بيان القائد الى الشعوب والبلدان الاسلامية بمناسبة يوم القدس العالمي

2007-08-25

 

بيان ولي أمر المسلمين وقائد الثورة الإسلامية

سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (دام ظله)

إلى الشعوب والبلدان الإسلامية بمناسبة يوم القدس العالمي

بسم الله الرحمن الرحيم

أحر السلام وأخلص التحيات وأطيب التمنيات أرفعها في هذا الشهر الطافح بالبركة إلى كل المسلمين في العالم، وإلى جميع أصحاب القلوب المتيقظة، سائلاً الله سبحانه وتعالى لكل شهداء فلسطين، منذ بداية مواجهة العدو الصهيوني حتى اليوم، الرحمة والمغفرة والدرجة الرفيعة، ولكل الذين يجاهدون على هذا الطريق بأرواحهم وأموالهم التوفيق والنصر. نستقبل هذا العام يوم القدس العالمي في ظروف تشهد تحولات أساسية على ساحة الصراع بين الحق والباطل في أرض فلسطين.. هذه التحولات التي تعلمت منها أمتنا دروساً كبرى سيكون لها أبلغ الأثر في مسيرة هذه التحولات الجذرية.

والموجة الجديدة من القمع والعنف والقتل وسفك الدماء التي يمارسها كيان الاحتلال قد عمّت الأرض الفلسطينية منذ أشهر، وفيها استشهد المسلمون المظلومون المشردون من شباب وشيوخ وأطفال ومرضى وتدفقت سيول المعاقين والجرحى على مستشفيات البلدان الإسلامية.

في شهر رمضان المبارك هذا، يرتكب الصهاينة أيضاً كل يوم جريمة جديدة ضد المسلمين الصائمين، لكن دروس هذه المواجهة وعِبرها أكبر بكثير من آلامها ومصائبها، فهي تزيد نور الأمل في القلوب سطوعاً، وتجعل آفاق المستقبل أكثر وضوحاً.

الجيل الصاعد في فلسطين اليوم اختار طريق ذات الشوكة عن قناعة ورضى، متحملاً أنواع المصائب، وسار على درب الصبر والمقاومة من أجل مستقبل مطمئن منتصر {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}.

إن انتفاضة المسجد الأقصى بداية منعطف كبير في نضال الشعب الفلسطيني، والمقاومة الفلسطينية جربت سبلاً عديدة واجتازت ألوان المكر والدسائس وطوت أنواع المطبات وملأت أسماعها قعقعة أنواع الأسلحة الثقيلة وزمجرة ألوان المدافع للعدو، وتوصلت بعد تراكم كل تلك التجارب إلى نتيجة واضحة هي أن السبيل الوحيد للتخلّص من براثن القتلة المجرمين وحماتهم هو الجهاد والمقاومة المستمرة.

والرأي العام الإسلامي يجمع على تأييد هذا السبيل، ودليل ذلك هذه الحركة الجماهيرية الدائرة في العالم الإسلامي لتأييد المجاهدين وتقديم أشكال الدعم لهم وهذا الحماس المتدفق بعد صلوات الجمعة في البلدان الإسلامية للإعلان عن مساندة الانتفاضة ودعمها.

إن هزيمة العدو الصهيوني في جنوب لبنان أعطت درساً كبيراً لأبطال انتفاضة الأقصى، فقد قرأوا في هذا الدرس بحنكة وذكاء عوامل انهيار العدو واندحاره في الأرض المحتلة، واتجهوا إلى نبع الدين الخالد، وإلى المعنويات وتعاليم الإسلام الهادية، وساروا على جادة الإسلام الأصيلة ورفعوا عالياً راية العز والكرامة.

الصهاينة كانوا قد وضعوا معادلات القوة على أساس الاستهانة بالشعب الفلسطيني وإذلاله، لكن هذا الشعب الأبي ثار ضد هذه المعادلة، وضد معاهدات الذل مع العدو الصهيوني وضد نظام الهيمنة الأمريكية وضد الاستسلاميين المهزومين، واختار طريق الشرف والعزة ودفع بنظام الصهاينة المجرمين إلى أزمة؛ ففي الداخل انتفاضة، ومقاومة على الحدود.

كل جمعة من أيام شهر رمضان المبارك هذا العام كانت ساحة لإعلان المساندة للشعب الفلسطيني ولبلورة النقمة على المحتلين الصهاينة، والمسلمون يعدون أنفسهم في جميع أرجاء العالم لإحياء يوم القدس العالمي وليجسدوا مرة أخرى دعمهم المتواصل للشعب الفلسطيني المظلوم.

إن الإمام الخميني الراحل رضوان الله تعالى عليه بإعلانه هذا اليوم قد أحيى القضية الفلسطينية في الوجدان البشري ووجه كل الصرخات ضد الصهيونية، ونشهد كل عام اهتماماً جماهيرياً اسلامياً متصاعداً بإحياء شعائر هذا اليوم.

وإلى جانب قضية فلسطين تحظى مسألة القدس أيضاً بأهمية بالغة؛ فالمؤامرات الصهيونية متكالبة ومتنوعة لاغتصاب هذه المدينة المقدسة وتهويدها وإزالة آثارها الإسلامية. لكن هذه المدينة تتعلق بكل المسلمين وكل القدس عاصمة لكل فلسطين؛ ولن يسمح المسلمون للخطط العدوانية المشؤومة أن تنفذ وسيحبطونها بإذن الله تعالى.

نأمل أن تتماشى حكومات البلدان الإسلامية مع مطاليب شعوبها المسلمة، وأن تساند هذا التحرك العظيم، وأن تقطع كل أنواع العلاقات بنظام الاحتلال بشكل كامل، وأن تستفيد من كل أنواع المقاطعة الاقتصادية والآليات الأخرى لمواجهة هذا الكيان الغاصب، وأن توجّه المساعدات الشعبية لإنفاقها على قضية فلسطين الأساسية ولمعالجة الجرحى وترميم الخراب.

والجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضاً ستواصل دعمها لهذه الحركة وللشعب الفلسطيني المظلوم وستقيم شعائر يوم القدس مع سائر المسلمين بحماس يفوق الأعوام السابقة، وتأمل أن تشهد الساحة كل يوم انتصار الحق والعدل وهزيمة الباطل والاحتلال.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

29 آذر 1379هـ ش

22 رمضان 1421هـ ق