حسن هاني زاده – خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للأنباء

 

في خطوة جريئة تدل على مدى قدرات إيران التقنية ومثابرتها الدؤوبة للحصول على الطاقة النووية السلمية قامت بتشغيل أول محطة كهروذرية في بوشهر بشكل تجريبي مما يدل على تربع إيران على عرش التقدم العلمي والتطور التقني.

 

هذه المحطة أصبحت رمزا لإباء وشموخ الشعب الإيراني ودرسا للشعوب الأخرى حيث إنها خير دليل على ان الشعوب يمكنها ان تعمل المستحيل من خلال مثابرتها وإصرارها على المضي في مسيرها دون النظر إلى الوراء.

 

وتضم المحطة مفاعلا تصل قوته إلى 1000 ميغاواط حيث يعمل بالماء المضغوط وذلك في إطار خطة إيران الرامية إلى تعزيز قدراتها النووية لإنتاج 20 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية خلال السنوات القادمة.

 

وإضافة إلى تشغيل محطة بوشهر النووية فان إيران حاليا تعتبر ضمن الدول التي تمتلك تقنية بالغة التعقيد في إنتاج غاز (هكسا فلورايد اليورانيوم) يستخدم في إنتاج الوقود للمفاعلات النووية.

 

وحسب التقديرات فان إيران تحتل حاليا المرتبة السابعة بين الدول المتقدمة التي تنتج غاز الـ (يو اف 6) وهي عملية تتطلب تقنية متقدمة جدا يقوم بها مجموعة من الخبراء الإيرانيين معتمدين على امكانياتهم المحلية.

 

ورغم الضغوطات الدولية والحظر الاقتصادي والمضايقات السياسية التي فرضها ويفرضها اللوبي الصهيوني على إيران فان هذا البلد استطاع ان يجتاز كل العقبات ويحقق طموحاته دون الاستعانة بالدول التي تحتكر التقنية النووية.

 

فمما لا شك فيه فان تدشين محطة بوشهر النووية يعتبر انجازا وطنيا للشعب الإيراني الذي بات يتقدم إلى الأمام بسرعة فائقة كي يصبح بلدا يحسب له ألف حساب في مجال العلوم والتقنيات العالية.

 

فإيران قبل ذلك أطلقت قمرها الصناعي أميد عبر صاروخ السفير دون الاستعانة بالدول الصناعية مما أرغم العالم على تغيير نظرته إلى إيران واحترام إرادة هذا الشعب.

 

فرغم التهديدات التي أطلقتها أمريكا لثني إيران عن مواصلة نشاطاتها النووية السلمية فقد واصلت إيران مسيرتها وفق بوصلتها الممنهجة ولم تتزعزع أمام التحديات التي واجهتها خلال الأعوام الماضية.

 

فأولئك الذين يسعون إلى تخويف دول المنطقة من نشاطات إيران النووية نسوا او تناسوا ان إسرائيل دشنت في مساحة ضيقة ومغتصبة 9 مفاعلات نووية عسكرية تهدد امن الدول الإسلامية برمتها.

 

فلو تمت المقارنة بشكل منصف بين نشاطات إيران النووية ونشاطات إسرائيل نرى ان إسرائيل تمتلك أكثر من 250 رأس نووي جلها موجهة إلى عواصم الدول العربية والإسلامية رغم انه لا يوجد عداء بالمفهوم المتعارف بين إسرائيل والأنظمة العربية المتخاذلة.

 

ولكن ثمة دول عربية تعمل وفق أجندة أمريكية وإسرائيلية تسعى إلى تضخيم نشاطات إيران النووية والإيحاء بان إيران العدو الأول للأمة العربية وليست إسرائيل.

 

فهذه الدول لا تعمل لكي تواكب التقدم والازدهار بل شغلها الشاغل استخدام مواردها النفطية لتدريب المجموعات الإرهابية ودفعها إلى الدول الأخرى مثل العراق وباكستان لضرب الشيعة وزعزعة الاستقرار في تلك الدول.

 

هذه الدول التي تعتبر من أكثر البلدان في العالم تخلفا من الناحية الثقافية والعلمية والاجتماعية أصبحت عالة على العالم وعلى دول المنطقة المتقدمة إذ انها تفتقر إلى ابسط المقومات الحضارية ولا تراعي ابسط حقوق الإنسان حتى بحق شعوبها.

 

كل ما تقوم بها هذه الدول هي إقامة مهرجانات لانتخاب ملكة جمال الإبل وإقامة سباقات الخيول وكأنها تعيش في عهد الجاهلية.

 

فإذن إيران تتسابق مع الزمن وتتقدم إلى الإمام بوتيرة عالية حيث ان الجيل الحالي ارتأى ان يترك رغد العيش ويضحي بنفسه لكي ينعم  الجيل القادم بالرخاء من خلال مواكبة العالم المتقدم وهذا أمر وارد في قاموس الثقافة الإيرانية المعروفة بالتفاني والتضحية من اجل الآخرين.