الدلالات السياسية والإيمانية من احياء يوم القدس

2008-09-28

 

مقدم البرنامج: حسين مرتضى

الضيوف: الشيخ محمد حسن رحيميان ـ مؤسس جمعية دعم الشعب الفلسطيني ـ طهران  

الشيخ د.عبدالناصر جبري ـ نائب رئيس جبهة العمل الاسلامي ـ بيروت  

خضر حبيب ـ قيادي في حركة الجهاد الاسلامي ـ غزة

حسين مرتضى: السلام عليكم ... ما هي دلالات احياء ملايين المسلمين مناسبة يوم القدس العالمي آخر جمعة من شهر رمضان المبارك ؟ وهل باتت المناسبة عنواناً اساسياً لنضال ونشاطات القوى الشعبية والسياسية والتعبوية في العالم الاسلامي؟ ما هي رمزيتها الاخلاقية والثقافية في وعي وثقافة المسلمين؟ ما هي اهمية المناسبة في ظل استمرار سياسة الاستيطان والتوسع في الحفريات تحت المسجد الاقصى وماذا عن المخاوف في مسار المفاوضات مع الكيان الاسرائيلي حول مستقبل ومصير المدينة المقدسة ووحدتها؟ ما هي اهمية المشاركة في هذا اليوم وما هو المطلوب لمواجهة التهديدات والاجراءات التوسعية الصهيونية؟

يستعد المسلمون لأحياء يوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك وذلك في تظاهرة تعكس وحدة مشاعر المسلمين وتلاحم مواقفهم في الدفاع عن مدينة القدس والمسجد الاقصى. وتحولت المناسبة منذ ان اسس لها الامام الخميني الراحل الى عنوان رئيسي في العمل النضالي والجهادي لمئات المؤسسات والاحزاب والمنظمات الاسلامية والوطنية في شتى انحاء العالم. هذه المنظمات والتجمعات اصدرت سلسلة بيانات دعت الى المشاركة الفعالة في التظاهرات المليونية التي ستخرج يوم الجمعة مؤكدة ًعلى تميز وخصوصية المناسبة في هذا العام. وتواجه مدينة القدس المحتلة مخاطر حقيقية تهدد مستقبلها ليس كونها ارضاً سليبة من اراضي العرب والمسلمين لكن لكونها تحوي رموز التراث الانساني العالمي. فالتقارير الميدانية تؤكد استمرار اعمال الحفر السرية اسفل المسجد الاقصى والتي تهدد اساسات الموقع وذلك بذريعة البحث عن مواقع مزعومة لآثار اليهود. بالتوازي، تتواصل عمليات الاستيطان والتهويد في المدينة المقدسة عبر انشاء وتوسيع المستوطنات وعلى حساب هدم وعزل الاحياء العربية. وفي هذا العام برزت مخاوف حيال مصير المدينة المقدسة وذلك مما تسرب عن المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والكيان الاسرائيلي وفي وقت كثف هذا الكيان من ادعاءاته بأن القدس ستبقى عاصمته الابدية. هذا الواقع انعكس على صياغة شعارات المناسبة هذا العام والتي دعت المسلمين كافة الى الانتصار للقدس والاقصى وان يعلوا صوتهم عالياً مع العمل على تعزيز صمود المقدسيين سياسياً واعلامياً وجماهيرياً وتعبوياً. من جهة اخرى تبدو مناسبة يوم القدس العالمي والمشاركة في فعالياتها تبدو انتصاراً للمسلمين واستعراضاً لقوتهم ووحدتهم و ثباتهم على المبادئ وذلك كونها تترافق مع اهتزازات في الاوضاع السياسية في الكيان الاسرائيلي الذي مازال يتلوى من نتائج هزيمة حرب تموز وفشل ستراتيجيته الامنية وتراجع الثقة بأستمرارية وجوده السياسي على خلفية الفساد الذي يستشري في اعلى هرم السلطة.

حسين مرتضى: سماحة الشيخ، اذا اردنا ان نتحدث عن رمزية القدس ورمزية القضية الفلسطينية وما الذي يعنيه يوم القدس العالمي ؟ كيف كان ينظر الامام الخميني قدس سره وهو الذي اعلن يوم القدس العالمي، كيف كان ينظر الى القضية الفلسطينية وما الذي كانت تعني له القضية الفلسطينية؟

الشيخ محمد حسن رحيميان: انا كنت مع الامام الخميني منذ سن الثالثة عشر ومنذ بداية نهضة الامام عندما بدأ خطوته الاولى حيث بدأ بنضاله ضد الشاه واسرائيل واميركا وقد بدأ هذا النضال وكان هدفه ان ينهي هذا المثلث المشؤوم. اما حول الشاه فقد لاحظنا ان الامام قد بشرنا بسقوط الشاهنشاهية داخل ايران وبعد 15 عام سقطت الشاهنشاهية من ايران والى الابد. هذا الامام نفسه ومنذ بداية نضاله قد تحدث حول محو اسرائيل عن الوجود. ونحن واثقون انه وكما كان الامام يرى مستقبل ما يحصل الى الشاه وما يؤول اليه الشاه و قبل عدة سنين من سقوط الاتحاد السوفيتي قد تحدث الامام عن تفتت هذا النظام وشاهد العالم ذلك بأم عينيه. نحن نؤمن موقنين ان ما تفضل به الامام وتحدث عن نهاية اسرائيل فأنه سوف يتحقق حتماً يوماً ما. وفي هذا السياق كان الامام رضوان الله تعالى عليه وعلى طول فترة نضاله ضد النظام الشاهنشاهي ونضاله ضد اميركا وكان في نضاله ضد اسرائيل ايضاَ. لقد شاهدنا ان يوم القدس كان الامام الخميني قد وضعه كذكرى بارزة واعلنها للملأ ليس فقط الى الشعب الايراني بل الى العالم الاسلامي واصبح هذا الشعار وهذا الهدف الذي تحدث عنه الامام الخميني ووجه بأستقبال واسع في العالم ونشاهد ان عشرات الملايين من الاشخاص في ايران يخرجون الى الشوارع ويشدون القبضات وكذلك بقية الامة في العالم الاسلامي.

حسين مرتضى: سماحة الشيخ جبري، اذا اردنا ان نتحدث عن اهمية يوم القدس، ما الذي يعنيه يوم القدس بالنسبة للامة الاسلامية والعربية؟

الشيخ د.عبدالناصر جبري: القدس هي جزء من عقيدة المسلمين لاسيما ان النبي صلى الله عليه و آله و سلم ربط بين القدس الشريف و بين مكة المكرمة و بين المدينة المنورة على ساكنها افضل الصلاة و اتم التسليم حيث قال لنا، لا تشدوا الرحال الا الى ثلاث مساجد. و اشار عليه الصلاة و السلام الى المسجد الاقصى الى جانب المدينة المنورة و كذلك الى المسجد الحرام في مكة المكرمة. اذاً القدس هي جزء عقائدي مقدس عند المسلمين لأنها صنو لمكة المكرمة و كذلك المدينة المنورة. و كما ان الصلاة تضاعف في مكة المكرمة و في المدينة المنورة ، كذلك تضاعف الصلاة في المسجد الاقصى كما اشار عليه الصلاة و السلام. و كذلك البيت المقدس ، هو النقطة الاولى التي انطلق منها المسلمون في صلواتهم حيث كان المسجد الاقصى النقطة الاولى يتوجه المسلمون خلال صلواتهم الى المسجد الاقصى الى ان تحولت القبلة الشريفة في شهر شعبان بعد 10 اشهر من هجرة النبي ( ص ) الى المدينة المنورة. اذاً هي جزء في توجه المسلمين الى الله تبارك و تعالى. فهي اولى القبلتين. لذلك، نحن لا نستطيع ان نفرق بين مكة المكرمة و بين المسجد الاقصى من ناحية القدسية التي انعم الله بها علينا في هذه البقاع. و كذلك هي معنية بالنسبة لنا انها مسرى نبينا ( ص ) حيث قال الله تعالى في قرآنه الكريم، سبحان الذي اسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله . فهي مسرى نبينا ( ص ) و قد ام النبي جميع النبيين في هذه البقعة المطهرة و كذلك نقطة عروج النبي ( ص ) الى السماوات العلى . فهي تعني لنا بالنسبة لنبينا تعني لنا اسراءه و معراجه الشريف . اذاً هي نقطة مقدسة مهمة في عقائد المسلمين و في وجدانهم و ضمائرهم.

حسين مرتضى: سيد حبيب، اذا اردنا ان نتحدث عن ما هي دلالات اعلان يوم الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك يوم القدس العالمي و كيف يمكن التفاعل و التعامل مع هذه الدعوة في ظل التحديات التي تواجه الامة الاسلامية؟

خضر حبيب: يوم القدس العالمي هو يوم اغرّ ، يوم تجتمع فيه قلوب و افئدة المسلمين حول القدس . اتوجه بالرحمات و التحيات الى روح الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه ، هذا الامام الذي كان له الفضل الاكبر في اعتماد هذا اليوم يوماً عالمياً للقدس الشريف الجمعة الاخيرة من كل عام في شهر رمضان المبارك. في هذا اليوم تجتمع قلوب و افئدة المسلمين لأن القدس الآن يضور على رحاها الصراع الكوني و هي تعتبر الآن مركز الصراع الكوني بين تمام الحق و بين تمام الباطل . الآن القدس المغتصبة من قبل الصهاينة و من قبل هذا الكيان الذي زرع في قلب امتنا غدة سرطانية و نبتة غريبة وسط هذا المحيط العربي و الاسلامي. في هذا اليوم ، الجميع على امتداد الجغرافيا و امتداد العالم الاسلامي ، الكل يتوجه الى قضيته الاولى و هي قضية فلسطين هي قضية القدس .فقضية فلسطين يتعلق في تقديرنا على نتائج هذا الصراع الدائر في القدس، مصير العالم اجمع و خاصة العالم الاسلامي . هذا العالم الاسلامي اليوم الذي يتوقف ضغوطه و استقلاله الحقيقي بزوال هذه الغدة السرطانية التي زرعوها في قلبنا كرأس حربة لمشروع استكباري في المنطقة العربية و الاسلامية. في هذا اليوم تجتمع القلوب و تجتمع الافئدة و يجب ان تتظافر الجهود و تحشد مقاومات القوة للامة الاسلامية تجاه قضيتهم الاولى ، قضية فلسطين.

حسين مرتضى: سماحة الشيخ، لماذا الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك اختارها الامام الخميني لتكون يوماً للقدس ؟ و عندما يتحدث الامام الخميني قدس سره عن يوم القدس ، هو اعتبره يوم مواجهة الاستكبار، يوم رفض الظلم و الاضطهاد ليس فقط خاصاً بالقدس كقضية فلسطينية بل لرفض كل الظلم و الاضطهاد في العالم.

الشيخ محمد حسن رحيميان: موضوع القدس كرمز ، هو يمثل كل فلسطين كأرض اسلامية قد احتلت و اغتصبها المحتلون من العالم الاسلامي . و هذا واجب جميع المسلمين في العالم لكي يتحركوا لتحرير هذه الارض الاسلامية و ان يقوموا بمساعدة الشعب الفلسطيني ومقاومتهم ضد الصهاينة الذي يمثل رمزاً لعداء المسلمين و البشرية ايضاً. بهذه المناسبة قد وضع الامام الخميني هذا اليوم ليس فقط يوماً لمواجهة اسرائيل بل لمقاومة جميع المستكبرين في العالم و يوم مقاومة المستضعفين ضد المستكبرين في العالم و هو يوم الاسلام مقابل الكفر. و جميع الاحرار في العالم لديهم الواجب الشرعي لأن يتحركوا و يدافعوا عن حقوق الشعب الفلسطيني ضد الصهاينة الذين جاءوا من خلف البحار و اغتصبوا ارضاً اسلامية . هذه الارض المقدسة يجب ان تخرج من تحت مخالب الصهاينة و المحتلين . لذلك، على المسلمين بكل ما يمتلكون من قوة ان يخرجوا اسرائيل من هذه الارض المحتلة . الامام الخميني قدس سره قال في النجف الاشرف قبل انتصار الثورة بعشر سنين، واجب على جميع المسلمين في العالم و واجب على جميع الدول الاسلامية ان يتحركوا بأتجاه ان يستقطعوا هذه الغدة السرطانية من الجسد الاسلامي . و في تلك الفترة ايضاً قد اجاز الامام الخميني للصدقات و جميع الوجوه الاسلامية التي تأتي كزكاة و الخمس ان يتخذ منها مبدءاً لمساعدة الشعب الفلسطيني لكي يستمروا في مقاومة الاحتلال.

حسين مرتضى: سماحة الشيخ جبري، اين هي قضية القدس من واقع الامة العربية و الاسلامية؟

الشيخ د.عبدالناصر جبري: نحن اليوم امام شرائح متعددة في العالم العربي و الاسلامي بأتجاه قضيتنا الكبرى و القضية المركزية الا و هي القدس. نجد شريحة قوية جداً تنظر الى القدس انها قضية اساسية في حياتها و قضية اساسية في وجدانها و وجودها. لأضرب لك مثلاً المقاومة الاسلامية في فلسطين او في لبنان او المقاومة الاسلامية في اي مكان اذا كانت تتكلم من خلال مقارعة الظلم فهي تجد ان القضية المركزية لها هي قضية فلسطين و بيت المقدس. نحن اليوم نجد في لبنان ، المقاومة الاسلامية عندما بدأت الصراع مع العدو الصهيوني ليس فقط من اجل ان تعود الى قراها في جنوب لبنان و انما كذلك لتقترب شبراً من البيت المقدس لكي تتطلع في يوم من الايام ان تصلي في هذا المسجد المقدس . كذلك نجد شريحة مهمة في اوطاننا. مثلاً نحن على مقربة من سوريا التي وقفت و لم تزل تقف لتدافع عن القياديين في المقاومة الفلسطينية و تحملت سوريا كثيراً من اجل ان تحمل هؤلاء القياديين الفلسطينيين على ارضها. و كذلك نشاهد في الجمهورية الاسلامية الايرانية كدولة تضع كل امكانياتها من اجل القضية الفلسطينية و المسجد الاقصى . و كذلك الشعوب الاسلامية هي وراء القضية الفلسطينية و الى جانبها و تتمنى ان تأتي لهذه المنطقة و تقاتل من اجل هذا الفكر و هذه الارض المقدسة.

حسين مرتضى: سماحة الشيخ جبري، وصلنا الى الموقف الرسمي و واقع القضية الفلسطينية من الموقف الرسمي ، كيف يمكننا ان نقرأ ذلك في ظل التخوف و الحديث عن مفاوضات و الحديث عن تقسيم القدس ما بين القدس الشرقية و القدس الغربية ؟ كيف يمكننا ان نقرأ ذلك و اين هي القضية الفلسطينية من الواقع الرسمي العربي الاسلامي؟

الشيخ د.عبدالناصر جبري: عندما نرى شرائح متعددة من مجتمعاتنا مناصرة و تقف وراء القضية الفلسطينية و القدس الشريف، كذلك نجد بالمقابل هناك بعض الانظمة العربية و الاسلامية بكل اسف متخاذلة امام هذه القضية حيث ساهمت بتقزيم هذه القضية لتصبح قضية فلسطينية من اجل ان يبرئوا انفسهم امام شعوبهم بأتجاه هذه القضية المقدسة التي هي جزء من عقائدنا كمسلمين و كبشر نعيش على هذه الارض المباركة. هنالك انظمة حاولت ان تصغر هذه القضية لتصبح قضية فلسطينية ، و لكن عندما طرح يوم الجمعة الاخير من شهر رمضان المبارك يوم القدس العالمي بمبادرة مباركة من امام الامة السيد الخميني رحمه الله ، هو فجر هذه القضية و اعادها الى عالميتها . فنحن نجد ان هذه الانظمة تساهم بل نجد بعض الانظمة تريد ان تقوم بأتفاقيات مع هذا العدو . لذلك، بيرز الآن يطالب من المملكة السعودية ان تحيي المبادرة من اجل السلام في هذه المنطقة. هو يغازل بعض الانظمة العربية و قدم بذلك المملكة ليقول للمسلمين و للحكام و الزعماء ، اذا كان من يحمي الحرمين الشريفين او من يتحكم بالحرمين الشريفين بيننا و بينه اتفاقيات او ممهدة من اجل ان نقيم سلام او صلح مع هذا الدين.

حسين مرتضى: سيد حبيب، ربما اشار سماحة الشيخ الى نقطة خطيرة و هو موضوع محاولة تفعيل مبادرات او نوع من التطبيع. في نفس الوقت فعلاً نلاحظ ان البعض يهرول للتطبيع من كيان الاحتلال الاسرائيلي ، خطورة ذلك على القضية الفلسطينية ؟ القضية الفلسطينية حاضرة و حية في ضمائر الشعوب العربية و الاسلامية و لكن نلاحظ ان هناك نوع من التراجع و الانكفاء من قبل الحكومات العربية و الاسلامية و محاولة تقزيم القضية لتصبح قضية فلسطينية – اسرائيلية و ليست قضية الامة العربية و الاسلامية مع كيان الاحتلال الاسرائيلي.

خضر حبيب: نريد ان نؤكد ان هذه القضية هي قضية المسلمين جميعاً في مشارق الارض و مغاربها و هي قضيتهم المركزية و على نتائج الصراع الذي يدور على فلسطين و في القدس يتوقف مصير العالم الاسلامي اجمع. لذلك، نحن نقول ان هذه المبادرات من قبل النظام العربي الرسمي هي مبادرات لا تحقق آمال و طموحات شعبنا الفلسطيني و لا آمال و طموحات المسلمين في العالم. هذه المبادرات قائمة في الاساس على مبدأ الاعتراف بشرعية هذا الكيان على ارض فلسطين. نحن كأسلاميين نقول ان هذا الكيان هو كيان غير شرعي . هذا الكيان زرع كرأس حربة لمشروع استعماري يهدد المنطقة العربية و الاسلامية ، يهدد العقيدة، يهدد الحضارة الاسلامية ، يهدد الهوية و الذات الاسلامية. لذلك، نحن نقول ان كل هذه المشاريع لا تحل المشكلة المتمثلة بزع هذا الكيان في هذه المنطقة الحساسة في قلب امة الاسلام. نحن نقول ان هذه المشكلة تحل فقط من خلال ان تتحمل الامة جميعاً مسؤولياتها و ان تحشد مقومات القوة تجاه هذه المعركة الفاصلة التي هي في الاساس معركة الامة جميعاً بأتجاه القدس . بالجهاد و المقاومة نحرر المسجد الاقصى و لن تكون هناك حل لهذه المشكلة الا بأستئصال هذه الغدة السرطانية و محو اسرائيل عن الخارطة لأن اسرائيل كيان غير شرعي في هذه المنطقة يجب ان تزول و يجب ان يرجع الحق لأصحابه الفلسطينيين المضطهدين الموزعين في اشتات الارض. لذلك، نحن نقول ان الخطاب الرسمي و المبادرة الرسمية العربية هي مبادرات منكرة ومبادرات ما انزل الله بها من سلطان ، هي ضد عقيدة الامة و طموحاتها و آمال شعبنا الفلسطيني و امتنا العربية والاسلامية. و نقول انه لا يجب الالتفات مطلقاً الى هذه المبادرات و يجب المضي قدماً بمشروع الجهاد و المقاومة حتى بمجهود المسلمين جميعاً لأن هذه القضية هي قضية الامة. يجب ان نستأصل هذه الغدة و يجب ان نزيل هذا الورم السرطاني من قلب امتنا العربية و الاسلامية.

حسين مرتضى: سماحة الشيخ رحيميان، القضية هي قضية الامة العربية و الاسلامية . هناك من يتحدث عن ضرورة ان يكون هناك دولة لكيان الاحتلال الاسرائيلي، دولة لليهود. لماذا يتم الحديث دائماً عن انه لا يجب ان يكون ازالة اسرائيل او ما شابه ذلك؟ هل المشكلة مع اليهود كيهود ام ان هناك مشكلة مع المستوطنين الذين اغتصبوا ارض فلسطين بينما اليهود الموجودين في الاماكن الاخرى لا يوجد معهم اي مشكلة؟

الشيخ محمد حسن رحيميان: انا استند الى خطاب الامام رضوان الله تعالى عليه حيث وقف ضد اي تطبيع و اي مداولات مع من احتل ارض المسلمين و قد هجروا اهله الاصليين و يقتلوا اهل فلسطين . ان اي مباحثات مع هذا الغاصب هو حرام شرعاً و هو خيانة بحق الاسلام و المسلمين. دعوني اذكركم بذكرى لقاء الشهيد فتحي الشقاقي مع الامام الخميني . بعد ان التقى الشهيد الشقاقي مع الامام و خرج وجدته فرحاً جداً ذلك لأن البعض كانوا قد قالوا له ان قتل المدنيين في فلسطين المحتلة هو غير جائز شرعاً و هذا كان يمنع من العمليات الاستشهادية. لكن عندما ذهب فتحي الشقاقي ليزور الامام ، من هنا بدأ الامام حديثه ان اليهود في ارض فلسطين هم غير اليهود الذين يعيشون خارج فلسطين. الان نحن داخل ايران لدينا من القومية اليهودية و الديانة اليهودية و لدينا المسيحيين ايضاً و هم في ذمة الاسلام و المسلمين داخل ايران. هم من ناحية اموالهم، ارواحهم ، نواميسهم تحت حماية الاسلام في هذا البلد. اليهودي في ايران له الحق كما لرئيس الجمهورية داخل ايران و في مجلس الشورى الاسلامي و جميع الانتخابات التي تجرى داخل ايران. اما اليهود الذين يقطنون داخل الاراضي المحتلة يمثلون خلايا تلك الغدة السرطانية . الامام قد عبر عن ذلك ان دولة اسرائيل هي غدة سرطانية في جسد الامة الاسلامية . هذه الغدة السرطانية تحتوي على خلايا و اي عنصر يكون داخل الاراضي المحتلة و يقوم بتقديم الخدمات لهذا النظام المغتصب و الذي يمثل دور مجابهة المسلمين في تلك الارض . لذلك فأن الامام قد قال انه لا فرق ما بين جميع اليهود في الاراضي المحتلة مع القوى العسكرية المغتصبة في تلك الاراضي . هم جمعوا هذا الشتات من اليهود و من خلال هذا الشتات جاءوا و اسسوا دولة مزورة و غير حقيقية و احتلوا ارضاً اسلامية و هم يعتدون على النساء و الاطفال و المدنيين و غير المدنيين و على جميع الفلسطينيين الذين يعيشون في ارض آبائهم. هم يقاتلونهم في وضح النهار و يهدمون بيوتهم على رؤوسهم. من الطبيعي انه كل من يؤثر في حماية هذه الدولة هو محارب للاسلام و المسلمين و يمثل جندياً في صفوف اسرائيل و كل من يساعد هذا النظام الغاصب و هذه الدولة الغاصبة ، اي شخص في اي نقطة من العالم ، هو يقف الى جانب هذه الدولة المحتلة الغاصبة حتى لو كان من الدول الاسلامية فهو محارب و خائن للامة الاسلامية و للشعوب الاسلامية.

حسين مرتضى: سماحة الشيخ جبري، هناك نقطة مهمة وضحها سماحة الشيخ فيما يتعلق بالفرق بين المستوطن الموجود على ارض فلسطين و الذي يغتصب ارض فلسطين و بين اليهود الموجودين في اي دولة اخرى. الآن القضية الفلسطينية تمر في اخطر مراحلها . اذا اخذنا مثالاً على ذلك ما تقوم به حكومة الاحتلال الاسرائيلي و المستوطنين من حفريات اسفل المسجد الاقصى و الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. ما الذي يمكن ان نقرأه و ما هو المطلوب في ظل هذه التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية بشكل عام؟

الشيخ د.عبدالناصر جبري: عندما نقول ان العدو يهدد وجود مقدساتنا و عندما نتكلم عن ان العدو كذلك يحاصر اهلنا في غزة و عندما نتكلم ان عدونا يحتل ارضنا ، هذا الحال الذي نعيشه لا نستطيع ان نرفعه من خلال كلمات او من خلال خطب و توجيهات او استجداء من الامم المتحدة او الهيئات الدولية. هذه الحالة لا نستطيع ان نرفعها الا من خلال المقاومة. المقاومة هي الوسيلة الوحيدة التي يفهمها هذا العدو و من هو وراءه و الذي يحتل ارضنا. نحن نفرق بين من يحتل الارض و يقاتلنا و بين ما هو لا ينظر الينا الا بخير لأن القرآن الكريم هو الذي فصل في ذلك ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم و تقسطوا اليهم. ان الله يحب المقسطين. انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين و اخرجوكم من دياركم ان تبروهم). نحن لنا الحق ان ندافع امام كل من حمل السلاح ضدنا و احتل ارضنا و يريد ان يغيرنا عن مواقعنا التي هي لنا بالاصل. هذا العدو الصهيوني لا يفهم الا بالقوة . لذلك، يجب علينا ان نقف الى جانب اهلنا في فلسطين المحتلة ليس فقط من خلال كلمات بل من خلال دعم حقيقي . و هذا الدعم ليصل الى القوة ، الى السلاح . لا بد ان نرميهم لأن هؤلاء لا يخرجون من ارضنا الا بهذا.

حسين مرتضى: لماذا لم نلاحظ هنا اي تحرك فيما يتعلق حتى برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني ؟ مصر لو فتحت معبر رفح لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني، لماذا لا يتم اتخاذ مثل هذا الاجراء ؟

الشيخ د.عبدالناصر جبري: لأنه مع كل الاسف ان بعض الانظمة العربية تخاف على وجودها و على عروشها الشخصية و ليس عرش الامة كما هو الحال بأتفاقية كمب ديفيد المرتبطة بها مصر. فأن مصر قد اوقعت نفسها في هذه الشباك . و نحن نتوجه للاخوة المصريين، يجب عليكم وجوباً عقلياً و انسانياً و وطنياً و شرعياً ان تفكوا هذه الاتفاقيات من اجل اخوانكم لأن العدو قد تخلص و نقض هذه الاتفاقيات كرات و مرات و لكن و بكل اسف نحن لم نزل على ارتباط مع هذا العدو من خلال اتفاقية كمب ديفيد. نحن لابد ان نتوجه للشعب المصري و للدولة المصرية ان تفك هذا الارتباط من اجل اخوانهم المحاصرين الذين يقعون تحت وطأة الامراض و العطش و الجوع و انقطاع الكهرباء .

حسين مرتضى:سيد حبيب، هناك دعوات عديدة وجهت الى الشعب المصري و الى الحكومة المصرية لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني بفتح معبر رفح و كان آخرها دعوة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي في خطبة صلاة الجمعة الماضية حيث وجه نداء الى الشعب المصري و الحكومة المصرية لفتح المعبر. و لو فتح هذا المعبر لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني. ما الذي تقوله انت في هذا السياق؟

خضر حبيب: للاسف، النظام العربي الرسمي هو جزء من الحصار على شعبنا الفلسطيني. نحن نقول هذا الكلام و قلبنا يعتصر الماً. النظام العربي الرسمي لو اراد ان يفك الحصار عن شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة لفك هذا الحصار منذ زمن طويل. لكن النظام العربي الرسمي رهن قراره السياسي للارادة و للمشيئة الامريكية و الصهيونية. لذلك، نحن نقول انه من العار ان يبقى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة محاصراً ، هذا الحصار القاتل و المميت و الكارثي . الشعب الفلسطيني الان في قطاع غزة يعيش اوضاع كارثية بفعل هذا الحصار الظالم على شعبنا الفلسطيني و من العار ان يتفرج و يشاهدنا المواطن العربي و المسلمون في كل مكان و نحن نعاني ما نعاني. يجب ان يهب الجميع و يجب ان يتحمل الجميع المسؤوليات من اجل ان يفك هذا الحصار عن شعبنا الفلسطيني . و نحن من هنا نناشد الحكومة المصرية ، هذا البلد العربي الذي تربطنا به علاقات النسب و المصاهرة و التاريخ و العقيدة ، يجب ان يعمل بكل جهده من اجل ان يكسر هذا الحصار و لا يأبه و لا يلتفت للمشيئة الامريكية و الصهيونية لأن مصلحة شعبنا الفلسطيني و مصلحة الشعب المصري هي مصلحة واحدة و امننا هو امن واحد و قضيتنا هي قضية واحدة . من هذه المنطلقات يجب ان تنطلق كل الحكومات العربية لتعمل سوياً بجد و اجتهاد من اجل ان يفك الحصار عن شعبنا الفلسطيني الذي بدأ هذا الحصار يؤثر على كل قطاعات شعبنا الفلسطيني. و هناك ايضاً جانب آخر، على الفلسطينيين ان ينهوا هذه الحالة من الانقسام و ان يعمل الفلسطينيون على انعقاد الحوار الوطني الشامل من اجل ترتيب البيت الفلسطيني و انهاء هذا الانقسام الفاضح .

حسين مرتضى:سماحة الشيخ، لأسمع منك تعليق حول الحصار المفروض على قطاع غزة و ايضاً الوضع الداخلي الفلسطيني.

الشيخ محمد حسن رحيميان: الامة الاسلامية في ما يحدث داخل فلسطين هي صاحبة العزاء و المصيبة. اريد ان اؤكد ان الشعب الفلسطيني و خاصة من هم في غزة، انا اقول للشعب الفلسطيني ان الشعب الايراني يحزنون لحزنكم و يتعبون لتعبكم و يفرحون لفرحكم. نحن متأكدين بأن الشعب الفلسطيني منتصر ان شاء الله انتصاراً قوياً بمقاومته و بأستعانته بالله تبارك و تعالى ان شاء الله.

حسين مرتضى: شكراً لك سماحة الشيخ محمد حسن رحيميان، كما اشكر فضيلة الشيخ الدكتور عبدالناصر جبري. واشكر ايضاً السيد خضر حبيب. والسلام عليكم.