ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلاميّ كلمة لسماحة الشّيخ خليل رزق يتناول فيها الحديث حول القوّة التي منحها الأمل بالله للإمام الحسين وأصحابه وأهل بيته في كربلاء مقابل حجم العدوّ وعديده الكبير وقوّته، فيشير إلى أنّ الظروف مهما صعبت لا بدّ للإنسان أن يؤمن بالآية القرآنيّة الكريمة: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} التي تمثّل نهج الإمام الحسين (ع).     

من تأملات سماحة الإمام القائد في واقعة الطف استلهامه لبعض المعاني العظيمة والجليلة، أي معنى العلاقة بالله سبحانه وتعالى، والأمل المشرق الذي يتطلع إليه كل إنسان مؤمن واثق بربه ومتوكل عليه. هذا الإنسان عندما يكون واثقا بالله ومتوكلا على الله يرى دائما أن النصر يجب أن يتحقق من عند الله سبحانه وتعالى. لذلك يرى سماحته فيما يراه من وقائع لطيفة جرت على أرض الطف والتي تبين عمق علاقة أصحاب الحسين (ع) بالله وأملهم بالله سبحانه وتعالى أنهم كانوا ليلة عاشوراء يجلسون مع بعضهم البعض وقد وصل بهم الحال أنهم يتحادثون ويتمازحون وكأن شيئا لم يكن في حين أن الإمام الحسين (ع) كان قد أخبرهم: "أنكم في اليوم العاشر من المحرم ستكونون شهداء على أرض الطف" ولكن هؤلا لم يبالوا بالموت ولم يبالوا بحجم العدو وضخامته وشراسته. ولذلك عندما اعترض أحد الأصحاب عليهم وهم يتمازحون ماذا كان جواب أحدهم: إن هي إلا لحظات ونعانق حور العين. لم يكن الأمل عند أصحاب الحسين (ع) بأن ينتصروا فقط عسكريا على العدو، بل أملهم بالله يدفعهم إلى الشوق للقاء الله سبحانه وتعالى، لذلك من المعاني العظيمة التي تنطق بها ثورة الحسين (ع) والتي يجب أن نتأمل بها بدقة ونستلهم منها هذا المعنى أن الإنسان المؤمن عندما يكون في ساحة المعركة وفي ساحة المواجهة لا يتطلع إلى النتائج الدنيوية وإنما يتطلع إلى ما عند الله سبحانه وتعالى.

لاحظوا كيف يخاطب الإمام الحسين (ع) ربه في تلك الليلة ويقول: "كَمْ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فِيهِ الْفُؤَادُ، وَتَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ". نعم، الهموم كثيرة ولعله إذا نظر الإنسان بعين الواقع يجد أن هناك مصائب ستحل به، سيُقطع الرأس وستُقطع الأيادي وستُسبى النساء؛ وهذا لم يكن عند الحسين (ع) وأصحابه ذا مغزى. لماذا؟ المغزى والأساس هو التطلع إلى رضى الله سبحانه وتعالى. لذلك في ميدان المعركة وفي ساحة المواجهة الموقف الحسيني يعلّمنا أن الإنسان المؤمن لا يحقّ له أن يتطلع إلى حجم العدو وإلى عدده وإلى عتاده وإلى ما يملكه وإنما يتطلع إلى أن هناك قوة أعظم يتسلح بها. ما هي؟ الثقة والأمل بالله سبحانه وتعالى. 

أمتنا إذا تطلعت إلى مثل ما تطلع إليه الإمام الحسين (ع) وأصحابه لا شك بأنها ستكون أمّة مرفوعة الرأس وستكون أمة منتصرة لا محالة وستكون هذه الأمة أمة تشرق دائما معها رايات النصر وترفرف فوق رؤوسها كما رفرف النصر فوق رؤوس أصحاب الحسين (ع) مع أنهم يرون أنفسهم غدا يوم العاشر من المحرم أجسادا ملقاة مقطعة الرؤوس على أرض الطف. لا نبالي بحجم التضحيات ولا نبالي بحجم المأساة ولا نبالي بحجم العدو، وما نتطلع إليه هو أننا بعين الله "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم". هذا هو نهج الحسين (ع). ما يريده ولي أمر المسلمين سماحة الإمام الخامنئي لهذه الأمة هو أن تستفيد من دروس عاشوراء من خلال التطلع والنظر والتمعن في كل ما أعطتنا إياه هذه الثورة الحسينية المبارك.