كلمتان لم تفارقا لسان الأمام الخميني رحمه الله حتّى وفاته: (القـدس وفلسـطين) فبقي يؤكد الأمام الخميني على منسوجات القيم والمبادئ والمرتكزات، حول القدس المحتل وفلسطين المحتلة، وما يراد من خطط شيطانية بالأمتين العربية والإسلامية.

القدس وفلسطين في وجدان الأمام الخميني وثورته المحامي محمد احمد الروسان - الأردن

لقد شكّل القدس المحتل وفلسطين المحتلة عنوان للثورة الإسلامية في إيران وما زالتا كذلك، الثورة الإسلامية بمرشدها السابق والحالي، تؤكد على أنّ  بيت المقدس ملك للمسلمين وقبلتهم الأولى، وعلى الجميع أن يعلموا أن هدف الدول الكبرى من إيجاد إسرائيل لا يقف عند احتلال فلسطين، فهؤلاء يخططون - نعوذ بالله العلي العظيم منهم - للوصول بكل الدول العربية إلى نفس المصير الذي وصلت إليه فلسطين المحتلة، ألم يدرك القادة بعد، أنّ المفاوضات السياسية مع الساسة المحترفين والجناة التاريخيين، لن تنقذ القدس المحتل ولبنان المصادر، وأنّها تزيد الجرائم والظلم ؟

الثورة الإسلامية في إيران تدعم وبشكل كامل نضال الأخوة الفلسطينيين والسكّان في جنوب لبنان ضد إسرائيل الغاصبة، الثورة الإسلامية في إيران ستكون على الدوام حماةً للأخوة الفلسطينيين والعرب والمسلمين.

الإمام الخميني رحمه الله ورحمنا جميعاً بثورته الإسلامية، أطلق حركة الوعي في العالم الإسلامي والعربي بشمولية كاملة، لقد كانت ثورة لا شرقية ولا غربية حصّن من خلالها مسيرة التغيير من محاولات الإجهاض والاستيعاب، لذلك أطلق وكرّس يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان العظيم، ليصار إلى جعل هذا اليوم بمثابة اللبنة الرئيسية في حركة وعي الأمتين العربية والإسلامية، وما انتصارات لبنان المصادر وفلسطين المحتلة والعراق وأفغانستان المحتلة وما يجري في سورية الآن، الاّ صورة من صور أنهكت قوى الاستكبار العالمي، وأربكت خططه وبرامجه وتطلعاته الشيطانية بحق الأمتين العربية والإسلامية.

لقد غادر الأمام الخميني الدنيا الفانية رحمه الله وهو يؤكد بقوله: يجب علينا أن ننهض جميعاً للقضاء على إسرائيل، وتحرير الشعب الفلسطيني البطل، وإنّ من الضروري إحياء يوم القدس المتزامن مع ليلة القدر من قبل المسلمين، ليكون بداية لصحوتهم ويقظتهم، وعلى المسلمين أن يعتبروا يوم القدس يوماً لجميع المسلمين، بل لجميع المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، وأكّد الأمام الخميني رحمه الله، ويؤكد المرشد الحالي أيضاً، سماحة الإمام الخامئني، على أنّ تحرير القدس المحتل، وكف شر هذه الجرثومة الفاسدة – إسرائيل - عن البلاد الإسلامية هو في الأساس واجب كل المسلمين، وأنّ مسألة القدس ليست مسألة شخصية، وليست خاصة ببلدٍ ما، ولا هي مسألة خاصة بالمسلمين في العصر الحاضر، بل هي قضية كل الموحدين والمؤمنين في العالم، السالفين منهم والمعاصرين واللاحقين، والقدس المحتل ملك المسلمين ويجب أن تعاد إليهم محرّرة من نير الاحتلال الجرثومي، فيوم القدس هو يوم الإسلام، ويوم القدس هو اليوم الذي يجب أن يتقرر فيه مصير الشعوب المستضعفة، يوم القدس يوم عالمي أممي، لا يختص بالقدس المحتل فقط، إنه يوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين، يوم القدس، يوم يجب أن يحيا فيه الإسلام، يوم القدس يوم حياة الإسلام.

الإمام الخميني رحمه الله والقدس رمز، وبالرغم من انه لم يمر على انتصار الثورة الإسلامية سوى 5 أشهر، وبالتحديد في 7 اب اغسطس عام 1979م أعلن الإمام الخميني رحمه الله اخر جمعة من رمضان المبارك يوما عالميا للقدس، داعيا جميع مسلمي العالم الى التظاهر في هذا اليوم دفاعا عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المسلم، هذه الدعوة المبكرة من جانب الإمام الخميني رحمه الله، ويكرّسها الآن الأمام  الخامئني, جاءت لتؤكد النظرة الاستشرافية الثاقبة لسماحتيهما ، لأهمية القدس التي تجاوزت لديهما كونها مدينة إسلامية مقدسة ترزح تحت نير الاحتلال الصهيوني، إلى رمز يمكن من خلاله تحديد مستقبل الأمة الإسلامية جمعاء، إيجابا أم سلبا، على ضوء الأولوية التي تتبوأها لدى المسلمين.

الإمام الخميني رحمه الله ومن خلال تأكيده على البعد الإسلامي للقضية الفلسطينية، جعل مستقبل الامة رهنا بتعاطيها مع قضية القدس، فكلما أولى المسلمون هذه القضية الاهتمام الذي تستحق، كلما جعلوا الأعداء من مستكبرين وصهاينة يدفعون ثمنا أكبر مما كانوا يتوقعون إزاء احتلالهم لمقدسات المسلمين، وفي مقدمة هذه الأهداف تمزيق وشرذمة الأمة الإسلامية والعربية.

الاهتمام بالقدس المحتل، من وجهة نظر الإمام رحمه الله، يعني الاهتمام بالقضايا التي تؤكد على توحيد صف الأمة، ونبذ القضايا الهامشية، التي تفتعلها بعض الأنظمة المرتبطة بالاستكبار العالمي، كالقضايا المذهبية، بهدف الهاء الشعوب الإسلامية عن القدس وبالتالي عن مستقبل الأمة.

يوم القدس العالمي أو اليوم الدولي لمدينة القدس الشريف (بالفارسية: روز جهاني قدس)، هو حدث سنوي يعارض احتلال إسرائيل للقدس. ويتم حشد وإقامة المظاهرات المناهضة للصهيونية في هذا اليوم في بعض الدول العربية والإسلامية والمجتمعات الإسلامية والعربية في مختلف أنحاء العالم، ولكن خصوصا في إيران حيث كانت أول من اقترح المناسبة، وهو يعقد كل سنة في يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، أى الجمعة اليتيمة أو جمعة الوداع، يوم القدس ليس يوم عطلة إسلامية دينية، ولكنه حدث سياسي مفتوح أمام كل من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء.

موكب الاحتفال بهذا اليوم نشأ لأول مرة في إيران بعد ثورة 1979 الإسلامية، الاحتفال اقترح من قبل آية الله الخميني، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آنذاك، في آب / أغسطس من ذلك العام حيث قال:

((وإنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل من شهر رمضان المبارك ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين)).

وأضاف رحمه الله : ((لسنوات عديدة، قمت بتحذير المسلمين من الخطر الذي تشكله إسرائيل الغاصبة والتي اليوم تكثف هجماتها الوحشية ضد الإخوة والأخوات الفلسطينيين، والتي هي، في جنوب لبنان على وجه الخصوص، مستمرة في قصف منازل الفلسطينيين على أمل سحق النضال الفلسطيني. وأطلب من جميع المسلمين في العالم والحكومات الإسلامية على العمل معا لقطع يد هذه الغاصبة ومؤيديها. وإنني أدعو جميع المسلمين في العالم لتحديد واختيار يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة في شهر رمضان الكريم - الذي هو في حد ذاته فترة محددة يمكن أيضاً أن يكون العامل المحدد لمصير الشعب الفلسطيني - وخلال حفل يدل على تضامن المسلمين في جميع أنحاء العالم، تعلن تأييدها للحقوق المشروعة للشعب المسلم. أسأل الله العلي القدير أن ينصر المسلمين على الكافرين)).