أجرى الحوار: رضا مهري

 

صرح محللون في شؤون الشرق الأوسط ان الثورة الإسلامية الإيرانية حققت انجازات هائلة على الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية وأهم تأثيراتها هي روح الشهادة التي انتشرت في المنطقة.

 

وقال (حسن هاني زادة) المحلل السياسي لشؤون الشرق الأوسط حول تأثيرات الثورة الإسلامية على المنطقة في أعتاب ذكرى الثلاثين من انتصارها انه قبل انتصار الثورة الإسلامية كان النظام الملكي السابق قد جعل من إيران قاعدة للاستخبارات الصهيونية والاميركية تخطط ضد مصالح الأمة الإسلامية والعربية حيث عملاء الموساد والـ سي آي ايه والذين بلغ عددهم أكثر من عشرة آلاف كانوا يتجسسون على الدول العربية المجاورة لإيران وكان الشاه المخلوع بمثابة شرطي إقليمي للكيان الصهيوني والدول الغربية يعمل لصالح الغرب على حساب الأمة الإسلامية.

 

فعندما بدات حرب حزيران عام 1967 تحالف الشاه الإيراني المخلوع مع الكيان الصهيوني وزود هذا الكيان بكميات هائلة من النفط وحدث ما حدث في حرب حزيران كما انه في حرب رمضان عام 1973 رغم ان الدول العربية قامت بقطع إمدادات النفط إلى الدول الغربية واميركا دأب النظام الملكي السابق على تزويد إسرائيل وأميركا بالنفط.

 

ولكن بعد انتصار الثورة الإسلامية اصبحت إيران ضمن الدول المعادية للكيان الصهيوني ووضعت تحرير القدس ضمن مبادي الثورة وكانت اول دولة استبدلت السفارة الاسرائيلية بالسفارة الفلسطينية خلافا لبعض الدول العربية التي رفعت العلم الاسرائيلي في عواصمها.

 

واضاف هاني زادة ان هذه المواقف دفعت اميركا والكيان الصهيوني وبعض الدول العربية إلى ان تشعر بان الثورة الإسلامية اتت بخطاب سياسي جديد يتلاءم ومتطلبات الشعوب التي تقع تحت الهيمنة الاميركية ويتعارض ومصالح هذه الانظمة. فلذا بدأت هذه الانظمة بحياكة شتى المؤامرات ضد الثورة الإسلامية ابتداءا من الهجوم العسكري الاميركي على منطقة طبس عام 1979 وتشجيع صدام على شن هجوم ضد إيران وفرض حظر اقتصادي وضرب الطائرة المدنية الإيرانية في مياه الخليج الفارسي الذي اودى بحياة 280 من ركاب الطائرة الإيرانية ولكن إيران استطاعت ان تجتاز كل هذه الصعوبات حيث وضعت استراتيجية دقيقة للوصول إلى قمة التقدم والازدهار بحيث باتت محط انظار الشعوب المستضعفة في العالم.

 

فكل الشعوب المستضعفة اصبحت تراقب عن كثب ما يحدث في إيران وترى ان طموحها وآمالها يكمن في تأسيس نظام إسلامي على نمط الجمهورية الإسلامية. فمن هذا المنطلق كانت كل الحركات الإسلامية الذي حدثت منذ عام 1979 في شتى الدول الإسلامية ومنها الانتفاضة الإسلامية في فلسطين انبثقت من خطاب الثورة الإسلامية وديناميكيتها في تحريك الشعوب المضطهدة وايقاظها من سباتها.

 

هذا الخطاب لاقى تجاوبا من لدى الشعوب العربية والإسلامية حيث انه بدأ يشكل خطرا على الانظمة العربية والمتخاذلة وكل الهجمة الاعلامية الشرسة ضد مبادئ الثورة الإسلامية تأتي بتمويل ودعم من هذه الانظمة التي باتت تخشى على حكمها الهش من خطر الانهيار.

 

وحول تأثيرات افكار مؤسس الجمهورية الإسلامية الامام الخميني (رضوان الله عليه) صرح هاني زادة بأنه لا شك ان هذه الافكار كانت ومازالت مستوحاة من ثورة الامام الحسين (ع) وترتكز على اسس إسلامية مبنية على ضرورة تحرير الانسان من الظلم والاضطهاد والعبودية وتكريم الانسان على اساس انه خليفة الله في الارض.

 

هذه الافكار انطلقت من تلك الاعتبارات والقيم الدينية التي انتشرت في العالم بعد بزوغ فجر الإسلام ولكنها سرعان ما اندثرت بعدما توفي النبي الكريم "ص" ولكن الامام الخميني الراحل احيا هذه القيم الدينية ووضع منهجا جديدا في الحكم الديني يواكب كل متطلبات العصر الحديث.

 

فهذه الافكار تعطي الحق لكل الشعوب في العالم ان تصبح متحررة من الاستعمار الخارجي وتبني حكومات مستقلة بعيدا عن التعصبات العرقية سيما وان الشعوب المسلمة وجدت ضالتها في الجمهورية الإسلامية باعتبارها اسست افضل حكم منهجي في العالم.

 

فيجب القول ان افكار الامام الخميني (رضوان الله عليه) اصبحت منشورا عالميا ليس لدى الشعوب الإسلامية فحسب بل لكل الشعوب المضطهدة بغض النظر عن انتمائها الطائفي والديني وهذه الافكار خرجت عن نطاقها المحلي واصبحت منتشرة في ارجاء العالم.

 

لذلك علينا القول ونحن على اعتاب الذكرى الثلاثين لانتصار الثورة الإسلامية ان هذه الثورة حققت الكثير ولبت طموحات الشعوب المسلمة اذ ان كل الانجازات العلمية التي تحققت بعد انتصار هذه الثورة المجيدة كانت حكرا على الغرب ولكن إيران بفضل شعبها المثابر استطاعت ان تحقق انجازات علمية في مجال الطب والصناعات الثقيلة والنووية السلمية وصناعات تكنولوجيا النانو وهذا لم يكن ليتحقق لو لم يعتمد الشعب الإيراني على ذكائه وكفاءته الذاتية.

 

بدوره قال انيس النقاش المحلل السياسي اللبناني ومنسق شبكة الامان الاستراتيجية حول تأثيرات الثورة الإسلامية على المنطقة «نحن نشهد اهم تأثيرات الثورة الإسلامية الإيرانية هي روح الشهادة التي انتشرت في المنطقة وجعلت من شعوبنا شعوب المقاومة الشرسة تتصدى العدو الصهيوني في فلسطين وتتصدى للاحتلال في العراق وتتصدى له في كل المنطقة هذا اولا؛ ثانيا روح انبعاث إسلامي من جديد فكل الحركات الإسلامية في العالم اصبحت اكثر وعيا من قبل وتنظر إلى الجمهورية الإسلامية على انها مثال للعمل الإسلامي السياسي بشكل جيد وبشكل كبير».

 

وحول تأثيرات الثورة الإسلامية على الساحية الدولية قال النقاش «نحن نشهد فشل المحور الاساسي للقوى الكبرى اي الولايات المتحدة في اكثر من منطقة في الشرق الاوسط وانها تريد ان تستعين بإيران للخروج من المأزق الذي وقعت فيه والذي لا يتم الا من طريق الحوار ومساعدة إيران».

 

واضاف انه رغم كل المحاولات والتواطؤ لإسقاط النظام نجد ان الثورة الإسلامية الإيرانية باقية وان اميركا الان في ورطة عسكرية واستراتيجية واقتصادية كبرى وان الكيان الصهيوني في ورطة كبرى وكل اعداء إيران يتراجعون في حين ان إيران تتقدم بمشاريعها وبناء دولتها.

 

وحول تأثيرات افكار الامام الخميني (رضوان الله عليه) على شعوب المنطقة والعالم قال النقاش ان شعار المستضعفين والموت لامريكا جعلت امكانية التحرر واردة هي كانت موجودة قبل الثورة الإسلامية ولكن اخذت نفسا إسلاميا واستراتيجيا بامتياز بحيث انها كانت تراكم الانتصارات بدعم من الثورة الإسلامية وهذا تأثير اساسي.

 

وحول اهم انجازات الثورة إسلامية صرح المحلل السياسي اللبناني ان اهم انجاز هو ان تعطى للشعب سلطة اختيار المسؤولين في الانتخابات وهذا شيء مهم ان الثورة اعتمدت على شعب مسلم ومؤمن. فالاساس في المسألة هو الشعب المؤمن الذي يقرر مصيره في حين ان المنطقة تفتقد إلى مثل هذه الروحية.

 

من جانبه قال "محمد صالح صدقيان" المحلل السياسي لشؤون الشرق الاوسط ورئيس مركز العربي للدراسات الإيرانية حول تأثيرات الثورة الإسلامية على المنطقة والساحة الدولية انه لا شك بان الثورة الإسلامية منذ انطلاقتها عام 1979 حتى الان اثرت كثيرا سواء كان على سياسات الانظمة المختلفة في المنطقة او الاحزاب الإسلامية التي تعمل في هذه المنطقة او حتى على صعيد مستقبل شعوب المنطقة والتذكير لشعوب المنطقة بمستقبلها وبالتالي كان هناك تأثير كبير على كل الاصعدة السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية ايضا وبذلك اثبتت الثورة الإسلامية الإيرانية نفسها بانها رقم فاعل ولها دور كبير لا يمكن تجاهله من اي من الدول الاقليمية او الاسرة الدولية.

 

وحول تأثيرات افكار الإمام الخميني (رضوان الله عليه) على شعوب المنطقة والعالم قال صدقيان ان النقطة المهمة في افكار الإمام الخميني (رضوان الله عليه) هو ان الإمام الخميني (رضوان الله عليه) استطاع ان يعيد الأمل لكل المستضعفين وليس فقط للمسلمين في هذه المنطقة. هو أعطاهم الامل بانهم يستطيعون ان يثوروا بما يمتلكون من إمكانيات محدودة من اجل تغيير الواقع السياسي الذي يعيشونه وهذا الامل في غاية الاهمية لان المسلمين والمستضعفين في الارض كانوا يعانون من احباط شديد وان افكار الامام الخميني(رضوان الله عليه) اعطاهم هذا الامل.

 

وحول اهم انجازات الثورة الإسلامية على الصعيد الاقليمي والدولي قال صدقيان "انا اعتقد ان الثورة الإسلامية جاءت بمتبنيات واستراتيجيات واضحة جدا لذلك فان إيران تمتلك بوضوح كل من الملفات الساخنة في المنطقة وبالتالي عندما تتعاطى مع هذه الملفات. ان هذه الاستراتيجية التي تبنتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال العقود الثلاثة الماضية استطاعت ان تنشئ حالة من التفاؤل لدى شعوب المنطقة وبالتالي عندما تتناغم مع حزب الله في جنوب لبنان ومع حركة حماس في فلسطين ومع بعض الدول الاقليمية انا اعتقد بانها تمتلك الكثير من خلال استراتيجيتها الواضحة للنظر إلى هذه الملفات وإلى تطور الأوضاع في المنطقة.