بيان الحج لولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي عام 1414 ﻫ ق

2008-11-18

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى اللّه على رسوله الكريم الأمين وعلى آله الميامين وأصحابه المخلصين، والسلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين.

﴿وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾[1].

أقبل شهر ذي الحجة بكل ما يحمله من عطاء أبدي ثر للأمة الإسلامية.

منافع الحج ومعالمه

حمداً لله سبحانه على ما أنعم به من هدية خالدة وينبوع دفاق يستطيع المسلمون أن يتزوّدوا منها كل سنة بقدر همتهم وبقدر معرفتهم، فالمصالح والمنافع التي أودعها العلم الإلهي والحكمة الإلهية في فريضة الحج تبلغ من السعة والتنوع بحيث لا يرى لها شبيه في أية فريضة إسلامية أخرى.

الذكر والحضور المعنوي، ووعي الإنسان المسلم على نفسه في خلوته مع الله، وغسل القلب من صدأ الذنب والغفلة، وإحساس الحضور في المجموع، واستشعار وحدة كل مسلم مع جميع الأُمة المسلمة، وتحسّس القدرة المنبثقة عن عظمة جماعة المسلمين، وسعي كلّ فرد لأن يبرأ من أسقامه وأمراضه المعنوية أي الذنوب، ثمّ البحث والسعي لمعرفة ما يعاني منه جسد الاُمة المسلمة من آلام وجراحات عميقة ومعرفة دوائها وعلاجها، ومواساة الشعوب المسلمة التي تشكّل أعضاء هذا الجسد العظيم... كلّ ذلك جميعاً قد أُودع في الحج، في تركيب أعماله ومناسكه المختلفة.

القرآن يطلق على أعمال الحج اسم (الشعائر)، وهذا يعني أنّها لا تنحصر في أعمال فردية وتكاليف شخصية، بل إنّها معالم تثير شعور الإنسان وتفتح معرفته على ما ترمز له تلك المعالم وتدلّ عليه. ووراء هذه المعالم يقف التوحيد، أي رفض كلّ القوى التي تهيمن بشكل من الأشكال على جسم الإنسان وروحه، وترسيخ الحاكمية الإلهية المطلقة على كل الوجود، وبعبارة واضحة مألوفة: حاكمية النظام الإسلامي والقوانين الإسلامية على الحياة الفردية والاجتماعية للمسلمين.

في آيات الحج نرى القرآن يدعو الجميع إلى البراءة من أوثان المشركين: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ﴾[2].

وهذه الأوثان قد تكون يوماً تلك الأوثان المنتصبة في الكعبة، لكنّها هي اليوم ودائماً دون شكّ تلك القوى التي تمسك ـ دون حق ـ بمقدرات نظام حياة البشر، وتتجلّى اليوم بوضوح أكثر في هيمنة الاستكبار وهيمنة أمريكا الشيطانية، وهيمنة ثقافة الغرب والفساد والتحلّل المفروض على البلدان والشعوب المسلمة.

واضح أنّ المتعاملين من أذناب الحكومات المهزوزة ومأجوريها سيصرون على أنّ الأوثان ليست إلا (مناة) و(اللات) و(هبل)، وهي نفس الأوثان التي سُحقت وحُطّمت تحت أقدام جيش رسول الله(ص) في الفتح الإسلامي الظافر.

إنّ هدف وعّاظ السلاطين هؤلاء أن يفرغوا الحج ـ كما يصرّحون هم أنفسهم بذلك ـ من أي محتوى سياسي، غافلين عن أنّ نفس هذا التجمّع المليوني الإسلامي القادم من كلّ حدب وصوب في بقعة معينة وفي زمان معين ينطوي بنفسه على أكبر مضمون سياسي، إنّه استعراض للاُمة الإسلامية تذوب فيه الاختلافات العنصرية واللغوية والجغرافية والتاريخية، وينبثق من هؤلاء (كل) واحد.

هؤلاء وأسيادهم يلفّقون كلّ ألوان الأكاذيب والخداع والأباطيل من أجل أن لا يعي المسلمون حقيقة هذا التجمع الكبير، وأن لا يستشعروا الروح الجماعية فيه، ولكي يضيّقوا الساحة على الداعين إلى الوحدة والمنادين بالبراءة من أئمة الشرك.

إيران الإسلام أرادت أن تقوم بأقلّ عمل ـ إن لم يكن أكبره ـ يتناسب مع موضوع الحج وهو دعوة المسلمين إلى الاتحاد والتخابر بين الشعوب، وإعلان النفور والبراءة من أئمة الشرك والفساد، وكلّ من يضع عقبات أمام هذه الأهداف السامية القيّمة فهو مهما قال فقد قال زوراً، والقرآن يقول: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾[3].

﴿قَوْلَ الزُّورِ﴾: هو ذلك الحديث الباطل الذي يسيء إلى الجمهورية الإسلامية، لأنّ الجمهورية الإسلامية رفضت سيادة الصهاينة على فلسطين الإسلامية، ورفضت كلّ تسوية يقوم بها حفنة من الفاسدين المطرودين مع الغاصبين، وأدانت التدخل الأمريكي الهيمني في البلدان العربية، واستنكرت خيانة بعض حكام العالم الإسلامي شعوبهم المسلمة إرضاءً لأمريكا والصهيونية.

ودعت المسلمين إلى معرفة قوتهم الكبرى التي لا تقوى أية قوة كبرى اليوم أن تصمد بوجهها، وقرّرت انّ المعرفة الإسلامية وأحكام الشريعة قادرة على إدارة البلدان الإسلامية، وحذّرت من غزو الثقافة الغربية للبلدان الإسلامية ممثلة في التعرّي والسكر وزلزلة الإيمان، وبعبارة موجزة أصرّت على إتّباع القرآن.

واليوم، فإن أي بلد من البلدان الإسلامية يعلن صراحة مثل هذه التبنيات والمواقف، أي يرفض إسرائيل الغاصبة ويرفض التدخل الأمريكي المتغطرس، ويرفض الانغماس في الخمور والتحلل والفساد الجنسي والاختلاط، ويرفض اختلاط الجنسين، ويرفض خيانة المداهنين للصهاينة، ويدعو المسلمين إلى الوحدة والمقاومة أمام القوى الكبرى، وإلى تطبيق الأحكام الإسلامية في الحكم والاقتصاد والسياسة وغيرها من مجالات الحياة.. أي بلد يفعل ذلك سيتعرض لنفس الإعلام المعادي الموجّه اليوم ضدّ إيران الإسلام، وستمتلئ الدنيا بنفس هذه التهم والسباب والشتائم ضدّ ذلك البلد وزعمائه.

كما أنّ وكالات الأنباء الاستكبارية والصهيونية وإذاعات أمريكا وبريطانيا ومن لفّ لفّها ستوجّه إليه نفس هذا التطبيل والتزمير، وهذا هو قول الزور الذي قرنه الله سبحانه بالشرك.

ومن المدهش أنّ وعّاظ السلاطين أيضاً في بعض مناطق العالم يحذون في هذا العمل الحرام المعادي للإسلام حذو الأبواق الأمريكية والصهيونية. طبعاً الاستسلام المطلق أمام حكّام الجور الذي ابتلي به مع الأسف رجال الدين في بعض البلدان الإسلامية لا يدع مجالاً للدهشة والتعجّب.

ها هو ذا الحج ماثل أمامكم، ولابدّ أن يعمّ عطاء هذه النعمة الإلهية الكبرى كلّ أبناء الاُمة الإسلامية، فالله سبحانه قال: ﴿جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنّاسِ﴾[4]، فلابدّ أن يستثمروه لإقامة وصلاح دينهم ودنياهم.

الهجوم على الإسلام

إنّ دين المسلمين اليوم معرض للخطر بسبب الغزو الثقافي العدواني، وإشاعة الفساد والظلم وزلزلة الإيمان والتحلل بين المجتمعات الإسلامية على يد القوى المعادية للإسلام وبمساعدة وسائل إعلامهم، ودنياهم في غمة بسبب التحكّم الاستكباري المتزايد في شؤون البلدان الإسلامية، وبسبب ما يمارسه المستكبرون من ضغط وعدوان مضاعفين على كلّ حكومة أو مجموعة تستهدف دفع أفكار الاُمة نحو إقامة حكم الإسلام بالمعنى الحقيقي، ونحو استقلال الشعوب المسلمة واقتدارها.

ورأس هذا الهجوم الشامل على الإسلام طبعاً هو الشيطان الأكبر أي حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، فكلّ عين بصيرة تستطيع أن ترى يد هذه الحكومة المتربّصة بالإسلام أو مراميها وراء ما يحلّ بالإسلام والمسلمين من مصائب.

وفي فلسطين المحتلة تشكّل أمريكا العامل الأساس في تعنّت الصهاينة وصلفهم، وتشكّل أهم عامل لدفع الحكومات العربية نحو المزيد من التنازل أمام الأهـداف التوسعية الإسـرائيلية. فبـدون حمـاية أمـريكا لا تستطيع الحكومات الرجعية المعروفة بعمالتها لأمريكا في المنطقة أن تتحوّل إلى مدافع عن الدولة الغاصبة، وإلى متحدّث باسم الشعب الفلسطيني الرافض للاستسلام وبدون حماية أمريكا لا يستطيع أولئك الذين يفرض عليهم الواجب الإسلامي مجابهة إسرائيل أن يرجعوا لأُمة محاربة كلّ أعدائها، وبدون حماية أمريكا المطلقة ما كانت الحكومة الغاصبة تجرأ على ارتكاب مأساة كبرى مثل مذبحة الحرم الإبراهيمي ثمّ تتنصّل بكلّ سهولة من عواقبها.

ومثل هذا الأمر يصدق أيضاً بشأن مسلمي البوسنة والهرسك، فالمجزرة التاريخية الرهيبة التي تعرّض لها أهالي غوراجدي وسراييفو بواسطة أمريكا ـ المجزرة التي تعتبر بحقّ وصمة عار في جبين الإنسانية المعاصرة ـ تقع مسؤوليتها الثقيلة على عاتق القوى العالمية المهيمنة خاصة أمريكا.

ولولا تدخّل هذه القوى وتخطيطها لما حُرم ومُنع مسلمو البوسنة من الحصول على أيّة أسلحة أمام الصرب المدجّجين بالسلاح، ولما أضحى شعب أعزل معاصر ضحية وحش صلف مدعوم في عالمنا المعاصر.

ومن المؤلم أنّ أمريكا والناتو بعد كلّ هذا التمهيد الظالم لذبح المسلمين البوسنيين، وبعد أن سخّروا الاُمم المتحدة وأمينها العام في اتجاه هذه السياسة، وبعد أن أبدوا رضاهم على قمع المسلمين بيد الصرب، وبعد مرور عدة أسابيع من الهجوم الوحشي على النساء والأطفال والشيوخ والشباب المسلمين وقتل آلاف الأبرياء، وحلول مأساة هائلة بأهالي غوراجدي.. بعد كلّ هذا يوجهون تهديداً بالهجوم الجوي على الصرب من أجل إيقاف عمليات التعذيب والقتل.. ثمّ يتباهون بموقفهم الإنساني المواسي المحايد!! لو أنّ شخصاً تعرّض لساعات وأيام لتعذيب ثم أوقف جلاده التعذيب بعد ذلك، فهل يستطيع هذا الجلاّد أن يدّعي الإنسانية مستدلاً على ذلك بإيقاف التعذيب؟!

مثل هذا الموقف الذي ظاهره الحياد وواقعه العدوان تجاه المسلمين مشهود من قبل أمريكا وحلفائها الأوروبيين في جميع القضايا التي يشكّل المسلمون المظلومون طرفاً فيها، ويتعرّضون فيها لظلم الأعداء واضطهادهم، ومن الأمثلة الواضحة لتلك القضايا المفجعة كشمير ومحنة المسلمين في قرة باغ وطاجيكستان.

أيّة حكومة أو جماعة رفعت شعار الإسلام وسعت إلى تحكيم الإسلام تتعرض دون قيد أو شرط إلى إهانة أمريكا وتهمها وتشدّدها وعدائها الخبيث، ومن الأمثلة الواضحة حكومة السودان، والجماعة الإسلامية في الجزائر، وحزب الله في لبنان، وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، والإسلاميون في مصر وأمثالهم.

في كلّ هذه المواضع تسلك عناصر الاستكبار العالمي وخاصة أمريكا سلوكاً متعصّباً يشبه السلوك القبلي في المجتمع العشائري.

وحديث العداء الأمريكي الحاقد تجاه إيران الإسلام حديث ذو شجون، هذا العداء المليء بالسخط والإجحاف والخائب بمشيئة الله وفضله لا يخفى على الكثيرين في أرجاء العالم.

الحج ومشاكل المسلمين

بعد كلّ هذا، ألا تتحمّل الأمة الإسلامية الكبرى وزعماؤها وساستها ومثقّفوها وعلماء الدين في مجتمعاتنا مسؤولية تجاه هذا الوضع المؤلم للمسلمين في جميع أرجاء العالم؟!

وهل يجد أولئك المؤمنون بكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول: «من أصبح ولم يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم »[5] موضعاً لإظهار هذا الاهتمام أفضل من الحج، وزماناً أفضل من الأيام المعلومات؟

من المؤكّد أنّه لم يكن اعتباطاً اختيار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أيام الحج لإعلان البراءة من المشركين وهو عمل سياسي تماماً في إطار السياسة العامة للنظام الإسلامي والدولة الإسلامية وإبلاغ النداء القرآني الإلهي: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إلى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾[6].

نعم، الحج فريضة يمكن أن تحلّ بها وفيها أهمّ المشاكل السياسية للأمة المسلمة، وبهذا المعنى فإن الحج فريضة سياسية، ويتّضح هذا بجلاء من طبيعة هذه الفريضة وخصائصها، وأولئك الذين ينكرون ذلك ويدعون إلى ما يخالفه يعارضون في الواقع حلّ تلك المشاكل.

الحج ـ بشكل موجز ـ فريضة اُمة، فريضة وحدة، فريضة اقتدار المسلمين وفريضة إصلاح الفرد والمجتمع، إنّها بعبارة واحدة فريضة الدنيا والآخرة.

أولئك الذين يرفضون المحتوى السياسي للحج إنّما يستهدفون في الواقع فصل الإسلام عن السياسة، وشعار فصل الدين عن السياسة هو ذاته الذي بشّر به أعداء حاكمية الإسلام على المجتمعات الإسلامية منذ عشرات السنوات.

واليوم إذ أقيمت حكومة على أساس الشريعة الإسلامية المقدّسة في إيران، وإذ يتصاعد شوق إقامة دولة إسلامية في كلّ العالم الإسلامي، فإن ذلك الشعار يطرح بشكل أكثر حدّة وقلقاً من أي وقت مضى، وأينما توفّرت أرضية تحقّق هذا الهدف فإنّهم ـ إن استطاعوا ـ يدخلون معه في مقارعة خشنة جادّة.

إن حاكمية الإسلام تتضمّن مقاومة تدخل المستكبرين في البلدان الإسلامية، وتستلزم كفّ يد أذناب هذه القوى وعبيد الشيطان وشيطان الاستكبار عن إدارة هذه البلدان، فمن الطبيعي إذن أن يكون الاستكبار وأذنابه والشياطين وأتباعهم ساخطين وغاضبين بهذا القدر على حاكمية الإسلام، وبنفس هذا القدر يجب أن يكون المؤمنون بالله واليوم الآخر والمعتقدون الحقيقيون بالإسلام ملتزمين بتحقيق هذه الحاكمية، ومجاهدين في سبيلها.

وإذ وفّق الله سبحانه جمعاً من السعداء الذين توافدوا من كلّ فجّ عميق لينالوا حظّهم من الأيام المعلومات وحجّ بيت الله الحرام، فإنّي أتضرّع وأبتهل إلى الله سبحانه وتعالى أن يكون حجّهم مقبولاً مأجوراً، وأن ينعم بمنافعه على كلّ الاُمّة المسلمة، وأتقدّم هنا بتوصيات إلى الإخوة والأخوات بما يلي:

1 ـ اغتنموا هذه الفرصة لبناء النفس والإنابة والتضرّع، وخذوا منها زادكم المعنوي لجميع عمركم.

2 ـ اسألوا الله سبحانه أن يفرّج عن المسلمين مشاكلهم الكبرى، وكرّروا هذا الطلب مرات ومرات في أدعيتكم ومناجاتكم.

3 ـ اغتنموا كلّ فرصة للتعرّف على المسلمين الوافدين من جميع أرجاء العالم، واستفيدوا مما في مجريات حياتهم من جوانب سلبية أو إيجابية. وعلى المسلمين غير الإيرانيين خاصة أن يسمعوا حقائق وقضايا إيران الإسلام من لسان إخوتهم الإيرانيين؛ ليميّزوا الصحيح عن غير الصحيح مما سمعوه بشأنهم من الإعلام العالمي.

وليسعوا اليوم ودائماً أن يستوعبوا تعاليم الإمام الراحل العظيم الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) بشأن ما يرتبط بقضايا المسلمين، وأن يتعرّفوا عن قرب وبشكل أفضل على هذا المصلح الكبير في تاريخ الإسلام.

4 ـ انقلوا كلّ معلوماتكم الصحيحة عن وضع الاُمة الإسلامية أو عن بلدكم إلى المسلمين القادمين من البلدان الاُخرى.

5 ـ في حديثكم مع إخوتكم المسلمين من أي صقع كانوا ركّزوا على قضية (الاُمة الإسلامية) والنظرة الشمولية التوحيدية للعالم الإسلامي، ولتتجاوز أفكاركم وأفكار من تحاورونه إطار الحدود الجغرافية والعنصرية والعقائدية والحزبية وأمثالها، وارتفعوا إلى مستوى هموم الإسلام والمسلمين.

6 ـ ذكّروا مخاطبيكم دائماً بما أنعم الله به على المسلمين من نفوس تزيد على المليار وبلدان تبلغ العشرات، ومن ثروات مادّية ومعنوية ضخمة وتراث ثقافي وحضاري وديني وأخلاقي عظيم.

7 ـ حطّموا اُسطورة قدرة الغرب التي لا تقهر وخاصة أمريكا، هذه الاُسطورة التي يحاول الاستكبار العالمي دائماً أن يلقيها في أذهان المسلمين عن طريق تهويل قوته، وذكّروا أنفسكم وذكّروا المسلمين الآخرين أنّ قوة المعسكر الشيوعي التي كانت تبدو وكأنّها لا تقهر قد تحطمت منذ عهد قريب أمام أعين هذا الجيل وأصبحت أثراً بعد عين، والقوى المتعملقة الحالية ومنها قوة أمريكا هي الاُخرى منالممكن أن تنهار بنفس السهولة وينقطع أثرها.

8 ـ ذكّروا علماء الدين والمثقّفين في البلدان المسلمة بمسؤوليتهم الكبرى الثقيلة دائماً، وذكّروا الآخرين أيضاً بذلك.

9 ـ إنطلاقاً من واجب النصيحة لأئمة المسلمين ذكّروا زعماء البلدان الإسلامية بمسؤولياتهم تجاه الأمة المسلمة وتجاه إقامة وحدة المسلمين والابتعاد عن القوى الاستكبارية، ذكّروهم بضرورة التوجّه إلى شعوبهم والاعتماد عليها وإقامة العلاقة الحسنة بين الشعوب والحكام، واطلبوا من الله سبحانه إصلاح أمورهم.

10 ـ كونوا متفهّمين دائماً أنّ مسؤولية الزعماء لا تعني رفع المسؤولية عن كلّ فرد من أفراد الشعوب المسلمة، فكلّ أبناء الاُمة يستطيعون أن يكون لهم دور فاعل في كلّ هذه الأهداف الكبرى.

آمل من الله بفضله وبدعاء ولي الله الأعظم المهدي المنتظر أرواحنا فداه وعجّل الله تعالى فرجه أن يمُنّ بحجّ مقبول على الحجاج المحترمين، وبرحمة واسعة ونعمة سابغة على الاُمة الإسلامية وآحاد المسلمين، والسلام على عباد الله الصالحين

ـــــــــــــــــــــــ

[1] سورة الحج، الآية: 27.

[2] الحج: 30.

[3] الحج: 30.

[4] المائدة: 97.

[5] توضيح المسائل: ص495.

[6] التوبة: 3.