مقدم البرنامج:  فؤاد الخرسا

 

 الضيوف:

 

 د.محمد عباس: خبير عسكري – بيروت 

 

د.وفيق مصطفى: ناشط في حزب المحافظين البريطاني – لندن 

 

د.هيثم الناهي: أستاذ في الجامعة الأمريكية – عبر الهاتف

 

د.علي رضا أكبري: رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية – عبر الهاتف 

 

د. أنور عشقي: رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والقانونية- عبر الهاتف

 

 عنوان الحلقة:

 

فؤاد الخرسا: السلام عليكم... ماذا يعني علمياً إطلاق إيران القمر الاصطناعي أميد إلى الفضاء ليدور حول الأرض؟ هل دخلت إيران مرحلة جديدة في مجال العلوم تقوي مكانتها في العالم؟ هل الخطوة هي الأولى على طريق خطوات أخرى نحو الفضاء بحسب مصادر دفاعية إيرانية؟ لماذا آثار الانجاز العلمي الإيراني قلق واشنطن وعواصم دول غربية ؟ لماذا يمنع عن إيران حق استخدام التكنولوجيا لأغراض سلمية والكيان الإسرائيلي يجاهر بإرسال أقمار للتجسس عليها؟

 

فؤاد الخرسا: حضرة العميد، ماذا يعني برأيك هذا الانجاز العلمي لإيران؟

 

د.محمد عباس: دخول عصر الفضاء، دولة تدخل عصر التكنولوجيا. ونحن نعرف ان الدول في النادي التي توصلت إلى امتلاك علوم الفضاء هي دول محدودة العدد. فأنت تدخل إلى هذا النادي وقبله امتلاك المعرفة النووية يعني ان إيران قطعت أشواط كبيرة في المستوى والتطور العلمي وامتلاك التكنولوجيا. إيران تعلن صباحاً مساءاً إنها لا تريد امتلاك السلاح النووي. ولكن هم يريدون حرمان إيران من امتلاك المعرفة. امتلاك المعرفة يجعل من إيران دولة متقدمة في المنطقة على المستوى الصناعي والاقتصادي وهذا يمنع على دول المنطقة.

 

فؤاد الخرسا: على الرغم من كل التوضيحات التي تتقدم بها إيران لجهة إغراضها السلمية من خلال كل الاكتشافات العلمية والانجازات. طبعاً إيران أصبحت الآن الدولة الثانية في المنطقة بعد الكيان الإسرائيلي الذي يطلق أقماراً بهذا الحجم. مع هذا تشتد ردود الفعل على طهران وان كان الانجاز هو انجاز علمي.

 

د.محمد عباس: الأمر يرتبط بالدولة، من هي الدولة التي تطلق هذا الصاروخ. موقع إيران وموقفها في المنطقة كدولة ممانعة ومواجهة للمخططات الأمريكية، فيمنع على إيران ان تمتلك هذه المعرفة لأن هذه المعرفة هي بالنتيجة طريق للمعارف الأخرى. هم يخشون عندما تمتلك إيران تكنولوجيا الفضاء والمعرفة النووية، هذا الأمر يساعدها على التقدم العلمي في كافة المجالات ومنها المجال العسكري.

 

فؤاد الخرسا: سيد هيثم، على المستوى العلمي ماذا يعني هذا الانجاز عندما تطلق إيران هذا القمر الاصطناعي للفضاء؟ ثانياً، لماذا يخشى الغرب؟ هذه الردود التي سمعناها بشكل مباشر سواء من الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا، يربطون بين هذا الانجاز وبين إمكان تطويره لنصل إلى مسألة اتهام إيران بالأسلحة النووية. لماذا برأيك؟

 

د.هيثم الناهي: لنأخذ النقطة من الناحية العلمية. من الناحية العلمية إطلاق صاروخ إلى الفضاء الخارجي بالنسبة لنا نعتبره انه اخطر انجاز من الانجاز النووي. الانجاز النووي لديه نتائج مختبرية ولكن إطلاق صاروخ وما يرسله من بيانات مستقبلية يعني ان المنطقة أصبحت الآن ينافس الولايات المتحدة والغرب من يكون في تلك المنطقة. وبالتالي نحن نعرف ان إسرائيل كانت تستحوذ على هذه المنطقة بإطلاقها صاروخاً، أولاً من الناحية الأخلاقية كانت تبث عبر هذا الصاروخ بعض البرامج اللااخلاقية لتفسد الشعوب الإسلامية في المنطقة. وكان قمرها الاصطناعي يقوم بالاستكشافات والتجسس على تلك الدول وبالتالي يمكنها ان تعرف معرفة دوافع تلك الدول. وهذه البيانات من الناحية الاستخباراتية تعتبر مهمة جداً. وبالتالي، عندما ترى الولايات المتحدة بأن إيران تمكنت من إطلاق هذا الصاروخ الذي وصفته بأنه شبيه بصاروخ الاتحاد السوفيتي السابق الذي أطلق عام 57 دلل على ان هناك أيضاً معلومات سوف يمكن ان تحجب هذه الأقمار الصناعية، الأقمار الصناعية التي تطلقها الولايات المتحدة. عملية التشويش على الأقمار الصناعية التجسسية على المنطقة سوف تكون سهلة بالنسبة لإيران وهذا ما سيعطل أنظمة الفضاء الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة. وبالتالي لا يمكن ان تبث المعلومات.

 

فؤاد الخرسا: دكتور مصطفى، عندما تطلق إيران هذا القمر الاصطناعي، هل هذا انجاز علمي كبير؟ ومع هذا هناك من يتحدث على المستوى الغربي وبريطانيا من بين هذه الدول التي انتقدت هذه الخطوة والتي تخوفت منها وبالتالي سجلوا مواقف ربطت هذا الانجاز العلمي بمسألة البرنامج النووي الإيراني. لماذا برأيك؟

 

د.وفيق مصطفى: من الناحية العلمية هو انجاز علمي كبير جداً لأن إيران قادرة على إرسال قمر في الفضاء يدور حول الكرة الأرضية 14 مرة في اليوم. هذا انجاز غير عادي بالمرة ويدل على ان إيران تمتلك التكنولوجيا وتمتلك الخبراء لتطوير مثل هذه الإمكانيات العلمية الضخمة. ومن الناحية السياسية هو تطور خطير ويثير القلق كما قالت وزيرة خارجية أمريكا. اعتقد القلق الأكبر سيكون من جانب إسرائيل لأنه سوف يعمل على نوع من السباق التسليحي في الشرق الأوسط. الموقف في منطقة الشرق الأوسط هو اخطر موقف وخاصة بالنسبة للإدارة الأمريكية الحديثة.

 

فؤاد الخرسا: حضرة العميد، بالإشارة للموضوع الإسرائيلي. الكيان الصهيوني سبق له ان جاهر علناً بإرسال أقمار للتجسس على إيران. هل الخطوة الإيرانية الجديدة ستجعله يخشى أكثر ؟ ثم الإشارة التي وردت على لسان الدكتور مصطفى بموضوع، ستشهد الأيام المقبلة سباق تسليح على مستوى الشرق الأوسط.

 

د.محمد عباس: السباق موجود. إذا اعتبرنا ان هذا السباق هو بين إيران وإسرائيل فالسباق موجود. إسرائيل لم تتوقف يوماً عن تطوير ترسانتها وهذا السباق محصور بين إيران وإسرائيل لأن العالم العربي بموضوع السباق لم يصل يوماً إلى موازنة إسرائيل ولم يسعى لذلك. النظام العربي الرسمي لا يريد مقاتلة إسرائيل. إذا قلت سيصار هناك سباق تسلح بين العالم العربي وإيران من خلال محاولة الولايات المتحدة تنظيم تحالف لمواجهة إيران ودفع هذه الدول لخوض سباق مع إيران، هذا الأمر ممكن، ليس لموازنة القدرات الإيرانية وإنما أيضاً هذا نوع من بيع الأسلحة. الأمريكان أنفسهم اعترفوا ان الخليج صرفنا عليه من المال وهو لم يستطع حتى اليوم تأمين مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. يعني حتى الدولة الخليجية الأبرز رغم ما تصرفه من أموال هائلة على السلاح يفوق ما تصرفه فرنسا، هذه الدولة لم تستغني عن الحماية الأمريكية حتى الآن.رئيس المنظمة الإسرائيلية الفضائية السابق يقول، ليس الهم هو القمر الصناعي الذي وضع في المدار ولكن الأخطر هو الصاروخ الذي حمل هذا القمر لأن تقنية الصواريخ التي تحمل الأقمار الصناعية إلى الفضاء الخارجي تمثل تقنية الصواريخ العابرة للقارات. الصواريخ التي تطلق إلى الفضاء الخارجي تعمل بالوقود السائل. يعني إيران على طريق إنتاج صواريخ عابرة للقارات وهذا ما يخشون منه. بالإضافة إلى ذلك، لا تحتكر إسرائيل وحدها والولايات المتحدة وحدها مسألة المراقبة من الفضاء الخارجي للدول التي تعتبرها معادية لها. هذا الأمر تخشى منه الولايات المتحدة وإسرائيل لأنه يدخل إيران في هذه المنظومة وتستطيع إيران ان تراقب كما إنها تراقب من قبل أمريكا وإسرائيل.

 

فؤاد الخرسا: دكتور مصطفى، هناك من يحلل من ان إطلاق هذا القمر هو عبارة عن رسالة للعالم مفادها ان إيران قوية جداً وعلى العالم التعامل معها بما يتناسب مع قدراتها. هل هذا هو جوهر الانجاز العلمي الذي تحرص عليه إيران؟

 

د.وفيق مصطفى: أتصور ان هذه الرسالة واضحة من إيران إنها تقول إنها قادرة على خلق مثل هذه الإمكانيات الصاروخية التي من الممكن ان تستخدم بطرق علمية أو حتى عسكرية. اعتقد ان الصورة والرسالة الواصلة إلى الغرب هي كذلك ان إيران ستستمر في تطوير برنامجها النووي إلى نقطة كبيرة لتصبح دولة مثل الهند كما قلنا ومثل الدول المتقدمة نووياً. هو سيعقد الموقف أكثر من ناحية إيران لأن الولايات المتحدة قد تضع بعض البطاريات، أسلحة مضادة للصواريخ في أوروبا وحتى في منطقة الشرق الأوسط نفسها. ربما كان ممكن ان يكون له انعكاسات سلبية وخاصة ان حسن النية هو ضعيف.

 

فؤاد الخرسا: واشنطن علقت على موضوع القمر بالقول انه ليس تحفة فنية لكنه خطوة رمزية مهمة، إنما لا يغير من قواعد اللعبة من الناحية الإستراتيجية. لماذا يعتقد الأمريكيون ان هذا الأمر لا يغير؟

 

د.وفيق مصطفى: أتصور انه تطور خطير وليس تحفة فنية، هذا تطور كبير ولا يمكن التنكر لذلك وأتصور ان المخابرات الأمريكية والبريطانية والروسية والإسرائيلية سترصد ذلك بدقة. اعتقد ان هذا بمنتهى الخطورة والأهمية.

 

فؤاد الخرسا: حضرة العميد، بالعودة للمصادر الدفاعية الإيرانية عندما حاولت ان توضح الخطوة وانه في العام المقبل سنكون أمام خطوات مماثلة على مستوى إطلاق أقمار اصطناعية. الهدف هو تحسين الاتصالات، مراقبة الزلازل لكن ما أضيف هو مراقبة تحركات القوات الأمريكية والأطلسية في العراق وأفغانستان. مع هذا، الأمريكيون لم يتحدثوا عن تغيير في قواعد اللعبة الإستراتيجية. هل هي طمأنة للجانب الإسرائيلي ؟

 

د.محمد عباس: لا، بتقديري الموقف الأمريكي هنا يتناقض مع الموقف الإسرائيلي. إسرائيل تعتبر أي انجاز لإيران على مستوى الصواريخ وعلى مستوى امتلاك القدرات الفنية بإطلاق الصواريخ تعتبره خطراً استراتيجياً عليها. يعني إسرائيل ترفع من مستوى الأخطار لتشعر الغرب بأنها بحاجة إلى حماية. طبعاً امتلاك إيران لهذه التقنية ليس بالشيء الهين. اعتقد، لو كانت الإدارة الأمريكية السابقة موجودة لاعتبرت هذا الأمر خطيراً تماماً كما تعتبره إسرائيل لأن الخطورة تكمن في أي مسألة يمتلكها الإطراف المعادية لإسرائيل بامتلاك ما يهدد المصالح الحيوية لإسرائيل والأمن القومي الإسرائيلي. ونحن نعلم ان الأمن القومي الإسرائيلي هو همّ أمريكي وهمّ غربي. الإدارة الحالية تريد ان تأخذ فسحة، يعني لا تريد ان ترفع من شأن الخطر لأنها ستصبح عندها مضطرة للتحرك. والإدارة الأمريكية تعلم ان الخطر ليس خطراً آنياً. الولايات المتحدة تعلم ان إيران تخطو خطوات متقدمة على مستوى الفضاء ومستوى امتلاك الصواريخ وعلى مستوى امتلاك المعرفة النووية. هذا الأمر يجعل إيران متقدمة من كافة النواحي. موقع إيران الاستراتيجي في المنطقة يجعل الغرب يخشى من تطور إيران عسكرياً واقتصادياً لأنه سيصبح منافساً لأميركا والغرب في ساحة يعتبرونها ملعبهم وحكراً عليهم. أيضاً امتلاك إيران لقدرات عسكرية بالإضافة إلى القدرات العلمية يجعل منها قوة عظمى إقليمية. الامتلاك المعرفي وامتلاك القدرات العسكرية برأيهم يهدد لاحقاً الأمن القومي الإسرائيلي.

 

فؤاد الخرسا: دكتور مصطفى، هل يمكن القول بعد إطلاق هذا القمر ان إيران الآن دخلت مرحلة جديدة في مجال العلوم التكنولوجية وأعطتها المزيد من القوة؟

 

د.وفيق مصطفى: أنا أوافق على ذلك تماماً ان إيران تتقدم تكنولوجياً يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر والى حد ما لها تأثير كبير في الشرق الأوسط. وعلينا ان نرى إيران منذ حوالي 1200 سنة وإنها لها دور كبير في الشرق الأوسط، سيكون دور سياسي وإيديولوجي، دور إقليمي، دولة عظمى إقليمية. اعتقد ان إيران أمامها فرصة قوية لأن يكون لها نفوذ كبير جداً وتأثير في سياسات الشرق الأوسط.

 

فؤاد الخرسا: حضرة العميد، إيران ليست الدولة الوحيدة التي تطلق هذا القمر. لكن هذه الهجمة المتواصلة شرقاً وغرباً ضد إيران وضد هذا الانجاز العلمي الذي تجسد اليوم بالقمر أميد لافت للنظر. إذا كنا نتحدث عن مخاطر، على من تقع هذه الأخطار؟

 

د.محمد عباس: إيران القوية عسكرياً واقتصادياً وعلمياً، إيران تشكل خطراً على النفوذ الغربي ومشروع الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. وهذا ما أعلنه الأمريكيون علناً ان إيران تعيق مشروع السيطرة على الشرق الأوسط أو إعادة تركيب الشرق الأوسط بالمفهوم الأمريكي. من جهة أخرى، إيران وموقفها من الصراع العربي الإسرائيلي وعداءها لإسرائيل. هذا هو الهم الأكبر عند الغرب والولايات المتحدة. أنا اعتقد ان همّ الأمن القومي الإسرائيلي هو همّ الغرب. إيران دولة معرضة ومهددة واستهدفت في حرب الخليج الأولى وتظافر عليها بعض دول المنطقة. الموضوع الأساسي ان إيران لا يجب ان تكون قوية في المنطقة لسببين. أولاً، لكونها تعيق المشاريع الغربية في المنطقة ومشاريع السيطرة على المنطقة وأيضاً تهدد إسرائيل. لو كانت سياسة إيران غير ذلك. إيران بدأت بامتلاك الطاقة النووية منذ أيام الشاه، لماذا لم يتحدث أحداً عن ذلك حينها؟

 

فؤاد الخرسا: دكتور أنور، نتحدث عن القمر الإيراني أميد. لماذا هذه الهجمة وردات الفعل على إطلاق هذا القمر مع انه بالتعريف الإيراني هو انجاز علمي أسوة ً بغيرها من الدول التي أطلقت أقماراً اصطناعية ولم تلقى كل هذا الضجيج الذي تعيشه إيران اليوم؟

 

د. أنور عشقي: هو لا شك انجاز علمي ممتاز وكل مسلم وكل عربي عليه ان يسعد بهذا الانجاز. هم توجسوا خيفة من هذا القمر بسبب الاتهامات التي تطلق ضد إيران بأنها تريد ان تهيمن على المنطقة وان لديها نوايا عدوانية ضد الدول العربية. في العام الماضي كانت سمعة إيران في العالم العربي جيدة جداً. لكن الآن تضاءلت سمعتها لأنها اتخذت مواقف مضادة لبعض الدول العربية وببعض التوجهات العربية.

 

فؤاد الخرسا: ما الرابط بين هذا الانجاز العلمي وبين ما تتحدث عنه بالسياسة؟

 

د. أنور عشقي: العملية تقوم على الثقة. غياب الثقة يحدث كل هذه الأمور. هو انجاز علمي لاشك فيه لكن هذا الانجاز العلمي يوظف أيضاً في الأمن القومي الإيراني. إيران من حقها ان تحمي نفسها ومن حقها ان تصل إلى مراتب العلم المتقدمة. ولكن لابد ان ندرس ردود الفعل في هذه العملية. أول من فرح بهذه العملية هي أمريكا لأن أمريكا تريد من إيران ان تخيف الدول العربية لكي تشتري الدول العربية مزيداً من الأسلحة. الولايات المتحدة تريد من إيران ان تهدد وتتواعد من اجل ان يكون لأمريكا ذريعة ان يكون لها هناك قواعد برية في العالم العربي.

 

فؤاد الخرسا: دكتور وفيق، على مستور ردود الفعل الأمريكية، وزارة الدفاع الأمريكية اعتبرت الخطوة تثير القلق لأن بعض التكنولوجيا يمكن استخدامها في تطوير الصواريخ البعيدة المدى. هل هذا ما يخيف فعلاً الولايات المتحدة، تطوير إيران لهذا النوع من الصواريخ وبالتالي نخرج عن كون الانجاز انجازاً علمياً؟

 

د.وفيق مصطفى: هناك مخاوف كثيرة بالنسبة للولايات المتحدة إلى جانب الانجاز العلمي. المخاوف هي توسيع الهوة بين الحكومات العربية وإيران. كما نعرف ان العلاقات ليست قوية بين الدول العربية وإيران ما عدى دولة أو دولتين. وهذا سيؤثر في العلاقات بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط. الوضع الإقليمي سوف يتغير وهذا أيضاً يقلق الولايات المتحدة. الهيمنة على المنطقة هو شيء موجود بالنسبة للسياسة الإيرانية منذ فترة. إيران يوماً بعد يوم يزيد نفوذها في منطقة الشرق الأوسط والدليل على ذلك ان هذا الخبر يعلو فوق شيء. هناك مؤتمر قمة عربي قليلاً ما ذكر. ما اهتمت به الصحافة اليوم هو إطلاق الصاروخ الإيراني في الفضاء. اعتقد ان الولايات المتحدة سوف تنظر من كثب عما يحدث، إسرائيل كذلك لأن الوضع الإقليمي يهم جداً الولايات المتحدة والغرب لأسباب جيوسياسية. أتصور ان هناك قلق كبير وان كانت الولايات المتحدة لا تعبر عنه بقوة لأن الإدارة الأمريكية جديدة ولها نوع من حسن النية ولكن حسن النية لا يعني الثقة. حسن النية يعني ان هناك فتح من الباب حتى نرى كيف ستكون الخطوة الثانية والخطوة الثالثة.

 

فؤاد الخرسا: دكتور أكبري، لأتوقف معك عند القمر أميد. ردات الفعل التي سمعناها من قبل الأمريكيين ومن قبل بريطانيا وفرنسا، هل هذا الأمر يقلق إيران أم هي مستمرة في انجازاتها العلمية ؟

 

د.علي رضا أكبري: إيران اجتازت المراحل العديدة لتحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي وهي منذ عام 98 استكملت تصنيعها الصاروخي. ولكن القمر أميد هو تكنولوجيا للاتصالات وان حامل هذا القمر الصناعي يعتبر تكنولوجيا يخدم أغراض الاتصالات وليس هناك ما يدعو إلى القلق أساساً لأن تقدم إيران سيكون انجازاً علمياً. ولكن هناك سؤال سياسي يطرح نفسه ولابد من العثور على إجابة له وهو، لماذا الأمريكيون قلقون أو لماذا الإسرائيليون يشعرون بالقلق؟ ولماذا في وقت واحد يقال ان بعض الدول العربية هي أيضاً قلقة ؟ هل يمكن ان تكون إسرائيل قلقة من التقدم العلمي الإيراني وأيضاً الجيران العرب، هل يمكن لهذا القلق ان يكون في وقت واحد وهذا غير صحيح؟ يجب ان لا تقلق الدول العربية. لقد مضت سنوات عديدة وان القدرة الصاروخية الإيرانية بدأت تغطي سائر المنطقة.

 

فؤاد الخرسا: لكن الذين يتهمون إيران أو يخافون منها، يربطون بين هذه الخطوة وبين تطوير صواريخ بالستية. هل هذا الاحتمال صحيح؟

 

د.علي رضا أكبري: يجب ان نفصل بين موضوعين. الأول، ان ما يقال ان هناك بين إيران والدول العربية هناك شعور من القلق، يجب ان أقول ليست هناك دولة عربية في المنطقة بإمكانها ان تشعر بالقلق لأن إيران منذ عشر سنوات قد توصلت إلى التقنية الصاروخية العسكرية التي تغطي كامل المنطقة. في هذه السنوات ثبت ان القدرة الصاروخية الإيرانية لم تكن خطراً على دول المنطقة. ولكن هذا يختلف عن القلق الذي تشعر به إسرائيل. أما الموضوع الثاني، فهو قلق دول خارج المنطقة وان ذلك يمكن ان يزال عبر تعزيز الثقة.

 

فؤاد الخرسا: حضرة العميد، إيران تقول إنها ليست بحاجة إلى أسلحة نووية لأن الفترة التي كانت فيها هذه الأسلحة تمنح التفوق لأحد ولى. هل ترد بذلك على من يتهمها بالتسلح النووي؟

 

د.محمد عباس: إنا ذكرت ان إيران ممنوع عليها من قبل الغرب ان تمتلك المعرفة. وإنا قلت ان امتلاك المعرفة في حقل الذرة يؤدي إلى امتلاك معارف أخرى وهذا ما نشاهده اليوم على كل الأصعدة في إيران ومنه دخول عصر الفضاء. يعني هم يحرمون إيران من امتلاك المعرفة، المعرفة التي تؤدي إلى تطور إيران على كافة المستويات. أما حول السلاح النووي، كان لي رأي في هذا الموضوع ان إيران لا ترغب بامتلاك السلاح النووي لأسباب إيديولوجية عقيدية وإيران لن تفرط باقتصادها لامتلاك السلاح النووي طالما هي قادرة على امتلاك سلاح تدمير شامل اخف كلفة من السلاح النووي. هناك دول في المنطقة تمتلك أسلحة دمار شامل وقادرة على الردع. إيران تريد ان تمتلك سلاح تدمير شامل للردع وليس لاستخدامه. للردع لأن العدو يمتلك السلاح النووي وهو الوحيد الذي يمتلك السلاح النووي في المنطقة ويهدد به علناً. الإسرائيليون دائماً يهددون بقدرات غير تقليدية. بالمقابل، تمتلك إيران وسوريا سلاح تدمير شامل غير السلاح النووي وهو قادر على الردع. إذا كانت إيران تمتلك هذه القدرة على الردع فهي ليست بحاجة للسلاح النووي.

 

فؤاد الخرسا: لكن بالتوضيح العلمي، هل التكنولوجيا الآن، نتحدث عن هذا القمر، مشابه للقدرات البالستية ؟

 

د.محمد عباس: الصاروخ الذي يستخدم في إطلاق الأقمار الصناعية هو صاروخ يعمل على الوقود السائل. والوقود السائل هو عادة ً الذي يستخدم في الصواريخ بعيدة المدى. هم يخشون ان تمتلك إيران هذه القدرات. ولكن عندما تمتلك صواريخ مداها 2000 كيلومتر، هي قادرة على الوصول إلى التقنية الأخرى وهم يعلمون ذلك. إيران ليست الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك صواريخ بالستية. قبلها باكستان والهند ولا احد يعلق عليهما.

 

فؤاد الخرسا: دكتور مصطفى، لندن وباريس ربطا المخاوف من إمكان تطوير إيران لقدراتها العسكرية النووية. هل مثل هذه المخاوف تعتبرها واقعية أم هي أيضاً تستخدم للضغط السياسي؟

 

د.وفيق مصطفى: أنا أتصور إنها واقعية. لو نظرت إليها من الناحية السياسية البراغماتية، أتصور ان إيران تريد تطوير أسلحة نووية وليس العكس. من الواضح من الناحية السايكولوجية في إيران والسايكولوجية في الشرق الأوسط ان بعض الجهات تنظر إلى ذلك بابتهاج كبير. منطقة الردع بالنسبة لإسرائيل، كما نعرف انه ليس هناك حدود بين إيران وإسرائيل. فأعتقد ان الحرب بين إيران وإسرائيل نوع نظري. وبالتالي، أتصور ان إيران ستستخدم مناطق أخرى كما حدث في غزة أو في جنوب لبنان. الموضوع معقد وقد يفتح الباب على إيران من ناحية ان يعطي ذريعة في ضرب المواقع النووية في إيران. الخوف هو ان يتطور إلى تطوير عسكري تكنولوجي وهذا هو الذي يخيف المنطقة.

 

فؤاد الخرسا: دكتور أكبري، هل بعد هذا الانجاز العلمي لإيران ستشهد المنطقة سباقاً نحو التسلح، سيزداد هذا الأمر باعتبار المخاوف الإسرائيلية أفصح عنها الإسرائيليون ؟ ثم كيف تنظرون إلى المبادرة الأمريكية تجاه إيران على مستوى التحاور معها؟ واليوم اجتماع ألمانيا للدول الكبرى أعطى دعماً للحوار الذي تريد ان تفتحه واشنطن مع طهران ؟

 

د.علي رضا أكبري: اعتقد ان إيران من حقها ان تعزز قدراتها العلمية والتكنولوجية وهذا من حق كل دولة. ومن الطبيعي ان تكون الولايات المتحدة قلقة ان تصبح إيران أكثر قوة، لكن بإمكان الأمريكيين ان يزيلوا هذا القلق إذا دخلوا في حوار متكافئ مع إيران. هم فقط أعلنوا إنهم يريدون ان يتحاوروا. لكن قلق دول المنطقة والدول العربية بالتأكيد حين ذاك سوف يقل هذا القلق أيضاً أو سيزول إذا كان هناك حوار بين الولايات المتحدة وبين إيران.

 

فؤاد الخرسا: حضرة العميد، الكلام الذي أطلقه الدكتور مصطفى، نظرية الردع برأيه غير قائمة وان إيران ستعتمد على مواقع نفوذ أخرى كما يقول.

 

د.محمد عباس: هذا الكلام الذي يتردد دائماً في العالم العربي ان امتلاك إيران لقدرات عسكرية ليس الهدف منه مواجهة إسرائيل لأن إيران تبتعد عن إسرائيل، وهذا الأمر هو المستغرب. لماذا يكون هناك حاجز جغرافي بين إيران وبين إسرائيل؟ إسرائيل دائماً في عقيدتها العسكرية كانت تنظر إلى الجبهة الشرقية على انها الخطر الأكبر عليها. لأجل ذلك، عندما اندلعت الثورة في إيران ونجحت الثورة في إيران وحملت همّ فلسطين خيضت الحرب العراقية – الإيرانية بقرار غربي وبإشراك دول عربية لمنع قيام تشكل هذه الجبهة.

 

فؤاد الخرسا: شكراً لك دكتور محمد عباس، كما اشكر الدكتور علي رضا أكبري والدكتور وفيق مصطفى. واشكر أيضاً الدكتور أنور عشقي والدكتور هيثم الناهي.

 

أشكركم مشاهدينا على حسن المتابعة والسلام عليكم.