لقاء مع الدكتور علي أبو الخير أستاذ التاريخ الإسلامي في القاهرة

 

تفاوتت ردود الفعل الخارجية بين مرحب ومنـزعج من نتائج الانتخابات الإيرانية التي فاز فيها الدكتور محمود احمدي نجاد لدورة ثانية لرئاسة الجمهورية الإسلامية في إيران، حول هذا الموضوع حاور موقع إذاعة طهران على الانترنت الدكتور علي أبو الخير أستاذ التاريخ الإسلامي من القاهرة.

 

* بماذا تفسرون حصول احمدي نجاد على 24 مليون صوت شكلت 64% من مجمل الأصوات المشاركة في الانتخابات والتي شارك فيها 85% من أبناء الشعب الإيراني؟

 

علي أبو الخير: قبل الانتخابات كان هناك فريقان يختصمان حول الشارع الإيراني وحول الرؤية الإيرانية، سواء تلك الرؤية الثورية المحافظة كما يقولون أو تلك الرؤية الإصلاحية التي كان يتمنى الغرب أن يأتي برئيس إصلاحي كما كان الرئيس محمد خاتمي، وانقسم العالم فريقين، فريق يتبنى وجهة النظر الصهيونية والأمريكية والغربية بوجه عام ومعهم قادة عرب، وكان هؤلاء الجميع منـزعجون من التشدد الصلب والإرادة في خطب الرئيس احمدي نجاد حول امتلاك إيران للطاقة النووية السلمية، وحول تبنيه مشروع المقاومة في لبنان وفلسطين، كان هذا الفريق معروف وكان ينظر للانتخابات بنظرة تشاؤمية، لا يريد أن يعود الرئيس احمدي نجاد إلى الحكم، وهناك الفريق الآخر وهو فريق المقاومة وفريق الشعوب وفريق المستضعفين في دول العالم بأسره، ولكن لابد أن نقول كلمة لو حدث وفاز السيد مير حسين موسوي على سبيل المثال فليس معنى هذا أن السياسة الإيرانية ستتبدل كلية أو أن هناك بعض الأمور سيتخلى عنها أي رئيس، إذا كان هناك جانب إصلاحي فهو في إطار الثورة في إطار المفهوم الثوري للكلمة... للمفهوم الثوري للثورة الإيرانية... للمفهوم الثورة لتبني علاقات المقاومة، لكن بالنسبة للرئيس احمدي نجاد هو كان له باع طويل في هذا الأمر وفي عهده شهد العالم انتصار وصمود المقاومة الإسلامية في لبنان، والانتصار ضد الكيان الصهيوني في غزَّة التي دمرها العدوان رغم صمود أهلها لكن بذلوا خسائر فادحة، لذلك كان يتخيل الناس أن الرئيس نجاد المفروض أن يخرج من الرئاسة حتى يأتي رئيس يتحاور معهم أو يتعامل معهم.

 

دكتور أبو الخير، هل تقرأون رد الفعل الأمريكي والأوروبي والإسرائيلي المنـزعج من انتخاب احمدي نجاد لدورة ثانية، للانتصارات التي حققها المسلمون على العدو الصهيوني؟

 

علي أبو الخير: نعم، يأتي الانـزعاج من الانتصار، ويأتي الانـزعاج من قوة إيران كقوة كبرى، ولذلك حتى نلاحظ في الأيام الأخيرة أو في الشهور الأخيرة بعدما وصل الرئيس اوباما إلى الإدارة الأمريكية وطلب الحوار مع إيران الدكتور احمدي نجاد لم يرفض هذه الدعوة بحيث أنه قال نضع كل قضايا العالم على طاولة المفاوضات وليس الشأن الإيراني فحسب، وهذا يدل على أن إيران أصبحت قوة كبرى بالفعل لها نفوذها في المنطقة، لها نفوذها في العالم، وتريد أن تكسر احتكار التقنية النووية، إلى جانب التطور العلمي الذي شهدته إيران والذي رأيته أنا بنفسي داخل إيران على المستوى العلمي والطبي والتكنولوجي والديني والتشريعي، مثلاً ذهب المرشد آية الله العظمى علي الخامنئي إلى مناطق سنية وسمح لهم بأداء الأذان في التلفزيون الرسمي للدولة، هذه الأمور كلها لا يريدها الاستكبار، بل يريد أن يفسخ المجتمع الإيراني على أساس عرقي أو على أساس مذهبي ولكن هذه الأمور كلها ذهبت أدراج الرياح، لما يثبت أن المشروع الإيراني صامد وقادر على التحدي وعلى أن يكون دولة عظمى.

 

دكتور، هل الموقف الصهيوني والغربي المنـزعج من نتائج الانتخابات الرئاسية - كما يراه البعض - بأنه انعكاس للانـزعاج من البرنامج النووي السلمي الذي يصر الرئيس احمدي نجاد مواصلته؟

 

* علي أبو الخير: لا هو ككل مشروع الثورة، مشروع الرئيس احمدي نجاد يعتبر هو مشروع استمرار لثورة الإمام الخميني، لذلك عندما نجح في أول مرة أدَّعو عليه انه كان من ضمن الطلبة الذين حاصروا السفارة وحاولوا تشويه صورته، ولكن الأمر أو الخوف أو الخشية من إعادة انتخاب الرئيس نجاد هو إعادة المشروع الثوري في دولة متمثلة في إيران على المستوى النووي أو على المستوى العلمي أو تطور صواريخ عبر القارات التي تصنعها إيران محلياً، هذه الأمور جعلت من نتانياهو حتى في خطابه الأخير يعتبر الخطر الإيراني هو الخطر رقم واحد في العالم يريد التأثير على اوباما إذا كان اوباما له وجهة نظر أخرى، ولكن في نفس الوقت لا يمكن الادعاء إلا أن نقول أن السبب الرئيسي في هذا الانـزعاج انتصارات المقاومة المدعومة من إيران، والذي يتوالى في كل مكان.

 

دكتور، رد الفعل الأمريكي الأوربي الصهيوني المنـزعج من نتائج الانتخابات الإيرانية قابله رد فعل شعبي من خلال الحشود أمام سفارات دول غربية والتظاهرات المليونية المؤيدة للرئيس احمدي نجاد، وهي رسالة للغرب بالتخلي عن التدخل بالشأن الداخلي الإيراني، ما هي طبيعة هذا التدخل؟

 

* علي أبو الخير: هو ليس هناك تدخل في الشأن بالطريقة التي يفهمها الناس ولكن هناك محاولة تأثير، ومحاولة التأثير دائماً تأتي في الدول الفاقدة للمناعة السياسية، الدول الفاقدة للمناعة السياسية هي التي يؤثر عليها إما بالمعونة أو بقطع المعونة، وإما بالحصار الاقتصادي أو بالحصار العسكري إما بالحرب المباشرة كما حدث في العراق، إيران في هذا الوقت لا يمكن لأحد أن يحاصرها ولا لأحد أن يمنع إرادتها السياسية، ثم إن الشعب الإيراني قال كلمة الفصل في هذا الأمر عندما أعيد انتخاب الرئيس نجاد في أغلبية ساحقة أثر كثيراً على الشعور الإسلامي العام الذي فرح كثيراً بوجود الرئيس نجاد في السلطة، وعدم قدرة الولايات المتحدة ولا الصهيونية ولا فرنسا على التأثير على الناخبين.

 

* برأيكم هل سيغير رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمود احمدي نجاد من سياسة بلاده الخارجية اثر هذه الضغوط التي بدأت منذ الساعات الأولى لترشيحه لدورة ثانية للرئاسة؟

 

علي أبو الخير: لا اعتقد لأنه منذ الرئاسة الأولى وهو يتعرض لضغوط، ثم إن الإيرانيين على ما اعتقد أنهم رأوا أن الدكتور احمدي نجاد في رئاسته حاور الغرب وفتح معهم صفحة علاقات مع ذلك لم يتغير الأسلوب الصهيوني في التعامل مع إيران، محاولة حصار محاولة التأثير، ولذلك اعتقد أن الناخب الإيراني عندما ذهب إلى صناديق الاقتراع في ولاية الرئيس الأولى ثم الثانية كان يدرك جيداً أن الحوار مع الغرب مرفوض لأنهم يريدون حوار من طرف واحد يذعن فيه للإرادة الصهيونية.