فهرست العناوين:

1- نصوص مقتطفة بتصرف من مجموعة خطابات للإمام الخميني.

2- القائد : أهم‎ مسؤولية‎‎ للمرأة مهما كان‎ مستوى‎ نشاطها الاجتماعي‎‎ هو دورها في كيان‎ الأسرة‎.

3- اخلاقية المرأة بين الإسلام والغرب في فكر الإمام.

4- الجهاد وحبّ الشهادة عند المرأة من وجهة نظر الإمام والقائد.

5- المرأة في فكر الإمام بين الاستقلال والاستغلال الإعلامي.

6- حاجات حياة النساء الأساسية وارتباطها بالسيرة الصافية للسيدة الزهراء ع.

7- مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني.

8- دور المرأة في المجتمع في كلام الإمام الخميني.

9- مع الإمام الخامنئي: أولى أولويات المرأة الأسرة.

10- فاطمة الزهراء (ع) في فكر القائد.

11- الكوثر هبة الباري.

12- في ذکرى ميلاد کوثر الرسالة وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع).

**

**

 

 

نصوص مقتطفة بتصرف من مجموعة خطابات للإمام الخميني

2007-09-05

بمناسبة يوم المرأة (ولادة سيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام)‏

 * هذا البيت الصغير لفاطمة سلام الله عليها، وهؤلاء الذين تربّوا في هذا البيت والذين هم بحسب العدد يبلغون أربع أو خمس أشخاص، وبحسب الواقع قد تجلت فيهم تمام قدرة الله تعالى.

يوم المفخرة والمسؤوليَّة وإنني أهنئ وأبارك لجميع النساء الملتزمات يوم العشرين من جمادى الآخرة، يوم ميلاد المولود الأعظم السيدة فاطمة الزهراء، وأرجو أن تقتفي النساء المكرمات قاطبةً الطريق الذي اختطه اللَّه تبارك وتعالى للمرأة المسلمة، وأن يحققن الأهداف الإسلامية السامية.‏

 

* اليوم الأكثر فخراً‏

إذا كان لا بد من يوم للمرأة، فأيّ يوم أسمى وأكثر فخراً من يوم مولد فاطمة الزهراء السعيد؟ المرأة التي هي مفخرة بيت النبوة، وتسطع كالشمس على جبين الإسلام العزيز.. المرأة الإنسانة التي هي من معجزات التاريخ ومن مفاخر عالم الوجود.. المرأة التي ربّت، في حجرة صغيرة وبيت متواضع، أشخاصاً يشعّ نورهم من بسيطة التراب إلى عالم الأفلاك، ومن عالم الملك إلى الملكوت الأعلى.. صلوات اللَّه وسلامه على هذه الحجرة المتواضعة التي تبوأت مركز إشعاع نور العظمة الإلهية، ودار تربية خيرة ولد آدم.‏ ‏

لقد وقعت هذه الولادة السعيدة في عصر وبيئة لم يكن يُنظر فيهما إلى المرأة كإنسان، بل كان وجودها مدعاة لشعور أسرتها بالضعة أمام الأسر الأخرى في الجاهلية. في مثل هذه البيئة الفاسدة المنحطة المهولة، أخذ نبي الإسلام العظيم بيد المرأة وأنقذها من مستنقع العادات الجاهلية. ويشهد تاريخ الإسلام على الاحترام الكبير الذي كان يوليه رسول اللَّه(ص) لهذا المولود الشريف، لكي يلفت الأنظار إلى عظمة المرأة ومكانتها في المجتمع. إذاً فمثل هذا اليوم هو يوم حياة المرأة، يوم ولادة فخرها وانطلاقة دورها العظيم في المجتمع.‏

إن دور النساء يحظى في العالم بسِمات خاصة. إن صلاح وفساد أي مجتمع نابع من صلاح وفساد النساء فيه؛ فالمرأة هي الكائن الوحيد الذي بمقدوره أن يصنع المجتمع من أحضانه أفراداً، يساق المجتمع بل المجتمعات، بلطف بركاتهم، إلى الاستقامة والقيم الإنسانية السامية، كما أنه من الممكن أن يكون العكس أيضاً.‏

المرأة مبدأ جميع الخيرات. إن أحضان المرأة منطلق جميع السعادات. إن سعادة البلدان وشقاءها منوطان بوجود المرأة؛ فبتربيتها الصالحة تصنع الإنسان، وتعمّر البلاد.‏  

 

* ظلموا المرأة مرتين‏‏

للأسف، كانت المرأة مظلومة في فترتين؛ ففي الجاهلية لحقها ظلم كثير قبل أن يمنّ الإسلام على الإنسان وينقذ المرأة من الظلم الذي كانت تعانيه، حيث كان التعامل معها لا يختلف عن التعامل مع الحيوانات، وربما أسوأ!‏

كانت المرأة مظلومة في الجاهلية، فجاء الإسلام وانتشلها من مستنقع الجاهلية.‏

وظلمت المرأة ثانيةً تحت شعار المطالبة بتحريرها. لقد ألحقوا بالمرأة ظلماً فادحاً؛ جرّدوها من عزّها وشرفها.. حوّلوها إلى سلعة بعد تلك المكانة المعنوية التي كانت تنعم بها، كل ذلك باسم الحرية.‏

عملوا على جرّها إلى التدني عن مقامها ومنزلتها وجعلها ألعوبة ودمية؛ في حين أن المرأة إنسانة، بل إنسان عظيم، وهي مربية للمجتمع. ومن أحضان المرأة يولد الرجال. الرجل والمرأة الصالحان يولدان أولاً في أحضان المرأة؛ فالمرأة مربية للرجال.‏

إن الانحطاط الذي جُرّت إليه النساء في هذا القرن، لا يُدرى إن كان عصر الجاهلية قد شهد مثله. في كلتا الفترتين كانت النساء مظلومات؛ في الجاهلية الأولى جاء الإسلام وأنقذهن من الأسر، وفي عصرنا هذا آمل أن يأخذ الإسلام بأيديهن وينقذهن من مستنقع الذل والظلم أيضاً.‏

أيتها النسوة المحترمات! كنّ على يقظة وحذر لئلاّ يضحكوا عليكن، ولا تنخدعن بأحابيل هؤلاء الشياطين الذين يريدون سوقكن إلى التدني والانحطاط، إنهم يخدعونكن، يريدون أن يجعلوا منكن ألعوبة فاتجهن إلى الإسلام، يوفر لكن السعادة.‏ 

 

* مفخرة ومسؤولية‏

إنه لمفخرة كبرى أن اختاروا يوم مولد الصديقة الزهراء يوماً للمرأة. انه لمفخرة ومسؤولية.‏

يجب أن تفخرن بأن جعلوا من هذا اليوم يوماً للمرأة. ولا بد لكنّ من تحمل أعباء مسؤوليته.. فإذا ما اقتنعتن بأن يكون العشرون من جمادى الآخرة، يوم مولد الصديقة فاطمة الزهراء، يوماً للمرأة، فإن ذلك يلقي على عاتقكن مسؤوليات كثيرة. وعليه فإذا ما اقتنعتن انتن أيتها النساء وقبلتن بأن يكون يوم مولد الصديقة الزهراء، بما تتسم به من كمالات ومنزلة، يوماً للمرأة، فهذا يعني استعدادكن لتحمل أعباء المسؤولية العظيمة التي اضطلعت بها الصدّيقة الزهراء ولا بد لكنّ من الإقتداء بسيرتها لكي تترجمن إيمانكن بيوم مولدها يوماً للمرأة؛ أي يتجلى يوم مولد فاطمة الزهراء يوماً للمرأة حقاً.. ينبغي الإقتداء بزهدها وتقواها وعفافها وجميع الخصال التي اتصفت بها. يجب إتباع سيرتها إذا ما آمنتن بهذا اليوم. أما إذا تقاعستن عن إتباعها، فيجب أن تعلمن أنكن لم تعشن يوم المرأة، ولن تنالوا هذا الشرف.‏

أيتها النساء، اجتهدن في تهذيب أخلاقكن، وفي دفع من تلقين به إلى تهذيب أخلاقه. اجتهدن في الحفاظ على هذه المنزلة التي هي منزلة المرأة المتسامية، والإقتداء بالمرأة الفريدة السيدة فاطمة الزهراء. ينبغي للجميع الإقتداء بهذه المرأة القدوة. وينبغي لنا جميعاً استقاء أحكامنا الإسلامية من هذه الشخصية الفذة ومن أبنائها.. احرصن على أن تظهرن بالصورة التي كانت عليها الصديقة الزهراء، واجهدن في كسب العلم والتقوى. وأرجو أن تقتفي النساء المكرمات قاطبةً الطريق الذي اختطه الله تبارك وتعالى للمرأة المسلمة، وأن يحققن الأهداف الإسلامية السامية.‏

أسأل الله أن يوفقكن جميعاً لخدمة الإسلام، وان يحفظ لكنّ دينكن ودنياكن. وبطبيعة الحال ينبغي أن تلتفتن إلى أن الحجاب الذي سنّه الإسلام هو من اجل الحفاظ على مكانتكن ومنزلتكن. إن كل ما سنّه الله تبارك وتعالى وأمر به سواء للمرأة أو للرجل هو من أجل الإبقاء على القيم والمثل الحقيقية التي يتمتع بها كل منهما، والتي كان من الممكن أن تضيّع بوحي من الوساوس الشيطانية، أو بأيدي الاستعمار الفاسدة وعملائه وأذنابه.‏

ما دمتن أنتن أيتها النساء محافظات على هذا الالتزام فان الله تبارك وتعالى ناصركن.‏  

 

* مبارك يوم المرأة‏

اليوم وببركة النهضة الإسلامية، استعادت المرأة العضو المؤثر في المجتمع إلى حد ما مكانتها ومنزلتها. فإذا ما استثنينا العدة المعدودة ممن يرين مكانة المرأة في مظهرها وزينتها وحضورها مجالس اللهو والطرب، ولا يتوانين عن عرض أنفسهن كالسلع، وعن تنفيذ مخططات الأجانب.. إذا ما استثنينا هذه الفئة من النساء فإن بقية النساء الشجاعات الملتزمات، حرصن على بناء أنفسهن بالعلم والثقافة.‏

ينبغي لنا اليوم، الذي هو يوم المرأة، أن نفاخر بنسائنا. فأية مفخرة أسمى من أن تقف حرائرنا في الصفوف الأمامية من النهضة، وأن يظهرن كل هذه المقاومة والصلابة في مواجهة القوى الكبرى وأذنابها! لم يسجل التاريخ مثل هذه المقاومة والشجاعة حتى من الرجال في أي عصر. إن مقاومة النساء المعظمات تبعث على الإعجاب والتقدير بنحو يعجز البيان عن وصفها.‏

تحية متواصلة للنسوة الملتزمات اللاتي يعملن اليوم، في مختلف أرجاء البلاد، على تربية الأطفال وتعليم الأميين، وتدريس العلوم الإنسانية والثقافية القرآنية الغنية، والسلام والتحية للأمهات اللاتي قدّمن أبناءهن بكل اعتزاز وفخر.‏

مبارك يوم المرأة للنساء الملتزمات في البلدان الإسلامية، وكلّنا أمل في أن يستيقظ المجتمع النسوي من الغفلة والغفوة المصطنعة التي فرضت عليه من قبل الناهبين، وأن ينهض لنجدة المخدوعين والأخذ بيد المرأة على طريق تحقيق مكانتها السامية. وكلّنا أمل في أن تتعظ وتعتبر نساء العالم الإسلامي من التحول المعجز الذي تحقق لنساء إيران ببركة الثورة الإسلامية العظيمة، وأن يسعين إلى إصلاح مجتمعاتهن وقيادة بلدانهن إلى الحرية والاستقلال.‏

**************

 

 

القائد : أهم‎ مسؤولية‎‎ للمرأة مهما كان‎ مستوى‎ نشاطها الاجتماعي‎‎ هو دورها في كيان‎ الأسرة‎

2007-09-05

تلفزيون الجمهورية الإسلامية الأربعاء 19 جمادى الثانية 1428هـ

طهران‎ ـ استقبل‎ قائد الثورة الاسلامية سماحة آية الله العظمى‎‎ السيد علـي الخامنئي‎ صباح‎ يوم‎ الأربعاء حشداً غفيراً من‎ النساء النخبة والناشطات‎‎ في‎ المجالات العلمية‎‎‎, الاجتماعية, الاقتصادية, السياسية‎‎‎, الثقافية والفنية.

وأكد قائد الثورة‎ في‎ هذا اللقاء أن‎ النظرة‎‎‎‎ العامة للإسلام‎ حيال‎ قضية المرأة هي‎ أن‎ مسؤولية‎‎ إدارة وتقدم‎ المجتمع‎ والبلاد تقع‎‎ على‎ عاتق‎ جميـع الأشخاص‎ سواء المرأة‎ أو الرجل‎ ولكن‎ هناك‎ مسؤولية أهم‎ تضطلع‎ بها المرأة مهما كان‎ مستوى‎ نشاطها وقدراتها الاجتماعية‎ وهـو دورهـا الهام‎ في‎ كيان‎ الأسرة‎.

وقدم‎‎ القائد المعظم أحر التهاني‎ لمناسبة‎‎ ذكرى‎ ميلاد سيدة نساء العالـميـن‎ فاطمة‎‎ الزهراء سلام‎ الله عليها وتقارن‎ هذا اليوم‎‎ الميمون‎ مع‎ ذكرى‎ ميلاد الإمام الخميني‎ (قدس) مصرحاً بالقـول‎: إن‎ تأكيد الإسلام‎ على‎‎ الدور الفريد للنساء في الأسرة‎ لا يعني‎‎ مطلقاً معارضته‎ لتواجدهن‎ فـي الميادين‎ المختلفة‎‎ وإنما يمنح‎ الأصالة والأولوية‎‎‎ لدور الأمومة والزوجية في‎ مقابـل‎ سائر النشاطات‎ والأدوار الأخرى‎ التي‎ تقـوم‎ بها لأن‎ بقاء ونمو وسمو البشرية‎ واستقرار وسلامة‎ المجتمع‎ رهن‎ بتحقيـق‎ هـذا الدور.

ورأى‎ القائد المعظم‎ وجود مـجمـوعـة‎ هائلة‎‎‎ من‎ النساء النخبة في‎ البلاد بأنة مؤشر على أحـقيـة ونجـاح‎ نـظرة الاسـلام‎ والجمهورية‎‎‎‎ الاسلاميـة بشـأن‎ قضية المرأة منوها بالقول‎ : لا نجد أي‎ حقبة فـي‎ تاريخ‎ البلاد شهدت‎ حضور هذا الكم‎ من‎ النساء الباحثات‎‎‎ والعالمات والمفكرات والأديبات‎‎‎ والفنانات والناشطات في‎ المجالات‎ السياسية‎‎‎ والاجتماعية وهذه الحقيقة تكشف‎ عن‎‎ أن نظرة الإسلام‎ الى‎ موضوع الحجاب‎‎ و خلافا للتسيب والانفلات‎ ليس‎ فقط لا يعد عقبة‎ أمام‎‎ تقدم وسمو النساء بـل‎ إن‎ التقيد بالموازين‎ الاسلامية‎‎ والشرعية يمهد الأرضية‎‎ لتفتق‎ مواهب‎ النساء وتسريع‎ هـذه العملية.

وانتقد قائد الثورة‎‎‎ الاسلامية النظرة الغربية‎‎ الخاطئة التي‎‎‎ تـسعـى الـى إبعـاد المرأة‎‎ عن‎ سماتها الفطرية وتبديلها الـى‎ نسخة‎‎‎ ثـانيـة للـرجـال‎ وأضـاف‎ : إن‎ هـذه النظرة في‎ الحقيقة تحط من‎ مكانة المرأة, لأن‎‎ تكامل‎‎ المرأ‎ة هو أسمى‎ وأهم‎ من تكامـل الرجل‎ في‎ بعض‎ الأحيان‎.

ونـوه‎‎‎ آية الله الخامنئي‎‎ الى مسؤولية‎‎ النساء النخبـة فـي‎‎ البـلاد علـى صعيد تصحيح‎ النظرة‎‎‎ الغربية الخاطئة حيـال‎ قضية‎‎ المرأة وقال‎ : من‎‎ منظار الاسلام‎ فـإن وجود المرأة‎‎ يعد قيمة للمجتمع‎ وكـل‎ مـن‎ النساء والرجال‎ لهما مكانتهما وطباعهما ودورهما الخاص‎ وفقا للخلق‎ الإلهي‎ الحكيم‎.

واعتبـر القـائد الـمعـظم‎ أن‎ نظرة‎ الغرب‎ الاستغلالية‎‎ حيال‎ النساء هي‎ بمثابـة ظلم‎ بحق‎‎ البشرية‎‎‎ وخيانة عـظيمة لحقوق المـرأة‎‎ قـال‎ : إن‎ المـرأة هي‎ الجـزء الجميل‎ واللطيف‎ والمكنون‎‎ من الخلق‎ والخطيئة‎ العظمى‎ التي ارتكبها الغرب‎ هو جعله‎‎‎‎ للمرأة وسيلة دعائية للإعلانات‎ التجارية‎ وكسب‎ المزيد من‎ الأموال‎ وإشباع الغريزة‎‎ الجنسية بعيداً عن‎‎ أي‎ نظم‎ وقانون مما أدى‎ الى‎ ابتلاء البشريه‎ بمشاكل‎ مستعصية.

وانتقد قائد الثورة‎‎ الاسلامية المحاولات‎ التي‎ يبذلها البعـض‎ لـلمـوائمـة‎ القسريـة‎‎ بيـن‎ الـتعـاليـم‎ الاسـلاميـة مـع‎ المواثيق‎ الأجنبية‎‎ الخاصة بالنساء وقال‎ : لا شك‎ أن‎ بعض‎ القضايا الفقهية‎‎ المتعلقة بأحكام‎ النساء ليست‎ الكلمة الفصل‎ في‎ هذا المجال‎‎‎ بل قد يتمكن‎ فقيه‎ متمرس‎ مل بالمباني‎ والأساليب‎ الاجتهادية‎ استـنبـاط أحكام‎ جديدة‎ منها ولكن‎ الـمحاولات‎ التي‎ يبذلها بعض‎ المرعوبين‎ للتـلاعـب‎ بالأحكام‎ الاسلامية‎ ومؤائمتها مع‎ بعـض‎ المواثيق‎ الدولية‎ أمر خاطئ.

وأكد سماحة القائد ضرورة بذل‎ مراكز الأبحاث والجامعات‎‎ والحـوزات الـعلـمية‎ جهودا أكبر لتصحيح‎ الرؤى‎ و الدعايات‎ التي‎ تروج‎ للمساواة بين‎‎ الـجنـسيـن سيـاسيـا و اقتصاديا وأضاف‎ : إن‎ القيام‎ بهذه المهمة‎ يشكل‎ خدمة‎‎‎ حقيقية لكافة نساء العالم‎.

وانتقد آية‎‎ الله الخامنئي‎ الإجحاف‎ الموجود في‎ العلاقات‎ بين‎ الرجل‎ والمرأ‎ة في‎ مختلف‎ البلدان‎ مؤكدا القـول‎ : يجـب‎ ألا يستغل‎‎ الرجال قـدراتهـم‎ البـدنيـة‎ و بعـض‎ الخصوصيات‎ الأخرى‎ للإجحاف‎ بحق‎ النساء داخل‎ كيان‎ الأسرة.

وفي‎ هـذا الاطار شـدد قـائد الثورة‎ الاسلامية‎ على‎ أن‎‎ رعاية الموازيـن والأخـلاق‎ الاسلامية داخل‎ الأسرة وفهم‎‎ مباديء الاسـلام وتهذيب‎ أخلاق‎ الرجال‎ هي‎ من‎ أهم‎ العنـاصـر التي‎ تحول‎ دون‎ ممارسة‎‎ الظلم‎ ضد المـرأة ولكن‎‎ علينا أن نعرف‎ أولا وآخراً أنه‎ سـواء بالاستفادة‎‎ من‎‎ النصيحة أو القـانـون يـجـب‎ تمهيد الأرضية‎‎‎ لإيجاد علاقات‎ أسرية نزيهـة وصحيحة‎.

وفي‎ جانب‎ آخر من‎ كلمته‎ اعتبر سماحته‎‎‎‎‎ هذه الجلسة بأنها مفيدة وجيـدة وأضاف‎‎ : إن‎‎ الهدف من تشكيل‎ هذه‎‎ الجلسة هـو الاستماع الى‎ بعض‎ القضايا من‎‎ قبل‎ نخبة‎ مـن نساء المجتمع‎ وكذلك‎ القاء نظرة رمزيـة على‎‎ مجمل‎ النشاطات‎ الجديرة‎‎ بالإشادة في المجتمع‎ الاسلامي‎ هذا فضلا عن‎‎ أن بعض‎ الموضوعات‎‎‎ التي‎‎ طرحت في هذه‎‎ الجلسة كانت جذابة‎‎ ومثيرة للإهتمام

**************

 

 

اخلاقية المرأة بين الإسلام والغرب في فكر الإمام

2008-06-22

بسم الله الرحمن الرحيم. والحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على أشرف من بعث للعالمين رحمة سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد ابن عبد الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، لاسيما بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله سيدة نساء العالمين السيدة الزهراء(ع). أيها الأخوة أيتها الأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

مصادر التصورات

بداية من المفيد لمجرى الموضوع الذي سوف أتناوله أن أشير أنه ليس في صدد الإجابة على التساؤلات التي طرحت، وإن كان الأمر مستحقاً بالواقع، هذه المجموعة من الأفكار التي تقدمت بها الأخت وفاء تستأهل كل اهتمام لن أدخل كثيراً في موضوع الأخلاقية، أخلاقية المرأة بين الإسلام والغرب، في ذهني هو الكلام عن تصور الإمام الخميني اتجاه موضوع المرأة، وهذا ما سوف أسعى لمعالجته ضمن هذه المداخلة، لندخل إلى موضوع التصور، تصور الإمام الخميني للمرأة، من المفيد أن نحدد أولاً ما المقصود من التصور، فتصور المرء تجاه أي أمر من الأمور هو عبارة عن الفكرة أو المفهوم الذي يحكم ذهنه، ويحدد له حركة موقفه النظري اتجاه أمرٍ ما أو اتجاه سلوك ما، إذن التصور هو مورد راسخ في الذهن تلقاه من جوٍ معين ثَبُتَ لديه، وهذا الأمر بالتأكيد سوف يدلف بنا للكلام عن مصدر أو مصادر نشوء أي تصور عند الواحد منا، من أين تأتي هذه التصورات لدينا؟ ما يمكن لي أن أتحدث فيه حول مناشئ التصورات:

المنشأ الأول: هو المعتقد معتقد الإنسان يشكل له منشأً أو منبعاً لتصوراته التي تحكم مجراه النظري وسلوكه العملي.

المنشأ الثاني: هي البيئة التي يمكن أن تحيط بهذا الإنسان والذي هو يعيش في كنفها.

المنشأ الثالث: هي الثقافة بمعناها الواسع أو المدقق الذي يعني بقاء ما يبقى في الذهن بعد أن تنسى ما اكتسبته من الآخر بعد أن تنسى بالوعي لديك ما اكتسبته من الآخر.

المنشأ الرابع: هي الغايات أو المقصد الذي تحدده لأي أمرٍ من الأمور يشكل مورداً أو منبعاً من منابع وموارد التصورات الثابتة عند أي واحدٍ منا.

أمام هذه المنابع الأربعة أتحدث فيما يخص البيئة بدايةً ومع كل نقطة منها سوف أسعى لأخذ جملة أو مقطع من كلام للإمام الخميني (قده) نعالجه ولو بشكل مشترك أحياناً، فيما يخص موضوع البيئة، البيئة التي يمكن أن تشكل في تصور الإمام الخميني هنا منبعاً تجاه المرأة هي هذا العالم الإسلامي الذي يعتبر الإمام واحد منه وكل واحدٍ منا ينتمي إليه، هذا العالم الإسلامي كان ينظر إلى المرأة بشكل عملي من موقع الدونية الاجتماعية عن الرجل، هذه حقيقة نحن لسنا بصدد الإنشائيات، فلنتناول الأمور بمقدار ممكن من تلمس المورد الواقعي منها، بأن هذا المجتمع في العالم الإسلامي ينظر إلى المرأة نظرة كونها أقل رتبة من حيث الموقع الاجتماعي عن الرجل بل الإنساني أحياناً كثيرة، وإن كانت في نفس الوقت تمثل المرأة عند المجتمع الإسلامي محفزاً أو مبرراً للحمية عند الناس، كما وتمثل صورة العاطفة على مستوى الأسرة والتربية، وبالتأكيد هاتان الميزتان ليستا من المسائل القليلة في المجتمع الإسلامي «موضوع الحمية، العرض، الشرف» وموضوع العاطفة في مجتمعاتنا الإسلامية تحديداً الشرقية منها، ليست من الأمور التي يمكن أن نغفل عنها، ولا نلتفت إليها، بل هي من النقاط الحساسة جداً في مكونات هذه البيئة وهذا المجتمع.

على مستوى الثقافة، أقدِّر أن هناك تنازعاً في عالمنا الإسلامي بين بعدين حضاريين، وأظن أن هذين البعدين الحضاريين يحضران بقوة حينما نتكلم عن موضوع المرأة، البعد الحضاري الأول هو القائم على مجموعة من التراثيات، ولا أقصد بالتراث هنا الدين، وإن كان للدين دخالة كبرى في كثير من الأحيان بتحريك مجموعة من عناصر التراث، ولكن كلمة التراث في حياتنا وفي حياة أي شعب أعم أحياناً من دخالة خصوصية دينية في موقف ديني معين، هذه الثقافة القائمة على تراثيات تحضر بقوة في وجداننا لا تفرِّق بين كرة القيومية عند الإسلام «قيومية الرجل على المرأة» وبين سطوة القوة، سطوة القوة كحاكم في خلجات أي حركة اجتماعية، وسطوة القوة هنا هي ما اصطلح عليه بذكورية المجتمع، حاكمية الذكورية في هذا المجتمع الذي بتقديري ترجع إلى موضوع سطوة القوة، هذا بالجهة المتعلقة بالتراث.

أما بما يتعلق بالبعد الآخر في ثقافة هذا المجتمع والتي تنتمي إلى السؤال ولا أريد أن أقول السؤال الثقافي أو بالأحرى السؤال المفهومي، بل السؤال الوجودي عند مجتمعنا الثقافي هو موضوع الالتحاق وحجم الالتحاق وضرورات الالتحاق بالغرب، والتي تتمثل في هذا المورد على المستوى الثقافي لكل عناصر الجذب المادي، الذي حول كل المعاني إلى أشياء، مثلاً ذاك اليوم لفت نظري وإن كان الكلام له علاقة قليلاً بالإعلام، أنه يوجد صورة لفيلم كرتون على « Disney» لرجلٍ مصنوع من الخردة ضخم وعملاق وكل الفيلم يدور حوله، والذي يلتفت إلى المعاني الموجودة فيه سيلحظ بأنه مربوط بصورة «Super Man» التي تعرض وعرضت وشكلت بالذاكرة أهمية كبيرة بتقديري توازي أهمية المسيح عند الغرب، المسيح الذي أتى من السماء، «Super Man» أتى من كوكب آخر وصاحب القوة الخارقة بالقدرة على الطيران، وذاك يطير والقدرة على تحويل الأشياء إلى مصادر قوة وعظمة، ولكن يوجد «Super Man» إلهي بتعبيرهم ويوجد «Super Man» له طبيعة من الثقافة العلمانية، وفجأة هذا المعنى يتحول إلى حديد وخردة ليستطيع أن يطير مثل «Super Man» ويقوم بحركات مماثلة، ولديه نفس أمنياته تتحول فيه كل المعاني إلى أشياء ولديها جاذبيتها الخاصة، بالتالي يصبح هذا الكلام عن كونها تعبِّر عن السلعة الاستهلاكية، وكذلك مشهد المرأة هو من باب تحويل المعنى إلى شيء.

الأمر الآخر ولّد في ثقافتنا فيما يخص موضوع المرأة أن الصراع حتمي بين شرائح المجتمع، وأن من يريد أن يستمر وأن يبقى هو الأقوى والأصلح والأقدر بالتالي على الاستمرار، لذلك على المرأة أن تبحث عن حياتها الإقتصادية المستقلة، ولذلك على المرأة أن تقوم بعملية مناداة بمساواة مع الرجل، وأن تخرق كل إمكانات الفصل إذن يوجد هذان النموذجان، نموذج السطو القهري على المرأة، ونموذج محاولة المرأة للتفلُّت الثقافي، للتفلُّت من هذه القيم باتجاه الانجذاب المادي نحو الغرب، والصراع مع الطرف الآخر، الاحتراب مع الطرف الآخر الذي يولد كل تفكك المجتمع في العلاقة فيما بين بعضهم البعض.

 

 

المرأة في فكر الإمام(قده)

في المستوى الثالث الذي هو الغايات والمقاصد، ضمن هذه الوقائع حركة الإمام تنمو على مستوى الغايات والمقاصد، من الواضح أن الإمام الخميني أراد من مشروعه الإسلامي أن يكون مشروعاً إحيائياً للقيم الإسلامية، على مستوى الوجدان، وعلى مستوى القيم الأخلاقية وعلى مستوى الأبعاد المعنوية في العلاقة مع الباري سبحانه وتعالى وعلى مستوى النظم الحياتية الاجتماعية الحاكمة عند الناس، وإحداث ثورة في مواجهة كل ما لا ينتمي إلى حكم الله سبحانه وتعالى. فإذن على مستوى الغايات والمقاصد تصبح كل الطاقات والإمكانات المتوفرة في الشأن الاجتماعي ينبغي أن تكون مسخرة لخدمة هذه الغاية والمقصد فمخاطبة المرأة عند الإمام في كثير من الأحيان تدخل ضمن إطار هذا الأمر المحدد، الذي هو الغايات والمقاصد التي كان يبتغيها الإمام الخميني، تغيير الصورة الوجدانية للمرأة والمعنوية وأن تكون عنصراً فاعلاً بالضرورة في إحداث عملية الثورة والانقلاب الذي أراده الإمام. وقبل أن أدخل إلى الجزء المتعلق بالعقيدة، والذي يحتاج إلى توقف، دعوني أرى فقط معكم ما يقوله الإمام الخميني على مستوى التعبير الذي عبرته بالبيئة، يعتبر الإمام أن الإسلام يريد للمرأة والرجل أن يسموا في مدارج الكمال «لقد أنقذ الإسلام المرأة مما كانت عليه في الجاهلية» في الحقيقة وأنا أقرأ في النص كنت أقول عن ماذا يتكلم الإمام، أنه حسناً أنقذ الإسلام المرأة مما كانت عليه في الجاهلية وعصر الجاهلية ولى وانتهينا، يعني لم يعد الآن هناك امرأة جالسة في البادية ومحكومة ضمن مجموعة من الضغوطات الخاصة، فلماذا الكلام هنا عن مفهوم الجاهلية؟ إن الخدمة التي قدمها الإسلام للمرأة لا يعلمها إلا الله، ولم يخدم الإسلام بمثل ما خدم المرأة، إنكن لا تعلمن ماذا كانت عليه المرأة في الجاهلية وما آلت إليه في الإسلام، ببساطة يجب أن يتولد بالأذهان سؤال كان يطرحه جماعة من الأخوان المسلمين في فترة من الفترات، لكنه سؤال مشروع، أنه هل المجتمع الذي نعيشه هو مجتمع إسلامي في قيمه؟ أو في البيئة التي ينتمي إليها؟ في كثير من حركة هذه البيئة هو مجتمع جاهلي، بالتالي هل هذا الإنقاذ الإسلامي ما زال أمراً مطروحاً وممكناً؟ بل هو أمر ضروري أيضاً ليحقق مثل هذه الأهداف.

في الشأن الثاني المتعلق بالثقافة يُسأل الإمام، ينظر إلى التشيع في البلدان الغربية كعنصر محافظ في مسيرة التطور، كما أننا سمعنا أن التوجهات الشيعية ترى عزل النساء عن ميدان الحياة الاجتماعية، وتطالب بالعودة إلى القوانين التي تدعو إلى اعتبار التقاليد الدينية أساس القوانين الحكومية، كما أننا سمعنا بأن التشيع يرفض نمط الحياة الغربية لأنه لا ينسجم مع التقاليد الدينية، فهل بالإمكان توضيح وجهة نظركم بشأن هذه المسائل استناداً إلى مذهب التشيع؟ في الجواب يقول الإمام بأن التشيع مذهب ثوري واستمرار لإسلام الرسول الأكرم الأصيل صلى الله عليه وآله وسلم كان دائماً هدفاً لهجوم المستبدين والمستعمرين الدنيء شأنه شأن الشيعة أنفسهم، إن التشيع ليس فقط لا يعزل النساء عن ميدان الحياة الاجتماعية،بل يؤهلهن لاحتلال مكانتهم الإنسانية سامية في المجتمع إننا نرحب بالإنجازات التي حققها العالم الغربي، والتي بتقديري من أهمها ما يتعلق بالجانب التقنيني في التنظيم الاجتماعي الذي يحفظ الكثير من المراعاة الاجتماعية لخصوصيات تتعلق بالمرأة أو بغير المرأة، موضوع الشيخوخة والأطفال وإلى ما هنالك، لا الفساد الذي يَأِّنُ منه الغربيون أنفسهم.

فيما يتعلق بموضوع العقيدة في إنشاء التصور فان عموم المسلمين ينظرون في البناء العقائدي لشخصية النبي، وركزوا كثيراً على القرآن كنص، وهناك أمر آخر حمله الشيعة تحديداً أنه ينبغي مع النص دائماً مواكبة الأسوة والشخصية القدوة لذلك نتحدث عن النبي وعن الإمام وعن ميراث الأنبياء بما يمثلون من أسوة وقدوة عقائدية تحضر الإسلام إلى مواقع الحياة والواقع. صراعنا الجدي نحن الآن كمسلمين وكمشروع إسلامي ليس حول وجود الله فهذه قضيةٌ أصبح مفروغاً عنها بل إنه حول أي مشروع يستطيع أن يقود حياة الناس ومجتمعات الناس؟ هل هذا الإسلام مؤهل لخوض تجربة القيادة للحياة الاجتماعية والبشرية عموماً؟ أو ليس مؤهلاً للعب مثل هذا الدور؟ وأظن أن هذه الغاية مشتركة عند الجميع، وتارةً ما تطلبه يكون مبنياً على تصورات تتعلق «برغيف الخبز» وأقصد الأمور الضرورية ومرة يتعلق بالكماليات الحياتية والاجتماعية، نحن في تجاربنا الفكرية الأخيرة للأسف وقعنا في مطب من اثنين، مرة كنا نتكلم فيما يخص موضوع المرأة أو غير موضوع المرأة بأسئلة يفرضها الأمر الواقع والذي هو حكم السلطان المركزي في الغرب، ومثلما يطرح عليك السؤال، عليك أنت أن تطرحه، ويجب أن تكون ماهراً ليس بالجواب، بل بترداد السؤال، ممنوع أن تكيِّف السؤال على طريقتك، ومرة أنه نحن كنا نشتغل بطريقة وما زلنا في كثير من الأحيان نشتغل بنفس الطريقة من أنه لدينا عدة جملات حفظناها منذ ستين سنة وحذار لأحد أن يغير فيها شيئاً، يعني مثلاً عندما تريد أن تناقش بموضوع المرأة يجب أن تقول الستر يساوي العفة، فإذاً غير المحجبة ماذا نقول عنها؟ من هي التي تقبل أن تقول عنها أنها ليست عندها عفة؟ هل هناك موضوعات وهل هناك في اللغة التي تقدم أسئلة وأسلوب يمكن أن نطرحه فيما يتعلق بهذا الأمر؟

أنا أظن أن الإسلام ليس ضعيفاً عن طرح قوة حضوره في مثل هذه المناخات، شرط أن لا ننسى أن لنا بنيتنا ونسقنا الخاص، ماذا يعني نسقنا الخاص؟ يعني مناخك أنت، حضورك ووضعك، تكوينك له مجموعة من الاعتبارات، هناك تكوين خاص، في هذا التكوين الخاص ماذا تمثل القيم المعنوية؟ إن الإمام عندما تحدث عن المرأة وعبَّر عنها بعض التعبيرات فهذا يرسم لنا مقدار مكانة المرأة عند الإمام ضمن هذا المناخ فلنحدد قيمة المعتقد الذي يتمثل بالأسوة القدوة، تبدأ في المرحلة الأولى بالبعد المعنوي، ومنه تأخذ كل أشكال البعد الحياتي العام لذا أنقل النص وأنهي كلامي بنقله.

 

الزهراء (ع) القدوة

يقول الإمام «إن مختلف الأبعاد التي يمكن تصورها للمرأة وللإنسان تجسَّدت في شخصية فاطمة الزهراء عليها السلام، لم تكن الزهراء امرأة عادية، كانت امرأة روحانية، امرأة ملكوتية، كانت إنساناً بتمام معنى الكلمة، نسخةً إنسانية متكاملة، امرأة حقيقيةً كاملة» إلى ما هنالك يعود ويقول إن المرأة تتسم بأبعاد مختلفة كما هو الرجل وإن هذا المظهر الصوري الطبيعي يمثل أدنى مراتب الإنسان، أدنى مراتب المرأة، وأدنى مراتب الرجل، بيد أن الإنسان يسمو في مدارج الكمال انطلاقاً من هذه المرتبة المتدنية، اعتبرها بأنها هي المزرعة التي منها أنت تتجه باتجاه الأصل، فهو في حركة دؤوبة من مرتبة الطبيعة إلى مرتبة الغيب إلى الفناء في الألوهية، وإن هذا المعنى متحقق في الصديقة الزهراء التي انطلقت في حركتها من مرتبة الطبيعة وطوت مسيرتها التكاملية بالقدرة الإلهية وبالمدد الغيبي وبتربية رسول الله صلى الله عليه وآله لتصل إلى مرتبة دونها الجميع. سوف لن أقرأ النص فقط سأشير للفكرة يقول: من أراد أن يكتشف عظمة هذه المرأة فليبحث في الأمر التالي بالنسبة لسيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام مَثَلَ الأسرة التي استطاعت أن تنظم كل وشائج العلاقة فيها، لتكون الأسرة التي قادت نور هذا العالم الذي ننتمي إليه، وهي كسوة الباري عز وجل في أهل الكساء لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله.

إذاً هناك رتبة إنسانية عالية في أصل المعتقد الإسلامي أعطيت كلها كحقٍ للمرأة على مستوى التوازن الاجتماعي، مبدأ التوازن الحاكم، وليس مبدأ الاختلال في العلاقة، ولا مبدأ المساواة في العلاقة، إذ الإمام صراحةً يقول أن مبدأ المساواة يساوي ضرب الكثير من المفاهيم الأولية في الإسلام، وهو أمر مرفوض. الأمر الثالث الذي أريد أن أشير إليه لأقول صار من اللازم علينا بعد هذه الفترة الطويلة من العمر أن ننتقل من مرحلة الكلام عن العموميات وأن نثق بهذه العموميات التي فيها تقديس، لا أحد يستطيع أن يمس قدسية المرأة أو أي مفهوم من مفاهيم الإسلام، للبدء بالكلام عن التفاصيل، المشكلة يا إخوان ويا أخوات في التفاصيل وأظن أن جديَّة أي ندوة أو أي بحث أو أي لقاء أو أي محاولة تحريك مناخ فكري يحمل الإسلام كمشروع تكمن في جرأة إثارة التفاصيل في الأسئلة، وضرورات البحث بجدية موثقة بالدين وبالله عن الأجوبة المناسبة المنطلقة من فهم هذا الواقع والذي لا تدير الظهر فيه للواقع، فالواقع اليوم يفرض نفسه، كما أن قبل الواقع وبعده الله سبحانه وتعالى ودين الله هو الأمر الذي لا يمكن لأي إنسانٍ أن يتفلَّت منه، وجعلنا الله وإياكم من المؤيدين بشفاعة الطاهرة الصديقة الزهراء إن ربي سميع الدعوات.

 

 

 

الجهاد وحبّ الشهادة عند المرأة من وجهة نظر الإمام والقائد

2008-06-22

المقدمة:

كانت المرأة طوال التاريخ مظلومة وينظر إليها باحتقار حتى جاء الإمام الخميني وأعطى القيمة لهذه الشريحة العظيمة في المجتمع وأظهر لنا نظرة الإسلام المحمّدي الأصيل للمرأة وقد أزاح الإمام ستار النفاق الجاهليّ للقرن العشرين، وفضح خطط المستعمرين حول المرأة وكذلك خطط المروّجين للشهوات الجنسية. فجاء الإمام الخميني ليلبّي نداء هذا الكائن المظلوم وهذا الجوهر الثمين الذي كان يختبئ وراء أكاذيب أعداء الإنسانية التي أضاعته فأخرجه الإمام إلي النور وأوضح للمرأة دورها ومسؤوليتها الحقيقية وقد شهدنا بوضوح هذا الأمر خلال الثورة الإسلامية حين اكتسبت المرأة هويتها المسلمة بقوة.

إنّ رؤية الإمام الخميني للمرأة وعلي الرغم من حضور ووجود السنن المتحجّرة التي تدعي ظاهراً الوفاء للإسلام دفعت بالمحللين والمراقبين والصحفيين إلى وصف الثورة الإسلامية بثورة چادرها(ثورة جلباب).

لقد اكتسبت المرأة عند الإمام الخميني مؤسّس الجمهورية الإسلامية مقاماً عالياً وسماتاً ملكوتية تستطيع من خلالها أن تكون مصدر الخيرات ومربية الرجال العظماء. وقد عرّفها الإمام الخميني أنها " مربية المجتمع ومصدر الخيرات، وتجلّي العظمة الإلهية."

 

وجوب الدفاع عن الأمة الإسلامية:

أما بالنسبة لموضوع وواجب جهاد النساء كفئة مهمة من الشعب الإيراني يقول الإمام الخميني: «إنني آمل أن تجهدن أنتنّ أيتها الأخوات في مجال طلب العلم الذي هو من الأمور المهمة جداً وكذلك أجهدن في مجال الدفاع عن الإسلام الذي هو من الواجبات المترتّبة علي كلّ رجلٍ وامرأة وعلي كلّ صغيرٍٍ وكبير. أما بالنسبة للدفاع عن الإسلام والدفاع عن البلاد الإسلامية فلا يختلف أيّ من علماء الإسلام وأيّ إنسان مسلم ويعيش في ظلّ الإسلام علي وجوب هذا الأمر. إن الموضوع الذي يحتمل النقاش هو قضية الجهاد الابتدائي للمرأة وأن هذا الجهاد لا يتوجّب عليها أما الدفاع عن حريمها وعن بلدها وعن حياتها وعن مالها وعن الإسلام فهو واجبٌ علي الجميع». وفي مقامٍٍ آخر وفي ما يتعلّق بهذا الأمر أيضاً، يقول الإمام: « إن القضية ليست قضية جمهورية إسلامية والقضية ليست قضية جانبية بل هي قضية الإسلام. وقضية الإسلام واجبة علي كلّ امرأة ورجل في هذا البلد وعليهم الدفاع عنها، كلّ حسب قدرته واستطاعته عليه المشاركة في هذا الدفاع، وعلينا المثابرة في هذا الموضوع كي نصل إلى النصر النهائي الذي وعدنا به الله».

 

سبب حضور المرأة في ساحة الجهاد والشهادة:

إنّ القضية الثانية التي سنتعرّض لها هي قضية حضور النساء في ساحة الجهاد والشهادة والتي تثير التساؤلات المختلفة حول سبب دخول النساء في هذا الساحة الجهادية: وقد أوضح كلٌّ من الإمام الخميني والإسلام والقرآن أسباب هذا الحضور:

«إن النساء لا يخرجن من بيوتهنّ للحصول علي بعض المكاسب والمناصب، فيعرّضن أنفسهنّ وأبنائهنّ للخطر. لقد اخرج الإسلام والقرآن المرأة من بيتها وحمّلها المسؤولية كالرجل بل تخطّت الرجل في كثير من المسائل السياسية».

وقد ذكر الإمام الخميني مسألة مهمة جداً حول عدم خوف المرأة من الشهادة والذي ينبع من نور الايمان فقال: «إنها معجزة مهمة أن تقف النساء أمام الدبابات والقنابل وأمام الرشاشات والمدافع، وألا تخفن من شيء، انه نور القرآن والإسلام الذي تجلّي في قلوبكنّ وفي قلوب كافة أبناء الشعب الإيراني. انه نور الإيمان الذي يجعلكنّ أنتنّ أيّتها النساء تقدمن على الشهادة. إذن من الواضح جداً أنّ الذي دفع النساء إلى ساحة الجهاد والشهادة هو نور الإيمان والإسلام والقرآن، إذاً النساء المؤمنات المتأسّيات بالقرآن والإسلام هنّ اللاتي فتحن جبهة الجهاد ضد الباطل والقيام لله.»

 

حضور نساء صدر الإسلام في ميدان الجهاد

من المسائل المهمة التي يجب الإلتفات إليها وعلى عكس ما يذكره البعض أنّ الإسلام والحكومة الإسلامية تدفع بالمرأة للبقاء في المنزل وخلف الستائر ويعتقدون أنّ الحكومة الإسلامية تضع المرأة في غرفة وتقفل بابها، شجّع الإمام الخميني النساء على أن يرفضن هذه الأفكار وأن يقاومنها فيقول: «يخيفكم البعض من الحكومة الإسلامية، فيقولون أن الجمهورية الإسلامية ستحبس النساء في الغرف المقفلة وستبقي المرأة في هذه الغرف. وكانت نساء صدر الإسلام يذهبن إلى الحرب، ويبقين هناك إلى آخر الحرب».

ويتحدّث الإمام عن نساء صدر الإسلام المجاهدات في ميدان الجهاد فيقول: " لقد كانت نساء صدر الإسلام يشاركن مع الرجال في الحرب وكنّ يتحمّلن المسؤوليات جنباً إلى جنب مع الرجال وكنّ يتقدّمن الرجال في الصفوف الأمامية فيستشهدن أو يقدّمن أبناءهنّ وشبابهنّ ولا يتراجعن".

 

المشاركة الفعّالة للنساء في كافة مراحل الثورة:

كان لنساء إيران الدور الأساسي والمهم في انتصار الثورة الإسلامية وكنّ السبّاقات في كافة الأمور التي كانت السبب في القضاء علي القدرة الشيطانية في إيران، فيقول الإمام في هذا المجال:

«أنتم رأيتم ونحن رأينا ما فعلته المرأة في هذه الثورة وقد شاهد التاريخ ما الذي فعلته النساء ومن هي المرأة. لقد رأينا أيّة نساء قد ربّاهن الإسلام، وأيّة نساء قد انتفضن في هذا الزمن، إنهن النساء المحجوبات في جنوب طهران وفي قم وفي سائر البلدان الإسلامية... أولئك اللواتي ربّاهنّ الإسلام، هنّ اللواتي قدّمن الدماء وقتلن ونزلن إلى الشوارع وصنعن نصر هذه الثورة، نحن نعتبر أن ثورتنا مدينة للنساء...»

أعتبر القائد الخامنئي حضور المرأة في مراحل الثورة المختلفة كان قوياً ومميّزاً وأن دعم النساء القوي للثورة كان سبباً مهماً في انتصارها فيقول: «إن حضور النساء في كافة مراحل الثورة كان قوياً ومميزاً واستطاعت النساء تحمّل المسؤوليات الكبيرة والمصائب العظيمة. إن النساء اللواتي تشبهن نساءنا هنّ نادرات في التاريخ. من المؤكّد أنّ لو لم يكن دعم النساء موجوداً خلال الحرب وقبلها خلال مراحل الثورة المختلفة لما كنّا وصلنا إلى هذا النصر.»

ولا بدّ أن نذكر ما أجابه الإمام الخميني عندما سأله أحد الصحفيين الغربيين عمّا تعنيه المشاركة الفعالة للمرأة الإيرانية في الثورة فقال: «إنّ سجون الشاه مملوءة بالنساء الشجاعات والبطلة، وإن نساءنا تتواجدن في الشوارع وهنّ يحملن أطفالهنّ علي صدورهنّ ودون خوفٍ من الدبابات أو المدافع أو الرشاشات. وإن الاجتماعات السياسية الكثيرة التي أقامتها النساء في كافة المحافظات ليست بالأمر البسيط. لقد قمن بدورٍ بنّاء ومهم في هذا النضال».

 

دور النساء أثناء سنوات الدفاع المقدّس الثمانية:

لقد كان للنساء دوراً فعّالاً خلال سنوات الدفاع المقدّس، إن كان في الخطوط الأمامية للجبهة أو خلف الجبهة. وهذا الحضور من الأمور المهمة جداً في حفظ قوة النظام الإسلامي ولكن نادراً ما تمّ التعرّض له. اعتبر الإمام الخميني تضحيتهنّ بأنها كانت عجيبة يعجز القلم عن التعبير عنها ويخجل أمامها:

«إن مقاومة وتضحية النساء العظيمات في الحرب المفروضة كانت معجزة ويعجز القلم عن التعبير عن بيانها بل ويخجل أمامها. لقد رأيت طيلة هذه الحرب، نماذج من الأمهات والأخوات والزوجات اللواتي فقدن أعزاءهنّ وأعتقد أنه لا نظير لهنّ في أية ثورة من الثورات. ومن الذكريات التي لا يمكن أن أنساها مع أن كلّها لا تنسي، زواج تلك الفتاة الشابة من أحد شباب الحرس الذي كان قد فقد يديه وعينيه خلال المعركة وقد قالت تلك الفتاة بشجاعة:

"بما أنني لم أستطع أن أذهب إلى الجبهة فلأؤدي الدين للإسلام وللثورة من خلال هذا الزواج.

إن العظمة المعنوية لهذه الحادثة الانسانية توجد فيها النغمات الإلهية، حيث يعجز أي كاتب أو شاعر أو فنان أو رسّام أو عارف أو فيلسوف أو فقيه أو أي شخص تفترضونه أن يبيّن هذه الحادثة أو أن يعبّر عنها. إن تضحية وسير وسلوك هذه الفتاة العظيمة لا يستطيع أحدٌ أن يقيّمها عبر المعايير الرائجة والمعروفة».

 

حضور النساء في الخطوط الخلفية للجبهة ودعمهنّ لجنود الإسلام:

من المسائل المهمة التي أشار إليها الإمام الخميني هو حضور المرأة في الخطوط الخلفية للجبهة ودعمها لجنود الإسلام، حيث يشير الإمام (قده) بامتنان شديد لهذا الأمر فيقول:

«إقرأوا التاريخ هل عثرتم علي مكانٍ ما منذ صدر الإسلام إلى اليوم تتواجد فيه العجائز وكذلك شابات وفتيات يدعمنّ الجيش وجنوده بكلّ ثباتٍ بدل الاهتمام بفترة الشباب. هل تعرفون مكاناً فيه شعباً كهذا الشعب قولوا لنا كي نتعرّف عليه». ويصف الإمام الخميني النساء بالجنود المجهولين المنشغلين بالجهاد ويعتبر هذا الأمر هديةً الهية.

«عندما أشاهد علي التلفاز هذه النساء المحترمات المشغولات بمرافقة ودعم العسكر والقوات المسلحة، أشعر بقيمتهن بحيث أنني لا أستطيع أن أشعر بهذه القيمة تجاه أحدٍ غيرهن. إن الأعمال التي ينجزونها، أعمال ليس الهدف من وراءها الوصول إلى مقام أو سمة أو أنهن يردن شيئاً من الناس، لا شيء من هذا. بل إنهن الجنديات المجهولات العاملات في الجهاد ونحن لو لم يكن لدينا من هذه الجمهورية الإسلامية أي فائدة سوي حضور الشعب بكل أطيافه في الميدان وإشراف كل الشرائح علي الأمور، لكفي بذلك معجزة لم تتحقق علي ما أظن في أي مكان ٍ آخر، إن هذه هدية إلهية أعطانا إياها الله سبحانه من دون أن تتدخل فيها يد أي بشرية وعلينا أن نعرف قدر هذه النعمة العظيمة ونقتدي بتلك النساء والسيدات والأطفال الموجودين وراء الجبهة والحاضرين في المدن المدمرة أو النصف مدمرة. نحن علينا أن نتعلم الأخلاق الإسلامية والإيمان والتوجه إلى الله منهم».

 

دور المرأة في تضحية الرجال

من المسؤوليات المهمة والخطيرة التي تحملتها النساء علي طول تاريخ النهضة الإسلامية والدفاع المقدس والتي لا تخفي علي أحد هي أن هذه النسوة هن اللواتي كنّ يبعثن بالرجال إلى ميادين الجهاد : «إذا ذهبت بعض النسوة إلى أماكن الحرب، إضافةً إلى أنهنّ يحاربنّ، فإنّ الرجال لديهم إحساس خاص حيال النساء، فهم لديهم حساسية باتجاههنّ، إذ أنهنّ يضاعفنّ من قوة الرجال. المسألة هي أن النساء بذهابهنّ إلى أماكن الحرب فإنهنّ لن يقمن بالدفاع فحسب، لن يدافعن لوحدهن فحسب، كلا بل إنهنّ بجهادهنّ سيدفعن الآخرين إلى ذلك... إذاً فإن مبادرتهن إلى كل القضايا من جملتها القضايا الدفاعية، القضايا الجهادية، ومسألة دعم الجبهة، والمشاركة بأي طريقة كانت السبب في أن يقدم الرجال إلى ذلك أكثر وأكثر، وأن يصبحوا أكثر قوةً "

 

فيما يخص هذه المسؤولية المهمة للنساء ألا وهي دعم حركة الرجال، يشير السيد القائد الخامنئي (حفظه الله) :

«لقد كانت نساء وطننا طوال تاريخ الثورة الداعمات لحركة الرجال، لو لم يكن إيمان وشعور النساء قويا ً، لربما لم يجد الكثير من رجالنا تلك القدرة التي جعلتهم يحضرون في ميادين الجهاد الصعبة والمختلفة ؛ اليوم ما زالت تقع نفس تلك المسؤولية علي عاتق النساء«. كما أن القائد يعتبر أن الدور الأول بشكلٍ مباشر أو غير مباشر في الثورة الإسلامية كان للنساء : «لو لم تلتحق النساء بالثورة، لما انتصرت هذه الثورة ؛ لما استطاع الشباب الخروج من منازلهم للإلتحاق بصفوف الثورة، لما سمحت أمهاتهم بذلك، أو علي الأقل لما شجعتهم علي ذلك ؛ لو لم تتعلق قلوبهن بالثورة، لما استطاع الرجال أن يبذلوا أنفسهم بحرية في صفوف الثورة. إن دور النساء في الثورة، إن كان بشكل ٍ مباشر أو غير مباشر هو دور بارز وفي الطليعة، كما كان هذا الدور أيضا ً في أيام الحرب ".

 

الشهادة وروحية الإستشهاد لدى النساء

مطلب أخير، نستلهم من كلام الإمام (ره) لتبيين الشهادة وروحية الإستشهاد عند النساء. يبيّن الإمام الخميني (ره) مسألة الإستشهاد عند النساء قائلا ً:

«منذ أن بدأت هذه النهضة، كان الرجال والنساء بشكل ٍ دائم يأتون مرة ً في الأسبوع إليّ ويصرّون عليّ أن أدعو لهم بأن يستشهدوا، أنا كنت أدعو لهم بأن يُوفقوا لنيل ثواب الشهادة، اخدموا لأجل الإسلام، إن مثل هذه الروحية سترقي بالإنسان، فلتجتهدوا في حفظ هذه الروحية».

كان الإمام يعتبر بأن هذه الروحية هي تحول روحي وفكري والتي تؤدي إلى النصر : «بعض النساء يأتين ويطلبن مني بأن أدعو لهن بأن يستشهدن، بعض الإخوة يقولون لي أيضا ً بأن أدعو لهم بالشهادة. إن هذا التحول الفكري والروحي الذي حصل عند كل طبقات الشعب، كلهم سعوا لأجل هدف واحد ألا وهو الجمهورية الإسلامية، هذا ما أدي إلى النصر، لأن ذلك كان حقا ً والحق منتصرٌ لا محالة. هذا ما يجب أن تحفظوه». وهكذا، لا يمكن لهؤلاء أن يخرجوا من الميدان حتى لو كانت الخسائر كبيرة جدا: « إن الشعب الذي يغلي في قلب رجاله ونسائه وكباره وصغاره عشق الشهادة ويتسابق أفراده نحو الشهادة، ويهربون من شهوات الدنيا الحيوانية ويصدقون بعالم الغيب والرفيق الأعلى، لا يخرج من ساحة الجهاد ولو عظمت الخسائر». وبهذا الشكل كان الجميع متهيئ للشهادة : «إن كل شبابنا حاضرون للشهادة، رجالنا ونسائنا حاضرات أيضا ً للشهادة».

 

كنتيجة للمسائل التي طُرحت، نستعين بكلام الإمام ونختم البحث به :

«إن الشهادة في سبيل الله ليست بالشيء الذي يمكن أن يقيّم بالتقاييم البشر والدوافع العادية، والشهيد في سبيل الحق والهدف الإلهي لا يمكن عبر الرؤية الإمكانية إدراك مقامه الراقي، بل يلزم لدرك قيمته العظيمة ومقامه العالي لا تكون إلا عبر المعايير الإلهية والرؤية الربوبية. وليس فقط أيدينا نحن الترابيون قاصرة عن الوصول إلى ذلك، بل إن العليين أيضا ً عاجزون عن إدراك كنه ذلك، لأن ذلك مختص بالإنسان الكامل، ونفس الملكوتيون تبعدهم المسافات عن تلك المقامات المليئة بالأسرار. القلم يصل إلى هنا وينقطع ونحن المتخلفون والمتأخرون علي أمل الوصول إلى ذلك علينا عدّ الأيام، وأن ندفن معنا حسرة الشهادة والشهيد ومربي الشهداء الذين بكل عشق بذلوا ثمرة حياتهم يفتخرون بشهادة الشهداء، كما ويجب أن نخجل ونشعر بالحقارة أمام الشجاعة التي لا نظير لها للشهداء وأصدقائهم الأسري والمفقودين والجرحى وأمام شوقهم الذي لا يوصف لأن يعودوا إلى ساحة الشهادة ».

إن النساء والرجال والأطفال الذين أنشدوا الشهادة تحت القصف وعلى فراش المرض في المستشفيات هم الأنموذج، وهم الذين كانوا يتمنون الرجوع إلى ساحات بناء الإنسان بأيد ٍ وأرجل مقطعة، وهذا أعظم من أن نكتبه نحن أو الفلاسفة والعرفاء وأن يتصوره الفنانون والرسامون. إن ما أدركه هؤلاء عبر الخطوات العلمية والإستدلالية والعرفانية، وصلوا إليه أولئك بخطوات الغيب وإن ما فتشوا عنه هؤلاء بين الكتب والصحف وجده أولئك في ساحة الدم والشهادة في سبيل الحق».

**************

 

المرأة في فكر الإمام بين الاستقلال والاستغلال الإعلامي

2008-06-22

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا ونبيِّنا محمد وعلى آهل بيته الطيبين الطاهرين. السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

في خضم التقدم العلمي والتكنولوجي الذي انعكس تطوراً بطبيعة الحال على شبكات الاتصال ووسائله يعكف علماء الاجتماع على دراسة مدى قوة وقدرة الرسالة الإعلامية على خلق قيم جديدة أو ترسيخ المنظومة الاجتماعية القائمة بما هو الإعلام وسيلة بقنواته كافة لتشكيل رأيٍ عام ما أو قناعة محددة، ومع تنوع وسائل الإعلام من الإذاعة والتلفزيون إلى البث الفضائي والأقمار الصناعية وغير ذلك تدفقت المواد الإعلامية في كل الاتجاهات والمستويات، وتبيِّن الدكتورة نهاوند القادري الباحثة عن موقع الأسرة في منظومة الاتصال أن الرسالة الإعلامية توجهت إلى الفرد وتوجهت نحو صعود نجومية هذا الفرد على حساب المجموعة، وأن الرسالة الإعلامية غالباً ما كانت تشكل إطاراً للإعلانات المرتبطة بالاستهلاك الآني، وبالتالي بات الإنتاج الإعلامي «المرئي والمسموع والمقروء» مجرد أدوات تسويق في معظم الأحيان.

لم يقتصر البحث على دراسة قدرة الرسالة الإعلامية وتأثيراتها بشكل كلي، بل كان اعتماد التفصيل متبعاً، كأن يقال مثلاً أثر التلفزيون على الطفل، إلى جانب الدراسات الناشطة عن صورة المرأة في الإعلام، وهي موضوع ندوتنا هذه.

 

المرأة في فكر الإمام الخميني (قده)

بداية تجدر الإشارة إلى أن الدراسات المتعلقة بصورة المرأة في الإعلام والرسالة التي تتلقاها تأخذ السياق التاريخي المرافق للمرأة لجهة الغبن اللاحق بها منطلقات أساسية للبحث في حجم اهتمام المنابر الإعلامية بعنوان: الدفاع عن قضايا المرأة، والذي يسقط أمام حقيقة تبرزها الدراسات ومفادها أن الوسائل الإعلامية في تعاطيها مع المرأة لم تخرج عن سياق تكريس التعامل معها من زاوية الأنثى وتحويلها إلى مجرد منحوتة جميلة، جميلة الملامح أو واجهة لعرض أزياء، أو ترويج سلعة ما، وهو أبعد ما يكون عن الصورة التي أرادها الإمام الخميني (قده) وأرادها لها الإسلام، وقد عبَّر عنها الإمام الخميني (قده) في قوله: «المرأة كالقرآن فكلاهما أوكل إليه مهمة صنع الرجال، ويريد لهن أن تكنَّ وفي مختلف الأعمار متواجدات زرافات ووحداناً في الساحات الثقافية والاقتصادية وحتى العسكرية يبذلن الجهد جنباً إلى جنب مع الرجال أو متقدمات عليهم في طريق إعلاء الإسلام وأهداف القرآن الكريم». أكثر من ذلك، يذهب الإمام الخميني (قده) إلى تعليق مصير الأمم ورهنه بالمرأة، فهو مؤمن بأن «تجريد الأمم من النساء الشجعان والمربيات للإنسان سوف يهزم الأمم ويؤول بها إلى الانحطاط». ليس عبثاً استخدام الإمام لعبارة النساء الشجعان إلى جانب المربيات لأنه بهذه العبارة يخاطب المرأة والرجل في آنٍ واحدٍ بلغة أن دور المرأة لا ينحصر في دائرة الأمومة، وإلا فما مغزى وجود المرأة غير المتزوجة مثلاً أو ما يسميها المجتمع العانس، والإمام الخميني (قده) أراد كسر معادلة التعاطي مع المرأة الأنثى واستبدالها بمعادلة المرأة الإنسانة، من دون أن يعني ذلك أن الأنوثة والإنسانية في حالة تناقض، بل في حالة تكامل، فالمرأة الأم تجسد إنسانيتها في أمومتها، والعازبة في الاندماج وتأدية دور فاعل في مؤسسات المجتمع أو أداء نشاط اجتماعي أو ثقافي أو تربوي، بمعنى أن دور كل امرأة في المجتمع يتوقف على المرأة نفسها وعلى قدراتها وظروفها وحتى على ميولها بما يتوافق مع الإسلام.

ولأن المرأة في فكر الإمام الخميني (قده) مظهر تحقق آمال البشر، فقد دعاها إلى تبوأ مكانتها عبر تحديد وتقرير مصيرها كما هو الحال بالنسبة إلى الرجل، ودعاها إلى المشاركة في التدريب العسكري والعقائدي وفي إكمال الدورات التعليمية والتمارين الميدانية العسكرية والقتالية بنجاح وكفاءة تماماً كما هو مطلوب من الرجل.

وفي سعيه إلى استنهاض المرأة لم يغفل الإمام الخميني (قده) مجالاً إلا ودعاها إلى المشاركة فيه، والحضور الفاعل من منطلق أن ما يميز المرأة والرجل هو التقوى، وذلك مصداق الآية الكريمة « يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» الحجرات 13. ولعل أروع ما في الإمام الخميني (قده) الإنسان والعالم أنه تعاطى مع المرأة من خارج الموروث الاجتماعي المعقد، والذي حاول البعض التخفيف من وطأته باستبدال تسميتها من الآفة إلى الظاهرة أو الحقيقة الاجتماعية المتمثل في السلطة الذكورية التي هيمنت على تعاطي المجتمعات البشرية مع المرأة، لتشتَّد في مجتمع وتضعف في مجتمع آخر، فالإمام الخميني (قده) تعاطى مع المرأة الإنسانة وليس المرأة الأنثى انطلاقاً من السلطة الذكورية.

ولأن الإسلام لا يريد المرأة سلعةً أو ألعوبة بل إنسانةً حرة كسائر الأحرار، فنادراً ما نجد خطاباً أو بياناً للإمام الخميني يخلو من فخرٍ أو عزٍ بالمرأة الإيرانية وبالدور الذي لعبته في انتصار الثورة الإسلامية في إيران في كل المواقع التي شغلتها، مطالباً الرجل والمرأة العمل معاً على إعادة بناء البلد أي إيران.

 

صورة المرأة في الإعلام

وباختصار المرأة في فكر الإمام الخميني تجسد مظهر تحقق آمال البشر فكيف يبدو على الضفة الأخرى، حيث شعارات استقلال المرأة وتحررها ومساواتها بالرجل.

يشير باحثون إلى أنه ما من مجلةٍ نسائيةٍ واحدة تدعو صراحةً وعن اقتناع إلى مساواة المرأة بالرجل، حتى معالجتها للمواضيع المتصلة بحركة تحرير المرأة ومساواتها بالرجل لم تكن مشجعة ولا حتى على مستوى التغطية الإعلامية لها.

واستناداً إلى عددٍ من الدراسات فإن جُلَّ ما يتم التركيز عليه (في المجلات النسائية) هو:

أولاً: ارتباط المرأة برجل يحميها، يمنحها هويته، وإلا باتت في دائرة اللاإنتماء مما يشوه ويحط من قدر المرأة عموماً ومن دور المرأة غير المتزوجة خصوصاً إذ أن العازب أكثر تضرراً جراء هذه النظرة.

ثانياً: ربط خروج المرأة إلى ميدان العمل بفشل زواج أو بفشل علاقة حب أو ضائقة اقتصادية وقعت فيها العائلة، عندها تتحسن صورة المرأة في المجلات النسائية وتصبح قادرةً على مواجهة الحياة، شرط عدم التذمر من المعاناة الجسدية والنفسية الناجمة عن السعي الدؤوب لدى المرأة إلى التوفيق بين العمل المنزلي والعمل في الخارج. وهذا بالطبع يتناقض كلياً مع شعارات رفعتها الحضارة الغربية خصوصاً بعد الثورة الصناعية في أوروبا، والتي ربطت تحرر المرأة بالخروج إلى العمل وتحقيق الاستقلال المادي والشخصي، ليس حباً بالمرأة ومصالحها بل سعياً إلى استغلالها اقتصادياً وذلك من زاوية الأجر الذي تتقاضاه المرأة ويقل عن أجر الرجل، فخرجت المرأة إلى ميدان العمل خارج المنزل لتغيب معها شعارات القضاء على مقولة توزيع الأدوار الموروثة تقليدياً «المرأة في المنزل والرجل في الخارج منوط به كل الأدوار الاقتصادية والثقافية وحتى السياسية».

ثالثاً: أن الصورة المرسومة للمرأة في الإعلانات تركز على جمال المرأة ومظهرها الشاب، وباتت عبارة أجمل امرأة في العالم علامة دامغة على أغلفة المجلات النسائية والصحف اليومية وحتى في شاشات التلفزة، ولأن الصورة التقليدية للمرأة الأنثى هي التي كانت طاغية في وسائل الإعلام، فقد انطلقت الدعوات إلى إعلامٍ نسائيٍ يتوجه إلى المرأة دون الرجل ويعنى بشؤونها فكانت المجلات والبرامج المتخصصة بشؤون المرأة واحتياجاتها، لكن ما هي طبيعة الدور والرسالة الإعلامية التي اطلع بها هذا الإعلام؟ الوظيفة الأساسية التي أدتها المجلات المتخصصة والبرامج الموجهة إلى المرأة انحصرت في جانبين رئيسيين هما:

أولاً: تقديم المعلومات المتعلقة بعالم المرأة الخاص من أزياء ومستحضرات تجميل وتدبير منزلي ولياقة بدنية وأساليب استمالة الرجل .

أما الشق الثاني: الترفيه، ويتمثل في أخبار نجوم السينما والفن.

حديث الجمال والأناقة والمظهر الشاب وتصوير الزواج على أنه الطريقة الفضلى في حياة المرأة لا يقتصر على الإعلام العربي فحسب، بل ينسحب على الغرب أيضاً، هذا الغرب رافع لواء الدفاع عن حقوق المرأة وعن تحررها وهذا ما تظهره الدراسات الأميركية الحديثة خلال دراستها لمحتوى المجلات النسائية والتي تبيَّن أنها تضع المرأة في دائرة تشجيع الإنفاق الاستهلاكي، وإرضاء الرجل الهدف الأهم في حياة المرأة، لكن مع صلاحية واسعة بالتصرف في ميزانية الأسرة من شراء أدوات المنزل والتنظيف إلى أدوات التجميل. ويعزز هذه الرؤية توزع الإعلانات التجارية في المجلات النسائية تحديداً ويمكن إيراد نموذج على ذلك:

54 % أدوات تجميل ومستحضرات ومساحيق.

16% إعلانات لأدوات منزلية ومفروشات.

20% إعلانات عن أزياء ومجوهرات.

8 % إعلانات عن خدمات صحية وجمالية.

أما صورة المرأة في الأفلام السينمائية فتشير إليها دراسة مصرية ضمَّت 410 أفلام وما يقارب حوالي 460 شخصية نسائية، بدت فيها المرأة مجرد مخلوق وجد من أجل الرجل، فلا تشغلها قضايا المجتمع ولا تتأثر بمشاكله مهما كان نوعها سياسية أو اقتصادية أو حتى ثقافية، بل يشغلها فقط أمور الحب والزواج والإنجاب، واللافت هو إدراج قضايا المخدرات والدعارة والعلاقات غير الشرعية مع التركيز على تصوير المرأة دوماً أنها ضحية حبٍ أو زواج فاشل أو خيانة زوجية أو جريمة شرف.

استغلال المرأة يدور في كل هذه القضايا بذريعة الدفاع عن حقوقها أمام القانون، ومن خلال هذه المسلسلات والأفلام التي يفترض أنها تدافع عن المرأة، يجري تمرير قيم التفلت من سلطة الأهل أو الترويج لسلوكيات لا تتلاءم مع منظومتنا القيمية، كأن يلجأ الممثل مثلاً عند وقوعه في أي مشكلة إلى ملهى ليلي فيشرب الخمر ويدخن بلا وعي بدلا من أن يلتجأ إلى كنف العائلة أو أقاربه أو الله سبحانه وتعالى.

حتى الكاريكاتور يصور المرأة على أنها عنصر معطل للاقتصاد، ودافع إلى رفع نسبة البطالة بين الرجال، وبالتالي فإنها صورةً سلبية لمكانة المرأة ودورها. بعد كل ما تقدم يبقى أن معظم الدراسات تشير إلى أن دعوة للتغيير على مستوى المرأة ودورها لم تبرز في سياق تحليل مضمون الإعلام الموجه إلى المرأة، وإن كانت هناك إشارات تضمنتها الدراسات تبرر غياب الحديث عن التغيير بطغيان صورة المرأة الأنثى. نتيجة كون المجتمع العربي لصيق بالسلطة الذكورية والتي تضع الرجل في سدة القيادة حتى في وسائل الإعلام، فيما المجلات النسائية التي أنشئت خصيصاً للدفاع عن المرأة لم تتخلف هي بدورها عن منطق وسائل الإعلام الأخرى ذات القيادة الذكورية من منطلق الأرباح والحصول على أكبر نسبة من الإعلانات التجارية، وهذا لا يمكن أن يتماشى فيما لو أرادت المجلات الخروج على الموروث التقليدي وذلك حفاظاً على الجمهور.

لكن الأخطر من ذلك كله أنه وبدلاً من ترسيخ نهج دمج المرأة في المجتمع، نجد العمل جارياً على فصلها عنه، من خلال فرز مجلات متخصصة لها، وفي مراجعة سريعة يتبيَّنُ أن الأمور لا تقف عند هذا الحد، فقد بتنا نسمع ونشاهد ونقرأ عن أزياء للمرأة، وأخرى للرجل، وعن أجمل طفلٍ، وأجمل امرأة، ملك جمال الكون وملكة جمال الكون، حتى يخال إلينا أن المراد هو تفكيك أوصال الوحدة الإنسانية الصغيرة التي تشكل نواة المجتمع الأساسية ونعني بها العائلة وهنا مكمن الخطورة، فلتكن ولادة السيدة الزهراء عليها السلام دعوة مفتوحة من أجل نقاشٍ جدي فاعل تشترك فيه المرأة والرجل للعمل على تحصين ساحتنا ونفوسنا في مواجهة ذاك الدفق من الرسائل الإعلامية المستوردة والمقولبة في آن ٍ واحد بكامل تفاصيلها، وإذا كان ثمة قصور تقني فهل قدرنا أن لا نمحص ونمارس اختياراتنا على ما نتلقى؟ ونضع حداً لاستغلال الإنسان، امرأةً ورجلاً وطفلاً، وبالتالي يجري التفكير بنهوض مجتمعي متكامل أساسه ومنطلقه شعار «الإنسان». بهذا السؤال أختم الورقة التي أعددتها في سياق الحديث عن صورة المرأة في الإعلام بين الاستقلال والاستغلال، وأجد شخصياً بأن الإنسان بكل مفرداته هو المقصود وهو المستغل على أكثر من مستوى، وأخيراًً أشكر مركز الإمام الخميني على هذه الفرصة التي أتاحها لي شخصياً من أجل التعبير عن هذا الرأي وشكراً .

**************

 

 

حاجات حياة النساء الأساسية وارتباطها بالسيرة الصافية للسيدة الزهراء ع

2008-06-22

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ...}

هذه الآية تدعو الإنسان إلى معرفة النفس لان هذه الأخيرة هي البنية التحتية لبناء النفس.

إذا عرف الإنسان نفسه تتحقق بذلك معرفته لربه حيث « من عرف نفسه فقد عرف ربه» وفي أبعاد ذلك يكون قد وطأ في ساحة الحياة الواقعية التي رسمها الرسول الأكرم (ص) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} ولأن الإنسان قد ربي هذه الحياة الواقعية في نفسه بشكل تام فان كماله سوف يتجه أيضاً نحو الكمال المطلق لان آخر سير التكامل يتخذ صورة السير في الحق وعلى حق. السيدة الزهراء، هذه السيدة التقية والكاملة انتفضت لحماية الإسلام بالقناعة والحجاب والحياء والعدالة والدفاع عن الولاية والأشياء التي تعتقد بها تماماً.

 

حماية الرسالة والمواجهة مع الأعداء

السيدة الزهراء في معتقدها، أنّ مفتاح إنقاذ البشرية اليوم هو بيد رسول الله ورفاق رسول الله يكونوا قلة. فمن الواجب فينبغي أن تهب لنصرة ربان سفينة الإسلام في البحر الهائج الذي لا يعرف معني العدالة. مذ أن فتارة باتت في الشعب وعوض لعبها الطفولي، أصبحت شريكة أنين المحرومين. وبعد الخلاص من الشعب كانت تصحب والدها وحيدة في أزقة مكة. وكانت تحميه في مقابل استهزاء المشركين وبيديها الصغار ترفع أحشاء الإبل عن وجهه المبارك، وفي مكان كانت تقف في مقابل الأنانيين. كان يجب تحرير الفكر الإنساني من أسر المال والشهوة والأرتقاء به إلى الهدف الأسمى.

إن هذا المعتقد الطاهر للزهراء قد أودع في أذن الزمان، واليوم من الواجب علينا أن ننتفض بهذه العقيدة الصافية، وبقامتنا التي نمتلك علينا أن نضع كل احترامنا للإسلام. أن نسلح أقلامنا لنعطي الأجوبة على ما يهاجمنا به الأعداء. فلنأخذ إلهامنا من قائدنا وإلهاماته تبقى كالعقد في صدورنا ولنعرف المطالعة بأنها غذاؤنا اللذيذ. ولنركب باتجاه اعتقادنا ولنصنع من التقوى زادنا ولنغص في بحر المعرفة حتى نصل إلى ساحل النجاة.

 

التعلق العميق للسيدة الزهراء بالعبادة

فاطمة وجدت الهدف من خلقها، وتجسد جمال المعبود قد رأته في وجودها. وهي تعرف بأنها لا شيء وأن الخالق هو كل شيء {أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }. فكانت تقوم للقاء الإله لساعات في موعد العشق واقفة ً بين يديه في الصلاة. تورم قدميها كانت تقابله بالنسيان، وبرحيل الروح باتجاه النور، كانت تلتئم الأوجاع وتجد السكينة. فذابت في إرادة الله وطغى نورها على باقي المريدين، وكأنها كانت إذا ما سألت لم لا تدعين لنفسك، كانت تتفضل وتقول «الجار قبل الدار».

لقد استطاعت بعبادتها أن تفتح على نفسها أبواب رحمة الحق، وأن تهبط في منازل منيعة من الصلابة والسعادة، وأن تأخذ السكينة من محط القرب إلى الله، لتضيء على أهل السماوات. لماذا أصبحت مقر الميناء الإلهي ؟ لأن صلاتها كانت مقيدة بنظم، كما أن كسر أصنام الفخر والغرور هو عامل مخفف من وطئة الاضطراب، إلى ذلك الحد ينفذ إلى أعماق وجود الإنسان ليس فقط ليبني التأثير على روحه بل حياته. وهذه هي صلاة الزهراء التي بنتها الزهراء لتبنيها.

 

بناء الأساس المحكم للإسلام

1 – حجاب السيدة الزهراء (ع)

الإسلام لا يزال طفلاً يخطو خطواته الأولي وحتى الآن لم يذق صقيع وحر العالم، ومن أجل نموه هو بحاجة إلى صبر علي وتدبير الزهراء (ع).

الزهراء ومن أجل حماية الإسلام في مكة عملت بطريقة، واليوم في المدينة بدأ يظهر طرز صنع الإنسان، لأنها كانت تعلم بأن المجتمع هو صانع الإنسان والعائلة هي محور وأصل المجتمع كانت ومن خلال تعاملها خير قدوة حقيقية لمن يفتش عن قدوة له. لقد لبست لباساً حسناً وتزينت واتجهت لاستقبال علي لأنه عائد من السفر. وها هي الزهراء في مقابل غير محارمها تتوجه إلى المسجد لإلقاء خطبة فدك، وبشكل لا يخدش الحياء والعفة تدخل المسجد. وبعد شهادتها وعلى عكس العرب وبناء على طلبها وضعت في نعش يحيط بكل بدنها وحتى بعد شهادتها فأن الأسرار التي كانت تختزنها قد حجبت بستارة بنيت من العفاف.

أولئك الذين خسروا هذه القيم، أخذوا مواقعهم خلف ستارات العرض، وكل ما كانوا يتوهمونه بأنّ له قيمة أصبح بلا قيمة. وكل ما كان بالأمس حلماً أصبح اليوم في نظرهم غير مراد. وكأنهم كالمساجين في قلعة من الشؤم ويتعرضون للإستغلال والإهانة. ولكن الزهراء كانت تحارب كل هذه الأفكار والعادات والقيم الفاسدة. فقد علمت النساء بأن الحجاب صون لهن وليس حاجزاً مانعاً. وقد أضافت إلى علو مقام المرأة ومن خلال عزتها أعطت للمجتمع عزة.

 

القناعة وعدم البذخ عند الزهراء (ع)

لقد أعطت الزهراء للقناعة أعتباراً مهماً فالحلي لم تكن سبباً للإنشقاق أو مرورة العيش في عائلتها. لقد كانت تهتم إلى أمور المسلمين إلى حد بعيد، فكانت تعلم من خلال فراستها ومن تصرفات والدها بأن عليها أن تصرف النظر عن الستارة الجديدة المعلقة في الغرفة وعن المعصم الفضي الذي كان بيدها وأن تصرفه من أجل المسلمين.

أعمالها هذه كانت الركن الأساسي في الأقتصاد الذي ثبّت الحكومة الإسلامية وكانت منشأ لآثار قيمة أخري.

أولا : باعتماد هذه الطريقة يصبح المسلمون متمتعين بنفس المقدرات تقريباً.

ثانياً : إذا ما أصبحت القناعة نمطا في الحياة، فإن الإكتفاء الذاتي والإستقلالية عن الأشخاص المستغلين سوف تتحقق، وإذا ما انتهى هذا الإنتساب فإنّ الأنتساب الثقافي هو أحد الجوانب التي سوف تنتهي أيضاً.

أما إذا ما تحقق عكس هذا الأمر فإن ذلك اليوم هو اليوم الذي يجب أن نقرأ الفاتحة علي الإسلام، وعندها على المرأة وحقوقها وقيمها السلام، لأن ذلك الذي سيستولي على المجتمع عندها: بهيمة لا تعرف العدالة ومهين للمرأة... الخ.

هذه كانت الآثار الظاهرة لمسألة الترف أما الآثار الداخلية فهي:

إذا ما ضربت روح البذخ في داخل الإنسان، فإن حب البذخ سيفتح المجال أمام الطمع والحسد الذي سوف يأخذ مأخذه، عندها يجب أن تؤمن كل مستلزمات حب النفس من أجل التألق والبذخ وإلا فلن يهنأ بشرب الماء وإذا ما امتلك أحد هذه الأمور فإن نار الحسد سوف تهيمن على قلبه.

أغلب الأفراد الذين يحبون البذخ والترف يكونوا من فاقدي الصداقة الحقيقي، حتى أنهم يعانون المآسي من هذه المسألة. إن الآثار التي ذكرت هي من الإخلاص المستقيمة وغير المستقيمة لحب الترف، الناشئة من نفس محبي الترف. وللمرأة إلى حد كبير دور وتأثير في إيجاد هذه المفاسد.

3 - مواكبة السيدة الزهراء للولاية

أي شيء يمكن أن يسعي إليه أي شخص هو المثالي بنظره. وأي شيئ يلبي ندائه هو العقيدة المثالية له، والذي من أجل هدفه الراقية، لديه الإستعداد لأن يضحي بأعزائه فداء له.في هذا السياق إن كانت المرأة أو الرجل فهم يوفون بتأثيرهم الأساسي في هذا الموضوع.

السيدة الزهراء هي من هؤلاء النسوة العظام. فهي وإن لم تكن في المعركة ولكنها في الخلف تعمل علي تضميد جراح علي وتغسل له سيفه بماء الكوثر الزلال.

إنّ لمواكبة السيدة الزهراء لزوجها فصل طويل والذي يمكن أن نجني من كل شجرة من شجرات ذلك الفصل ثمرة ومن كل زهرة رائحة عطرة.

عظمة منزلتها يمكن أن نراها تتجلي أمام حقيقة تقول انه لن تمر لحظة من لحظات الولاية من دون عناية ومؤازرة.

السيدة الزهراء تعلم أن الولاية هي منجية البشرية من سرداب المذلة والخشوع. ولأجل إظهار حقها كانت تخطب بالناس في المسجد وتذهب ليلاً إلى منازل أهل المدينة تطلب مؤازرتهم، وقد طلبت من معاذ بن جبل أن يساندها في استرداد أرض فدك من الغاصبين ولكن لم يعنها أحد علي ذلك ولكن رغم كل ذلك بقي زمزم ذلك الكلام الرباني يتدفق علي مسامعها : {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى}.و بالنسبة لها كان سهل عليها أن تقدم روحها فداءا لقائدها.

وتعاق اثر عصرها بين الباب والحائط وتصفع على وجهها بشكل مظلوم.

وقد أطاعت زوجها وإمامها في أحلك الظروف عندما طلب منها الإمام علي أن لا تلعن الغاصبين لولايته أثناء أخذهم البيعة منه وتسمع كلامه وتعود أدراجها إلى المنزل وتردد قائلة : «إذا ارجع وأصبر واسمع له وأطيع» ولكن الناس لم يفهموا ولم يلتفتوا لحق علي والزهراء وبسبب ذلك تتبع طرقاً أخري للتعبير عن حقها، وتقبع في بيت الأحزان الواقع في البقيع وتشهر سلاح البكاء لإثبات مظلوميتها، وعندما كانت على فراش المرض لم تعط الإذن بالدخول للذين جفوا في حقها ولم تقبل شفاعة الإمام علي لهم. لم تقبل أيضاً أن يشارك السالبون لحقها في غسلها ودفنها والصلاة عليها.

إنّ هكذا ردة فعل قوية في وجه الغاصبين ليست سوى جواب لسؤال يجول في خاطر أفواج من البشر يستفسر عن الولي من هو ؟ وما هي الولاية حتى تقوم السيدة الزهراء بكل إمكانياتها للدفاع عنها. الولي يعني أب المجتمع. الأب الذي هو مكلف أن يؤمن الطعام واللباس والمسكن ووسائل تعليم الأبناء وهذا الابن يجب أن ينصت لأوامر ذلك الأب الصالح وفي هذا الدرب على الأب أن يضحي من خلال نومه وطعامه.

هذه هي السيدة الزهراء التي تعرف حق معرفة أن الإمام علي هو ولي وأب المجتمع الذي هو بحاجة للسعادة وللعمل بالدين والشخص الوحيد الذي يمكنه أن يؤمن حاجات هذا المجتمع المادية والمعنوية هو الإمام علي(ع) حتى من اجل مصلحة هؤلاء ينتخب مولانا الصمت المر عن حقه والسيدة الزهراء بقيت من بين المحامين القلائل عن حق علي ابن أبي طالب. السيدة الزهراء كانت تلتزم بأوامر سيدها بشكل مطلق ومن دون تردد، إذا قال لها ارجعي رجعت وان قال لها اصبري صبرت.

حتى اللحظات الأخيرة التي كانت تتمتع فيها بصحة جيدة لم تتواني عن المسيرة التي بدأتها، حتى وعندما كانت مريضة في الفراش.

**************

 

 

 

مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني

2008-06-23

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين ابا القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

مكانة المرأة في الإسلام‏، رؤية الإمام الخميني (قده)‏

لقد ارتقى الإمام الخميني (رض) في مستوى خطابه للمرأة ورفعها إلى أعلى مصاف الإنسانية... وقدَّمها في رتبة الصالحين والقادة السياسيين الذين خططوا طوال العقود وما زالوا لمستقبل الأمم والشعوب وإدارة مصالحها... ونزَّهها وكرَّمها أفضل ما يكون التنزيه والتكريم... وأعانها وحذرها بأسلوبه البليغ الذي صاغت حروفه عمق شخصيته وبُعد معرفته المتأصلة والمتجذرة... ونهاها عن الانحراف والاستماع إلى الدسائس والمؤامرات التي يحوكها أعداء الإسلام والإنسانية لطمس هوية الإسلام وخصوصاً تلك المكانة الراقية التي منحها الإسلام للمرأة من أجل إبعادها عن دورها الرئيسي في الحياة وعن ساحة القدسية

والطهارة والقذف بها إلى مهاوي الرذيلة والسوء والفساد...‏

 

ظلم المرأة تحت شعارات واهية‏

عمد الاستكبار العالمي إلى إفساد المرأة وإبعادها عن أغلى واجباتها، مستعملاً الأبواق الإعلامية، بكل ما تزخر به من ضلال ومغريات وضياع القيم والعفاف ومسؤولية تربية الأجيال ورعاية الأبناء.‏

وفي ذلك يقول الإمام (رض): "... كانت المرأة مظلومة في فترتين، ففي الجاهلية لحقها ظلم كثير قبل أن يمنَّ الإسلام على الإنسان وينقذ المرأة من الظلم الذي كانت تعانيه في الجاهلية، حيث كان التعامل معها لا يختلف عن التعامل مع الحيوانات...‏

وفي بلادنا ظُلمت المرأة ثانية في هذا العصر إذ ظلموا المرأة تحت شعار المطالبة بتحريرها. لقد ألحقوا بالمرأة ظلماً فادحاً، جرَّدوها من عزِّها وشرفها. حوَّلوها إلى سلعة بعد تلك المكانة المعنوية التي كانت تنعم بها..."‏

ونستشف من كلام الإمام (رض) الظلم الذي تعانيه المرأة في واقعنا الحاضر حيث استخدمت أداة ووسيلة لتحقيق أهداف القوى الشيطانية...‏

 

المكانة الحقيقية للمرأة:‏

لقد حفظ الإسلام للمرأة جانباً مهماً في دائرة الحقوق الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية مغايراً تماماً لما يذاع على ألسنة المنادين بشعارات حقوق المرأة، والذين فهموا منها أن تنزل المرأة إلى الشارع وتسابق الرجال في ميادين أعمالهم متخلية بذلك عن واجباتها الأسرية والزوجية والرعائية. فالموقع الذي أعطاه الإسلام للمرأة، والمكانة العظيمة التي بوَّأها هي أعظم بكثير مما أعطاه للرجل وخصَّها بكرامة تربية الأجيال وصناعة الرجال التي هي مسؤولية كبيرة وعظيمة لا يستطيع الرجل أن يتحملها وفي هذا يقول الإمام الخميني (رض): "القرآن الكريم يصنع الإنسان والمرأة تصنع الإنسان... المرأة مربية البشر".‏

ولم يمنعها الإسلام أبداً من العمل والانخراط في الميادين الاجتماعية والثقافية والسياسية والتواجد في المحافل الأدبية والاهتمام بالشأن العام وغير ذلك... ولكن ضمن حدود مراعاة جانب العفّة والحجاب وأن تخرج إلى المجتمع بإطارها الإنساني لا الأنثوي... وفي هذا يقول الإمام (رض): "الإسلام يؤهل المرأة لأن يكون لها دور في جميع الأمور، تماماً كالرجل، وكما ينبغي للرجل أن يتجنب الفساد فكذلك المرأة مطالبة به ولا ينبغي أن تكون النساء ألعوبة بأيدي الشباب التافهين، بل ينبغي للمرأة أن لا تحط من مكانتها ومنزلتها، وتخرج متبرجة... لتطاردها أنظار الفاسدين".

إن رؤية الإمام للمرأة هي رؤية الإسلام والقرآن وسيرة المعصومين (ص) . لكن هذه الحقيقة الناصعة.. طمست معالمها... وخنقت أنوارها... إلى أن أتى الإمام وجلاَّها وأبطل زيغ المنافقين.‏

 

دعوى إلى العلم والتقوى‏‏

يؤكد الإمام (رض) مبدأ الإسلام الذي دعا المرأة إلى أن تتكامل، وأن تسمو بفكرها، وترتفع عن صَغار وحطام الدنيا... وأن تنظر بعين إلهية حتى تصل إلى تهذيب ذاتها وهذا مطلب ليس باليسير تحقيقه بل بحاجة إلى صبر وثبات وقوة إرادة ويقين باللّه عز وجل... فمتى ما هذَّبت ذاتها واستحقت هذا اللقب استطاعت أن تهذِّب وتربي أولادها وتعلم مجتمعها وأمكنها أن تحلق في سماء الطهر والعفاف وهذا لا يأتي إلا بالإيمان والتقوى والتحلي بالعلم النافع والتأسي بسيرة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(ص)، لذلك يخاطب الإمام (رض) النساء قائلاً لهنَّ:‏

"واجهدن في كسب العلم والتقوى. فالعلم لا يقتصر على أحد، بل هو ملك الجميع والتقوى ملك الجميع، ومن واجبنا جميعاً أن نسعى لطلب العلم والتقوى".‏

 

الجمال في إنسانية المرأة‏

يشير الإمام (رض) إلى أدوات الفساد والتبرج التي تستغل في الحرام والتي تستوردها المرأة من الغرب لإبراز أنوثتها وجمالها وصرف اهتمامها إلى هذا الحيز فقط من حياتها يقول الإمام: "... ما دام الشغل الشاغل لهؤلاء النسوة الزي الفلاني والماكياج الكذائي والموضة القادمة من الغرب... ما لم تتخلي عن هذا التقليد الأعمى فليس بإمكانك أن تكوني إنساناً، ولن تحققي استقلالك".‏

وصدق الإمام حين قال إن لم تتخلَّ المرأة المسلمة عن تقليدها للغرب في الأشياء المحرمة التي لا تنتمي إلى القيم والمبادئ الإسلامية والإنسانية فلن تكون إنساناً لأن قيمة الإنسان بعقله وفكره وما يقدمه للبشرية من عطاءات وخدمات، لا بتبعيته وتقليده وخضوعه.‏

 

دور المرأة في التربية‏

كثيراً ما يؤكد الإمام في خطابه للمرأة على مبدأ التربية والتعليم لأنهما يرفدان المجتمع بأفراد وعناصر صالحين ولأجل هذا أرسل اللّه تعالى الأنبياء والرسل، وقرن الإسلام دور المرأة بدور النبي، فالنبي يربي المجتمع الكبير والمرأة تتولى القيام بتربية المجتمع الصغير الذي هو أسرتها وأفراد عائلتها والتي تتأثر بطبيعة الغذاء الروحي الذي تقدمه لأطفالها وهذا الغذاء عبارة عن مجموعة من القيم والمبادئ‏ والعادات السامية التي بها تستقيم النفوس وترتقي لذلك خصَّ الإمام (رض) خطابه إلى الأمهات قائلاً:‏

"إن نفوس الأطفال تتأثر بالتربية سريعاً، تتقبل الحسن والقبيح بقوة، وأنتن المسؤول الأول عن أفعال الأطفال وتصرفاتهم، إنهم يترعرعون في أحضانكن... إن طفلاً واحداً يتربى في أحضانكن من الممكن أن يسعد شعباً كاملاً... أما لو كانت تربيته سيئة فقد يفسد مجتمعاً لا سمح اللّه".

إن الإمام بكلماته يصور واقع المجتمع الذي نعيش فيه، فكم من الأطفال الذين تربوا في أحضان نساء صالحات قادوا البشرية نحو الهداية والصلاح بعلمهم وإيمانهم... والعكس كذلك! فكم من القادة وزعماء السوء قادوا البشرية نحو الحروب والهلاك! فمن المسؤول عن ذلك؟... أو ليست تلك التربية المبنية على الطمع والجشع والأنانية؟... لذلك يخاطب الإمام (رض) النساء في جميع أنحاء العالم إلى أن يرجعن إلى القدوة الإلهية التي هي للنساء والرجال معاً كي يقتدين بها... ويستضئن بنور علمها المبارك... وأن يتصفحن التاريخ جيداً في سيرة السيدة الزهراء (ص) التي كانت مثالاً للتربية ومناراً للتعليم والتي خرّجت من حضنها أئمة الهدى على امتداد البشرية، يقول في حقها الإمام(رض): "امرأة ربَّت في حجرة صغيرة وبيت متواضع، أشخاصاً يشع نورهم من بسيطة التراب إلى الجانب الآخر من عالم الأفلاك ومن عالم الملك إلى الملكوت الأعلى، صلوات اللّه وسلامه على هذه الحجرة المتواضعة التي تبوَّأت مركز إشعاع نور العظمة الإلهية، ودار تربية خيرة ولد آدم".

أمَّا لماذا ركز الإمام(رض) على الرجوع لسيرة الزهراء(ص) والاقتداء بها... فلأنها(ص) جسَّدت الإسلام بكل معانيه واكتسبت من نور العظمة الإلهية مبادئ‏ الحق.‏

 

المرأة في الجهاد السياسي:‏

إن مسؤولية المرأة في مجال الأخذ بمبادئ‏ الجهاد والدفاع عن الإسلام والتحدِّي السياسي والحضاري لقوى الشرق والغرب تقع في الدرجة الأولى، فهي قطب الرحى وتقع على عاتقها أدوار جليلة وعظيمة ويرفع الإمام من قدرها لما قدمته من خدمات تنحني لها الأجيال حيث شاركت في إيران وبشكل كبير في المظاهرات والاعتصامات وأعلنت موقفها برفض التبعية والاستغلال وانخرطت في الحياة السياسية وساهمت في الانتصار العظيم الذي حققته الثورة الإسلامية، يقول الإمام في هذا الصدد:‏

"لو لم تكن هؤلاء النسوة لما كنَّا خطونا خطوة واحدة... هؤلاء هم الذين يدفعونني لأن أخطو إلى الإمام...".‏

كيف نستفيد من خطاب الإمام(رض)؟‏

نلاحظ أن الإمام (قده) وجه خطابه إلى جميع الشرائح الاجتماعية.. ليس على مستوى إيران فحسب بل إلى جميع الشعوب والدول والقادة والزعماء والرؤساء والسياسيين...‏

ولم ينس المرأة بل اعتنى بها، ورفع من شأنها، كي يرفع الظلم الذي لحق بها وانتشلها من جديد فبيّن ما لها من حقوق وعليها من واجبات وهو إذ يتحدث عن النساء )الزوجة، الأم، المرأة، المربية، العاملة...( يبين خطورة أدوارهنَّ، والمهام العظيمة التي أولاهن اللّه إياها إذا نفذن وصايا الإسلام على أكمل وجه.‏

 

 

 

دور المرأة في المجتمع في كلام الإمام الخميني

الفهرس2008-06-24 06:56:51

- إنّ للمرأة دوراً كبيراً في المجتمع، والمرأة مظهر لتحقق آمال البشر.

- المرأة مربية الإنسان.

- من أحضان المرأة ينطلق الرجل نحو السمو.

- المرأة هي الموجود الوحيد الذي يمكنه إتحاف المجتمع بأفراد يندفع المجتمع (بل المجتمعات) ببركة وجودهم نحو الاستقامة والقيم الإنسانية العليا.

- إنّ دور المرأة في المجتمع أهم من دور الرجل، لأنّ النساء والسيدات -وعلاوة على كونهن شريحة فعّالة على كل الأصعدة- فإنهن يتصدين لتربية الشرائح الفعّالة الأخرى أيضاً.

- إنني ألاحظ أنّ هناك تطوراً عجيباً في مجتمع المرأة يفوق ما حصل لدى الرجال.

- إنّي ألمس تطوراً عجيباً عند النساء يفوق ما حصل عند الرجال.

- إنني أباهي بنساء إيران، فالتطور الذي حصل عندهن جعل المخططات الشيطانية على مدى ما ينيف على الخمسين عاماً، والتي ساهم بها المخططون الأجانب والعملاء الأراذل -بدءاً بالشعراء المبتذلين ومروراً بالكتّاب وأجهزة الإعلام الأجيرة- تصبح كلها هباءً منثورا.

- لقد أثبتت النساء في عصرنا الحاضر أنهن جنباً الى جنب الرجال في الجهاد، بل إنهن تقدّمن عليهم.

- إننا نفخر أنّ السيدات والنساء صغاراً وكبارً، ناشئات وعجائز، يمارسن دورهن الفاعل في المجالات الثقافية والاقتصادية والعسكرية كالرجال، أو أفضل، سعياً في تحقيق رفعة الإسلام وأهداف القرآن الكريم.

- إنني وكلّما رأيت السيدات المحترمات وهنّ يوطنّ أنفسهن لتحمّل أنواع الصعوبات في سبيل تحقيق أهداف بلدنا المرحلية، بل وحتى الشهادة، يملؤني الاطمئنان الى حتمية انتصارنا في هذا السبيل.

- السيدات هنّ قادة نهضتنا.

- أنتنّ أيتها السيدات الشجاعات ضمنتن النصر للإسلام بوقوفكن جنباً الى جنب الرجل.

- لقد كان لكنّ أيتها الأخوات نصيباً وافراً في هذه النهضة.

- إنّ رجالنا مدينون لشجاعتكن أيتها النساء البطلات.

- إننا نرى أنّ كثيراً من النجاحات التي تحققت رهينة بخدماتكن أيتها السيدات.

- إنّ كثيراً من خدمات الرجال أيضاً رهينة بخدمة النساء.

- إنّ لسيدات إيران نصيب أكبر من الرجال في هذه الثورة.

- إنّ سيداتنا العزيزات كنّ سبباً في خلق الشجاعة والجرأة لدى الرجال.

- إنّ ما تحقق لنا من انتصار يعود الى النساء قبل الرجال.

- إنّ أكبر ما حصل في إيران هو التحوّل الذي حصل لدى المرأة.

- لو لم يكن لهذه النهضة والثورة الإسلامية سوى هذا التحول الحاصل لدى السيدات والشبّان لكفى.

- إنّ الشعب الذي تقف نساؤه في الصف الأول من أجل تحقيق الأهداف الإسلامية لن يصيبه ضرر.

- أيّ فخر أكبر من أنّ نساءنا المحترمات صمدن في الصفوف الأولى مقابل النظام الظالم السابق، وبعد تدميره وقفن في مقابل القوى العظمة وعملائها وأظهرن من البطولة ما لم يسجل التاريخ عن الرجال في أيّ عصر من العصور نظيراً له.

- لتكن النساء متقدمات في تربية وعليم مجتمعنا المحترم.

- إذا سُلبت النساء المربيات للإنسان من الشعوب فسوف تنحدر الشعور نحو الهاوية.

- إنّ صلاح أو فساد مجتمع ما ينبع من صلاح أو فساد نساء ذلك المجتمع.

- أنتم يا رجال التاريخ ونساءه يجب أن تثبتوا صمودكم في سبيل سحق الظالمين والدفاع عن الحق للعالم والأجيال القادمة.

- لقد أعطى الإسلام الحرية للمرأة.

- إنّ الإسلام ليس فقط مع حرية المرأة، بل إنه الرائد في مجال تحرير المرأة في كل أبعاد حياتها.

- إنّ التشيّع ليس فقط لا يُبعد المرأة عن ساحة الحياة الاجتماعية، بل إنه يضعها موضعاً إنسانياَ رفيعاُ في المجتمع.

- للمرأة في النظام الإسلامي نفس الحقوق التي للرجل: حق التعلم، حق العمل، حق الملكية، حق الإدلاء بالرأي، وحق الترشيح.

- ليس بين المرأة والرجل تفاوت من الناحية الحقوقية الإنسانية، سيما وأنّ كلاهما إنسان، فللمرأة حق تقرير مصيرها، كما هو الحال بالنسبة للرجل.

- المرأة حرة مثل الرجل في تقرير مصيرها ونشاطها.

- يمكن للمرأة في النظام الإسلامي المشاركة الفعّالة مع الرجل في بناء المجتمع الإسلامي.

- لقد أنقذ الإسلام النساء مما كنّ عليه في الجاهلية، والله العالِم أنّ المدى الذي قدّم فيه الإسلام الخدمات للمرأة قد يفوق ما بلغه فيما قدّمه للرجل.

- الإسلام يرى أنّ للنساء دوراً حساساً في بناء المجتمع الإسلامي، لذا فقد ارتقى بالمرأة الى الحد الذي تستطيع معه أن تستعيد موقعها الإنساني في المجتمع، وأن تخرج من كونها شيئاً حتى تتمكن من خلال ذلك تحمّل مسؤولياته في بنية الحكومة الإسلامية.

- على النساء اليوم أن يؤدّين مسؤوليتهن الاجتماعية الدينية، وان يحافظن على العفة العامة، وأن يؤدين الأعمال الاجتماعية والسياسية مع تمسكهن بعدم خدش هذه العفة العامة.

- إنّ ما يخالفه الإسلام ويعدّه حراماً هو الفساد، سواء كان من جانب الرجل أم من جانب المرأة، فلا فرق في ذلك، ونحن إنما نريد تحرير النساء من الفساد الذي يتهددهن.

- إننا نريد للمرأة أن تتسلم مقامها الإنساني الرفيع، لا أن تكون ألعوبة.

- إنّ الإسلام لا يريد للمرأة أن تكون شيئاً وألعوبة بيد الرجال.

- الإسلام يريد المحافظة على شخصية المرأة وجعلها إنساناً جدياً وفعّالاً.

- لقد أراد الإسلام للمرأة والرجل المحافظة على حيثيتهما الإنسانية.

- لقد فرض الإسلام الحجاب على المرأة، ولكن ليس من الضروري أن يكون حجابها "الشادور"، فهي تستطيع اختيار أي لباس يؤدي غرض الحجاب.

**************

 

 

 

مع الإمام الخامنئي: أولى أولويات المرأة الأسرة

2008-06-24

من المهم أن تكون العائلة على رأس الأولويات بالنسبة للمرأة، أي دور المرأة بصفتها عضواً في الأسرة.

إنّ هذا الدور في نظري يفوق جميع الأدوار التي يمكن أن تؤدّيها المرأة أهمية.‏

إنّ البعض قد يعارض مثل هذا الكلام للوهلة الأولى وبلا هوادة، قائلاً: إنكم تريدون أن تكون المرأة حبيسة جدران البيت، دون أن يكون لها حظ من ممارسة النشاطات الحيوية في الخارج. كلا، فنحن لا نقصد هذا على الإطلاق، كما أنّ الإسلام لم يقل به أبداً. فعندما يقول الإسلام (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) (التوبة: 71) فهذا يعني أنّ المؤمنين والمؤمنات شركاء في الحفاظ على النظام الاجتماعي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم يستثنِ المرأة، ونحن أيضاً لا نستطيع استثناء المرأة.‏

إنّ مسؤولية إدارة المجتمع الإسلامي وتقدّمه، تقع على كاهل المرأة والرجل كليهما، كلاً منهما حسب طبيعته وإمكانياته.‏

إنّ الكلام لا يدور حول إمكانية تحمّل المرأة للمسؤولية خارج المنـزل أم لا، فلا شك أنها تستطيع، وهو ما لم ينفه الإسلام أبداً، بل إنّ البحث يدور حول السؤال: هل يحق للمرأة التضحية بدورها في المنزل كأم وزوجة بسبب المغريات التي قد تتصور وجودها خارج نطاق المحيط العائلي؟ هل لها الحق في ذلك؟ إننا نؤكد على هذا الدور.‏

إنني أقول بأن أهم دور يمكن أن تقوم به المرأة على مختلف مستوياتها العلمية والدراسية والمعرفية، هو دورها كأم أو زوجة، فهذا أهم من كل أعمالها ونشاطاتها الأخرى؛ لأنه لا يمكن لأحد غير المرأة القيام به.‏

إنّ من الممكن أن تكون لهذه المرأة مسؤوليات أخرى، فليكن، ولكن هذه المسؤولية يجب أن تحظى بالأولوية لديها، وأن تعتبرها مسؤوليتها الأولى والأساس.‏

 

* أهمية دور المرأة داخل الأسرة

إنّ الجنس البشري ونموّ وسموّ طاقات الإنسان الباطنية، منوط بهذا الدور، وعليه المعول في الحفاظ على السلامة النفسية والروحية للمجتمع، كما لا ينبغي أن نتجاهل طبيعة هذا الدور، في توفير السكينة والهدوء والطمأنينة والتغلب على حالات القلق والانهيار والاضطراب.‏

ليس ضرباً من البطولة أو الفن أن تقلّد المرأة الرجل في عمله، فللمرأة عمل نسائي يفوق في أهميته الأعمال الرجالية كافة.‏

إنّ هناك في العالم اليوم من الأيادي المشكوك فيها، ما يروّج للثقافة المناهضة للقيم، فهم يريدون إغراء المرأة بأن تتحوّل إلى رجل!‏

إنهم يعتبرونه حطّاً من شأن المرأة ألاّ تقوم بنفس ما يقوم به الرجل! فهل هذا حطٌّ من قدرها؟ إنها نظرة خاطئة لمثل هذه القضية.‏

إنهم يقولون بأن من العيب أن نقول بأن المرأة امرأة، وأنّ الرجل رجل.‏

حسناً، أفليس الأمر كذلك؟ إنكم تريدون أن نقول بأن المرأة رجل، فعندها تكون رجلاً اصطناعياً، أو نسخة غير أصلية من الرجل! فهل في ذلك فخر للمرأة؟‏

إنّ للمرأة أن تفخر بأن تكون امرأة، امرأة كاملة، وأنثى كاملة. وحتى عندما تنظر من زاوية القيم الرفيعة، فإن هذه القيمة أي المرأة الكاملة لا تقلّ بأي حال عن قيمة الرجل، بل إنها قد تفوقه كثيراً في بعض الأحيان. فلماذا نتخلّى عن ذلك؟‏

إنّ هناك مسؤوليات مشتركة لما أسلفنا، فمسؤولية الحضور في المجتمع ومعرفة أسقامه ومحاولة علاجها، لا تخص الرجل دون المرأة، بل إنّ المرأة لا يمكنها التخلّي عن مسؤوليتها في هذا الصدد.‏

وإذا ما كان على المرأة أن تقوم بدور في هذا المجال، فلها ذلك وبلا حدود، ولكن المهم بالنسبة لها هو تلك المسؤوليات الخاصة التي كلّفها بها الله سبحانه وتعالى وفقاً لطبيعتها وفطرتها.‏

 

* النظرة الخاطئة للمرأة‏

إنّ النظرة التي يحاول الغرب تكريسها اليوم بالنسبة لمسألة المرأة والرجل، هي نظرة خاطئة وباطلة، وستؤدي إلى ضياع الكثير من القيم والمُثُل في المجتمع البشري، وهو ما نلمح اليوم بوادره هنا وهناك، وخصوصاً في مجتمعاتنا.‏

 

فلا بد من تصحيح هذه النظرة.‏

إنّ شعارات واختلاقات العقل الغربي حول المرأة، لم تستطع إنقاذها حتى الآن مما كان يلحق بها من غبن داخل الأسرة وخارجها على مدى التاريخ، حتى ولو حدث وكان بالإمكان التغلّب على ما تعانيه المرأة من ظلم وهو ظلم له أسبابه الطبيعية والاضطرارية في بعض المجتمعات ـ فإن ذلك حدث في ظل أخلاقيات الرجل وقوانينه وسلوكياته المهذّبة.‏

ولكننا لم نعد نرى لذلك أثراً في الغرب على الإطلاق. فالإحصائيات تدلّ على أنّ ما تعانيه المرأة في الغرب اليوم من ضغوط بدنية مختلفة وآلام روحية ونفسية شديدة، يفوق بكثير ما تعانيه المرأة عندنا أو في بلدان أخرى.‏

ولهذا، فإنهم لم يستطيعوا الحيلولة دون هذه المشكلة من ناحية، بل إنهم تسببوا في وقوع كارثة من ناحية أخرى.‏

إنّ علينا أن ننظر نظرة شمولية جامعة لقضية المرأة، وهذه النظرة نجدها في الإسلام.‏

 

* قيمة أصالة المرأة‏

إنّ مسألة إعطاء قيمة لأصالة المرأة وأنثويتها، تمثّل قيمة عليا بالنسبة لها، بل تعدّ أصلاً.‏

إنّ تشبّه المرأة بالرجل لا يُعتبر قيمة على الإطلاق. كما إنّ تشبّه الرجل بالمرأة أيضاً، لا يعدّ هو الآخر قيمة تُذكر.‏

إنّ لكل منهما دوره، وموقعه، ومكانته، وطبيعته، كما إنّ هناك هدفاً من وضعهما الخاص في الخليقة الإلهية الحكيمة، وهو هدف لا بد من تحققه، فهذه مسألة مهمة.‏

إنّ باستطاعتكنّ اليوم أيتها السيّدات القيام بدور في هذا المجال، فبوسعكنّ البحث والتأليف والنشر، وتحقيق ذلك أيضاً على الساحة العملية.‏

لقد قلت ذلك مراراً، وإنّي أكرره اليوم، فلقد كان هناك ظلم للأسف الشديد في مجتمعاتنا أي المجتمعات الإسلامية والمجتمع الإيراني كما في المجتمعات الغربية فيما يتعلق بالقضايا العائلية لكل من المرأة والرجل، ولا سيّما داخل الأسرة، فلا بد من القضاء على ذلك.‏

إنّ النصيحة قد تفيد أحياناً، وقد لا تفيد، فلا بد من قوة القانون لإصلاح الأمر.‏

* أخلاقيات التعامل بين الرجل والمرأة‏

إنّ النساء يتعرضن للظلم. فالرجل يستغل ما لديه من القوة البدنية والمميزات الذكورية الأخرى في بعض الأحيان لفرض موقفه على المرأة، فيجب الحيلولة دون ذلك.‏

إنّ عصا القانون قادرة على الردع، ولكن، وكما أسلفنا، فإن كل شي‏ء يبقى ممكناً بسلوك الرجل القويم وأخلاقه الفاضلة.‏

إنّ توضيح طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة في المنظومة الإسلامية ـ خلقياً وقانونياً ـ يعتبر من المواضيع التي ينبغي التركيز عليها في رأينا.‏

إنّ البعض قد يكون متديناً، ولكن نظراً لعدم المعرفة الصحيحة بالمفاهيم الإسلامية، وعدم الاطلاع الدقيق على أخلاقيات التعامل بين المرأة والرجل في الإسلام، فإن تديّنه لا يقلل من خطإه ولا يخفف من تحكّمه وفرض سيطرته، وهذا ليس من الصواب، حيث لا يمكن الجمع بين التديّن وحب التسلّط والسيطرة، وهذا ما يجب تصحيحه.‏

لا بد من إيلاء الأهمية للأخلاق الإسلامية داخل المحيط الأسري.‏

إنّ مسألة الحجاب مسألة مهمة جداً، وأنا أعتبرها في غاية الأهمية، وتبرز هذه الأهمية في مواقع كثيرة، ومنها المحيط العائلي والعلاقة الأسرية.‏

 

ــــــــــــــــــــــ

 

مقتطف من خطبة القيت في ذكرى ميلاد سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) في ‏4 ـ 7ـ 2007م.

 

 

 

فاطمة الزهراء (ع) في فكر القائد

2008-06-24

* إن كل ما نقوله حول الزهراء (عليها السلام) قليل، وفي الحقيقة إننا لا نعلم ما يجب قوله في الزهراء (عليها السلام) وما يجب التفكير فيه، فالأبعاد الوجودية لهذه الحوراء الإنسية والروح الخالصة وخلاصة النبوة والولاية، واسعة ولا متناهية وغير قابلة للإدراك وهي بصورة بحيث يتحيّر الإنسان فيها.

20 جمادى الثاني 1415 هـ

 

* عظمة السيّدة الزهراء (ع) تثير العجب والحيرة، وكذلك عظمة الرسالة التي أظهرت هذا الكائن عظيم القدر وجليل المنزلة.

21 جمادى الثانية 1413 هـ

 

* لو أخذتم جميع القيود التي يمكن أن تحيط بالمرأة حينها يمكنكم رؤية العظمة التي أثبتتها هذه السيّدة المكرّمة في هذا العمر القصير.

21 جمادى الثانية 1413 هـ

 

* إن حياة فاطمة الزهراء (ع) في جميع الأبعاد، كانت مليئة بالعمل والسعي والتكامل والسموّ الروحي للإنسان.

21 جمادى الثانية 1413 هـ

 

* إن فاطمة الزهراء (ع) شخصيّة عظيمة من المرتبة الأسمى في التاريخ.

19 جمادى 1418 هـ

 

* إنها المرأة التي بلغت في عمرها القصير مراتب معنويّة وعلميّة توازي مراتب الأنبياء (ع) الأولياء.

19 جمادى الثانية 1418 هـ

 

* فاطمة فجر ساطع انبلجت من جنبه شمس الإمامة والولاية والنبوّة.

19 جمادى الثانية 1418 هـ

 

* فاطمة سماء عليا ضمّت بين جوانحها كواكب الولاية الوضّاءة.

19 جمادى الثانية 1418 هـ

 

* فاطمة بضعة الرسول المكرَّمة قدوة النساء والرجال على امتداد تاريخ الإسلام.

20 جمادى الثانية 1420 هـ

 

* الوجود المقدّس لفاطمة الزهراء مصداق الكوثر بالنسبة للرسول.

20 جمادى الثانية 1420 هـ

 

* الوجود السخيّ لفاطمة أصبح سبباً لتخليد اسم الرسول وذكره ونهجه ومعارفه...

20 جمادى الثانية 1420 هـ

 

* الأبعاد الوجوديّة لهذه الحوراء الإنسيّة والروح الخالصة واسعة غير قابلة للإدراك.

20 جمادى الثانية 1415 هـ

 

* إن نجم عالم الخلق الزاهر ليس بالذي نراه ونتصوّره، إننا نرى نور شخصيّة الزهراء، لكنها أعظم من هذا بكثير.

20 جمادى الثانية 1415 هـ

 

* فاطمة الزهراء (ع) استقبلت تلك الشهادة العظيمة بكل رحابة صدر.

20 جمادى الثانية 1415 هـ

 

* فاطمة أضحت كوكباً سيظلّ‏ُ نوره الأبهى على مدى الزمان منيراً.

14 جمادى الثانية 1418 هـ

 

* ... إن فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت في عصرها بصورة بحيث لم يمتدحها أبوها وبعلها وبنوها وخواص شيعتهم فحسب، بل أنها كانت تُمتدح حتى من قبل أولئك الذين لم يكن لهم علاقات سليمة معها.

20 جمادى الثاني 1415 هـ

 

* ... اللهم لا تحرمنا حبّ الزهراء (عليها السلام) وولايتها في الدنيا والآخرة بحق محمد وآل محمد، واهدنا بنور الزهراء المطهرة. اللهم زد حبها في قلوبنا يوماً بعد يوم، وأمتنا على حب آل النبي (صلى الله عليه وآله)، واحشرنا يوم القيامة على حب آل النبي...»..

20 جمادى الثاني 1415 هـ

 

 

 

الكوثر هبة الباري

2009-06-13

يقول الله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم. إنا أعطيناك الكوثر. فصل لربك وانحر. إن شانئك هو الابتر).

هذه السورة المباركة هي من جملة السور التي تحدى الله بها الإنسانية على أن يأتوا بمثلها، وهي في الوقت عينه، من أعظم السور دلالة ومعرفة رغم أنها أقصر سورة قرآنية، بل إن لطائفها ونكاتها وبلاغتها بيّنة لمن خبر الفصاحة من قول العرب.‏

 

* ما معنى الكوثر؟‏

يقول السيد المرتضى(1): فأما (الكوثر) فقد قيل: إنه نهر في الجنة. وقيل: إن (الكوثر) النهر بلغة أهل (السماوة)(2). وقيل: إن الكوثر إنما أراد به الكثير، فكأنه تعالى قال: إنا أعطيناك الخير الكثير. وهو أعجب التأويلين إليّ، وأَدْخَلُ في أن يكون الكلام في غاية الفصاحة، فإن العبارة عن الكثير بالكوثر من قويّ الفصاحة.‏

وقوله (فصلّ لربك وانحر) أن استقبل القبلة في نحرك، وهو أجود التأويلات في هذه اللفظة ومن أفصح الكلام وأبلغه وأشدّه اختصاراً. وقال: فأمّا قوله (إن شانئك هو الأبتر) فمن أعجب الكلام بلاغة واختصاراً وفصاحة، وكم بين الشانئ والعدو في الفصاحة وحسن العبارة. وقيل: إن الأبتر هو الذي لا نسل له ولا ذَكَرَ له من الولد. وقيل: إن الأبتر ها هنا هو المنقطع الحجة والأمل والخير، وهو أحب إليّ وأشبه بالفصاحة. فهذه السورة على قصرها كما تراها في غاية البلاغة.‏

هذا القول منه وأشباهه يدفعنا إلى محاولة سبر غور معاني ما جاء الله به من معارف ومفاهيم، بغض النظر عن فصاحة القرآن المتفق عليها عند المسلمين أجمعين.‏

 

* إنّا أعطيناك الكوثر:‏

تابع معي بدقة.‏

- إن جلّ ما في السورة من مضامين عالية نجدها في الآية الأولى وهي: (إنا أعطيناك الكوثر)، والتي تتألف من ثلاث كلمات فقط لا غير. وهي عمدة السورة وركيزتها من حيث المضامين.‏

- إن الآية تتحدث عن اثنين لا شراكة لغيرهما فيها، وهما الله تعالى والنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله).‏

- افتتاحية الله تعالى بدأها بكلمة (إنّا):‏

أ ـ التي تفيد التحقيق والتأكيد لما تحقق وسيتحقق.‏

ب ـ جاءت للتعظيم والتفخيم والتشريف، فكما أن المعبود معظّم، فكذلك العابد معظم كما سيتبين.‏

- أعطيناك، وهي تفيد الإعطاء بمعنى الهبة الخالصة من تمليك أو غير تمليك كالأموال والأولاد، وهي غير قابلة للاسترجاع، وهي منحةٌ ابتداءاً من الله تعالى إلى نبيّه. وإن هذا العطاء سابق لعباداته كما هو سابق لطاعاته، وفي هذا قال الرازي: كأنه تعالى يقول: نحن ما اخترناك وما فضلناك لأجل طاعتك، وإلا، كان يجب أن لا نعطيك إلا بعد إقدامك على الطاعة، بل إنما اخترناك بمجرد الفضل والإحسان منا إليك من غير موجب، وإن تلك العطيّة غير معلّلة بعلّة أصلاً بل هي محض الاختيار والمشيئة(3).‏

- إنّ هذه العطية جاءت بصيغة الماضي، بمعنى أن العطاء الخالص كان في القدم والأزل وحتى قبل أن يولد النّبي في عالم الدنيا. وهذه مرتبة لم يسبقه إليها أحد من العالمين. وإلى هذا ذهب أيضاً السيد أحمد الفهري بالقول: الإتيان بصيغة الماضي لا المضارع والحال، يعطي معنيين: الأول، لإعلام النبي (صلى الله عليه وآله) بأن وسائل سعادتك وعزّتك مهيّأة من قبل، حتى قبل ولادتك، وليس هذا جزاء عملك وعبادتك حتى يكون محدوداً. والثاني، يعطي الاطمئنان للنبي بأنه محقق الوقوع(4).‏

- إن ورود العطاء بصيغة الجمع، يدل على العظمة في ثلاثة اتجاهات، أولها الله تعالى العاطي الواهب، إلى الموهوب له المعظّم، وهو ها هنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بالإضافة إلى أن ما منح له عظيم وجليل أيضاً.‏

- إن كاف المخاطب في أعطيناك جاءت بصورة المفرد، وهذا يفيد رفع التكلف في الخطاب، وتكريم خاص به لمزيد من الطمأنينة والأنس بالمخاطب، بل إن ذلك يشير إلى مقام القرب النبوي من ربه المعبود والذي أجمع عليه المسلمون بأن مقامه مقام الحبيب.‏

- إن نوع الخطاب يدل على أنه مباشر بينهما لا وساطة لجبريل فيه، وإن كان هو منزل الآيات.‏

 

* الهبة الخالصة:‏

- الكوثر: هو لغة الخير الكثير، والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد أو كثير في المقدار الخطر: كوثراً(5).‏

وعند الراغب الأصفهاني أن (تَكَوْثَر الشيء): كثُر كثرة متناهية(6).‏

أي أن ما أُعطي رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل الخير، وهذا يعني بدلالة عميقة أن من أُعطيَ مثل هذه العطية، لا بد من أن تكون صفاته كلها خيرية لا تشوبها شائبة نجس ولا رجس، وأنه في كل جهاته طاهر مطهّر مستوعب لمثل هذا النوع من الهبات، وهذا ما يفرض بالضرورة أعلى نوع من أنواع العصمة المباركة التي لم يجارِهِ فيها أحد من أولي العزم، فكيف بباقي الأنبياء؟! لأجل ذلك، انفرد النبي بها لأنه الوحيد في عالم الإمكان الذي حاز مقام تمام الاستقامة لقول الله تعالى: ﴿فاستقم كما أُمرت﴾ (هود: 112)، وهذه ـ بحسب الرواية ـ هي التي شيبّته، فقال (صلى الله عليه وآله): شيبتني سورة هود إذ فيها: فاستقم كما أمرت(7).‏

- إن هذه الهبة الخالصة فوق تصور أهل العوالم بجمعهم، لأنها هبة بين الله تعالى ونبيه كما تقدم. إذاً، فاستيعاب الهبة محال علينا.‏

- إن الهبة الممنوحة، تشمل عالم الإمكان كله بما يعرف وما لا يعرف، فما لا يعرف هنا يشبه ما قاله الله تعالى عن نبيه في المعراج: ﴿فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾ (النجم: 10). فما الذي أوحاه إليه؟! إنه الشيء الذي لا يعقل بعقل، ولا يتوهم بخيال متخيل، ولا يدرك بقوة نفس ولا روح، فكُتم الوحي بينهما عنا ليرحمنا أن لا تطيق أنفسنا ذلك فنفنى كما قال جبرائيل (عليه السلام): «لو دنوت قيد أنملة لاحترقت»(8) أي فنيت. أما بما يعرف، فإن الهبة الإلهية تشمل بمصاديقها عالم الدنيا وعالم الآخرة، وهذا ما يفسر ما ادعاه بعض المفسرين عن ورود الكثير من التناقض في معنى أعطيناك، حيث ذهبوا إلى عدة اتجاهات، منها أن الكوثر هو نهر في الجنة عطيّة لرسول الله وحده، وأنّها فسرت بالرسالة، والنّبوة، والعلم، والحكمة، والنّصر الدائم على أعدائه، وانتشار الإسلام، والحوض، والشّفاعة وغير ذلك كثير. والواقع أن جميع ذلك هو مصاديق ما منح للنّبي (صلى الله عليه وآله). فعن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: قلت لسعيد بن جبير: فإن الناس يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه(9).‏

 

* وفي الانتماء الخير الكثير:‏

- بلحاظ أن واحدة من مناسبات وأسباب التنزيل، هو انقطاع نسله(صلى الله عليه وآله) على ما عيّره به بعض ادعياء قريش، فإن مصداق الخير الكثير جرى عكس ما اشتهته أنفس أهل الكفر، فجعل نسله في ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام)، في أشرف خلق الله تعالى بعد النبي، وهم الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، حتى صارت عائلته من نسبه أعظم وأضخم عائلة بشرية على الإطلاق رغم كل ذاك القتل والتشريد والتعقّب عبر التاريخ. ومع هذا، فإن إحصاءات اليوم فيما يتعلق بتعداد السادة في العالم تُظهر أن عددهم يناهز خمسين مليوناً، ولو أضفنا إلى هذا عائلته الإسلامية، لوجدنا أنها تناهز المليار ونصفاً. وبلحاظ ما وعدنا النبي به، من أسلمة العالم في عصر ظهور بقية الله في أرضه، لعرفنا حجم الخير الكثير في جهة واحدة وهي جهة الانتماء، فضلاً عن جهة النسب اللصيق. وعلق الشيخ ناصر مكارم على هذا بالقول: كثير من علماء الشيعة ذهبوا إلى أن فاطمة الزهراء (عليها السلام) من أوضح مصاديق الكوثر، لأن رواية سبب النزول تقول: إن المشركين وصموا النبي بالأبتر، أي بالشخص المعدوم العقب، وجاءت الآية لتقول: (إنا أعطيناك الكوثر). ومن هنا نستنتج أن الخير الكثير أو الكوثر هو فاطمة الزهراء (عليها السلام)، لأن نسل الرسول (صلى الله عليه وآله) انتشر في العالم بواسطة هذه البنت الكريمة . . . وذرية الرسول من فاطمة لم يكونوا امتداداً جسمياً للرسول (صلى الله عليه وآله) فحسب، بل كانوا امتداداً رسالياً، صانوا الإسلام وضحّوا من أجل المحافظة عليه وكان منهم أئمة الدين الاثنا عشر، أو الخلفاء الاثنا عشر بعد النبي كما أخبر عنهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الأحاديث المتواترة عند السنة والشيعة، وكان منهم أيضاً الآلاف المؤلفة من كبار العلماء والفقهاء والمحدثين والمفسرين وقادة الأمة(10).‏

فسبحان من خلد فأخلد، وعلا فأعلى.‏

 

ـــــــــــــــــ

 

(1) رسائل المرتضى، الشريف المرتضى، ج 1، ص 438 – 439.‏

 

(2) مدينة في العراق.‏

 

(3) تفسير الرازي، ج 32، ص 122.‏

 

(4) دروس في التفسير، السيد أحمد الفهري، ص 192.‏

 

(5) تفسير الثعلبي، ج 10، ص 308.‏

 

(6) مفردات غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، ص 426.‏

 

(7) زبدة البيان، المحقق الأردبيلي، ص 167.‏

 

(8) فهارس رياض السالكين، الشيخ محمد حسين المظفر، ج1، ص159.‏

 

(9) صحيح البخاري، ج 6، ص 93.

 

(10) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج 20، ص 502 – 503.

**************

 

 

في ذکرى ميلاد کوثر الرسالة وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع)

2012-05-12

ولدت فاطمة الزهراء عليها السلام، في يوم الجمعة في العشرين من جمادى الاخرى، بعد البعثة بخمس سنوات، فاستقبل الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم ابنته بالفرح والبهجة وسماَها (فاطمة).

ولدت وترعرعت فاطمة (س) في بيت النبوة وفي ظلال الوحي، ورضعت من لبن خديجة الکبرى (ع)، حيث كانت مظهر الايمان ومكارم الأخلاق.

لقد ولدت فاطمة (ع) وهي تحمل روح المصطفى محمد (ص) وأخلاقه فکانت الوارث والشبيه حتى قالت عائشة فيها: ما رأيت أحدا أشبه سمتا وهديا برسول الله (ص) في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول لله (ص) وکانت اذا دخلت على النبي (ص) فقبلها وأجلسها في مجلسه، کان النبي (ص) إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها. (مستدرك الصحيحين).

لقد أحب الرسول (ص) فاطمة وأحبَته، وحنا عليه وحنت عليه ، فلم يکن احد أحب إلى قلبه ولا إنسان أقرب إلى نفسه من فاطمة.

وکان صلى الله عليه وآله وسلم يؤكد بأحاديثه هذه العلاقة ويوضَح مقامها ومكانتها في أمته.

فها هو الرسول الأكرم (ص) يعرف فاطمة ويؤكد للمسلمين :

«فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني» البخاري

«إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها» خصائص النسائي ومسند احمد.  

وقال صلى الله عليه وآله وسلم « يا فاطمة ألا ترضين أن تکوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء هذه الأمة وسيدة نساء المؤمنين». مستدرك الصحيحين والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي.

وتکبر فاطمة عليها السلام وتشبَ معها حبَ ابيها لها، ويزداد حنانه عليها وتبادله هذه الحب والحنان، وتملأ قله بالعطف والرعاية فيسميها (أم ابيها). اسد الغابة لابن الاثير.

إنه النموذج القدوة من العلاقة الأبوية الطاهرة في بناء شخصية الابناء وتوجيه سلوكهم حياتهم وتملأ نفوسهم بالحبَ والحنان.

لقد کانت تلك العلاقة المثل الأعلى في رعاية الإسلام للفتاة والعناية بها واحترامها ورفع مکانتها.

لم تکن تعابير الرسول المصطفى (ص) عن حبه لفاطمة ولأهل البيت حبه لهم، ناتجة عن عاطفة او علاقة عائلية، فهو رسول الله (ص) الذي لا ينطق عن الهوى، وهو الذي أمر الله سبحانه وتعالى بالتأسي بسيرته والاقتداء به، فهو صلى الله عليه وآله وسلم لا يحب ولا يبغض إلا في الله ولله.

نعم إن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن فاطمة وزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابنيها الحسن والحسين عليهم السلام، ترديدا لصدى الوحي المقدَس، صياغة لمضمون القرآن الکريم الذي شهد لهم بالطهارة وسموَ المقام، فقد أنزل الله تعالى فيهم آيات بيَنات خصَهم بها، منها آية التطهير( الاحزاب /33 ) والمباهلة (آل عمران / 61) والمودة (الشورى/ 32 9)، وسورة الانسان، وغيرها من آيات الذکر الحکيم.      

فاطمة هي الکوثر والمجاهدة والبتول والصابرة المحتسبة والشهيدة، وهي حية إلى الأبد في ضمير التأريخ ودنيا الإسلام وهي مثلا أعلى وقدوة شامخة ونبراسا للهداية تتطلع إليها الأنظار وتسمو في رحابها النفوس.  

فبورك يوم ولادتك يا سيدة نساء العالمين وبنت محمد وأم ابيها يا کوثر الرسالية المحمدية ويا شذى الايمان وأريج التقوى وأم الائمة الاطهار.