا نتلقى الدعم والمساندة من جانب الجمهورية الإسلامية في إيران؛ وكانت قد نشأت أيضاً حركة "حماس" وحركة "الجهاد الإسلامي" اللتين أيضاً أقامتا العلاقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران.

بدأت الجمهورية الإسلامية تقدم الدعم والمساندة لكل فصائل المقاومة في وجه العدو الصهيوني. واعتبرت الجمهورية الإسلامية بتوجيهات وقيادة سماحة الإمام القائد بأن العدو الصهيوني خطر ليس فقط على الشعب الفلسطيني، بل على كل المستضعفين في العالم، وعلى كل الأمة الإسلامية. وبالتالي يجب أن يواجَه هذا الكيان خاصة، وأن الإمام الخميني (قدس سره) وصفه بأنه "غدة سرطانية" يجب أن تُستأصَل أو تزول حتى تستقر أوضاع المنطقة والعالم. وسماحة الإمام القائد الخامنئي قدم خطة متكاملة حقيقةً في أحد مؤتمرات دعم الشعب الفلسطيني في طهران من أجل تحرير فلسطين وإقامة دولة حرة ذات سيادة يعيش فيها أبناءها من كل الديانات السماوية، لأنه ليس هناك موقف من الأعزاء في الجمهورية الإسلامية ضد الديانة اليهودية، بل على العكس نحن نرى أن الإخوة الأعزاء في الجمهورية الإسلامية هم من أشد المتمسكين بمفاهيم الإسلام الصحيح. الإسلام الذي يحث على احترام كل الديانات السماوية وكل الأنبياء والرسل، ونحن على هذا النهج وعلى هذا الدرب، وهكذا كان أخونا العزير الراحل الكبير "أبو جهاد"؛ ولكن هناك الفرق بين احترام الديانات السماوية وما بين الغزو الصهيوني الذي يستغل الديانة اليهودية من أجل احتلال فلسطين وسرقة حقوقنا ومقدساتنا وتشريد شعبنا من فوق أرضه ودياره.

 

ـ تحدث قائد الثورة الاسلامية في كلمة له بمناسبة يوم القدس عن استراتيجية التلاحم بين مختلف مناطق فلسطين في حال الضغط والاعتداء على منطقة. وبعد أيام قليلة من خطابه، شهدنا الدعم الصاروخي من المقاومين في غزة دعما للمقاومين في الاقصى، هل يمكن للمقاومة أن تكرر هذا السيناريو لأجزاء أخرى من فلسطين؟

سبق أن أخبرتكم أنّ سماحة الإمام القائد يحظى بمكانة مميزة وكبيرة لدى كل المقاومين الفلسطينيين وكل المجاهدين، وبعد ذلك جاءت كلمته بمناسبة يوم القدس العالمي التي دعا فيها إلى وحدة المقاومين والمقاتلين، والتي أعطت ثمارها عندما وقعت معركة «سيف القدس» فهبّ شعبنا الفلسطيني في كل مكان وتوحد شعبنا في كل مكان في الأراضي المحتلة عام 1948. وهذا فاجئ العدو وشكل صفعة شديدة له لأنه بعد 73 عاماً على نكبة فلسطين واحتلال معظم الأراضي الفلسطينية، أي 78 بالمئة من أرض فلسطين توهم هذا العدو بأن شعبنا الذي بقي في الأراضي المحتلة العام 1948 ويناهز عدده إلى مليون وستة مئة ألف فلسطيني، قد قطعت العلاقات بينه وبين باقي أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وفي القدس المحتلة وفي الشتات وفي البلاد العربية والمغتربات. وإذ به يفاجئ العدو والعالم بانتفاضته الباسلة دعماً لأهلنا في القدس ونصرة لأهلنا في غزة وعموم الضفة الغربية. ووقعت مواجهات في عموم المدن والقرى في فلسطين المحتلة عام 1948 أذهلت العدو وفاجأته وصدمته. بالتالي نعم هناك أثر كبير وتأثير كبير للمواقف التي أطلقها سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي (دام ظله) ولها انعكاس مباشر على المقاومين. عندنا مثل شعبي هنا في المشرق نقول "نَفَس الرجال يحيي الرجال"، هذا النفس الثوري الذي يمثله سماحة الإمام القائد طبعاً له أثر وانعكاس على عموم شعبنا الفلسطيني.

 

ـ أكد قائد الثورة الإسلامية في خطابه في يوم القدس على الدعم الشامل لمحور المقاومة والأمة الإسلامية لفلسطين، وأشار السيد حسن نصر الله ، بعد وقت قصير من معركة «سيف القدس»، إلى استراتيجية محور المقاومة في نصرة المسجد الاقصى و اذا تم الاعتداء على الاقصى سنشهد معركة كل محور المقاومة مع العدو الصهيوني. كما أعلن الشيخ نعيم قاسم في حديث لـ "الميادين" عن تعاون استخباراتي بين حزب الله والمقاومة الفلسطينية في معركة «سيف القدس». في ظل استراتيجية المقاومة هذه ، كيف تقيمون مستقبل القضية الفلسطينية؟ هل ستسرع هذه الاستراتيجية القائمة على المقاومة المعلنة من عملية انهاء وجود الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين والقدس الشريف؟

 

فيما يتعلق بحزب ‌الله، التنسيق بيننا موجود على أشده ونحن نفخر بالموقف الذي أعلنه سماحة "السيد حسن نصرالله" الأخ الحبيب الأمين العام لحزب ‌الله، عندما وجه الإنذار للكيان الصهيوني وحذره من استهداف المسجد الأقصى المبارك واستهداف المقدسات في مدينة القدس. وقال لهم القدس خط أحمر، وكان لهذا الموقف أثره العاطفي والنفسي والشعبي والسياسي والمعنوي على عموم الشعب الفلسطيني، وكذلك أثره المؤثر والرادع لقوات الاحتلال الصهيوني. وقد أعقب هذا الموقف موقف آخر أيضا عبّر عنه "السيد عبدالملك الحوثي" قائد الشعب اليمني الشقيق الصامد الذي يجاهد ويقاوم قوى العدوان التي شنت عليه العدوان السعودي الرجعي الأمريكي الصهيوني منذ ستة أعوام ونيف. هذا هو الشعب اليمني الشقيق بقيادة "السيد عبد الملك الحوثي" يدعم الشعب الفلسطيني وينصر الشعب الفلسطيني وينتصر للقدس كما انتصر سماحة "السيد حسن نصر الله" الأمين العام لحزب ‌الله. ثم أعقب هذا أيضا الموقف الذي أعلنه الناطق باسم حزب ‌الله في العراق الشقيق وقوى الحشد الشعبي وقوى المقاومة العراقية. أيضاً هم حذوا حذو "السيد حسن نصر الله" و"السيد عبدالملك الحوثي" ووجهوا الإنذار والتحذير للعدو الصهيوني بأن أي مساس بالقدس والمقدسات خط أحمر ويعني حرباً إقليمية في المنطقة. عندما يعلن هؤلاء القادة الأعزاء هذا الموقف وبالتأكيد هذا الموقف مُحتضَن ومدعوم من أهم أطراف محور المقاومة -أقصد الجمهورية الإسلامية في إيران والإخوة في الجمهورية العربية السورية – فإننا بالتالي مطمئنون بأن محور المقاومة سينتصر إن ‌شاء الله على هذا العدو مهما طال الزمن، وسنحقق أهدافنا في تحرير فلسطين، الأهداف التي أمضى فقيدنا الكبير "أبو جهاد أحمد جبريل" حياته وعمره في سبيل تحقيقها، وكذلك فعل القادة الكبار في شعبنا الشهيد "فتحي شقاقي" و"الشهيد الدكتور رمضان عبدالله شلح" و"الشهيد ياسر عرفات" و"الشهيد خليل الوزير" والقائد الكبير "جورج حبش" ومعظم القادة الكبار الذين سبقوا رفيقنا العزيز وأخونا العزيز "أبو جهاد أحمد" (رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.